لطالما تخرج فى المدرسة المحمدية رجال كانوا كالجبال الرواسى استطاعوا أن ينشروا الإسلام، من المشرق إلى المغرب، فى وقت قصير لأنهم كانوا يمتلكون كثيرا من الأخلاق المحمدية وذكاء عسكريا فذا، فى قيادة المعارك الإسلامية، ومن هؤلاء القادة عقبة بن نافع والذى له الفضل في وصول شمس الإسلام إلى بلاد المغرب العربي. من هو عُقبة بن نافع؟ هو عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الظرب بن أمية بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر "قريش" بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أمه هى سلمى بنت حرملة تلقب بالنابغة سبية من بني جلان بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار، إخوته لأمه عمرو بن أثاثة العدوي وزينب بنت عفيف بن أبي العاص. وهو ابن خالة الصحابي الجليل عمرو بن العاص، ولد قبل الهجرة بعام، وقد شارك معه في فتح مصر، وفي معارك الفتوحات في قارة إفريقيا وعندما فتحَ مدينة "برقة"، ولاه عليها ومنها انطلق مع جنوده في فتوحات أخرى. الصحابى الجليل كان يمتلك من الفطنة والذكاء العسكري الكثير، وهذا ما ظهر جليا في خططه الحربية واستراتيجيات العسكرية التي كان يبدع بها، مما جعله من أفضل القادة العسكريين فى التاريخ الإسلامى، وقد بنى عقبة مسجدا في النفيس سمي مسجد عقبة، وهو معروف إلى الآن، بمسجد عقبة، وما زلنا نقرأ سيرة سيدنا عقبة المضيئة. توليه القيادة تولى عقبة بن نافع قيادة الجيوش في برقة في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقد استمر في منصبه كقائد للحامية الإسلامية خلال عهدي عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضى الله عنهما، وقد وقف على الحياد من الفتنة التي وقعت بين المسلمين في زمن علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وتفرغ للجهاد في سبيل الله، ونشر دين الإسلام بين القبائل البربرية. الفتوحات التى قام بها أظهر براعة عسكرية، وذكاء حربي فذا، وهو الأمر الذى دفع الخليفة معاوية بن أبي سفيان إلى أن يوليه إفريقيا فانطلق فاتحا بلاد المغرب، حتى وصل إلى وادي القيروان، وهناك بنى به مدينة القيروان المشهورة، وقد ظل حاكما في إفريقيا حتى عزله الخليفة معاوية عام 55ه، وعاد للفتوحات ثانية في عهد يزيد بن معاوية عام 62، وانطلقَ ثانية على رأس جيوشه فاتحا البلاد حتى وصل إلى حدود المحيط الأطلنطي، وطرد البيزنطيين من مساحات واسعة من إفريقيا. هذا وقد خلد التاريخ موقفه الرائع من أحداث الفتنة بينَ الصحابة في عهد سيدنا عثمان بن عفان، وبعده سيدنا علي، حيث اعتزل الفتنة تماما واختفى عدة سنوات، حتى انتهت الفتنة. تأسيس القيروان أدرك عقبة بن نافع أهمية بناء مدينة إسلامية في منطقة إفريقيا نتيجة عدة أسباب أهمها، تثبيت أقدام المسلمين، ونشر الدعوة الإسلامية، حيث لاحظ عقبة أن أهل الشمال المغربي، إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام، وإذا انصرفوا عنهم رجعوا إلى الكفر، فرأى أن بناء مدينة في هذه المنطقة هو الحل لهذه المشكلة، وإنشاء قاعدة عسكرية ثابتة لمواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد الفتح. "معركة سبيطلة" عقب اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب تولي الخلافة عثمان بن عفان وعين عبد الله بن سعد بن أبي السرح على ولاية مصر، بدلا من عمرو بن العاص، فأرسل عبد الله بن سعد لعثمان بن عفان أنه سوف يستكمل الفتوحات الإسلامية فوافق الخليفة. اجتمع القائدان عبد الله بن سعد وعقبة بن نافع فقال له عقبة، "إن المعركة ستكون مع ملك طاغية يبسط نفوذه من طرابلس إلى طنجة والقبائل تظهر له الولاء والطاعة لأنه خلصهم من الحكم البيزنطي وانفصل عن البلاط البيزنطي واسمه جريجوريوس ونحن لن نقاتل هذه القبائل بل سنذهب إلى مقره الذي يمارس فيه ظلمه وطغيانه والتي يتخذها عاصمة له وهي سبيطلة". استشهاد الصحابى الجليل استمر القائد عقبة بن نافع في مسيرة الفتوحات الإسلامية في المغرب حتى وصل إلى منطقة تسمى "السوس القصوى" في أقصى الشمال، ففتحها وغنم منها، ثمَ عاد للقيروان وولى القائد زهير بن قيس البلوي، وترك لأصحابه حرية التفرق في البلاد لأنه تمكن منها، وفتحها، وانطلق مع ثلاثمئة صحابى إلى منطقة تسمى "تهوذه"، فلما رآه الروم خرج مع قلة من أصحابه أرادو قتله، فأغلقوا الحصن وشتموه وسبوه، وهو يدعوهم إلى الإسلام. ثم خرج القائد العسكري الأمازيغي كسيلة بن لمزم، الذي اتفق مع الروم على قتل عقبة، واستدعى حلفاءه البربر الوثنيين، وجمع له جمعا غفيرا، ودخل قتالا عنيفا مع سيدنا عقبة والصحابة، واشتدت المعركة وقد صمد فيها الصحابة والقائد عقبة رغم قلة عددهم حتى استشهدوا جميعا على أرض "الزاب" بتهوذه، عام 63 هجرية. وبعد عام قتل كسيلة بن لمزم قاتل عقبة على يد زهير بن قيس البلوي، وقد دفنَ سيدنا عقبه هناك مع عدد من الصحابة، وقد بنيت أضرحة لهم تسمى إلى الآن باسم "سيدي عقبة"، وأقيمَ أيضا مسجد تقام فيه الصلاة إلى الآن.