حطمت البطالة الإسبانية نسبة قياسية، حيث وصلت إلى 27.2% -النسبة الأسوأ مما توقعه الاقتصاديون- فى الربع الأول من عام 2013. فى فترة الازدهار، كانت البطالة فى إسبانيا مرتفعة نسبيا بسبب المشكلات الهيكلية المستمرة، ثم أخذت ترتفع بسرعة، ثم أسرع وأسرع. وتجاوز عدد العاطلين عن العمل 6 ملايين لأول مرة فى التاريخ الحديث، وبين مَن هم أقل من 25 عاما، تبلغ نسبة البطالة 57%. فى عبارة أخرى، لم تكن الإجراءات التقشفية الطريق إلى الازدهار، لكن إلى الانحدار. على الرغم من التقشف الذى يتضمن تخفيضات فى النفقات وزيادات فى الضرائب وسلسلة الإصلاحات المالية والعمالية التى أطلقتها الحكومة برئاسة ماريانو راخوى، كان عجز ميزانية إسبانيا هو الأعلى بين دول الاتحاد الأوروبى ال17 فى 2012. القصة الحقيقية وراء الإحباط الإسبانى كانت قصة حركة «إنديجنادوس» الاحتجاجية، أو الساخطين بالإسبانية، ومعظمها من الشباب العاطل عن العمل منذ فترة طويلة الذين خرجوا فى احتجاجات مماثلة لاحتجاجات الربيع العربى منذ عام 2011، استياءً من حزم التقشف التى تصر الحكومة على فرضها على الرغم من عدم شعبيتها. فور إعلان المعهد الوطنى للإحصاء معدلات البطالة الجديدة، تظاهر من هؤلاء نحو ألف شخص الأسبوع الماضى، أمام البرلمان الإسبانى فى العاصمة مدريد، معلنين حصارا لأجل غير مسمى حتى تتم إقالة الحكومة. مجلة «أتلانتيك» الأمريكية وصفت البطالة فى إسبانيا بأنها «فخ وقع الشعب فيه، ولا يمكنهم الخروج منه». وتساءلت عن سبب ارتفاع نسبة البطالة إلى هذا الحد فى إسبانيا؟ وكانت الإجابة إن إجمالى الناتج المحلى انخفض بنسبة 4٫1% فقط عن مستواه فى 2007، مقارنة بنسبة انخفاض 5٫8% فى البرتغال، و7% فى إيطاليا، و20% فى اليونان. لكن على الرغم من هذا النمو السلبى، فإن البطالة فى إسبانيا مرتفعة أكثر من غيرها. يقول محللون إن الوظائف لن تتوفر حتى يرتفع معدل النمو إلى ما فوق 1%، وهو ما يبدو غير محتمل حتى العام الماضى، فضلا عن أن تخفيضات الميزانية من غير المحتمل أن تساعد على خلق فرص عمل على المدى القصير. إحصاءات البطالة التى أُعلنت الأسبوع الماضى كشفت أيضا أن مزيدا من العائلات الإسبانية تغرق فى الفقر. 1٫9 مليون أسرة ليس لديها عائل، و2٫3 مليون شخص، أو عامل عاطلين عن العمل لما يزيد على عامين. يقول سيباستيان مورا، أمين عام كاريتاس، المنظمة العالمية الكاثوليكية للإغاثة: «عملية الإفقار منتشرة»، مضيفا أن نحو 3 ملايين إسبانى يعانون من فقر مدقع ويعيش على أقل من 3650 يورو فى العام، بينما يعيش 3 ملايين آخرين على أقل من 7300 يورو. الخوف الرئيسى من تفاقم أزمة البطالة فى إسبانيا هو أنها قد تدمر آمال البلد بتسليمها جيلا من الشباب إلى الصعوبات المالية.