هو عقبة بن نافع الفهرى القرشى (1 ق.ه - 63 ه)، من القادة العرب والفاتحين فى صدر الإسلام ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن إخوانه لأمه فاتح مصر عمرو بن العاص. برز اسم عقبة مبكراً فى ساحة أحداث حركة الفتح الإسلامى التى بدأت تتسع بقوة فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث اشترك هو وأبوه نافع فى الجيش الذى توجه لفتح مصر بقيادة عمرو بن العاص، والذى توسم فيه خيرا وشأنا فى حركة الفتح، لكن عمرو بن العاص اختار عقبة فى الحروب وقيل بأن ذلك لم يكن لصلة القرابة بينهما بل لأنه يعرف مهارته فى المبارزة والقتال. فأرسله إلى بلاد النوبة لفتحها، فلاقى هناك مقاومة شرسة من النوبيين، غير أن بلاد النوبة والسودان عموما لم تفتح حرباً، فأسند إليه مهمة قيادة دورية استطلاعية لدراسة إمكانية فتح الشمال الأفريقي، وتأمين الحدود الغربية والجنوبية لمصر ضد هجمات الروم وحلفائهم البربر. ثم شارك معه فى المعارك التى دارت فى أفريقية (تونس الحالية)، فولاه عمرو بن العاص برقة بعد فتحها.ونظرا لكفاءته فقد احتفظ بمنصب والى برقة بالرغم من تعاقب الولاة على مصر بعد عمرو بن العاص، منهم عبد الله بن أبى السرح ومحمد بن أبى بكر ومعاوية بن حديج وغيرهم، أقر جميعهم عقبة بن نافع فى منصبه كقائد لحامية برقة, وذلك خلال عهدى عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب، ونأى عن أحداث الفتنة التى وقعت بين المسلمين، وصب اهتمامه على الجهاد ونشر الإسلام بين قبائل البربر ورد غزوات الروم، فلما استقرت الأمور عام 41 ه وأصبح معاوية بن أبى سفيان خليفة للمسلمين، أصبح معاوية بن حديج والياً على مصر، وأرسل عقبة إلى الشمال الأفريقى فى حملة جديدة لمواصلة الفتح الإسلامى الذى توقفت حركته أثناء الفتنة. كانت هناك عدة بلاد قد خلعت طاعة المسلمين بعد اشتعال الفتنة بين المسلمين، فحارب عقبة تلك البلاد وأعادها إلى الدولة الإسلامية. وولى معاوية عقبة أفريقية (تونس الآن)، وبعث إليه عشرة آلاف فارس، فأوغل بهم فى بلاد المغرب، حيث تغلغل فى الصحراء بقوات قليلة وخفيفة لشن حرب عصابات خاطفة فى أرض الصحراء الواسعة ضد القوات الرومية النظامية الكبيرة التى لا تستطيع مجاراة المسلمين فى الحرب الصحراوية، واستطاع عقبة وجنوده أن يقضوا على الحاميات الرومية المختلفة بمنطقة الشمال الأفريقي. وبنى مدينته المشهورة وسماها القيروان أى محط الجند، كقاعدة لقوات الجيش الإسلامى المتقدمة فى المغرب الكبير. كما بنى بها جامعاً لا يزال حتى الآن يعرف باسم جامع عقبة، وفى سنة 55 ه عزله معاوية وولى بدلا منه أبو المهاجر دينار , وبعد وفاة معاوية وفى خلافة ابنه يزيد أعاد عقبة مرة ثانية للولاية سنة 62 ه، فولاه المغرب، فقصد عقبة القيروان، وخرج منها بجيش كبير وغزا حصوناً ومدناً حتى وصل ساحل المحيط الأطلنطى بالسوس الأقصى، وتمكن من طرد البيزنطيين من مناطق واسعة من ساحل أفريقيا الشمالي. فى سنة 63 ه استشهد عقبة بن نافع بعد أن غزا السوس القصوى، وبعد أن أصبح المغرب العربى ضمن نفوذ الدولة الإسلامية. لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض