تلقى فكرة عودة طالبان إلى الحكومة، لإنهاء 9 سنوات من الحرب، مزيدا من التأييد في أفغانستان، لكن بعض المحللين يخشون من أن يتجسد ذلك السلام بتراجع في مجال حقوق الإنسان. وفي حين يتحول النزاع تدريجيا إلى مستنقع، يكبد فيه المقاتلون القوات الأفغانية والدولية مزيدا من الخسائر الجسيمة، يبحث الغربيون المضطرون إلى التعامل مع رأي عام في بلدانهم يرفض التدخل، عن إستراتيجية خروج. ويتقاسم قادة عسكريون ومسؤولون حكوميون ودبلوماسيون وخبراء، رأيا واحدا، مفاده إن المباحثات المباشرة مع طالبان ضرورية لإنهاء حرب متواصلة منذ أكثر من 9 سنوات. وهذا ما يصبو إليه المجلس الأعلى للسلام الذي أنشأه مؤخرا الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، الذي نصبه الغربيون ويدعمونه منذ نهاية 2001. وأكد رئيس المجلس والرئيس السابق، برهان الدين رباني، أن حركة طالبان تبدو مستعدة للتفاوض مع الحكومة. ويعد المتمردون منذ زمن طويل عودتهم إلى السلطة، لذلك أنشأوا سلطات موازية في الولايات بين حكام وقضاة سلام وشرطة وحكومة ظل تدير الشؤون العادية. لكن انعكاسات عودة طالبان إلى الحكم، حتى وإن كانت جزئية، بدأت من الآن تثير قلق الغربيين الذين كانوا يدينون ممارساتهم في مجال حقوق الإنسان عندما كانوا في الحكم في كابول (1996- 2001). وحذرت منظمة معهد السلام الأمريكي (أنستيتوت أوف بيس) من أن ذلك "الاتفاق قد يطال حقوق الإنسان والحريات لا سيما النساء والبنات، والعملية الديمقراطية". وأكد خبراء أن حوارا من هذا النوع قد يضع طالبان في موقع قوة حول طاولة المفاوضات، لا سيما أن الحكومة، كما يرى المحلل السياسي الأفغاني، هارون مير، تضم في صفوفها عناصر "متطرفة"، قد تؤيد وصول طالبان. وقال مير: "إذا تشكلت حكومة ائتلافية فسيكون ائتلافا لمتطرفي الجانبين وسيغير الدستور". وتخشى منظمات الدفاع عن حقوق النساء أن يضحي الرئيس كرزاي بتلك الحقوق من أجل المصالحة والسلام، مؤكدة أن نظام طالبان كان عنيفا مع النساء، ولم يسمح لهن بالذهاب إلى المدارس أو الخروج من المنازل بدون مرافقة أحد الأقارب. وأضاف هارون مير، أنه إذا عادوا إلى الحكم "سنخسر الكثير من مكاسب السنوات الأخيرة، مثل حرية التعبير، وحقوق النساء، وسيتم استهداف الأقليات". في المقابل، يؤكد ودير صافي، الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة كابول، أن عودة طالبان لن تؤدي بالضرورة إلى تراجع في الحقوق المكتسبة -لا سيما في كبرى المدن- منذ 2001. واعتبر أن "طالبان اليوم ليسوا طالبان 1996. تعلموا كثيرا، وبينهم أيضا عناصر معتدلة تعارض التطرف". وتابع: "إنهم سيطالبون بالتأكيد بتغيير الدستور، وهو أمر ليس سيئا، حسب رأيي، لأن الفساد يزداد، وكذلك الفقر وغيره من المشاكل، وبالتالي فإن التغيير ضروري". وعلى صعيد متصل أعلن مسئولون إن جنديا من قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) لقي حتفه اليوم الثلاثاء في جنوبأفغانستان، فيما قتل رجل شرطة وأصيب ثلاثة آخرون في شرق البلاد. وأعلنت قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) العاملة تحت قيادة الناتو في أفغانستان أن الجندي الأجنبي، الذي لم يجر الكشف عن جنسيته، لقي حتفه "عقب هجوم للمتمردين الطالبان". وأفاد الموقع الإلكتروني "إيكاجوالتيز دون أورج" المستقل، المعني بإحصاء القتلى العسكريين من ضحايا الصراع في أفغانستان، بأن إجمالي القتلى من جنود الولاياتالمتحدة والناتو في أفغانستان حتى الآن هذا العام بلغ 594 جنديا. وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية اليوم الثلاثاء أنه في حادث منفصل لقي رجل شرطة أفغاني حتفه وأصيب ثلاثة آخرون عندما انفجرت مركبتهم بفعل قنبلة على جانب الطريق في إقليم نانجارهار شرق البلاد أمس الاثنين. وتتركز هجمات طالبان بشكل رئيسي في جنوب وشرق أفغانستان.