عمرو بن العاص بن وائل السهمى القرشي، ولد فى الجاهلية، وهو قائد إسلامى عظيم تمتع بعقلية قيادية مميزة، بالإضافة لدهاء وذكاء مكنه من اجتياز العديد من المعارك والفوز بها. دخل عمرو الإسلام فى السنة الثامنة للهجرة بعد فشل قريش فى غزوة الأحزاب، وقد تجاوز الخمسين من عمره، ولما أسلم كان النبى يقرِّبه ويدنيه لمعرفته وشجاعته، وفى الإسلام كان ابن العاص مجاهداً وبطلاً، يرفع سيفه لنصرته. جعل النبى صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص واليًا على عُمان، فظل أميرًا عليها حتى توفى النبى «صلى الله عليه وسلم»، وفى خلافة أبى بكر، شارك عمرو بن العاص فى حروب الردة وأبلى فيها بلاءً حسنًا وتولى بعد ذلك أميرا على واحد من الجيوش الأربعة التى اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، وبالفعل تمكنت الجيوش المسلمة من هزيمة جيش الروم فى معركة اليرموك وتم فتح بلاد الشام. وفى عهد الفاروق عمر رضى الله عنه, تولى عمرو بن العاص إمارة فلسطين. بعد أن توالت انتصارات وفتوحات عمرو بن العاص فى الشام، توجه نظره إلى مصر، و كان قد زار مصر من قبل فى تجارة له, فرغب فى فتحها فأرسل إلى الخليفة عمر بن الخطاب لأخذ موافقته فوافق . فسار على رأس جيش مكون من أربعة آلاف مقاتل فقط، ومر ببئر المساعيد ودخل بجيشه إلى مدينة الفرما، ثم فتح بلبيس وقهر قائدها الرومانى ارطبون الذى كان قائداً للقدس وفر منها. وصل مدد من الخليفة عمر بن الخطاب قوامه أربعة آلاف رجل فاتجه عمرو لملاقاة جيش الروم، وانتصر عليه فى موقعة كبرى هى عين شمس عام 640 م، ثم حاصر حصن بابليون واستولى عليه سنة 641 م. واتجه بجيشه بعد ذلك إلى الإسكندرية، ونجح فى اقتحام المدينة، وجاء المقوقس إلى الإسكندرية ووقع على معاهدة الإسكندرية مع عمرو بن العاص سنة 642م وكانت تنص على انتهاء حكم الدولة البيزنطية لمصر وجلاء الروم عنها. بعد إتمام فتح مصر، ولى عمر بن الخطاب عمرو بن العاص على مصر. وعندما استتب له الأمر سار بجيشه تجاه برقة وكان يسكنها البربر، الذين رحبوا بالفتح الإسلامى العربى وبعد ذلك أكمل عمرو بن العاص مسيرته إلى الغرب، فدخل بنفسه مدينة طرابلس دون مقاومة سنة 643 م. ثم أرسل بعثة إلى ولاية فزان (جنوب غرب ليبيا) بقيادة عقبة بن نافع ففتحها. وكان عمرو يقول للمصريين: يا أهل مصر لقد أخبرنا نبينا أن الله سيفتح علينا مصر وأوصانا بأهلها خيرا، حيث قال الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا، فان لهم ذمة ورحما، وفى أثناء خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه قام بعزل عمرو عن ولاية مصر ولكنه عاد إليها فى عهد الخليفة الأموى معاوية بن أبى سفيان. وعن أعمال عمرو بن العاص فى مصر, قام ببناء عاصمة لمصر الإسلامية بدلاً من الإسكندرية وهى مدينة الفسطاط وتعنى الخيمة. وأول مسجد فى مصر وإفريقيا وهو جامع عمرو بن العاص سنة 642 م. كما أعاد حفر القناة التى كانت تصل بين النيل والبحر الأحمر وسماها قناة خليج أمير المؤمنين, كما قدم إلى مصر مع عمرو بن العاص عدد كبير من الصحابة، فتلقى عنهم أهل مصر الدين الإسلامى الجديد. وتوفى عمرو رضى الله عنه- سنة (43 ه)، وقد تجاوز عمره (90) عامًا، وقد روى عمرو عن النبى (39) حديثًا. لما حضرته الوفاة كانت آخر الكلمات التى انطلقت من فمه « اللهم أمرتنا فعصينا .. ونهيتنا فما انتهينا .. ولا يسعنا إلا عفوك يا أرحم الراحمين». لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض