صدر عن دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الأعمال الكاملة لجمال الدين الأفغاني دراسة وتحقيق الدكتور العلامة محمد عمارة في طبعة جديدة ومنقحة . ولقد وصفه جمال الدين الأفغاني أنجب تلاميذه، وأقرب الناس إليه، وأعرفهم به – الإمام محمد عبده – فقال: " كأنه حقيقة كلية، تجلّت في كل ذهن بما يلائمه، أو قوة روحية، قامت لكل نظر بشكل يشاكله!". ووصفه جورجي زيدان فقال: " لقد نشأ قطبًا من أقطاب الفلسفة، وعاش ركنًا من أركان السياسة، وتوافرت فيه قوى الفلاسفة ومواهب رجال الأعمال!". أما هو، فلقد وصف نفسه " بالدرويش الفاني "! .. وقال لمريده: " كُنْ فيلسوفًا، ترى العالم أُلعوبة! ولا تكنْ صبيًّا هلوعًا! .. إنه سيان عندي، طال العمر أو قصر .. فإن هدفي أن أبلغ الغاية، وحينئذٍ أقول: فزتُ ورَبّ الكعبة!. ولقد مثلت أعماله الكاملة معالم المشروع الحضاري، لإصلاح الشرق بالإسلام، ولتحرير العقل المسلم من التغريب ومن الجمود والتقليد. ومن معالم هذا المشروع الحضاري انطلقت كل دعوات الإصلاح، منذ عصره وحتى هذه اللحظات. مع تصاعد مد اليقظة الإسلامية المعاصرة تتزايد الحاجة إلى معالم المشروع الحضاري الذي صاغته مدرسة الإحياء والتي تبلورت من حول جمال الدين الأفغاني، الذي سعى لتحرير العقل من " التخلف الموروث لتنهض الأمة فتقهر الاستعمار وترفض التغريب، ولهذا فقد اتخذته الصحوة الإسلامية رائدًا بينما ناصبه العداء أنصار " الجمود والتخلف " ودعاة " التبعية والتغريب " فكان لا بد من إنصاف الأفغاني أمام " الأصدقاء الجهلة "" وكذلك " الأعداء الكذبة ". وجاء العمل في أربعة أجزاء في حوالي ألفين ورقة : وقد تناول الجزء الأول : بعدين مهمين عند الشروع في الحديث مسيرة جمال الدين الأفغاني وأعماله وهما؛ البعد الأول مشروع حضاري لنهضة الأمة ، والثاني: جمال الدين الأفغاني المفترى َعليه ومما جاء فيهما تمهيد: قصة المخطط .. وأبعاده .. ومراميه الدوافع والمنطلقات هل كان الأفغاني ملحدًا .. وزنديقًا؟! هل كان الأفغاني إيرانيًّا؟ .. وشيعيًّا؟ .. بل وبابيًّا؟! وغيرها من التساؤلات والشبهات ثم عمد إلى دراسة تحليلية لحياة الأفغاني وأفكاره تبعها عرض وتحقيق هذه لأعمال الأفغاني ومنها ثم ختم الجزء الأول بسجل صور جمال الدين.. ونماذج لخطه. والجزء الثاني: فتناول عدد من القضايا والإشكاليات السياسية والاجتماعية الدائرة في إطار الأفغاني التاريخي ومنها: المسألة الشرقية، السلطان عبد الحميد، الشرق والشرقيون ، الوحدة الإسلامية، الوحدة والسيادة، الجنسية والديانة الإسلامية، عصبة الجنس وعصبة الدين وغيرها من القضايا الحية في ذلك الوقت العصيب في حال الأمة الإسلامية مترامية الأطراف. والجزء الثالث: فتضمن هذا الجزء التعليقات على شرح للعقائد العضدية ثم رسالة الرد على الدهريين وأخرى عن القضاء والقدر و متفرقات. و أما الجزء الرابع: فتناول الحديث عن عدد من القضايا في الحضارة والاجتماع وكذا في التاريخ ومنها: البيان في الإنجليز والأفغان، أنانية الجنس الإنجليزي، مقارنة بين الإنجليز والأمم الأخرىى، نصيحة إلى إلى غير ذلك من القضايا التي تناولها الأفغاني .