حالة من الجدل صاحبت حركة التغيرات التي ظهرت مؤخرًا على الحياة الحزبية بعد إعلان عدد من نواب البرلمان انتقالهم من حزب إلى آخر، في ظل تحذيرات من مخالفة الدستور والقانون، حيث أكدوا ضرورة وجوب استمرار الصفة الانتخابية للنواب، والتى قد تتسبب فى إسقاط عضوية النواب الذين غيروا صفتهم وانتمائهم الحزبي التى تم انتخابهم على أساسها. وتنص المادة 6 من قانون مجلس النواب على أنه «يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظا بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلا، أو صار المستقل حزبيا تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وفي جميع الأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتماءها الحزبي أو المستقل الذي انتخبت على أساسه». مراحل الأزمة بدأت أزمة تغيير الصفة الحزبية خلال دور الانعقاد الأول للنواب بالنائبة مي محمود نائبة حزب المصريين الأحرار، بعد حضورها أحد الاجتماعات الخاصة بائتلاف «دعم مصر» ائتلاف الأغلبية، وتوقيعها على الوثيقة الخاصة بالائتلاف، ما أثار غضب الحزب ليقرر فصل النائبة، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها مرة أخرى، مع أزمة الحزب الأخيرة، ثم تقدم النائب عماد جاد، أحد قيادات حزب المصريين الأحرار، هو الآخر باستقالته من الحزب، وكذلك النائبة نادية هنري، التي أعلنت انضمامها لتكتل 25-30 البرلماني، وأخيرًا إعلان حزب الوفد انضمام نائبه محمد سليم، إلى حزب آخر. وخلال الأيام الماضية تزايد عدد النواب المهددين بإسقاط عضويتهم، بعد تغيير صفتهم الحزبية نتيجة لتقديم استقالاتهم من أحزابهم، أو فصلهم من أحزابهم، التي دخلوا مجلس النواب من خلالها، حيث أعلن ما يقرب من 70 نائبا انضمامهم إلى حزب مستقبل وطن، منهم نحو 40 نائبا من حزب المصريين الأحرار بعد تقديم استقالتهم وعلى رأسهم النائب علاء عابد، الذي كان يمثل الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار. مطالب برلمانية بتعديل المادة 6 من الدستور من جانبه طالب النائب سليمان فضل العميري، عضو مجلس النواب، بتعديل المادة 6 من قانون مجلس النواب، الخاصة بشروط الصفة الانتخابية للنائب، مؤكدًا أنها أصبحت تضع قيودًا على عضو البرلمان. وأوضح العميري، في تصريح له أن المادة 6 من قانون مجلس النواب تتعارض مع تغيير النائب للصفة التي انتخب عليها، فإذا كان مستقلاً لا يجوز له أن ينضم لحزب في البرلمان والعكس إن كان انتخب حزبيا لا يصبح مستقلا كما هو الحال فلا يجوز إن كان النائب منتميا لحزب أن يتحول لحزب آخر، فهذه كلها قيود قانونية. وأضاف العميري أنه لا يوجد مانع من تعديل هذه المادة، في حين أن القوانين ليست نصوصًا قرآنية، فيجوز تعديلها حين يظهر في بعض المواد عيوب بعد تطبيقها. وأكد عضو مجلس النواب، أن الهدف من فتح الطريق أمام النائب للانضمام لأي حزب يرغب في الدخول إليه طالما أنه يرى أن له استراتيجية واضحة، وتثرى الحياة البرلمانية، لافتًا إلى أن هذه المادة تحجم النائب في مهام عمله وتشكل قيودا عليه وتضعف أداءه. احترام الدستور بينما قال الأمين العام لائتلاف دعم مصر بمجلس النواب، الدكتور مجدي مرشد، إن من غير المعقول اتجاه حوالي 150 نائبا لتغيير صفتهم الحزبية بالمخالفة للقانون والدستور، لافتًا إلى أنهم لم يراعوا نصوص اللائحة الداخلية وقانون مجلس النواب والدستور، الذي يمنع الأعضاء من تغيير صفتهم الحزبية التي انتخبوا على أثرها. وطالب مرشد، جميع النواب بضرورة احترام الدستور وعدم تغيير صفتهم لحين تعديله وتعديل قانون مجلس النواب. وفى نفس السياق قال المهندس محمد السويدى، رئيس ائتلاف دعم مصر بمجلس النواب، إن الائتلاف مستمر كما هو في مسيرته لدعم الحياة السياسية والتواصل مع المواطنين في المجتمع المدني، لافتًا إلى أن ما أثير من الجدل حول مستقبل الائتلاف ودمج الأحزاب والصراع السياسي لا يغير موقف الائتلاف. وأكد السويدي، على أهمية المشاركة السياسية والحزبية، وملء الفراغ السياسى، سواء من الأحزاب أو المستقلين، مشيرا إلى أن إن الانضمام لأي حزب سياسي لا بد أن يبلغ به مجلس النواب، وحتى الآن لا يوجد بشكل رسمي أي تغيير لأي صفة حزبية. وأضاف أن الائتلاف يسعى لمساعدة ودعم كل الأحزاب، مضيفًا أنه من حق أى حزب عمل كيانات وضم قيادات له، من أجل سد الفراغ السياسى الموجود حاليًا، داعيا النواب إلى الالتزام بالقانون والدستور، وعدم الانسياق وراء ما يتم ترويجه فى بعض وسائل الإعلام عن وجود خلافات ناتجة عن عمليات الدمج أو إعادة تشكيل الأحزاب. وأكد أن ائتلاف دعم مصر ائتلاف برلمانى يؤدى دوره على أكمل وجه تحت القبة ويقوم بدوره التنموى من خلال مراكز تنمية المجتمع والمبادرات التى يستفيد منها المواطن وتساهم فى تنمية الوطن. «تعديل الدستور أول مسمار فى نعش البرلمان» قال الفقيه الدستوري الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنوفية، فى تصريح ل«التحرير» إن تغيير بعض النواب للصفة الحزبية التى انتخب بها فى مجلس النواب يستلزم إسقاط عضويهم وفقًا للقانون والدستور، ويجب تحريك دعوة جنائية ضدهم لانتهاكهم نصوص الدستور. وتنص المادة 110 من الدستور على أنه «لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضائه». وأضاف عبد النبي، أن تعطيل نص من نصوص الدستور يعتبر عملا إرهابيا وفقًا لقانوني الإرهاب والكيانات الإرهابية، مشيرًا إلى أن محاولة تعديل الدستور من نواب البرلمان لتفادي إسقاط عضويتهم سيكون بمثابة «أول مسمار فى نعش البرلمان». وتابع: «رغم أن الدستور وضع سلطة التشريع فى يد البرلمان، ولكنه أكد أن يكون التشريع للمصلحة العامة ويكون مجردا ومنزها، أما فى تلك الحالة فيفقد المصلحة العامة ويصبح للمصلحة الخاصة، لذلك البرلمان مش عزبة للبعض أو تكية للتعديل وفق هواه».