إذا جلست مع السيدة «ابتسامات عبدالله» فكن مستعداً لسماع سيل من الذكريات عن مصر التى كانت، مصر المملكة وثورة يوليو، عن الملك فاروق ومحمد نجيب وعبدالناصر والسادات وصلاح نصر. السيدة «ابتسامات»- والتى لها من اسمها نصيب كبير- تحمل لقب أول ضابطة بالجيش المصرى، حيث التحقت به بالتطوع كممرضة فى نهاية الاربعينيات من القرن الماضى وشاركت فى حرب فلسطين. فى هذا الحوار تحكى لنا بأسلوب طريف يتحدى الملل عن علاقتها بالرئيس نجيب وسر الحقيبة التى تركها لديها ليلة ثورة يوليو. وعلاقتها بناهد رشاد الوصيفة الأولى للملكة فريد، زوجة يوسف رشاد قائد الحرس الحديدى للملك فاروق. وعن رأيها فى ثورة يناير والاخوان والرئيس مرسى والمشير وعمر سليمان. ولنبدأ من حيث انتهى الحوار حيث قالت «ابتسامات»: إن مصر رايحة للوراء فى «السكوندو» ومش هتطلع «البرنجي» إلا بوجود هيرقل -تقصد هرقل- وأن مصر محتاجة لمذبحة محمد على للسيطرة على الاخوان والبلطجية، وثورة 25 يناير «ركش». تسيطر على السيدة «ابتسامات» حالة من اليأس فهى تؤكد أنه للاسف مفيش حاجة فى مصر عجباني. وترى أن الاخوان المسلمين ينطبق عليهم المثل القائل «اتمسكن لما تتمكن» وتضيف: اشمعنى ذقن القسيس لا تتاجر فى الدين؟ وذقن الاخوان تتاجر بالدين؟ والحقيقة إن محمد مرسى لا يفهم شيئا فى السياسة، وهو ينفذ تعليمات المرشد والامريكان. واذا كان رجل كويس كان أوقف حرق الاقسام وقتل الضباط، لكنه للاسف ساكت لأنه يجارى الاخوان، هو يريد أن يمسك العصا من النصف، وكل القرارات التى يتخذها ليست قراراته بل يأخذها من جماعة الاخوان المسلمين فهم يتحكمون فى كل شيء وليسوا ظاهرين والحقيقة أنهم لا يفهمون شيئا فى الاسلام! ولم تقف الملازم أول «ابتسامات» عند هذا الحد بل تواصل هجومها على مرسى والاخوان مؤكدة أن «مرسى جلس على كرسى الرئاسة بالتزوير» والفريق أحمد شفيق كان هو الفائز بالرئاسة وحصل على أعلى الأصوات وازاى مرسى اللى كان مسجون يبقى رئيس جمهورية؟! ولا تخفى قلقها وخوفها على الجيش المصرى من الاخوان، فتقول: أنا خايفة على الجيش من الاخوان أحسن يدوهم «زمبة»، والحقيقة إن المشير طنطاوى كان جالسا على كرسى «مهزوز» وكل المؤسسة العسكرية كانت جالسة على كرسى مهزوز وترى أن هناك اتفاقا بين المجلس العسكرى والاخوان وتتهم «ابتسامات» اسرائيل وأمريكا بقتل عمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق للتخلص من الصندوق الأسود، مؤكدة أن المستور سينكشف قريباً، وما اذا كان قتل بحقنة أم مسموماً. وعن الكميات الضخمة للأسلحة التى تم تهريبها لمصر تقول «ابتسامات»: إن هذه الأسلحة جاءت من ناحية ليبيا وسيناء ودخلت عن طريق الاخوان وحركة حماس ويبدو أن الملازم ابتسامات لم تعلم بخروج المشير طنطاوى من الخدمة، حيث إنها تطلب مقابلته على وجه السرعة لأن لديها أسراراً خطيرة جداً ودقيقة تخص الجيش المصري، تود أن تخبر بها المشيرشخصياً موضحة أن منها ما كان يحدث من تخطيط فى اجتماعات كانت تعقد فى بيتي، فهى أسرار خطيرة جداً تخص الجيش، وأنا فى انتظار أن يستدعينى المشير لمدة ربع ساعة لأبوح له بها! «ابتسامات» تحكى لنا قصة التحاقها بالجيش فتقول: إنها كانت تحب التمريض جداً منذ طفولتها، وانها كانت شجاعة وذكية وشقية، وبعد وفاة والديها رفضت أن تجلس «صايعة» فى البيت فقررت الالتحاق بالتمريض فى الهلال الأحمر عن طريق اعلان قرأته فى إحدى الصحف، فتقدمت للاعلان الذى كان يطلب 65 متطوعة للقوات المسلحة فى الخدمات الطبية، وهى كانت أول ضابطة برتبة ملازم أول تتطوع فى الجيش. وتضيف: تقدمت للواء سعيد شعير فى كوبرى القبة وكانت معه وصيفة الملكة فريدة، الصاغ ناهد رشاد زوجة الدكتور يوسف رشاد، وتم توزيعى على مستشفيات كوبرى القبة وغمرة والحلمية والعجوزة، وبعد أيام اشتدت حرب فلسطين وكنت أول واحدة تذهب للحرب ضمن 10 متطوعات برتبة ملازم. وتحكى «ابتسامات» أن والدها كان ابيض ومن ميت غمر، بينما والدتها كانت سمراء جداً من جنوب السودان فهى ابنه السلطان «واو» فى السودان، أى أنها «بنت ناس» ولهذا لم يكن غريبا أن تجمعها علاقة خاصة بناهد رشاد وصيفة الملكة فريدة، وكانت تحبها جداً خاصة بعد أن قرأت لها «الفنجان» وكانت تناديها بالقطة السوداء. وتروى ابتسامات أنها حصلت على نياشين من الملك فاروق للاخلاق الحسنة، وعلى نجمة فلسطين وأن الملك كان فى غيرها بالمستشفى فتوجهت إليه مسرعة وكان بجواره حيدر باشا وزير الحربية، وأن الملك أعطاها سمكة كبيرة طولها حوالى 20 متراً كان مصطادها، أعطاها مكافأة لها ويومها كل الضباط والعساكر الجرحى أكلوا من السمكة. وبمرارة تتذكر «ابتسامات» أنه تم الاستغناء عنها بعد 5 سنوات مع بداية ثورة يوليو نشر بالعدد 614 بتاريخ 17 /9/2012