بالأسماء، وزير الداخلية يأذن ل 20 شخصًا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 9 أكتوبر    بعد ليلة كاملة من العمل، الانتهاء من إصلاح تسريب خط طرد صرف صحي البركة بأسيوط    الجيش الإسرائيلي: إصابة 3 جنود بجروح خطيرة في جنوب لبنان    تقرير إسرائيلي: هذا مطلب السنوار قبل التفاوض على صفقة الرهائن    الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى.. الأربعاء 9 أكتوبر    إخماد حريق داخل منزل فى منشأة القناطر دون إصابات    أسرع كيكة لفطار مميز، طريقة عمل المولتن كيك    نصائح من وزارة الصحة للوقاية من أمراض ارتفاع الحرارة لطلاب المدارس    ارتفع 16 قرشا.. تعرف على سعر الدولار اليوم الأربعاء 9 أكتوبر    خالد الجندي: البعض يستخدمون الفتاوى الضالة لتغيص حياة الناس    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024 في أسواق الأقصر    محافظ الإسماعيلية يدفع بالشباب لقيادة إدارة الإعلام بالمحافظة    بعد آخر انخفاض.. تعرف على سعر الذهب اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024    نهاية أكتوبر، أول اختبار شهر في العام الدراسي الجديد لصفوف النقل    التطرف فى التأييد أو المعارضة تهديد خطير لنسيج المجتمع وتماسكه    بطريقة تقطع الشك باليقين، كانيه ويست وبيانكا سينسوري ينفيان أخبار طلاقهما (صور)    الأوبرا ترد على قرار اعتذار جسار والحلاني من سهرات مهرجان الموسيقة العربية    مسيرات إسرائيلية تٌحلق في سماء بيروت.. وتصاعد أعمدة الدخان بسبب الغارات    بينهم عائلة كاملة.. استشهاد 17 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي على غزة    جوتيريش: الصراع في الشرق الأوسط يزداد سوءاً وكل صاروخ يدفع بالسلام بعيداً    الغيرة القاتلة، جريمة زوجة مصرية أصبحت حديث العالم، تخلصت من زوجها بمنشار وقطعته في أكياس بشوارع أستراليا (فيديو وصور)    علوم الفضاء: توقعات الأبراج والنجوم سحر وشعوذة    ارتفاع عدد شهداء الغارات الإسرائيلية على مخيمى البريج والنصيرات    الكومي: تم إنهاء الأزمة مع الشركة السويسرية.. وادرس الترشح في انتخابات الجبلاية ولم يصلنا قرارات من الانضباط    أمين الفتوى: الوسطية ليست تفريط.. وسيدنا النبي لم يكره الدنيا    نجم الزمالك: النادي يتعامل بشكل خاطئ مع ملف زيزو    الرمادي: لهذا السبب وافقت على رحيل ريان وإبراهيم.. وكنا نعاني من أزمة في قائمة سيراميكا    «يا رب يراجع نفسه».. رسالة نارية من عدلي القيعي لمسؤول الأهلي    منال سلامة: ربيت أبنائي بصرامة وحزم لأني كنت أشعر بأني سأموت صغيرة    عاجل.. رد مفاجئ من إمام عاشور على استبعاده من منتخب مصر    شريك حياتك يدعمك.. برج الجدي حظك اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024    تعرف على فوائد التبرع بالدم بشكل منتظم    قوات الاحتلال تقتحم عدة مناطق في رام الله والبيرة بالضفة الغربية    ستدفع فاتورة إنفاقك المتهور الفترة الماضية.. برج الجوزاء اليوم 9 أكتوبر    عاجل.. الزمالك يستخرج تأشيرة الإمارات ل أحمد فتوح رغم استبعاده المحتمل من السوبر المصري    حبس قائد سيارة تحرش بفتاة أجنبية بالمعادي    إجراء 5 عمليات جراحية كبرى بمستشفى سوهاج العام    سكودا تقدم إلروك.. البديلة الكهربائية لكاروك    حبس 4 متهمين بجرائم سرقة في مناطق متفرقة بالقاهرة    الإصلاح والنهضة: رسائل تفتيش الحرب رسالة واضحة لكل من يحاول العبث مع مصر    رويترز: قيادات حزب الله تتخلى عن شرط هدنة غزة لوقف النار في لبنان    افتتاح المقر الجديد لشهر عقاري وتوثيق «جهينة».. ومأمورية «المراغة»    محمد فاروق يهدد بالاستقالة من رئاسة لجنة الحكام    مفاجأة عن الأسعار.. الإسكان تكشف تفاصيل جديدة عن الشقق المطروحة    الدعاء وسيلة لتحسين العلاقة بالله وزيادة الإيمان    الدعاء لتحصيل التوفيق والتيسير في الأمور    الدعاء في السراء والضراء: وسيلة للشكر والصبر    أحمد موسى: ظهور معدات عسكرية لأول مرة في اصطفاف الفرقة السادسة مدرعة    حار نهارا.. تعرف على طقس اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024    ضبط 3 متهمين صدر بحقهم 73 حكماً قضائياً في كفر الشيخ    ملف رياضة مصراوي.. إصابة دونجا.. مصير قندوسي واكتمال صفوف منتخب مصر    نشرة التوك شو| نجيب ساويرس يبدأ كتابة مذكراته.. الإسكان تطرح الجديد وحدات سكنية جديدة    صفقتان على أعتاب الأهلي.. مختار مختار يكشف التفاصيل    أميرة أديب: أهلي رفضوا دخولي مجال الفن وتحملت مسئوليتي المادية    موعد تشغيل خدمات الجيل الخامس في مصر وطرح الشريحة الإلكترونية eSIM (فيديو)    3 قرارات ل نقابة الأطباء بشأن أزمة التصالح على العيادات    اقرأ غدًا في "البوابة".. الرئيس: السلام خيار استراتيجي لمصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب.. وستون عاماً من الفتح
نشر في بص وطل يوم 26 - 07 - 2010

إفريقية.. كم من المرات سمعت هذا المصطلح في الدراما التاريخية، أو في مقال تاريخي قمت بقراءته، هل فكّرت ماذا يعني بالضبط؟!
الحقيقة أن إفريقية ليست مكاناً غريباً أو بعيداً بل الكلمة تشمل "غرب ليبيا وشرق الجزائر وتونس بأكملها".
وإذا أضفنا دولة المغرب إلى ما سبق أصبح لدينا "المغرب العربي"..
لذا دعنا نركب آلة الزمن وننتقل في "الزمان والمكان" لنذهب في رحلة إلى إفريقية والمغرب ونرحل إلى عصور قديمة.. إلى عصر الخليفة الراشد عُمر بن الخطاب..
عندما فتحت المغرب في 60 عاماً بينما فُتح العالم في 18 فقط
من بين كل الفتوحات الإسلامية كان فتح المغرب له مكانة خاصة، أدت لهذه المكانة صعوبة الفتح الذي بدأ في عصر عمر بن الخطاب وانتهى في عهد الوليد بن عبد الملك بن مروان، أي أن ثمانية خلفاء قد مروا على فتح المغرب وأغلبهم له محاولات جادة في إتمام الفتح، ورغم ذلك استغرق الفتح ما يزيد على ستين عاماً كي يتم.. في حين أن فتح مصر لم يستغرق أكثر من عامين، وفتح الشام بأكمله استغرق أربعة أعوام، أما العراق وإيران فلقد استغرقتا سوياً ثمانية أعوام، في حين لم يستغرق فتح الأندلس أكثر من ثلاثة أعوام ونصف..
إذن لو تمعنا قليلاً سنكتشف أن كافة الفتوحات الإسلامية قد استغرقت أقل من ثُلث الوقت الذي استغرقه فتح المغرب، وسنعرف كم كان هذا الفتح مرهقاً لهؤلاء الرجال الحاملين لرايات الإسلام، وكم تكلّفت الأمة الإسلامية من أجله من دماء الشهداء وطاقة المحاربين وأموال المسلمين..
ورغم ذلك لم يَكل أحدهم أو يَمل، ولم ينفد صبر أيهم، على الرغم من كون منطقة المغرب العربي، لم تعد يوماً مساراً للتجارة أو مصدراً للمواد الخام حتى يُتهم هؤلاء بأنهم سعوا لذلك الفتح ليحظوا بعرض دنيوي، بل كان الهدف الأسمى هو إيصال كلمة الله، ونشر راية الإسلام..
عمرو بن العاص لم يفتح مصر فقط بل فتح ليبيا كذلك
لقد استمر جيش بن العاص بعد أنهى فتح مصر في اتجاه "ليبيا" -الحالية- وقام عمرو بفتحها، وقتها فكّر عمرو لماذا لا يفتح "إفريقية" بل والمغرب العربي بأكمله، وأتته هذه الفكرة في عام 22ه فأرسل على الفور للخليفة عُمر بن الخطاب يطلب منه الإذن في السير إلى إفريقية، فماذا كان رد عُمر؟؟
لم يوافق عمر على ذلك ربما بسبب منعة حدودها الشرقية المجاورة لليبيا، لم يرفض عُمر فقط بل أرسل لابن العاص ينهيه قائلاً: "لا إنها ليست بإفريقية، ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت".
وهكذا توقّف الفتح عند الحدود الغربية لليبيا طوال حياة عُمر بن الخطاب..
بداية الفتح والتقهقر السريع
تعالَ معي لنخوض هذا المشهد المبدع، فها هو الصحابي الجليل عثمان بن عفان يتولّى الخلافة ليكون ثالث الراشدين، وعلى خلاف سلفه قرر عثمان مواصلة الفتح فأرسل عبد الله بن سعد بن أبي سرح -بعد أن عين عاملاً على مصر- في أول حملة عسكرية باتجاه إفريقية سنة 27ه، والتقى بالجيش البيزنطي عند مشارف سبيطلة وانتصر الجيش الإسلامي وقتل القائد البيزنطي "جرجير".
ولكن اكتفت الحملة بتحقيق هذا الانتصار وجمعت الغنائم، وحصل اتفاق بين عبد الله بن سعد وزعماء القبائل على أن يأخذ منهم مالا ويخرج من بلادهم فلم يولّ عليهم أحدا، واكتفت الحملة بأن استكشفت المنطقة فقط.
الفتنة الكبرى تُؤجّل الفتح
في هذه الفترة لم ينجز الكثير ولم تثبت قدم للإسلام في أرض المغرب بعد، وقد تسبب في هذا التأخر والارتباك ما حدث بين صفوف المسلمين في موقعة الجمل وصفين، لذا فقد مرت خلافة علي بن أبي طالب الراشدة دون فتوحات تذكر، وقد انشغل المسلمون في كافة بقاع الأرض.
معاوية على سدة الخلافة.. والفتح يتواصل
دعنا نلهث قليلاً بعد أن مررنا بأحداث الفتنة الكبرى عبر آلة الزمن التي تنقلنا لذلك العصر، فها نحن أخيراً بعد أن أنهكت الأمة الإسلامية بالفتنة نصل إلى فترة بدأت بها الأمة أن تتعافى نسبياً -ولكن ليس لفترة طويلة- فها هو معاوية بن أبي سفيان يتولّى الخلافة، ويعلن الدولة الأموية في دمشق كعاصمة الخلافة الجديدة، فعيّن ابن حديج على ولاية المغرب، وتوالت الحملات بعد ذلك من 34ه حتى عام 46ه فأخرج بن حديج ثلاث حملات؛ قاد اثنتين منها عبد الملك بن مروان قبل أن يصبح خليفة، وذهب عبد الله بن الزبير في أخرى، ففتح عبد الله بن الزبير سوسة وعبد الملك بن مروان جلولاء.
ولكن الخليفة رأى أن ابن حديج ليس بالقوة الكافية لمواصلة الفتح، فقام بعزله وقرر إرسال رجل صلب إلى إفريقية يصلح لهذه البلاد التي استعصت على المسلمين.. لقد قرر أن يرسل عقبة.. عقبة بن نافع.
مدخل مدينة القيروان الآن
أخيراً القيروان عاصمة إفريقية
أرسل الخليفة معاوية بن أبي سفيان، عقبة بن نافع ليواصل ما لم يتم إنجازه من فتح المغرب، ولقد قرر "عقبة" أن يؤسس عاصمة إسلامية في بلاد المغرب، فبنى مدينة القيروان، ولقد قام ببناء المدينة في الداخل بعيداً عن سواحل إفريقية، لتجنب الصدام المبكر بالبيزنطين -الرومان الشرقيين- ولكي تصبح القيروان مركزاً للقوات ونقطة انطلاق لأي من حملات الفتح، ولقد تحوّلت القيروان إلى مدينة كبيرة وقاعدة حربية وكذلك مركز ديني يحوي المساكن والمساجد، وأصبحت مقراً للولاة والعمال والجيوش التي كانت تخرج منها وتعود إليها بالغنائم. وأقبل كثيرون ممن أسلموا من البربر على الإقامة فيها، يختلطون بالعرب ويتعايشون ويتآلفون معهم..
الثنائي "ابن نافع" و"أبو المهاجر" وسياسة العصا والجزرة
الحقيقة أن السياسة في أي عصر وزمان وفي أي مكان، واحدة، سواء كانت السياسة في العام 50 من الهجرة أو في القرن العشرين، وإن كنت لا تصدقني فرجاءً أنظر لما حدث في هذه الفترة، مع ازدهار القيروان بهذا الشكل نشب خلاف بين معاوية وعقبة؛ بسبب السياسة المستقلة عن مركز الخلافة في دمشق التي اتخذها عقبة، والتي رآها تتناسب مع بعدهم عن مركز الخلافة واضطرارهم لاتخاذ قرارات سريعة وحاسمة عند الحاجة، إلا أن هذا لم يكن ليرضي معاوية ولذلك فقد عزله الخليفة عن الولاية وقيادة الجيش، وعين مسلمة بن مخلد واليًا على مصر وإفريقية، وقد قال بعض المؤرخين إن أحد الأسباب التي جعلت معاوية يعزل عقبة، هو اتباعه لسياسة شديدة في التعامل مع البربر حديثي الإسلام ومع المدن التي تم فتحها، وأنه كان مؤمناً بفكرة القوة والحسم السريع على عكس الخليفة الذي عُرف بمرونته ودهائه ودبلوماسيته.
ومع انشغال مسلمة بن مخلد فقد استعمل أبا المهاجر دينار على ولاية مصر، وعلى العكس من عقبة كان أبو المهاجر، فقد كان يؤمن بسياسة اللين والتحبيب والتعامل بالود، وبأن وجود دولة الإسلام في تلك البلاد النائية -حين ذلك- سيظلّ ضعيفاً ما لم يرتكز إلى قواعد متينة تقوم على ولاء الناس وحبهم. فسعى للتقرّب من البربر واستطاع أن يجعل "كسيلة" -زعيم قبائل البربر البرانس والحليف القوي للبيزنطيين- أن يساعده في التوسّع غرباً حتى مدينة "تلمسان" في المغرب الأوسط.
وهنا تلعب السياسة لعبتها مرة أخرى؛ فلقد تُوفّي الخليفة معاوية بن أبي سفيان وتولّى ولده يزيد الخلافة، ووجد يزيد أنه نتيجة لسياسة أبي المهاجر المرنة مع البربر تراجعت الغنائم والجباية، ولذا فقد قام بعزله وإعادة استعمال عقبة بن نافع، وإن بقي أبو المهاجر متواجداً ضمن جند عقبة وعماله.
"عقبة" و"أبو المهاجر" في ذمة الله
ومع عودة عقبة عاد لأسلوبه الشديد في تعامله مع البربر، على خلاف سلفه، وقد تجاهل زعيمهم "كسيلة" حديث العهد بالإسلام، مما أدّى لكثير من الخلافات بينه وبين أبي المهاجر، فلكل منهم أسلوبه ورأيه في كيفية الفتح، وكلا الأسلوبين مختلف عن الآخر تماماً..
اندفع عقبة في حملة سريعة غلب عليها الحماس فحاصر مدينة "بغاية"، وافتتحها وقتل عدداً كبيراً من البيزنطيين فيها.. غير أنهم تحصّنوا فيها، فتركها عقبة ليواصل فتحه السريع، وعلى هذا المنوال ارتحل عقبة يفتح المدينة تلو الأخرى دون الاستقرار بها أو ترك حامية عليها، وبهذا فتح عقبة أغلب أجزاء "المغرب الأوسط"، ولكن دون أن يحتل مدناً بصورة دائمة، واتجه إلى المغرب الأقصى حتى وصل إلى مدينة طنجة التي تسلمها سلماً من صاحبها، ثم انتقل إلى حيث تقوم مدينة فاس اليوم وهزم البربر، ووصل حتى سواحل المحيط الأطلسي، ساحقاً كل مقاومة واجهته من البيزنطيين والبربر في طريقه.
كانت القبائل البربرية قد أعدت نفسها للانتقام والثأر من عقبة، واستعانت في ذلك بالجيش البيزنطي، واستغلت بقاء عقبة في عدد قليل من الجنود لتباغته في مدينة "بسكرة" جنوب جبال أوراس بجيش يضم 50000 جندي يقودهم "كسيلة"، ومع هذه الجحافل بالنسبة لعدد الحامية المتواجدة مع عقبة تأكّد أنه مقتول، وأراد أن يرسل أبا المهاجر مع من تبعه من المسلمين إلى القيروان حتى يخلصهم من القتل، وقد عرض "كسيلة" -بعد أن ارتد عن الإسلام- على أبي المهاجر أن يخرجه من الحصار جزاء تعامله الحسن معه، غير أن أبا المهاجر رفض عرضي عقبة و"كسيلة" وفضل أن يقاتل هو وعقبة بجوار بعضهما البعض حتى لو كانت النهاية هي الاستشهاد، وجرت المعركة في أرض "تهودة" -في الجزائر حاليا- عام 63ه..
واستشهد كل من عقبة وأبي المهاجر، وأبيدت الحامية وأُسر عدد قليل منهم، واتجه "كسيلة" إلى القيروان ليغزوها.. وهكذا توقّف الفتح مرة أخرى، وقد خسر المسلمون أغلب ما فتحوه من بلاد..
قبر عقبة بن نافع بمسجد "عقبة" بالمغرب
عبد الملك بن مروان خليفة.. ومزيد من التقدّم والتراجع
سنقفز فوق الزمن ست سنوات كاملة لننتقل لعام 69ه؛ حيث تولّى عبد الملك بن مروان الخلافة، وقرر أن يستأنف الفتح، وندب لذلك قائد ماهر هو زهير بن قيس البلوي، قام زهير باستعادة القيروان، بل وحارب "كسيلة" وهزمه وقتله، وقد كان لهذا أثرا كبيرا في إضعاف شوكة البربر والبيزنطين المحاربين معهم، ولكن لم يكن البيزنطيين ليتركوا المغرب بهذه البساطة، لذا ترصدوا بجيش "البلوي" وقتلوه وهزموا الجيش، لتعود الفتوحات وتتوقف لسنوات جديدة..
أصرّ بن مروان على إتمام الفتح فجمع جيشاً جديداً في مصر، واختار له قائداً جديداً هو حسان بن النعمان الغساني، وهو رجل بارع وسياسي منفتح فقرر مهادنة البربر واستمالتهم وتجيشهم للانقلاب على البيزنطيين، ومن الوجهة العسكرية قرر فتح المناطق الداخلية وترك البيزنطيين في مناطقهم الساحلية.
اتخذ الغساني من القيروان قاعدة لجيشه، وتقرّب من البربر البرانس وصالحهم وضم بعضهم إلى جيشه فزحفوا معه إلى مدينة قرطاجة التي أخلاها الروم بعد قتال قصير، ثم توجّه إلى بنزرت وصفطوره وطرد البيزنطيين منهما، وهكذا أصبح للمسلمين لأول مرة السيطرة على مناطق ساحلية، وأصبح بإمكان عبد الملك أن يرسل أسطولا بحريا إلى المرافئ الإفريقية الشمالية.
داهية بنت ماتية تهزم المسلمين
لم تصبح الأمور بعد وردية اللون بعد أن سيطر عليها "بن النعمان"، فلقد كانت هناك عقبة جديدة تنتظر في الطريق وهي "الكاهنة" -داهية بنت ماتية- وقد جهزت جيشاً لمنع تقدّم المسلمين، فاتجه إليها حسان ودارت بينهما معركة في جبال أوراس انتهت بانتصار الكاهنة وتراجع الجيش الإسلامي، وتمكنت "داهية" من بسط نفوذها على كامل بلاد المغرب من جديد، وأعادت بناء مملكة كسيلة في حين انحسر الوجود العربي في المنطقة.
ولكن الكاهنة اتبعت سياسة الأرض المحروقة فخربت العمران، وأحرقت الزرع، واقتلعت الأشجار، وخرّبت البلاد حتى لا يطمع فيها المسلمون. إلا أن هذه السياسة تسببت في نقمة عدد كبير من البربر والأفارقة والروم عليها ففروا باتجاه الجيوش الإسلامية.
وفي عام 82ه دارت معركة جديدة بين "حسان" و"داهية" انتصر بها حسان بن النعمان وقتلت الكاهنة، واسترجع المسلمون نفوذهم على كامل بلاد المغرب من جديد..
للمرة الأولى الإسلام يستقر بالمغرب
وهنا لأول مرة يمكننا أن نقول إن الإسلام قد استقر في أرض المغرب بعد ما يزيد على 50 عاماً من الفتح فقد ساهم هذا الانتصار في نشر الإسلام واللغة العربية في صفوف القبائل البربرية التي لم تكن ترفض الدين الجديد، وإنما انساقت في معظمها وراء الطامعين في إنشاء إمارة بربرية، أو وراء نزعة عرقية..
وقد عين عبد الملك بن مروان القائد الشهير موسى بن نصير خلفاً لحسان بن النعمان، ومع تولي ابن نصير، وإسلام طارق بن زياد على يديه، بدأ الإسلام مرحلة أخرى في المغرب العربي، فلقد استقر في قلوب كثير من أبناء القبائل، وعمل طارق صاحب الأصل البربري على الحوار مع القبائل وإقناع زعمائها بأن هدف العرب نشر الإسلام وليس غزو البلاد، بدليل تولية "طارق" طنجة، فدخل كثير منهم الإسلام سلماً وتبعهم أبناء قبائلهم..
وهكذا أصبح من الممكن أن يطلق على إفريقية، المغرب العربي، بل وساهم سكان إفريقية القديمة، في فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد، الذي تشكّل جيشه بالكامل من البربر، وفي عصور الأندلس المتقدّمة، ستقوم المغرب بإنقاذ الأندلس والمد في عمر الإسلام داخله، على يد قائد متميز هو يوسف بن تاشفين بعد أن أصبح المغرب العربي، مسلماً قلباً وقالباً..
*********************
للتعرف على حقيقة الفتوحات الإسلامية
اضغط هنا "فتوحات لا تنسى"
*********************


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.