تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    ننشر أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر في بداية التعاملات    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    سعر الدولار اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    طن الحديد يرتفع 1169 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    حدث ليلا.. آخر تطورات الحرب على غزة ولبنان وموقف ترامب وهاريس من ذكرى 7 أكتوبر    ترامب يكشف قيمة المساعدات الخارجية المقدمة لكييف    وزارة الصحة في غزة: إسرائيل تعمدت تدمير القطاع الصحي    في هذه الحالة.. «ترامب» يتعهد بجعل غزة أفضل من موناكو (تفاصيل)    هل إمام عاشور صفقة القرن للأهلي؟.. رد مفاجئ من أمير توفيق    ثروت سويلم يكشف حقيقة إجراء قرعة لبطولة الدوري الموسم الجديد    أجواء دافئة والعظمى في القاهرة 33.. حالة الطقس اليوم    إيمان العاصي: «حياتي كلها متلخصة في بنتي ريتاج»    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    تصاعد المواجهة بين حزب الله وجيش الاحتلال.. غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حاد في أسعار النفط بعد تصاعد التوترات في الشرق الأوسط    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    إيمان العاصي تكشف ل«صاحبة السعادة» عن أصعب مشاهد «برغم القانون»    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    «أخذت أكبر من حجمها».. تعليق صادم من عصام الحضري بشأن أزمة قندوسي    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    ملف يلا كورة.. مجموعات الأبطال والكونفدرالية.. تصريحات أمير توفيق.. وقرعة الدوري المصري    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    المدير الفني لنادي بلاك بولز: الزمالك أحد أكبر فرق إفريقيا ومواجهته صعبة.. والمصري البورسعيدي مميز    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    ننشر نص التحقيقات مع صاحب الاستديو في واقعة سحر مؤمن زكريا| خاص    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    4 جثث و 6 مصابين إثر حادث تصادم في بني سويف    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين إثر انهيار منجم في زامبيا    «خانتني بعد ما وعدتني بالزواج».. محاكمة المتهم بقتل سائحة سويسرية بالفيوم اليوم    حزب الله يقصف تجمعًا لقوات الاحتلال وصفارات الإنذار تدوى فى الجليل الغربى    عمرو خليل: فلسطين هي قضية العرب الأولى منذ عام 1948.. فيديو    تنسيقية شباب الأحزاب: الرعاية الصحية ركيزة قادرة على دعم الحياة الكريمة    بعد الموافقة على عدد من الاتفاقيات.. النواب يرفع جلساته العامة للغد    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حارس الأهلى مع وقف التنفيذ
نشر في التحرير يوم 08 - 01 - 2015


1
مع بداية المرحلة الثانية فى النادى الأهلى بدأت فى اكتساب الثقة، وأيضًا صداقة بعض اللاعبين، فاقترب منى كثيرًا معظم أعضاء الفريق، وإن ظل هناك خماسى لا يريد على الإطلاق أن يتعامل معى، ويبدو أنه وعن دون قصد ابتعادى عنهم جاء فى صالحى، لأننى لم أحاول على الإطلاق أن أتودَّد إليهم أو أن أقترب منهم، بل تركتهم تمامًا، لا لشىء إلا لأنها طبيعة فى شخصى، فأنا عادة لا أنبهر بالشخصيات أيًّا كانت ولا أسعى أبدًا لمصافحة شخص أشعر أن به بعضًا من التعالى أو الغرور.
والغريب أن سلوكى هذا جعلهم فى ما بعد يخشونى تمامًا، بل إننى سمعتهم يقولون إننى مغرور جدًّا، ولا بد من القضاء عليه مبكرًا، ولحسن الحظ أيضًا أن عرف الكابتن عمرو أبو المجد المؤامرة التى تُحاك ضدى وحاول قتلها مبكرًا بأن اعتمد علىَّ أساسيًّا فى الفريق تمامًا رغم أننى لم أقيّد أصلًا فى الفريق، ولم يعرفوا بعد قصة أننى لاعب فى نادى زيوت طنطا، كل ما فى الأمر أننى حارس تحت الاختبار، بل إنهم أحيانًا زادوا فى محاولة تطفيشى عن طريق زميلى رمضان القللى، بإيصال بعض رسائل التهديد، ولكن رمضان أيضًا أفهمهم أن الأمر معى صعب جدًّا لأننى مصمم على اللعب للنادى الأهلى.
وحاول إقناعهم بأنى شخص طيب للغاية، ولكن دون جدوى، ولم أعر الموضوع اهتمامًا، خصوصًا أن الأمور أصبحت أفضل بكثير داخل النادى فقد عدت للمبيت فى استراحة الفريق الأول، ولعبت مباراة أخرى ودية داخل الملعب الرئيسى لاستاد التتش، وأصبح هناك ثلاثة أو أربعة أشخاص داخل النادى يعرفون اسمى، ثم وهذا هو الأهم المساندة اللا معقولة التى وجدتها من الكابتن عمرو أبو المجد رغم أنه كان محبوبًا جدًّا من الخماسى الذين يكرهونى داخل الفريق، إلا أن الرجل وقف بجوارى بشدة ويبدو أنه كان يتوسَّم فى مستواى خيرًا واستمرت التدريبات إلى أن حدثت مفاجأة غريبة.
فقد أخبرنا إدارى الفريق بأننا سنسافر إلى المحلة لأداء مباراة ودية أمام فريق غزل المحلة تحت 17 سنة، ولم يكن قد مضى سوى وقت قليل على مفاوضات غزل المحلة معى، وعلمت فى ما بعد أن المدرب الكابتن المعداوى قد علم بسفرى للقاهرة للاختبار فى الأهلى فعاود من جديد الاتصال بالمسؤولين فى نادى زيوت طنطا فى محاولة للحصول على الاستغناء الخاص بى مع رفع بعض الامتيازات، وعرفت أيضًا أن المسؤولين فى زيوت طنطا قد وافقوا على منحى الاستغناء، خصوصًا أن الكابتن جورج بانوب لم يخبر أحدًا منهم بأننى فى اختبارات النادى الأهلى، ويبدو أنهم ظنّوا أننى انقطعت مرة أخرى عن التدريبات فوافقوا على الاستغناء عنى للمحلة، كل هذا لم أكن أعرفه إلا بعد وصولى إلى المحلة، والحقيقة أننى ارتبكت بشدة ولم أنم طوال الليل، فلعبت واحدة من أسوأ مبارياتى وتسببت فى هزيمة الفريق 2/1 وزاد الطين بلة أننى فور انتهاء المباراة فوجئت بمدرب المحلة يقول لى إنهم انخدعوا فى مستواى، وإنهم صرفوا النظر عن ضمّى إلى الفريق، ولم يكن هذا الأمر يهمّنى على الإطلاق، كل ما كنت أخشاه هو أن يغيّر الكابتن عمرو أبو المجد رأيه هو الآخر، وظللت لساعات فى حالة من القلق لا يمكن أن أصفها لأحد، خصوصًا أن طنطا بجوار المحلة وتوقَّعت بين لحظة وأخرى أن يشكرنى الكابتن عمرو، وأن يتركنى فى طنطا.
ولم يهدأ لى بال إلا بعد أن عبر الأوتوبيس مدينة طنطا، واستمرت الرحلة إلى القاهرة، وحمدت الله وشكرت فضله على أن مرّ اليوم على خير، ولكن فى اليوم التالى وفى أثناء التدريب سألنى الكابتن عمرو عن والدى وأحوالى وبعض الأحاديث الروتينية، ثم طلب أن يجلس معى بعد المران، والحقيقة أن الرجل كان عظيمًا لدرجة لا يمكن أن أصفها، فوجدته يشيد بأدائى ويبرر لى أخطائى، ويؤكِّد أننى أدّيت مباراة طيبة، وأن علىَّ أن أسد أُذنى فى ما أسمعه من بعض اللاعبين بخصوص المباراة، وأن لا أفكّر إلا أن أصبح حارسًا للنادى الأهلى، ثم طلب منى أن أحصل على إذن من والدى بأسبوعَين آخرين، نظرًا لأن الكابتن عصام عبد المنعم مدرب الحراس، سيتأخَّر حضوره مرة أخرى، ووعَدته وشكرته، فقد أعطانى ثقة بلا حدود وسافرت إلى طنطا وأنا فى غاية الفرح والسعادة بكلماته، ولم أجد هذه المرة أى مشقة فى إقناع والدى، فقط كانت لدى مشكلة واحدة لأن شهر رمضان كان على الأبواب، وأنا أفهمت والدى أن الأهلى يتكفَّل تمامًا بكل نفقاتى، ولم يكن هذا صحيحًا على الإطلاق، ولكن المفاجأة أن والدى أعطانى جنيهَين، وكان مبلغًا كبيرًا، ولكنه قال لى: دول عشان لو نفسك فى حاجة، أنا عارف إن مصر غالية، وشعرت أن الله دائمًا بجوارى، ووصلت هذه المرة بسهولة إلى النادى الأهلى بمفردى من محطة القطار إلى النادى، مرورًا بميدان التحرير، وبدأت أعرف بعض الأسماء فى القاهرة، مثل كوبرى قصر النيل وميدان التحرير وميدان رمسيس، وبدت الحياة أفضل كثيرًا.
وبدأت أشعر أننى أصبحت لاعبًا فى النادى الأهلى، خصوصًا فى المعاملة الرائعة التى كنت ألقاها من الكابتن عمرو أبو المجد، ولكن ظلت مشكلة الفلوس، خصوصًا أن شهر رمضان دخل علينا، وكان هناك رفض تام من عم عبده البقال، إعطائى الفلوس، وظل على أسلوبه فى إعطاء لاعبى طنطا الآخرين الفلوس والرفض التام بالنسبة لى، ولكنى لم أهتم وقررت أن أصبح وزير مالية نفسى فى شهر رمضان، وحسبت الفلوس على وجبتَى الإفطار والسحور، فاكتفيت بعلبة زبادى ليلًا رغم أننى كنت أكرهه جدًّا، ثم قادتنى قدماى بناءً على نصيحة صديق إلى مطعم التابعى الدمياطى القريب من شارع رمسيس، للإفطار هناك يوميًّا فى وجبة تتكلَّف عشرة قروش بالتمام والكمال، فكنت أنتهى من التدريب وأخدها مشى حتى المطعم وأتناول إفطارى هناك وأنا فى غاية السعادة، ثم أعود أيضًا سيرًا على الأقدام إلى النادى الأهلى، وأقضى بعض الوقت، ثم أذهب لتناول وجبة الزبادى، أى السحور، وبعدها أخلد للنوم، وظلت الحال كذلك إلى أن علم أحد زملائى بالفريق، وهو خالد حبيب، وكان اسم شهرته خالد دندش ، بذلك، وكان والده محاميًا كبيرًا اسمه محمد حبيب، وكان يسكن فى العجوزة ولديه سيارة، يعنى ابن ناس جدًّا، فصمَّم على دعوتى أكثر من مرة، سواء على الإفطار أو السحور، فأكلت اللحوم فى أول مرة فى هذا الشهر عند خالد حبيب، ثم انفرجت الأزمة تمامًا بعد أن عاود مطعم النادى الأهلى فتح أبوابه مرة أخرى، فقرر الكابتن عمرو أن أتناول وجبة الإفطار فى المطعم يوميًّا، وكانت سعادة كبيرة لى، ومرّ شهر رمضان بل والعيد الصغير دون أن يحضر الكابتن عصام عبد المنعم، وأنا صامد فى انتظاره.
وكلما كان يسألنى والدى عن أخبارى أؤكد له أن الأمور تمام التمام والمسألة فقط أصبحت مسألة وقت، ولكن يبدو أن صبره نفد، فالدراسة بدأت وأنا غير منتظم على الإطلاق، وأنا فى الثانوية العامة، ولم تتم إجراءات تحويلى إلى القاهرة، وبدأ الشك يتسرّب إلى قلبى، فوعدته بأن الأمور ستنتهى خلال أسبوع على الأكثر، فأكد لى أنه سيكون الأسبوع الأخير وبعده لن يسمح لى بالعودة إلى القاهرة مرة أخرى، وكان معه كل الحق، فذهبت من جديد إلى الكابتن عمرو وحكيت له، فقال لى: خلاص الكابتن عصام جاى بكرة، إنت شد حيلك وأنا كلّمته بالتليفون وهو عنده فكرة كويسة عنك، وبالفعل حضر الرجل وكان الجميع يخشاه جدًّا ولا أعرف لماذا حتى الآن، فالرجل كان ودودًا للغاية وسألنى عن مشوارى مع الكرة، وطبعًا لم يكن أحد يعرف فى النادى الأهلى أننى مقيّد فى نادى زيوت طنطا حتى لا يرفضونى من البداية، كل ما فى الأمر أنى كنت أقول إننى تركت النادى هناك من أجل الدراسة، وإننى جاهز فى أى وقت للتوقيع للنادى الأهلى.
واختبرنى الكابتن عصام وكنت جيدًا، ولكنه طلب أن يرانى مرة أخرى غدًا، وبالطبع كان الكابتن عمرو حاضرًا وقد أصبحنا صديقين، وسألته عن رأيه فى مستواى فأشاد بى، ولكنه فاجأنى بأن غدًا هو الأهم، لأنه سيكون يوم التصفية لكل الحراس الذين ينتظرون الكابتن عصام منذ فترة طويلة، وطلب منى النوم مبكرًا والتركيز بشدة، وفقط ما علىّ أن لا أظهر كما ظهرت اليوم، والغريب أننى لم يساورنى القلق على الإطلاق، لأننى اكتسبت ثقة كبيرة بنفسى.
وأيضًا بدأت الجماهير تعرفنى أكثر، بل إن اسم شوبير بدأ يتردد بقوة داخل النادى الأهلى، وهو ما أعطانى اطمئنانًا، وجاء اليوم التالى ونزلت إلى تدريب فريق 17 سنة، فإذا بالإدارى يطلب منّى الخروج، لأن التدريب سيكون فى الملعب الرئيسى مع الكابتن عصام عبد المنعم، لأفاجأ بأننا أكثر من 25 حارس مرمى، كلهم يخضعون للاختبار الأخير.
2
وتصادف أن الفريق الأول كان يؤدّى مرانه، لذلك كان الاختبار بحضور هيديكوتى المدرب المجرى الشهير، والراحل فؤاد شعبان، والراحل عوضين، والكابتن فتحى نصير، واكتفى الكابتن عمرو أبو المجد بالمتابعة من الخارج، ويبدو أن القدر له معى فى المواقف الصعبة ترتيبات، فقد تم تأخيرى لأكون آخر مَن يتم اختباره، ويمكن لأننى كنت أصغرهم، ومن الطرائف التى لا أنساها على الإطلاق أن كان يجلس بجوارى حارس تحت الاختبار اسمه عمرو، فقد أكد لى أن مسألة اختياره محسومة، لأنه جاء عن طريق واسطة كبيرة جدًّا، بالإضافة إلى أنه على حد قوله حارس عظيم، ولم أرد عليه بشىء على الإطلاق، لأننى كنت فى قمة تركيزى، حتى جاءت لحظة اختباره، وبالفعل كان أسرع مَن تم اختبارهم فقد طردوه بعد دقيقتين فقط، لأنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن حراسة المرمى، وظلت الاختبارات تنتهى بطرد كل الحراس بمعنى كلمة طرد، يعنى امشى واوعى تييجى هنا تانى، لكل الحراس ال24، ولم يتبقَّ سواى، فأنا أصغرهم سنًّا وحجمًا، واستعنت بالله، فأنا أمام كل هذه الأسماء العظيمة، وتذكَّرت دعاء حفظته من والدى لا أنساه أبدًا عن سيدنا النبى، عليه الصلاة والسلام، وكان مطلعه اللهم إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربى... إلى آخر الحديث.
وكنت أعلم أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قد قاله وهو فى مدينة الطائف بعد أن لقى أسوأ معاملة ثم نصره الله بفضله وعزّه، ويبدو أن أبواب السماء كما قلت من قبل كانت تفتح لى فى كل اللحظات الصعبة التى أواجهها فى حياتى، ونزلت إلى الاختبار مستعينًا بالله عز وجل وثقتى بنفسى، وبالمناسبة كانت هناك جماهير غفيرة تحضر الاختبار، لأنه وكما قلت كان فى أثناء مران الفريق الأول، وبتوفيق الله وفضله تألَّقت بصورة أذهلت الجميع، وبدأت الجماهير تتساءل عن اسم هذا الحارس الصغير جدًّا وعرفوا الاسم من عامل غرفة الملابس الذى كان يقف سعيدًا للغاية وهو ينادى شوبير شوبير. وفوجئت بهيديكوتى ينادينى ويسألنى عن اسمى، فقلت له أحمد شوبير، فقال: لا اسمك شوربير، وضحكت وأنا غير مصدق، فأنا أقف مع أعظم مدرب فى تاريخ الأهى، وأيضًا جاء الكابتن فؤاد شعبان، وكان رجلًا قليل الكلام، ولكن فى غاية الاحترام، فقال لى: شد حيلك إنت مشروع جون كويس، وكاد الكابتن عمرو أبو المجد يطير من الفرحة، لأنه كان مراهنًا على مستواى، ثم إن الكابتن عصام عبد المنعم بشّره بى، وما هى إلا لحظات داخل أرض الملعب حتى فوجئت بعم عبده البقال بناءً على استدعاء من مستر كوتى، وهو اسم الدلع للمدرب، يطلب منه إنهاء كل أوراقى وإعطائى خمسة جنيهات مرة واحدة، والغريب أننى فى أثناء خروجى من الملعب أشار مستر كوتى إلى الجماهير كى تصفّق لى، وخرجت وأنا غير مصدّق، وسألت الكابتن عمرو: هو كده خلاص؟ فاحتضننى وهنَّأنى، وقال لى: مبروك، من اليوم أصبحت حارسًا فى النادى الأهلى، وكدت أطير من الفرحة، هل الحلم تحقَّق؟ هل بالفعل أصبحت حارسًا للأهلى؟ ولكنى فجأة تذكَّرت أننى مقيَّد بنادى زيوت طنطا، ولكننى اعتقدت أنها مشكلة بسيطة وستنتهى سريعًا، وصارحت لأول مرة الكابتن عمرو أبو المجد، ولكننى وجدته مطمئنًا تمامًا، لأن هذه الأمور سهلة جدًّا بالنسبة إلى عم عبده البقال، فهو إخصائى انتقالات اللاعبين، وذهبت سريعًا إلى عم عبده البقال، فأعطانى الجنيهات الخمسة، وكان الكابتن عمرو قد حكى له القصة، فطمأننى تمامًا، وطلب منى أن أحدّد موعدًا فى الأسبوع المقبل، كى يحضر إلى طنطا لإنهاء إجراءات الاستغناء، وضمّى إلى النادى الأهلى، ولكن الكابتن عمرو طلب منه التأجيل قليلًا، لأننا كنا سنخوض مباراة ودية، وهو أن أشارك فى هذا اللقاء، ثم أسافر إلى طنطا، ولم يمانع عم عبده البقال.
3
وبالفعل اتصلت بالكابتن جورج وطلبت منه تحديد موعد، لأن إدارى النادى الأهلى سيأتى الأسبوع القادم، للحصول على الاسغناء الخاص بى، فهنَّأنى ووعدنى بذلك وانتظمت فى التدريبات بمعنويات مرتفعة للغاية، خصوصًا أن ما حدث يوم الاختبار كان رائعًا، فقد كان ضمن المشاهدين للتدريب الراحل الكبير علِى زيوار، وسألنى عند خروجى من الملعب عن اسمى وبلدى، فقلت له إننى من طنطا، وضحك من قلبه، ولا أنسى كلماته: شى الله يا شيخ العرب، إنت يا واد حاتبقى جون مصر، شدّ حيلك، وعلى درب الكابتن على زيوار سار الجميع من حب وتقدير، بل إن زملائى فى الفريق تحت 17 سنة كانوا جميعًا يشاهدوننى فى أثناء الاختبار ووجدتهم دون استثناء حتى مَن كانوا ضدى فى غاية السعادة والفرح، والأغرب من هذا أنه بعد يومين فقط فوجئت بصورة لى فى جريدة الجمهورية وخبر بعنوان الحارس المعجزة انضم إلى النادى الأهلى، والخوف على إكرامى وثابت البطل ، وكان الموضوع بتوقيع الناقد الكبير جمال هليل، وعشت فى حالة من الذهول.
ففى يوم وليلة أصبحت أشهر حارس ناشئ فى مصر كلها، وأصبحت حديث الجميع فى النادى الأهلى، وما زاد الأمر ذهولًا بالنسبة إلىّ أن مستر كوتى طلب أن أتدرب مع الفريق الأول، وكاد يغمى علىّ لأننى سأتدرب مع الخطيب وإكرامى والبطل والنجوم العظام.
ولم أصدّق على الإطلاق، وأذكر أن الكابتن عمرو أبو المجد، سمح لى بأداء تدريب واحد ثم طلب من المسؤولين أن أظل مع فريق تحت 17 سنة، خوفًا علىّ من الإغراءات والغرور، وكان معه الحق تمامًا، فأنا ما زلت صغيرًا وقد تبهرنى أضواء الأهلى وهى بالفعل أبهرتنى وأذكر موقفًا طريفًا للغاية، ففى أول مران مع النادى الأهلى كنت بجوار الحارس العظيم إكرامى، وسألنى عن اسمى وبلدى، ولما أجبته قال: إنت بقى شوبير اللى عامل الدوشة الكبيرة دى، شد حيلك ربنا معاك، فما كان منى إلا أن سافرت إلى طنطا فور انتهاء التدريب، لأحكى لكل الناس فى طنطا أننى تدرَّبت اليوم مع إكرامى، وأنا غير مصدق، وعدت إلى القاهرة فى صباح اليوم التالى بعد أن أخبرت والدى ووالدتى وعمّى وأشقائى وكل أصدقائى أننى أصبحت حارس مرمى النادى الأهلى، ناسيًا تمامًا قصة الاستغناء من زيوت طنطا التى أصبحت مشكلة كبيرة جدًّا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.