وسائل إعلام أمريكية: وفاة مطلق النار في تجمع انتخابي لترامب    كوبا أمريكا 2024| صاروخية ومقصية تنهيان الشوط الأول من مباراة أوروجواي وكندا    خبير تحكيمي يكشف مفاجأة بشأن حكم مباراة الأهلي وبيراميدز    تحذير من تفشي مرض انفلونزا الطيور بعد ظهور إصابات بشرية    حملة بايدن تسحب الإعلانات التلفزيونية فى أعقاب إطلاق النار على ترامب    كوبا أمريكا 2024، التشكيل الرسمي لمباراة تحديد المركز الثالث بين كندا وأوروجواي    طارق مصطفى: الطموح انخفض بعد ضمان البقاء.. وهذا موقفي من هدف جريندو العكسي    إسماعيل يوسف يكشف حالة رباعي ناشئي سيراميكا المصاب في حادث المحور    الأهلي مختلف.. أحمد شكري يهاجم مسؤولي الكرة ويكشف 4 قصص نارية    "كان لسه مصلي".. لحظات الرعب في مقتل شاب على يد صديقه بالهرم    كلب مسعور يعقر 11 شخصًا في أسوان    مصرع طفل غرقًا في نهر النيل بكفر الشيخ    العثور على جثة شاب أسفل الطريق الإقليمي في الشرقية    محافظ شمال سيناء يتابع حادث الطريق الساحلى    بصورة وتعليق.. سيد خاطر ينعى الناقد المسرحي عبد الغني داود    ظهروا أثناء محاولة اغتيال ترامب، قصة جهاز الخدمة السرية الأمريكية صاحب القبضة الحديدية    رغم عدم خروج مظاهرات الجمعة …حبس 33 بينهم سيدتان بتهمة الدعوة للتظاهر لإسقاط النظام    العام الدراسي الجديد.. ما الأوراق المطلوبة للإعفاء من مصروفات الدراسة؟    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الان الاحد 14 يوليو 2024    إنجلترا ورحلة النهائي الأول خارج ويمبلي    المرشح الرئاسى روبرت كينيدى يدعو إلى الوحدة فى أعقاب حادثة ترامب    مصدر: مصر تمسكت برفع الحصار عن غزة وحرية حركة المواطنين    أسامة كمال يعلن توقف برنامج "مساء دي إم سي" لنهاية أغسطس    مظاهرات حاشدة في 80 موقعا إسرائيليا تطالب بإقالة نتنياهو    «التنمية المحلية»: 5700 مشروع لتوفير 500 ألف فرصة عمل    مُسن يُنهي حياة ابنته بالرصاص في قنا    البنك المركزي يطرح 75 مليار جنيه أذون خزانة مع عودة البنوك    عضو ب"فتح": نتنياهو يصعّد تحت ذريعة ملاحقة قادة حماس ويستهدف الفلسطينيين    تكريم هبة حسن في الدورة الأولى من ملتقى جوانا    عاجل| تعرف على سبب توقف برنامج عمرو أديب المفاجئ    تحرك عاجل من «مياه قنا» بعد شكاوى أهالي المحروسة من انقطاع المياه    عشاء اليوم.. طريقة تحضير أرز الدجاج والبهارات    محمود محيي الدين: مصر تنفق على خدمة الديون أكثر من الصحة والتعليم    «بيع نهائي».. الصفاقسي التونسي يكشف مفاجأة بشأن مفاوضاته مع لاعب الأهلي    4 مصابين في حادث اصطدام سيارة ملاكي بسور حديدي بالدقهلية    تعرف على توقعات برج الاسد اليوم 14 يوليو 2024    قناة CBC تطلق برنامج «العالم في العلمين» لتغطية الدورة الثانية للمهرجان    بحضور عمرو عبد الجليل ومصطفى أبو سريع.. 20 صورة من حفل زفاف حسني شتا    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد.. والأرصاد الجوية تنصح: «البسوا الكمامات»    بن غفير يهنئ نتنياهو على مجزرة مواصي خانيونس ويصفها ب"العملية المهمة"    أحمد موسى: الإخوان وراء الهجوم على محافظ الدقهلية.. والمحافظون جاءوا لخدمة الطبقة الكادحة    مطار شرم الشيخ الدولي يستقبل أولى الرحلات القادمة من مدريد    رابط الاستعلام عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالرقم القومي 2024    عادل حنفي يعلن عن متطلبات المصريين بالخارج من الحكومة الجديدة    عيار 21 الآن «بيع وشراء».. أسعار الذهب اليوم الأحد بعد الارتفاع الأخير (التفاصيل)    بتكلفة تجاوزت 570 مليون جنيه.. افتتاح مستشفى طوخ الجديد قريبًا للارتقاء بالخدمات الطبية    «ساعة مشي تساوي نصف رغيف جبنة».. حسام موافي يكشف مفاجأة عن ممارسة الرياضة (فيديو)    حدث بالفن| حفل زفاف حسني شتا واعتذار رمضان وهجوم على أحمد سعد بسبب "خلخال"    لجنة دراسة بيان الحكومة بالبرلمان تضع حلولًا لملفات التعليم والصحة والتضامن    محافظ بورسعيد يتفقد أحد المولات التجارية بحي شرق.. صور    رئيس حزب الجيل: برنامج وزارة الصحة شامل ويعزيز الخدمات الوقائية    يُكفر سنة قبله | هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا.. الإفتاء تُوضح    تنسيق كلية التجارة من الدبلوم 2024.. تعرف على أبرز التوقعات    رمضان عبدالمعز: إذا اشتدت المحن لا علاج إلا في كتاب الله وسنة رسوله    رابط التقديم في الصف الأول الثانوي إلكترونيًا 2025.. طريقة التقديم والأوراق المطلوبة    فضل سنة التوسعة على العيال في يوم عاشوراء.. يوَسَّعَ الله عليه طوال العام    أحمد كريمة يحسم جدل صوم يوم عاشوراء وحكم الاحتفال به    أمين الفتوى: السحر موجود.. وهذا حل التخلص منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بانتظار غاندى
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 07 - 2010

على الرغم مما تعرضت له خلال هذه الرحلة من رشق بالحجارة وغازات مسيلة للدموع، إلا أننى وجدت هنا بصيص أمل؛ نظرا لاتباع بعض الفلسطينيين استراتيجية للمقاومة غير العنيفة وهو ما من شأنه تغيير قواعد اللعبة.
ويثنى منظمو هذه الاستراتيجية على نهج غاندى وأسلوب مارتن لوثر كينج فى الثورة، ويقرون بأن المقاومة غير العنيفة يمكن أن تكون أداة أكثر قدرة من الصواريخ والقذائف، لإقامة دولة فلسطينية. و«بيلين» واحدة من قرى كثيرة فى الضفة الغربية عانت من هذه الأساليب، لذا تابعت المحتجين هنا وهم يسيرون باتجاه الحاجز الأمنى الإسرائيلى.
كان معظم أفراد المسيرة من الفلسطينيين، لكنها ضمت أيضا يهودا إسرائيليين وأجانب من المؤيدين للقضية الفلسطينية. ورددوا الشعارات ولوحوا باللافتات بينما المصورون يسجلون الحدث. كان المزاج فى البداية بهيجا وسلميا، يمكنك أن تلمح منه قوة هذا النهج.
لكن جاءت بعد ذلك جماعة من الشبان الفلسطينيين وأخذوا فى إلقاء الحجارة على القوات الإسرائيلية. وذلك هو أكبر التحديات: حيث إن إلقاء الحجارة يدخل ضمن تعريف العديد من الفلسطينيين ل«الأساليب غير العنيفة».
وسرعان ما أطلقت القوات الإسرائيلية علينا وابلا من الغاز المسيل للدموع، ثم بدأ الهجوم. واندفع المحتجون، بعضهم يلقى بالحجارة خلفه وهو يجرى. وهو سلوك يختلف كثيرا عن بطولة أتباع غاندى، الذين كانوا يرفضون مجرد رفع أياديهم لصد ضربات الهراوات الموجهة إليهم.
(أحضرت أسرتى معى فى هذه الرحلة، وعايش أولادى كل ما حدث: ففى شرق القدس، ألقى علينا الصبية الفلسطينيون الحجارة، وفى الضفة الغربية أطلقت علينا قوات الأمن الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع).
وهناك مشكلة أخرى بخصوص هذه الاحتجاجات، فإلى جانب أنها ليست سلمية بحق، فهى لا تسبب إرباكا كبيرا لقوات الاحتلال.
لكن تخيل لو أن الفلسطينيين كفوا عن رشق الحجارة ووضعوا على رأس المظاهرة عددا من النساء داعيات السلام.
ماذا لو جلست 1000 امرأة بطريقة سلمية وسط الشارع لقطع طريق يؤدى إلى مستعمرة يهودية غير شرعية مقامة فوق مزرعة فلسطينية؟ ماذا لو تحملت النساء الغازات المسيلة للدموع والضرب والاعتقال دون أن تلقين بحجر واحد؟ هذه الصور ستتناقلها تليفزيونات العالم خاصة إذا خرج المئات من النساء ليأخذن مكان من ألقى القبض عليهن.
ويقول الدكتور مصطفى البرغوثى، أحد الوجوه الفلسطينية البارزة الداعية إلى قيام حركة جماهيرية تنبذ العنف «هذا أكثر ما تخشاه إسرائيل». وهو يرى أن الفلسطينيين يجب أن يبتكروا نسختهم الخاصة من مسيرة الملح الشهيرة بقيادة غاندى فى عام 1930.
ومن بين المبادرات السلمية الحقيقية مقاطعة السلع المنتجة فى المستعمرات اليهودية فى الضفة الغربية، فى الداخل. وهناك أيضا المظاهرات الأسبوعية فى حى الشيخ جراح بالقدس الشرقية احتجاجا على إخلاء الفلسطينيين من الحى. وفى غزة، يحتج بعض المزارعين على المناطق التى تحظر إسرائيل المرور منها بتنظيم المسيرات العامة إلى هذه المناطق، حتى لو جازفوا بالتعرض لإطلاق النار عليهم.
وحتى الآن ليست هناك نسخة فلسطينية من مارتن لوثر كينج. لكن قد يكون عايد مُرَّار أحد المرشحين. ويعتبر عايد، الناشط أصلع الرأس والمعتدل، العقل المدبر وراء أهم المبادرات الناجحة حتى الآن: المظاهرات السلمية التى شهدتها قرية بودرس بالضفة الغربية قبل ست سنوات احتجاجا على بناء إسرائيل حاجزا أمنيا هناك. وهو يتمتع بحس بارع فى العلاقات العامة، على عكس من غيره من الفلسطينيين.
وقال لى السيد مُرَّار، متحدثا بالإنجليزية «يمكننا كسب المعركة الإعلامية عبر النضال السلمى». وأضاف «لقد اعتادوا القول بأن الفلسطينيين قتلة. وعبر اللا عنف، يمكننا أن نوضح أننا ضحايا، وأننا لسنا ضد اليهود بل ضد الاحتلال».
وقد أمضى مُرَّار ست سنوات فى السجون الإسرائيلية، لكن يبدو أنه لا يحمل مرارة. وهو يقول إن إسرائيل من حقها حماية نفسها ببناء جدار لكن ينبغى أن يكون ذلك على أرضها، وليس على أراضى الضفة الغربية.
ويغلب عنصر الرجال على المشاركين فى المظاهرات الفلسطينية، لكن فى بودرس كان للنساء دور أساسى؛ تحت قيادة ابنة مرار الرائعة للغاية، التزام مُرَّار. وعندما كانت فى الخامسة عشر من عمرها، اعترضت سبيل جرافة إسرائيلية بالوقوف أمامها (وتراجعت الجرافة، ولم تصب بأذى).
لقد عرفت قوات الأمن كيف تتعامل مع مفجرى القنابل لكن مظاهرات الفلسطينيات السلمية أصابتها بالارتباك. وصمدت النساء حتى عندما تعرضن للضرب وطلقات الرصاص المطاطية. وأخيرا، استسلمت إسرائيل. وحولت الحاجز الأمنى بحيث يتجنب بودرس كلها تقريبا.
وقد تم توثيق الملحمة فى الفيلم التسجيلى الجدير بالمشاهدة، «بدرس»، وهو نافذة تجذب الأنظار إلى ما يمكن أن يحدث فى حال لجأ الفلسطينيون إلى العصيان المدنى على نطاق واسع. من المقرر أن يعرض الفيلم فى عشرات القرى بالضفة الغربية خلال الشهور القادمة، وكذلك فى مهرجانات السينما العالمية، فى إشارة إلى الاهتمام بالاستراتيجيات التى تنبذ العنف.
ولا أعرف إن كان بإمكان الفلسطينيين تشكيل حركة جماهيرية سلمية يمكنها تغيير التاريخ، وسيكون أول تحد أمامها هو كبح قاذفى الحجارة ووضع النساء فى الصدارة. لكن هذه الحركة الجماهيرية تقدم شعاع أمل من أجل القليل من العنف والمزيد من التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.