إن الحركات الإستقلالية فى جميع الأقطار الإسلامية قامت على أسس قومية وأقليمية ضيقة ومحدودة 0 كما ظهرت فى كل قطر قيادات تؤمن بالواقع الإنفصالى عن الأمة الإسلامية وبرزت إلى الوجود كيانات سياسية حددت لها معالم جغرافية تطورت مع بداية عهد الإستقلال لتصبح كل منها دولة ذات كيان إجتماعى واقتصادى مستقل0 ولقد أدى إنتشار الجهل والخرافات والأمية بين المسلمين إلى دفع المسلم العادى إلى النكوص والركون إلى الإيمان الشكلى والتقليد الأعمى والتقيد بالتفسير الحرفى لدعاة الخرافة وهذا مما أوجد فى نفسه قدرا كبيرا من الضعف والعجز عن مقاومة التحديات والتأثيرات الخارجية0 وعندما داهمه العالم الحديث أدى ضعفه العسكرى والسياسى والإقتصادى إلى خوفه وارتباكه وتحت تأثير هذه الصدمة سعى إلى حلول وسطية لإصلاح حاله إعتقدا منه أنها العصا السحرية التى ستعيد إليه بسرعة كل أضاعه وفاته 0 طبعا وهكذا لجأ دون وعى أو إدراك بالنسبة للجمهرة الكبرى إلى حد كبير 0 وبقدر من الوعى والإدراك بالنسبة لبعض من يسمون نخبا ثقافية إنبهرت بالنموج الحضارى الغربى إلى إعتماد الوسائل والأفكار الغربية بعد أن سيقت له مبررات وزيفت له حجج وزيفت له حجج وأسانيد وبعد أن زين له مستشاروه الغربيون أو مستشاروه المحليون غربيو التفكير محاولة تقليدها0 أما فى المناطق الخاضعة للإستعمار فقد فرض النهج الغربى وقام أولو الأمر فيه بالترويج له وتشجيعه بكل ما توافر لديهم من وسائل 0 و يبدو لى أنه قد أصبح من المفارقات أن نطالب بتوجيه التربية توجيها إسلاميا فى ديار العرب والمسلمين أن جميع الأقطار الإسلامية وأصاب نظام التربية والتعليم فيها ما أصاب الأمة نفسها من تمزق وضياع من عوامله التى منها طبعا 0 أن جميع الأقطار الإسلامية عانت لفترة طويلة من التخلف منذ بدء توقف الحضارة الإسلامية عن دورها القيادى فى الإنتاج الحضارى طبعا بعد الغزوين المغولى والصليبى خاصة 0 كما أن الفترة التى سبقت الإستعمار الحديث قد كانت فترة خمول حضارى وثقافى فى العالم الإسلامى 0 وأن النشاط الثقافى والعلمى كان مقتصرا على الشروح والتقليد والتكرار0 وهذا ماجع الأقطار الإسلامية تقع تحت سيطرة ونفوذ الدول الأوروبية المستعمرة منذ أواخر القرن الثامن عشر0 وحتى وإن كانت هناك محاولات إسلامية للتحرر من الإستعمار وإعادة الأمة الإسلامية أمة واحدة متحررة لكن القوى الإستعمارية حرصت كل الحرص منذ البدء وحتى الآن على التصدى لهذه الحركات وإفشالها بكل الوسائل و الإمكانات التى تتغير وتتبدل وفقا لتبدل الزمان و تغير الظروف 0 كما أنه عندما تحتقن المواقف التى تمر بها الأمة وتتكاثر عليها وأمامها المشكلات0 طبعا ترى غيرها يواصل قفزاته إلى الأمام وهى أحيانا ماتظل مكانها لا تبرحه وأحيانا أخرى تجد خطوها لا يعينها على تجاوز الفجوة بل وأحيانا أخرى ما ترى وكأن خطوها قد دفع بها إلى الخلف0 فعندما تجد الأمة نفسها فى هذا الحال لابد وأن يقدح علماؤها ومصلحوها وزعماؤها زناد فكرهم عن حقيقة الأزمة بحثا عن الطريق الكفيل الذى به يمكن أن يعينها على تجاوز أزماتها ومواجهتها بكل قوة واقتدار0 ثم لايقف بها عند هذا الحد بل يساعدها كذلك على أن تصل إلى ما يبؤوها مكانة مرموقة بين الأمم 0 وبالنسبة للأمة الإسلامية فمكانتها لا ينبغى أن تقف عند حد أن تكون مرموقة بل لابد أن تحقق وصف الخالق للأمة الإسلامية لها بأنها خير أمة أخرجت للناس ومثل هذا الوصف ليس وصفا لحالة موروثة بالفطرة تتسلمه جاهزا وإنما هو إستحقاق مكتسب لا يجئ إلا نتيجة مجاهدة واجتهاد ونتيجة مكابدة وكد ونتيجة مثابرة ومصاير0 ومع هذا فقد نشأ نظام تعليمى لا دينى يلقن القيم والمفاهيم بالأساليب الغربية وسرعان ما أخذ يغرق المجتمع الإسلامى بأجيال من الخرجين من حملة الدرجات العلمية الذين قد يحملون علما فى تخصصاتهم ولكنهم غالبا ما يكونون على قدر كبير من الجهل بأمور دينهم وتراثهم الإسلامى 0 كما زاد فى عدم ثقة هؤلاء الخرجين بالعلماء المسلمين حماة التراث الإسلامى وحملته ما كان كبير من هؤلاء من حرفية وتشبث بالموروث جملة وتفصيلا ودون تمييز بين ما لا يجوز تجاوزه من أحكام الكتاب والسنة وبين ما وسع الله فيه من فقه الرجال وآرائهم 0 وهذا طبعا مما أدى إلى توسيع الهوة بين العلماء المسلمين المعارضين للنهج العلمانى اللادينى وبين العلمانيين اللادينيين غربيى التفكير الداعين له 0 طبعا وقام الإستعمار بترتيب الأمر بحيث أصبح العلمانيون اللادينيون أصحاب اليد الطولى وصناع القرار فى كثير من بلدان العالم الإسلامى0 وتأتى طبعا الظروف المعاكسة إلا بأن تأتى إلينا بما يعزز من هذا وينميه عندما شهدت الولاياتالمتحدة الأميريكية ما عرف بأحداث سبتمبر عام 2001 0 فإذا بحملة عالمية ترفع راية لا غبار عليها إذ تتعلق بمحاربة الإرهاب لكنها كانت مزيدا من الفرص لقوى معادية للإسلام0 إنساق وراءها البعض فى البلدان الإسلامية نفسها لشن حملات متعددة المضامين مختلفة الأساليب ضد كل ما هو إسلامى مع ماهو معروف من أن الإسلام هو الدين الذى تحيته السلام وهو الذى ينطلق من السوية فى منشأ الخلق من نفس واحدة وهو الدين الذى يجعل من قتل نفس بغير حق وكأنه قتل للناس جميعا0 ويبقى القول بأن الطريق المأمون فى الحقيقة ليس مجهولا فهو طبعا النهج الإسلامى لكنه يبقى يحتاج إلى وعى وحسن فهم وسلامة إدراك ويحتاج إلى تطبيق وتنفيذ 0 واختيار المسلمين للإسلام ليس إختيارا على أساس التوارث وإنما هو إختيار مبنى على أساس البحث والدراسة والتحليل ومبنى على المناقشة العقلية والحوارالبناء والحجة والبرهنة المنطقية0لكن الحق الذى ينبغى أن يقال هو أن هناك إحساز بالأزمة التى عاشتها وتعيشها الأمة الإسلامية 0 وأن هناك تساؤل حول هذه الأزمة وأن الخلاف محتدم حول أسبابها وكذا حول سبل تجاوزها والخلاص منها من عللها وأعراضها وأنها هذه الأزمة هى سبب من أسباب ومعلم من معالم جمود وتخلف الأمة الإسلامية 0هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنه يمكن القول طبعا بأنه مهما تعددت جهود اليقظة الإسلامية والإجتهاد الإسلامى وتنوعت أو إختلفت أراء أزمة الفكر الإسلامى ومأزق الأمة الإسلامية فلا ينبغى أن يكون هناك مجالا للخلاف على ضرورة وأهمية أن تنفر مجموعة من مفكرى الأمة فى عصرنا هذا الراهن فيعكفون على صياغة الإسلام كبديل حضارى للنموذج الغربى الوافد والمهيمن على القطاع الأكبر والمؤثر فى وقعنا وفكرنا العربى الإسلامى ويكون أيضا كبديل عن فكرية التخلف تكبح قدرات الأمة وتقيد خطاها وتفقدها القدرةة على الإببداع وعلى أهمية وضرورة تحديد معالم هذا البديل الحضارى الإسلامى كدليل عمل لكل العاملين فى إطار النهضة الإسلامية فى مختلف الميادين هذا طبعا يكون ببذل الجهد من أجل المساهمة فى الإنتاج الحضارى0 هذا طبعامع إعتماد الجدال بالتى هى أحسن و اعتمد العقلية النقدية 0 وضرب 0 المثل والقدوة فى السلوك والحوار والعمل الدؤوب المستمر0