جامعة حلوان تواصل إجراءات الكشف الطبي لطلابها الجدد للعام الدراسي 2024-2025    إنطلاق فعاليات مبادرة «بداية» للأنشطة الطلابية بكليات جامعة الزقازيق    محافظ الجيزة يتابع مخططات التطوير ورفع الكفاءة للطرق وتحسين الرؤية البصرية    بدون حجز للطلاب.. «ابتداء من هذا الموعد» السماح بركوب القطار لحاملي الاشتراكات (الأسعار)    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وموعد الزيادة الجديدة    محافظ قنا: استلام 2 طن لحوم من صكوك الأضاحي    محافظ بني سويف يشارك في افتتاح معرض النباتات الطبية والعطرية بالفيوم    أول تعليق من حزب الله بعد اغتيال نصر الله    أعداد الشهداء في ارتفاع مستمر بقطاع غزة.. فيديو    رسميا.. ريال مدريد يعلن حجم إصابة كورتوا    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    إنبي يُطالب الزمالك ب 150 ألف دولار بعد تحقيق لقب السوبر الإفريقي    اضطراب في حركة الملاحة على شواطئ مدن البحر المتوسط    إصابة 4 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    14 أكتوبر.. «إعلام البريطانية» تنظم المهرجان الدولي للأفلام بمشاركة 115 دولة    الثقافة تختتم الملتقى 18 لشباب المحافظات الحدودية بأسوان ضمن مشروع "أهل مصر"    «زوج يساوم زوجته» في أغرب دعوي خلع ترويها طبيبة أمام محكمة الأسرة (تفاصيل)    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    وكيل فهد المولد يكشف تطورات أزمة اللاعب الصحية    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة بحوش عيسى في البحيرة    ضبط 40 كيلو حشيش بقيمة 3 مليون جنيه في الإسكندرية    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    ندوات توعوية لطلاب مدارس أسيوط حول ترشيد استهلاك المياه    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    الصحة اللبنانية: ارتفاع حصيلة الاعتداء الإسرائيلي على عين الدلب إلى 45 قتيلا و70 جريحا    السعودية تُسلم فلسطين الدعم المالي الشهري لمعالجة الوضع الإنساني بغزة    برنامج تدريبي لمواجهة العنف والإيذاء النفسي في المجتمع بجامعة القناة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    شخص يتهم اللاعب أحمد فتحى بالتعدى عليه بسبب ركن سيارة فى التجمع    ضبط شخص متهم بالترويج لممارسة السحر على الفيسبوك بالإسكندرية    فؤاد السنيورة: التصعيد العسكرى فى لبنان ليس حلا وإسرائيل فى مأزق    الاحتلال الإسرائيلى يعتقل 41 فلسطينيا من الضفة الغربية    «وزير التعليم» يتابع انتظام سير العمل ب 6 مدارس في حدائق القبة | صور    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    أوكرانيا: تسجيل 153 اشتباكا على طول خط المواجهة مع الجيش الروسي خلال 24 ساعة    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق بمدينة نصر    أبو ليمون يتابع تطوير كورنيش شبين الكوم والممشى الجديد    أطباء ينصحون المصريين: الحفاظ على مستوى الكولسترول ضرورة لصحة القلب    توقيع الكشف الطبى على 1584 حالة بالمجان خلال قافلة بقرية 8    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    السياحة والآثار تنظم عددًا من الأنشطة التوعوية للمواطنين    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حُكم ب«الإعدام»
نشر في التحرير يوم 11 - 12 - 2014

لم أكن أفكر إلا فى مباراة الفريق الأول لزيوت طنطا أمام نادى عمال المنصورة، فأنا أصغر لاعب سيشارك مع الفريق الأول، والمنصورة اشتهرت دائمًا باللاعبين العظماء، أمثال بدير وأحمد شاكر وسعد سليط وبدوى حمودة وسطوحى وغيرهم من اللاعبين، الذين انضموا جميعًا إلى المنتخب الوطنى، ثم إن المنصورة مفتوحة على مصراعيها أمام الجميع، فالشربينى المدرب الكبير تولى تدريب الفريق الأول هناك، وزكى عثمان الاسم الكبير فى عالم كرة القدم تولى هو الآخر تدريب المنصورة بأغلى رقم فى تاريخ مدربى مصر، وكان يبلغ وقتها 500 جنيه، لذلك كانت أمنيتى أن ألعب هناك، وأن يشاهدنى أحد هؤلاء المدربين أو اللاعبين العظماء، وسأنقل إليهم أملى وحلمى فى اللعب للنادى الأهلى، لكن كما قلت وقبل المباراة بيوم، وأنا عائد إلى المنزل فوجئت بالكابتن جورج بانوب والكابتن عبد العزيز الحصادى أمام المنزل، واعتقدت أنهما جاءا لتحفيزى والشد من أزرى وإثبات وجودى مع الفريق الأول، لكن نظراتهما لم تكن مريحة على الإطلاق، وألححت عليهما فى الصعود إلى المنزل فرفضا بشدة، وطلبا منى أن نذهب إلى مكان بعيد عن المنزل، ولم أفهم شيئا على الإطلاق، وظللت فى حالة توتر شديدة جدًّا إلى أن استجمع عبد العزيز الحصادى كل قواه، وقال لى: الجواب ده وصل النادى من شوية، فقلت له: وأنا مالى بالجوابات، فقال: أصله يخصك إنت والكابتن جورج، ولم أفهم.
فى النهاية أعطانى الخطاب الذى أفقدنى صوابى تمامًا، وظللت أصرخ: حرام ليه، أنا عملت إيه؟ وفقدت أعصابى وانهرت تمامًا، فقد كان الخطاب يحتوى على قرار إيقافى أنا والكابتن جورج بانوب لحين انتهاء التحقيق معى، وأخذت أهذى بكلمات غير مفهومة، ثم انخرطت فى نوبة بكاء حادة جدًّا، وحاول الكابتن جورج بكل ما أوتى من قوة أن يقنعنى أن هناك خطأ، وأننا مطلوبان للتحقيق فى منطقة الغربية يوم السبت المقبل، والموضوع صغير إن شاء الله، وصمم الكابتن فوزى هاشم على اصطحابى إلى المنصورة، بل الأكثر من ذلك أننا فزنا 3/1، وصرفوا لى مكافأة فوز كاملة عبارة عن 3 جنيهات، ويومها لم أستشعر طعم الفلوس، وشعرت أن الدنيا سوداء جدا، ورغم محاولات والدى وأمى للتخفيف عنى، وأن الأمر بسيط للغاية فإن قلبى حدثنى أن الأمر صعب للغاية، وأنه لن يمر مرور الكرام، ولم أنم حتى ذهبت إلى منطقة الغربية للتحقيق، ففوجئت بوجود حكم مباراتنا مع كفر الشيخ، وأتذكر اسمه جيدا حتى الآن، على السايس، من مطوبس كفر الشيخ، واكتشفت أن الرجل كتب فى تقريره أننى تعديت عليه باللفظ، ولم يكن حدث شىء على الإطلاق منى تجاهه، فأمسكت بالمصحف، وحلفت عليه أمام المحقق، وكان رجلًا قوى الشخصية جدًّا، واكتشفت فى ما بعد أنه السيد عبد القادر أبو فريخة، الرجل القوى جدًّا فى اتحاد الكرة المصرى، والعجيب أن الرجل أدان الكابتن جورج بانوب بشدة، الذى اعترف بخطئه، لكنه أقسم هو الآخر إننى لم أفعل شيئا على الإطلاق، لكن الحكم صمم على موقفه، وقال إنه سمع أصواتًا من عند المرمى، لا يعرف مصدرها بالضبط، وبالتالى فهو يعتقد أننى الذى سببته، وانهارت قواى تمامًا داخل المنطقة، وعطف علىّ عبد القادر أبو فريخة، لأن التقرير أيضًا شمل أننى تعديت عليه بالضرب، وهذا لم يقل أمام الحكم، وقال لى الرجل إنه يتعاطف جدًّا معى، وإن القرار الطبيعى فى هذه الواقعة هو الشطب من القوائم تمامًا، لكن الرجل اكتفى بإيقافى عامًا واحدًا أنا والكابتن جورج بانوب، وخرجت من المنطقة وأنا فى غاية الانهيار، واعتقدت أن مستقبلى قد ضاع، وأنه لا أمل لى فى لعب الكرة مرة أخرى، وأقسمت على عدم لعب الكرة مرة أخرى، ودعوت على الحكم بأنه إن كان ظالمًا سينتقم منه الله عز وجل، والغريب جدًّا أننى وبعد نجاحى فى منصب نائب رئيس اتحاد الكرة بعد سنوات طويلة اكتشفت أن هذا الحكم يعمل رئيسًا لمنطقة كفر الشيخ للحكام، وعلمت أنه فقد ابنه فى حادثة سيارة، فتعاطفت معه بشدة، وأبقيته فى مكانه، بل زرته هناك، وكأن شيئًا لم يكن، وللعلم فلم يكن يعرفنى، لأن اسمى كان أحمد عبد العزيز محمد، لكنى عرفته بنفسى، ولم أعلق على شىء، وحزنت جدًّا على فقدانه ابنه.
المهم أننى اعتزلت كرة القدم، ورفضت تمامًا الذهاب إلى النادى، رغم المحاولات المستميتة التى بذلها الكابتن جورج وكل مدربى النادى، لكننى لم أتراجع، وعدت مرة أخرى للعب الكرة الشراب والدورات فى الشارع، ورغم محاولات والدى أيضًا المتكررة فى إقناعى بالعودة إلى التدريب، فإننى رفضت أيضًا، إلى أن حدث موقف إنسانى جميل، فقد زارنا فى المنزل عدد كبير من اللاعبين زملائى فى الفريق، وطلبوا من والدى السماح لى بالتدريب، ظنًّا منهم أنه يرفض حضورى التدريبات، فأوضح لهم أننى رافض تمامًا فكرة العودة إلى التدريبات، وقال لهم: أهو قدامكم يا ريت تقنعوه بالعودة ، ورفضت رفضًا تاما العودة إلى التدريبات، إلا أنهم صمموا على حضورى فى اليوم التالى، وجاؤوا واصطحبونى إلى التدريب، وكان فى الساعة الواحدة ظهرًا، ودخلت إلى استاد طنطا بالدموع، فقد تعودت على الملعب، وعلى المباريات، لذلك كان صعبًا جدًّا أن أدخل الملعب مرة أخرى، لكن حدثت مفاجأة لم تكن فى الحسبان، فقد كانت هناك مباراة ودية للفريق الأول أمام نادى طنطا، وتغيب الحارسان: راضى بدرى والسعيد جنش، فما كان من الكابتن فوزى هاشم سوى أن طلب منى أن أذهب معهم إلى نادى طنطا لعدم وجود حارس، وبالفعل ذهبت مع الفريق الأول، لكن حدث أن جاء الحارس راضى، ولعب بالفعل الشوط الأول، وتقدم نادى طنطا بثلاثة أهداف نظيفة، وهنا طلب راضى التغيير لشعوره بالإرهاق، لأفاجأ بالمدرب يطلب منى اللعب مع نهاية الشوط الأول، وفى هذه الأوقات كان نادى طنطا يمتلئ تدريبه عن آخره بالجماهير، فما بالك بالمباريات، ولم أتردد فى النزول إلى أرض الملعب، رغم هذا الحضور الجماهيرى الكبير، وبالفعل لعبت وحافظت على شباكى نظيفة، وقدمت شوطًا رائعًا أثار إعجاب كل الحضور، لدرجة أن بعضهم اعتقد أننى حارس من خارج طنطا، وكانت المفاجأة الأكبر هى طلب نادى طنطا ضمى إلى صفوفه، والعجيب أن المدرب الذى تزعم هذا الطلب هو الكابتن الغمرى، الذى رفضنى من قبل فى الاختبارات، وأحسست أن الحياة بدأت تعود من جديد، وكانت هناك موافقة جماعية من مسؤولى زيوت طنطا، خصوصًا أننى موقوف، والأكثر أن مسؤولى طنطا عرضوا 250 جنيهًا ثمنا لى، إضافة إلى مبلغ 50 جنيهًا لى، وتبرع أحد رجال الأعمال بخمسين جنيهًا أخرى لى، وكنت على وشك الموافقة، لولا أن فوجئت مرة أخرى بالكابتن جورج بانوب يرفض رفضًا قاطعًا فكرة انتقالى إلى نادى طنطا، بل وطلب منى عدم التحدث مع أحد فى هذا الشأن، وقال لى بالحرف الواحد اترك الموضوع ده ليا أنا عارف إنت عايز إيه مالكش أى دعوة ، واضطررت إلى الاستماع لنصيحة الكابتن جورج، وأغلقنا الباب تمامًا أمام مفاوضات نادى طنطا، وبدأت مرة أخرى فى الانتظام فى التدريب مع الفريق الأول لزيوت طنطا، وبدؤوا فى لعب بعض المباريات الودية الصغيرة، وإشراكى فيها حتى لا أشعر بالغضب بسبب ابتعادى عن المباريات، وعدت مرة أخرى إلى الملعب، لكن دون سعادة، حتى جاء يوم طلب منى زميلى بالفريق الأول أن أجهز ملابسى للسفر إلى القاهرة فى نهاية الأسبوع، لأنه اتفق مع أحد أصدقائه من لاعبى الترسانة على اختبارى هناك، وأفهمه أننى حارس ممتاز، وبالفعل وبالمعاونة مع شقيقى عصام أفهمت والدى أن لدينا مباراة ودية، وأننا سنتأخر كثيرًا، فلا داعى للقلق علىّ، وحزّمت حقائبى، وتوجهت مع مجدى الصول إلى نادى الترسانة للقاء صديقه كما يقول الكابتن حسن رياض، ولسوء الحظ لم نجده، فذهب مجدى الصول إلى المدرب الموجود فى الملعب فى هذا الوقت، وكان اسمه حسن رفعت، وقال له معى حارس مرمى من طنطا غير عادى، أرجوك أن تختبره الآن، نظرا لضيق الوقت، وأننى مرتبط بموعد للعودة إلى طنطا، وللعلم كانت هذه هى المرة الأولى فى حياتى التى أرى فيها القاهرة، إلا أننا فوجئنا بمعاملة جافة من الكابتن حسن رفعت، ورفض الرجل تمامًا فكرة اختبارى، أو نزولى الملعب، وظل مجدى الصول يتحايل عليه، فما كان منه إلا أن طردنا من النادى، ليقابلنا الكابتن حنفى رياض، ويتعرف على الموضوع، فطيَّب خاطرنا، وطلب منى العودة بعد يومين، لأن الوقت كان قد تأخر بشدة، فخرجت من النادى وأقسمت أن لا أعود إليه مرة أخرى، وعاتبت صديقى مجدى بشدة، لكن وللظروف العجيبة التقينا فى الشارع حسن رياض، واتضح أنه لا يعرف مجدى جيدًا، كل ما فى الأمر أنه قابله فى إحدى الدورات، وأقسم له مجدى إن طنطا يوجد بها حارس جيد اسمه أحمد شوبير، فطلب منه الأخير أن يأتى به فى أى وقت للنادى، وهذا ما حدث، واعتذر لنا الكابتن حسن رياض، وطلب منى العودة فى الموعد الذى حدده لنا الكابتن حنفى رياض، فشكرته وصممت على موقفى، ورفضت تمامًا العودة إلى نادى الترسانة، واستمرت الحياة فى نادى زيوت طنطا، إلى أن فوجئت باستدعاء جديد لمباراة أمام فريق غزل المحلة بعد أسبوع كامل، ومن هنا كانت دهشتى الشديدة، فالفريق يضم حارسين أساسيين، وأنا موقوف، وزادت دهشتى من الإلحاح المتواصل من كل المسؤولين فى زيوت طنطا لحضورى هذا اللقاء، وطبعا ذهبت سريعًا إلى الكابتن جورج أسأله عن رأيه واشمعنى أنا فى هذا اللقاء، خصوصًا أن غزل المحلة كان فى أقوى أيامه، وكان حاصلا منذ سنوات قليلة جدًّا على بطولة الدورى العام، وكان يضم فى صفوفه لاعبين عظماء، أمثال محمد السياجى والسعيد عبد الجواد وعماشة وعبد الدايم وعبد الرحيم خليل وعمر عبد الله والبشلاوى وعبد الستار وإبراهيم حسين وإبراهيم يوسف ومرعى، وكان منتخب مصر يضم عددًا كبيرًا جدًّا منهم، وملعب غزل المحلة كان عبارة عن ملعب الرعب للفرق الكبرى مثل الأهلى والزمالك، بل إن معسكر منتخب مصر الأول كان يقام دائمًا فى المحلة، نظرا للإمكانيات الكبيرة، والملعب الرائع، وكل هذا كان بفضل رجل عظيم هو الراحل محمد حبيب، والد شريف حبيب، الذى تولى رئاسة نادى المقاولون العرب بعد ذلك.
نعود إلى الكابتن جورج وحوارى الطويل معه حول إصرار إدارة النادى بالكامل على اشتراكى فى هذا اللقاء، والغريب أننى لم أرَ حماسًا لدى الكابتن جورج، لكن كل ما طلبه منى أن أتدرب كويس قوى، وأسيب الباقى عليه، وهذا ما حدث، حيث توجهنا إلى المحلة، وهى لا تبعد أكثر من 15 دقيقة عن مدينة طنطا، ووصلنا مبكرًا جدًّا على غير العادة، فوجدنا استقبالًا رائعًا من كل المسؤولين فى المحلة، وكان يتولى تدريب فريق المحلة الكابتن المعداوى، الذى ترك الجميع، وجاء للحديث معى وسؤالى عن أحوالى ودراستى، وبعدها جاء بعض من إداريى نادى غزل المحلة، ولم يتحدثوا إلا معى أنا فقط، ولم أهتم كثيرًا، واعتقدت أن المسؤولين هناك يرحبون بنا، بطريقتهم الخاصة لصغر سنى، لكن بعد قليل بدأ ظهور نجوم غزل المحلة الكبار، وبالطبع لم نكن نصدق أننا وجهًا لوجه أمام السياجى وعبد الجواد وعماشة وكل نجوم المحلة، لكن المفاجأة كانت عندما سأل معظمهم عنى، وهنا بدأ الخوف يتسلل إلى قلبى، والتساؤلات إيه الحكاية اشمعنى أنا، وهل من المعقول أن محمد السياجى وعبد الرحيم خليل وكبار المحلة يعرفون اسم حارس مرمى صغير، إلى أن جاء الفرج مع الكابتن جورج بانوب، الذى جاء بعدنا بقليل، وجلس معى، وأخذ يسألنى عن أحوالى، وأنا أيضًا مندهش جدًّا، فسألته بوضوح: هو فى إيه يا كابتن؟ فقال لى: الجماعة بتوع غزل المحلة شافوك فى مباراة طنطا، وعجبتهم جدًّا، وطلبوا إقامة هذا اللقاء من أجل الحكم عليك فى مباراة أخرى قوية، فهل أنت مستعد؟ ودون تردد أجبته: طبعًا يا كابتن، فسألنى: يعنى مش خايف؟ فقلت له: لا، فقال لى: عايزك تسكت خالص، وأنا هاكون معاكم، واوعى تفتح بقك، وكالعادة قلت له: حاضر يا كابتن، ثم فوجئت بحضور رئيس نادى زيوت طنطا، وكل المسؤولين فى النادى، واجتمعوا مع الجهاز الفنى ومعى، وأعلنونى أن نادى غزل المحلة تقدم بعرض يصل إلى 500 جنيه لشرائى، ولم يكن لهم شرط سوى مشاهدتى فى هذا اللقاء، لذلك جاؤوا جميعًا لمشاهدة المباراة، وتشجيعى وقبل أن أبدى سعادتى إذ بالكابتن جورج يطلب عدم إشراكى من بداية اللقاء، فى مفاجأة مذهلة للجميع بما فيهم مسؤولو غزل المحلة، الذين ألحوا لإشراكى من البداية، خصوصا أن الملعب ممتلئ عن آخره، لكن رفض الكابتن جورج بشدة، وصمم على موقفه، وطلب منى الجلوس بجواره على الدكة، وأن أستمع إلى كل توجيهاته، وهو ما حدث بالفعل، وتقدم غزل المحلة بهدفين بسهولة شديدة جدًّا، وبعد نهاية الشوط الأول طلب مسؤولو المحلة إشراكى، إلا أن الكابتن جورج رفض أيضًا بإصرار غريب جدًّا، ومع بداية الشوط الثانى أحرز غزل المحلة الهدف الثالث، وهنا طلب منى الكابتن جورج التسخين، ونزلت بعد 10 دقائق بالضبط من بداية الشوط الثانى، ويبدو أن التعليمات لمهاجمى المحلة كانت فى اختبارى بكل الطرق للوقوف على مستواى، ويبدو أن دعوات أمى كانت معى فقدمت 35 دقيقة كأروع ما يكون، واستطعت الحفاظ على شباكى نظيفة، بل إننا سجلنا هدفًا من هجمة مرتدة لتنتهى المباراة 3/1، وتتغنى جماهير المحلة باسمى، وأنا مذهول، وغير مصدق على الإطلاق ما يحدث معى، والغريب أن مسؤولى المحلة رفضوا تمامًا عودتى إلى طنطا إلا بعد الحصول على الاستغناء، وتوقيعى للمحلة، ووصل المقابل المادى إلى 150 جنيهًا لى، إضافة إلى توفير شقة للإقامة وتقديم كل الخدمات، وبالفعل كدت أطير من الفرحة غير مصدق نفسى هل هذا معقول بعد الإيقاف، وظنى أن حكم الإعدام صدر ضدى، تفتح لى السماء أبوابها بهذه الطريقة، فنادى طنطا يجاهد لضمى، وغزل المحلة بنجومه العظام يقدم كل أنواع الإغراء لضمى إلى صفوفه، بل إن الكابتن المعداوى مدرب المحلة ترك الملعب وذهب إلى والدى فى طنطا لإقناعه بانضمامى إلى غزل المحلة، طالبًا منه الموافقة على انضمامى السريع، مع الوعد بأننى سأكون فى المنتخب قريبًا جدًّا، لأن موهبتى ستساعدنى بشدة، لكن كالعادة كانت هناك مفاجأة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.