معتز الشناوي: لابد من ربط الدعم النقدي بمعدل التضخم السنوي    آخر تحديث في أسعار الذهب اليوم خلال ختام التعاملات المسائية    محافظ كفر الشيخ يُكلّف القيادات التنفيذية بالتواصل المباشر مع المواطنين    بيان مشترك لقادة مصر والولايات المتحدة وقطر: حان الوقت لوقف إطلاق النيران في غزة    «القاهرة الإخبارية»: التغييرات في الحكومة التونسية استكمال لمسار الإصلاحات    خالد بيبو: حسمنا بطولة الدوري بفوز ثمين على سموحة    سيول ورياح مثيرة للرمال والأتربة.. حالة الطقس الأيام المقبلة    الثالث على الثانوية العامة يفوز بسيارة قيمتها مليون ونصف: «خايف أتحسد»    العثور على جثة سوداني أمام البوابة الثالثة بحدائق الأهرام    نص اعترافات المتهمة بقتل جارتها لسرقة مشغولاتها الذهبية في قنا    أفضل وسيلة مواصلات لحضور حفل عمرو دياب بمهرجان العلمين.. «مش هتحتاج سكن»    محمد على رزق: طردت مراتي وابني من المنزل لهذا السبب    الغمراوي يكشف تفاصيل أزمة نقص الدواء في السوق    وكيل صحة مطروح يستقبل مدير عام فرع شمال غرب الدلتا بالهيئة العامة للتأمين الصحي    جامعة قناة السويس تستضيف دوري ريادة الأعمال المصري.. السبت    رئيس هيئة الكتاب ونائب محافظ دمياط يفتتحان الدورة الخامسة لمعرض رأس البر (صور)    وزير السياحة: ما يحدث فى مدينة العلمين الجديدة الآن جزء من الهوية المصرية    سقوط مصعد بالدقي.. نقل 3 مصابين إلى المستشفى    أخبار الأهلي : أيمن يونس : لاعب الزمالك سيكون حارسا لمنتخب مصر لعشر سنوات مقبلة    فرص عمل للفتيات في وظيفة "أخصائيات تمويل" بالدقهلية.. ننشر رابط التقديم    وزير البترول يستقبل المدير الإقليمي لشركة إنرجين اليونانية    بوريل: أدين إلغاء إسرائيل صفة الدبلوماسيين النرويجيين المتعاملين مع فلسطين    المستشار النمساوي: لن نسمح بأن ينجح التطرف والإرهاب في نشر الفوضى والخوف    تجارية وإدارية وسكنية والتخصيص فورى.. أهم الفرص الاستثمارية في دمياط الجديدة    توقيع بروتوكول تعاون بين جامعتي بنها وشاندونغ الزراعية بالصين    «التضامن» و«التعليم» يبحثان إنشاء حضانات في مراكز تنمية الأسرة والطفولة    في ذكرى رحيلها.. سبب وفاة هند رستم و5 نصائح للوقاية منه    "الاتيكيت النبوى" لاستقبال الضيوف.. ماذا قال عنه أمين الفتوى؟    حلم جامعة سوهاج يتحقق بإضافة كلية طب وجراحة الفم والأسنان    الحكومة توافق على قرارات خلال اجتماعها الأسبوعى اليوم    خلال أسبوع.. حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 10.8 مليون خدمة طبية مجانية    محمد بركات يكتب: السلام العادل    اختيار السنوار.. بداية النهاية أم نهاية البداية؟    بوتين خلال اجتماعه مع القائم بأعمال حاكم مقاطعة كورسك: الوضع الحالي يتطلب شجاعة ورباطة جأش    الاحتلال يقصف 174 مركزًا لإيواء النازحين منذ بدء العدوان على غزة    أولمبياد باريس - علياء صالح تنهي منافسات الجمباز الإيقاعي في المركز 23    هل الكمادات الساخنة مفيدة لخشونة الركبة؟.. أستاذة روماتيزم تجيب    إحباط مخطط احتيالي.. ضبط شخص يدير مؤسسة تعليمية وهمية في الدقهلية    سيراميكا يكشف حقيقة عرض الزمالك لضم ثنائي الفريق    منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بطب بيطري بنها    خلال أسبوع.. «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 10 ملايين و820 ألف خدمة مجانية    رئيس الوزراء: هناك شبكات تحاول الاستفادة من ترويج الشائعات لتحقيق مصالح شخصية    إصابة 3 عمال في مشاجرة بالأسلحة النارية بمنطقة بولاق الدكرور    أخبار سارة ل80 ألف معلم.. وزير التعليم يستعرض خطة التعامل مع عجز المدرسين (تفاصيل)    غارات إسرائيلية تستهدف عددًا من المناطق في جنوب لبنان    قبل حفله بالعلمين.. مشوار الهضبة عمرو دياب من الشرقية إلى العالمية    رئيس الأعلى للإعلام: الإفراج عن 600 محكوم عليهم يؤكد حرص الرئيس على توفير مناخ إيجابي    «الإصلاح والنهضة» يدعو إلى سرعة خروج توصيات الحوار الوطني الخاصة ببعض القوانين والإجراءات القضائية    رحلة ممتعة عبر الزمن.. عرض «الليلة الكبيرة» بمهرجان العلمين الجديدة الأحد المقبل    محمد بركات: المنتخب الأولمبي أمامه فرصة قوية للفوز على المغرب وحصد البرونزية    الليلة.. الزمالك يحل ضيفًا على "زد إف سي" بالدوري    10 لاعبين.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي أمام سموحة في الدوري    تحرير 17 محضرا لمخالفات تموينية بدسوق في كفر الشيخ    زوجى رافض الخلفة بعد إنجاب طفلين؟.. وأمين الفتوى: احترمى رأيه    هبة عوف: الأمانة تغير قدر العبد إلى الأفضل    حصاد العرب في أولمبياد باريس حتى الآن: 3 ذهبية وفضية و2 برونزية    حامد عزالدين يكتب: الدين ليس المعاملة والساكت عن الحق ليس شيطانا أخرس!    اطلقت صورى من زوجى علشان أحافظ على المعاش.. وأمين الفتوى: حياتكم حرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية تعصف برابع أقوى اقتصاد في منطقة اليورو!

تعتزم النقابات العمالية الأسبانية القيام يوم الأحد القادم بمسيرات ومظاهرات تعم مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على خطة الإصلاح العمالي التي اعتمدتها حكومة الحزب الشعبى اليمينى برئاسة ماريانو راخوى الأسبوع الماضي لتعديل قانون العمل.
وقد استهدفت تلك الإصلاحات خفض مكافأة إنهاء الخدمة للعامل الذي يتم الاستغناء عنه من 45 يوما إلى 33 يوما عن كل عام، كما استهدفت أيضا الحد من انتشار عقود العمل المؤقتة وإيجاد نوع من عقود العمل غير محددة المدة، إلى جانب تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة التي توظف شبابا أقل من 30 عاما.
وقد عارضت النقابات العمالية هذه الإصلاحات مؤكدة أن قانون العمل المعدل الذى اعتمدته حكومة راخوى سيزيد من نسبة البطالة فى أسبانيا ويجعل عدد العاطلين يرتفع إلى ستة ملايين عاطل، حيث أنه سيقضي على وظائف على المدى القصير وسيزيد الوضع هشاشة على المدى المتوسط لأنه سيسهل عمليات تسريح العاملين فى الشركات بمقابل زهيد مما سيتيح للشركات القيام بتخفيض عام فى الأجور كما أنه سيزيد حالة الإحباط لدى السكان الذين يعانون جراء خطط التقشف. ولم يستبعد رؤساء النقابات العمالية اللجوء إلى المحاكم للطعن فى قانون العمل المعدل بعدم الدستورية.
في مقابل ذلك نفت حكومة راخوى أن يكون تبنيها لهذه الإصلاحات يعتبر تخليا عن وعودها الانتخابية بعدم رفع الضرائب وعدم السماح بتسريح العمال بمقابل زهيد، مؤكدة أنها اضطرت إلى اتخاذ هذه الإجراءات لمواجهة الهبوط الذى يتعرض له الاقتصاد الأسبانى منذ الصيف الماضى.
ووصف وزير الاقتصاد لويس دي جويندز هذه الإصلاحات بأنها "قوية للغاية" موضحا أنها ستؤدي على المدى الطويل إلى زيادة الإنتاج والتنافسية لأنها تعمل على عدة جبهات وفى نطاق واسع.
وتعتبر هذه الإصلاحات استكمالا لسياسة اقتصاية تقشفية شملت مختلف قطاعات الدولة كانت قد أعلنت عنها حكومة راخوي في نهاية العام الماضي، وتضمنت خفض الإنفاق بقيمة8.9 مليارات يورو وزيادة الضرائب المفروضة بما قيمته 6 مليارات يورو، إلى جانب بعض الإصلاحات الهيكلية في محاولة لتقليص عجز الميزانية البالغ حاليا نحو 8 % واستعادة الثقة في المكانة الاقتصادية لأسبانيا.
وتعتبر هذه السياسة التقشفية هي الأكبر في تاريخ أسبانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وقد تعرضت لانتقادات من قبل متخصصين اقتصاديين باعتبار أنها لن تحقق النتائج المرجوة منها بل أنها ستؤدي إلى إضعاف الاستهلاك المحلي وإبطاء النمو.
وتواجه أسبانيا أزمة اقتصادية حقيقية حيث انكمش الاقتصاد الأسباني بنسبة 0.3 % خلال الربع الأخير من العام الماضي، ووصل حجم الدين العام إلى 70 % من إجمالي الناتج المحلي وهي نسبة تزيد ب 10 %عن مقررات الاتحاد الأوروبي. ورغم أن الدولة تصدر سندات دولية لسداد ديونها غير أن سعر فائدتها مرتفع جدا حيث يصل إلى 6.5 % وهي نسبة قد تعجز عندها الدولة الأسبانية عن سداد ديونها أو إصدار سندات أخرى.
وسجلت أسبانيا أعلى معدل للبطالة بين دول الاتحاد الأوروبي حيث بلغ نحو 23 % من حجم قوة العمل الأسبانية بينما وصلت نسبة البطالة بين الشباب إلى 50 %
ودفع هذا الارتفاع الهائل في معدلات البطالة العديد من الأسبان إلى الهجرة بحثا عن فرص عمل بالخارج، فقد هاجر خلال العام الماضي أكثر من 50 ألف أسبانى معظمهم توجه إلى دول الاتحاد الأوروبى. ووفقا لبيانات المعهد الوطنى للإحصاء فى أسبانيا، فإن عدد المهاجرين من أسبانيا إلى الخارج فاق للمرة الأولى عدد المهاجرين إليها خلال هذا العام. والأمر الجدير بالملاحظة في هذا الشأن أن معظم هؤلاء المهاجرين من الشباب من ذوي التعليم العالي ويمتلكون قدرات ومؤهلات متميزة ويجيدون اللغات الأجنبية.
كما لوحظ أيضا أن عددا كبيرا من المهاجرين الأسبان يتوجهون إلى المغرب، ليس للاستجمام أو السياحة كما جرت العادة، بل للبحث عن "لقمة عيش". فقد هاجر خلال الفترة الماضية أكثر من 1113 مواطنا اسبانيا إلى المغرب وهو ما اعتبر سابقة في تاريخ الأسبان المعاصر. ويتوجه معظم هؤلاء الأسبان إلى مدينة طنجة أو الدار البيضاء، بحكم تواجد عدد من رجال أعمال يحملون الجنسية الأسبانية، ويتضامنون مع مواطني بلدهم حيث يعملون على تشغيلهم.
وارتفعت مؤشرات الفقر في أسبانيا بمقدار 2.1 نقطة ليصل معدل الفقراء إلى 25.5 في المائة مقارنة بعام 2009. والملاحظ هنا أن أبناء الطبقة المتوسطة فى أسبانيا أصبحوا يعانون من ظاهرة الفقر مما يجعلهم عرضة للتهميش حيث اتضح أن متوسط دخل 25 %من العائلات الأسبانية أقل من 1300 يورو فى الشهر، وهو أمر يجعل هذه الأسر عاجزة عن دفع إيجار المسكن أو تكاليف التدفئة.
واتفقت هذه الأرقام مع ما توصل إليه المعهد الوطنى للإحصاء فى أسبانيا عن
ظروف المعيشة فى عام 2010 والتى أوضحت أن 21.8 %من الأسبان يعيشون تحت خطر الفقر. ويرجع فرانسيسكو لورنثو، مدير البحوث فى منظمة كاريتاس الأسبانية، أسباب انتشار الفقر بين أبناء الطبقة المتوسطة إلى أن 50 %من الأسر الأسبانية كانت تعانى بالفعل قبل بدء الأزمة الاقتصادية عام 2007 من بعض مؤشرات الحرمان أو الضعف الاقتصادى.
وتفيد الاحصائيات أن عدد الأشخاص الذين يعانون من التهميش قد تزايد فى عام واحد (من عام 2009 الى عام 2010) بمقدار 1.100.212 شخصا ( وهو ما يعادل 2.1 فى المائة) ليصل إلى 11.7 مليون أسبانى وهو ما يمثل رقما تاريخيا. ويرجع أحد أسباب القصور فى معالجة ظاهرة الفقر فى المجتمع الأسبانى إلى أن أسبانيا تحتل أحد المواقع الأكثر تراجعا فى أوروبا في مجال الإنفاق العام لتوفير الحماية الاجتماعية للفقراء والذين يعانون من التهميش. وحذر أحد الخبراء من أن النمو الاقتصادى وحده قد أثبت أنه غير كاف للحد من معدلات التهميش وانتشار ظاهرة الفقر.
ونتيجة لما سبق أصبحت الكثير من العائلات الأسبانية تبيع ممتلاكاتها وتفضل الهجرة إلى الدول الأوروبية الأخرى للعمل بعد أن استنفذت التعويض عن البطالة والإعانة الاجتماعية، كما انتشرت بعض الظواهر الاجتماعية التي لم تكن موجودة في المجتمع الأسباني من قبل، مثل ظاهرة التسول و الانحراف وانتشار عمليات السطو و السرقة على نطاق واسع.
ولا تزال أزمة الرهن العقاري في أسبانيا مستمرة، وهو القطاع الرئيسي الذي يقوم عليه الاقتصاد الأسباني. ويوجد أكثر من مليون وحدة سكنية معروضة للبيع دون وجود مشترين رغم انخفاض الأسعار بأكثر من 40 %. وبسبب أزمة الرهن العقاري المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، فقد نحو نصف مليون أسباني وظائفهم في قطاع البناء والتشييد، وهو ما ساهم في زيادة معدلات البطالة. بالإضافة إلى ما سبق واصلت أسعار الخدمات الأساسية ارتفاعها مع بداية العام الجديد، كما ارتفعت معدلات التضخم ووصلت إلى ما يقرب من 2.4 %بعد أن كانت 2.9 %فى نوفمبر الماضى. ومع تزايد حدة الأزمة الاقتصادية الأسبانية انهارت مؤشرات بورصة مدريد مما استدعى تدخلا حكوميا بأكثر من ثلاثة مليارات 600 مليون يورو.
وامتدت الأزمة لتشمل قطاع الزراعة الذي تضرر بشكل كبير، وتكبد الفلاحون خسائر ضخمة لا سيما أن الحكومات السابقة لم تعط هذا القطاع حقه مثل باقي القطاعات وظلت متجاهلة لمطالبه التي تتمثل في زيادة الضرائب المفروضة على كبار الملاك والمستثمرين وتعويض الفلاحين عن الخسائر التي تتكبدها حقولهم جراء الفيضانات.
ويرى خبراء الاقتصاد أنه على الرغم من أن أسبانيا تملك رابع أقوى اقتصاد في منطقة اليورو إلا أن المؤشرات الاقتصادية في ظل هذه الأزمة تبدو منهارة. وتوضح ميغيل أنخل جارسيا، مسؤول الدراسات الاقتصادية في نقابة اللجان العمالية، أن الأزمة التي تعيشها أسبانيا تعد من أخطر الأزمات الاقتصادية التي شهدتها البلاد والسبب
في ذلك يرجع إلى عدم الجدية في مواجهة الأزمة منذ انطلاقها. فقد ارتفعت أسعار العقارات بشكل كبير وهو ما أدى إلى زيادة الاستهلاك وقيمة الاستثمارات مقابل زيادة في المديونية وتسبب ذلك في الوقت الراهن في ديون قياسية وعجز عن دفع فوائد تلك الديون. كما أن الحكومة الحالية تواجه تحديا كبيرا بسبب غياب مؤسسات اقتصادية قادرة على التنافس وهو ما أدى لعدم توفير وظائف أو فرص عمل كافية لتقليص البطالة التي يعاني منها نحو خمسة ملايين أسباني عاطلين عن العمل.
ومن هنا تبدو عملية الإصلاح الاقتصادي هنا عملية جوهرية.
وفي هذا السياق يشير الاقتصادي البازر إميليو أونتيفروس إلى أنه لكي تستطيع أسبانيا تجاوز الأزمة سيكون عليها تعزيز الإصلاح مما يسمح بإعادة توظيف العمال الذين تم تسريحهم من أعمالهم، بالإضافة إلى تنويع النشاط الاقتصادي بحيث لا يعتمد على قطاع واحد مثل قطاع البناء الذي أثر سلبيا على مختلف قطاعات الدولة وتسبب في تسريح أعداد كبيرة من العاملين.
ويرى بعض الخبراء أن الإجراءات التي اتبعتها الحكومة حتى الآن لمواجهة الأزمة لا ترقى أن تكون حلولا ناجعة تخرج البلاد من أزمتها. فلا ينبغي الاكتفاء بتطبيق سياسة الاقتطاعات مثلما كانت تفعل الحكومة الاشتراكية السابقة، فالاقتصاد الأسباني يحتاج إلى تطوير القطاعات التي تدعم النمو مثل الاستثمار في البنية التحتية والصحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.