صدرت وستظل تصدر الكتب عن «أسامة بن لادن». سيظل عند الكثيرين الشغف بأن يقرأوا عنه من جديد، فكلما ازدادت علامات الاستفهام حول شخصيته ازداد الاهتمام بها، وكلما تزايد الخلاف حول شخصيته توهج الكلام حولها. هذا ما كنت أقوله لنفسى وأنا ألتهم كتاب «أسامة بن لادن» للكاتبة الصحفية «زينب عفيفى» الذى صدر مؤخرا عن «دار العالم العربى». الكتاب حجمه صغير، فهو عصير لكتب أجنبية قرأتها «زينب عفيفى» حول أسامة بن لادن منذ عارض التدخل الأمريكى فى أرض الحرمين الشريفين إلى أن تم الإعلان عن سيناريو غامض لنهاية حياته. ولقد قامت زينب عفيفى بتصفية الكتب وتقديمها إلى القارئ فى (104) صفحات من القطع الصغير مما يجعل الكتاب سهلا فى الحمل وفى القراءة بما يتناسب مع طبيعة القارئ اليوم. من بين الكتب التى قدمت زينب عفيفى عصيرها عبر كتابها الشيق بلغة من السهل الممتنع كتاب الكاتب الأمريكى «مايكل شوير» مشيرة إلى أنه الرئيس السابق للوحدة الخاصة بقضية بن لادن فى وكالة الاستخبارات الأمريكية، وأنه قد استقال من وظيفته فى المخابرات الأمريكية خصيصا لتقديم كتاب يفضح الأكاذيب التى يبثها ساسة أمريكا حول أنهم أرسلوا الجنود الأمريكيين إلى العراق وأفغانستان لحماية الحرية فى العالم، بينما هم فى الحقيقة ذهبوا لحماية أمن إسرائيل. أما كتابه عن أسامة بن لادن فقد اختارت زينب عفيفى أن تسجل منه وصفه لابن لادن بأنه زعيم تاريخى وعدو يستحق الاحترام، دون أن يمنعه ذلك من السعى وراء رأسه لقتله. حيث ذكر الكاتب أن أسامة بن لادن عدو يستحق التقدير لأن أقواله تتفق مع أفعاله ولأنه على الرغم من ثرائه الشديد إلا أنه قد اختار بإرادته العيش فى السودان وأفغانستان لمدة 25 عاما وعرض نفسه للمخاطر. أما كتاب الصحفى الأمريكى «بيتر بيرجن» وهو أول صحفى غربى التقى بن لادن، وأصدر بعد وفاته الكتاب الذى يحمل عنوان «ابن لادن، الرجل الذى أعرفه التاريخ غير المكتوب للقاعدة»، فألخص مما نقلته زينب عفيفى من الكتاب أن بن لادن تزوج خمس مرات، وأن الزوجة الوحيدة التى طلقها هى زوجته الثانية، وأن الطلاق كان بناء على رغبتها لأنها لم ترغب فى أن تعيش قساوة الحياة التى كان يعيشها فى السودان، أى أنه كان يعيش حياة صعبة حتى قبل انتقاله إلى أفغانستان. إلى درجة أن عدم القدرة على تحمل قساوة الحياة التى عاشها بن لادن لم تقتصر على زوجته الثانية، بل إن ابنه الأكبر من زوجته الأولى قد اختار أثناء التواجد فى السودان هو أيضا أن يترك الحياة الصعبة مع والده هناك منتقلا للإقامة فى السعودية. أما زوجته الأولى السورية وهى ابنة خاله (لأن والدة أسامة بن لادن سورية)، زوجته هذه غادرت أفغانستان قبل أحداث11 سبتمبر ولم تعد، وتقيم فى دمشق مع أحد أبنائهما واسمه «عبدالرحمن». ولأسامة بن لادن زوجة تحمل شهادة جامعية وزوجة تحمل شهادة الدكتوراة فى الشريعة وكانت أكبر منه ب8 سنوات. مادة كتاب الصحفية والكاتبة الدؤوبة زينب عفيفى شديدة التركيز، بالتالى فإن محاولة إعادة تركيزها مهمة شديدة الصعوبة، فمن كتاب إلى كتاب ترصد زينب عفيفى جوانب عديدة لحياة بن لادن إلى أن نصل إلى جملة جاءت على لسان «ماثيو ليفيت» فى تقرير معهد دراسات الشرق الأدنى فى واشنطن ورد به أنه مثلما حدث بعد مقتل «تشى جيفارا» سوف تظهر ملامح بن لادن ووجهه على القمصان والملصقات، ثم بالقفز وصولا إلى السطر الأخير نقرأ الجملة الحكيمة والحاكمة لمنهج الكتاب: «أينما ولينا وجوهنا سوف نرى أن الولاياتالمتحدة هى قائدة الإرهاب والجريمة فى العالم».