كتب- ريتشارد وينز أكدت إدارة أوباما أنها لن تشارك بشكل مباشر في أي مفاوضات سلام بين حركة طالبان الأفغانية والحكومة الأفغانية، ولكنها في الوقت نفسه تؤيد الفكرة. كان هذا التلميح من جانب البيت الأبيض في أعقاب نشر التقارير التي أفادت أن ممثلين للرئيس الأفغاني حامد كرزاي بدءوا في إجراء محادثات أولية رفيعة المستوي فيما يتصل باحتمالات تشكيل حكومة ائتلافية والاتفاق علي جدول زمني لانسحاب قوات حلف شمال الأطلنطي العسكرية من أفغانستان. لا شك أن التفاوض علي التقارب بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان أمر مثير للجدل. والأمل هنا هو ألا تكون قيادة طالبان متماسكة فرغم أن بعض أعضائها ربما يلتزمون بالأيديولوجية المتعسفة التي يتبناها تنظيم القاعدة، فإن آخرين منهم قد يقبلون تسوية تستند إلي حلول وسط. والسؤال المحير هنا هو ما إذا كانت الحكومة الأفغانية التي تشتمل علي عناصر من طالبان قد تكون قادرة علي منع تنظيم القاعدة من إعادة ترسيخ قواعده في المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان. يزعم البعض أن طالبان المتلهفة إلي العودة إلي السلطة لابد أن تكون راغبة في التصالح مع المجتمع الدولي أو علي الأقل تجنب المزيد من الضربات العسكرية الغربية. ولكن من الصعب أن نتخيل أن طالبان قد تستخدم القوة لمنع حلفائها في تنظيم القاعدة من إعادة ترسيخ وجودهم العسكري في أفغانستان واستغلال ذلك الحضور لتنظيم هجمات إرهابية إضافية في بلدان أخري. والواقع أن مقاتلي طالبان والقاعدة في أفغانستان متكاملون علي نحو وثيق علي مستوي العمليات، حيث يشكل أعضاء تنظيم القاعدة جزءاً لا يتجزأ من أهم عمليات طالبان الميدانية. وحتي الآن رفض قادة طالبان علناً مبادرات المصالحة التي تقدم بها كرزاي. علي سبيل المثال، رحب قادة طالبان بافتتاح مؤتمر السلام في يونيو/حزيران 2010 بشن هجمات صاروخية وتفجيرات انتحارية. ولا يزال ممثلو طالبان حتي الآن يطالبون برحيل كل القوات الغربية عن أفغانستان قبل أن يفكروا مجرد تفكير في المشاركة في محادثات مباشرة مع الحكومة الأفغانية. ولقد سعي كرزاي إلي الالتفاف حول هذه المسألة زاعماً أن اتفاق السلام الذي ينهي التمرد من شأنه أن يؤدي إلي انسحاب كل القوات العسكرية الأمريكية. وهناك عقبة ثانية تتمثل في معارضة العديد من قادة طالبان للدستور الأفغاني الحالي، الذي بدأ العمل به بعد خسارة طالبان للسلطة. ويشتمل هذا الدستور عددا من المبادئ الديمقراطية الليبرالية التي يعتبرها العديد من المنتمين إلي طالبان مذمومة إن لم تكن في نظرهم كفراً صريحا. علي سبيل المثال، تشكل الفقرة الدستورية التي تضمن للنساء حقوقاً متساوية مصدراً رئيسياً للنزاع. حتي إن العديد من جماعات حقوق المرأة، في أفغانستان وأماكن أخري، تعارض التفاوض مع طالبان، خشية أن يفقد نساء أفغانستان حق التعليم وغير ذلك من الحقوق. وهناك فضلاً عن ذلك اتفاقية بون لعام 2001، واتفاق لندن في عام 2006، والعديد من الأهداف الاجتماعية التي تتعارض في كثير من الأحيان مع قيم طالبان. وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أنه حتي لو جاهر ممثلو طالبان وحكومة أفغانستان باحترام الدستور في أي اتفاقية مقبلة للسلام، فإنهم لن يطبقوا بعض أحكامها في الممارسة العملية. وحتي لو أكد قادة طالبان استعدادهم للحوار، فسوف يكون من الصعب أن نثق في نواياهم. فبوسعهم بسهولة أن يقلدوا الاستراتيجية التي تبنتها فيتنام الشمالية حين تظاهرت بقبول التسوية السلمية في محاولة لضمان انسحاب القوات العسكرية الأجنبية. ثم قد يشنون بعد ذلك عمليات هجومية ضد قوات الأمن الأفغانية التي لا تزال ضعيفة، والتي لم تثبت بعد فعاليتها العسكرية. وأحد الأسباب وراء تباطؤ التقدم علي مسار عملية المصالحة عما كان متوقعاً هو أن الحكومات الغربية لم تضغط علي كرزاي للدخول في مفاوضات سلام حقيقية مع زعماء طالبان إلي أن أتيحت لقوات التحالف الفرصة لعكس اتجاه الموقف المتدهور في ساحة المعركة. وكان صناع القرار السياسي في الولاياتالمتحدة بشكل خاص راغبين في انتهاز فرصة الزيادة المستمرة في أعداد القوات المقاتلة التابعة لحلف شمال الأطلنطي في أفغانستان والتي بلغت 150 ألف جندي في شهر أغسطس، والتي كان ثلثاها تقريباً من الجنود الأمريكيين لزعزعة قناعة قادة طالبان بأنهم اقتربوا من كسب الحرب. كبير زملاء ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون