الذين لن يشاركوا في الانتخابات البرلمانية اتخذوا قراراً بمقاطعة هذه الانتخابات.. والذين سوف يشاركون هم الذين يرفضون هذه المقاطعة. هذا هو حال المعارضة بالفعل.. وهو حال ليس مفاجئا.. فإن الذين اجتمعوا وقرروا مقاطعة الانتخابات البرلمانية لم يكن في نيتهم في أي وقت من الأوقات خوض هذه الانتخابات، لأنهم لم يستعدوا لها ولم يكونوا جاهزين لخوضها، فهم رغم أنهم ينضوون تحت لافتة جمعية سياسية إلا أنهم يفتقدون جميعاً باستثناء شخص أو شخصين خبرة «خوض الانتخابات البرلمانية»، ولم يتحرك أي منهم منذ فترة استعداداً لهذه الانتخابات.. أما حزب الجبهة الذي أيد المقاطعة، فإنه يشهد خلافاً حول هذا الأمر، يكاد يقسمه إلي نصفين متساويين، وإن كانت الأغلبية الضئيلة المؤيدة للمقاطعة تخشي من نتائج المشاركة في المعركة الانتخابية، ولذلك ارتاحت للمقاطعة. لكن أحزاب المعارضة الرئيسية الأخري والأقدم وهي التجمع والوفد والناصري لا تحبذ مثل هذه المقاطعة.. بل إنها تستعد منذ فترة لخوض هذه الانتخابات البرلمانية.. فهي تقوم باختيار مرشحيها، بل إن بعضها قام بالفعل بتسمية عدد من هؤلاء المرشحين وإن لم تعلن عن ذلك رسمياً. أيضاً الإخوان منذ اللحظة الأولي وهم يتأهبون كذلك لخوض الانتخابات البرلمانية، وهم مشغولون الآن بتنظيم صفوفهم، واختيار مرشحيهم لهذه الانتخابات.. ولذلك وضعوا شرطاً لمقاطعة الانتخابات يدركون أنه لن يتحقق، وهو مشاركة كل قوي وأحزاب المعارضة في هذه المقاطعة حتي يشاركوا بدورهم فيها، وهكذا.. فإن القرار الذي اتخذته جمعية التغيير التي تحتضن د.البرادعي بمقاطعة الانتخابات هو مجرد قرار دعائي فقط، لأنه لن يكون له تأثير عملي علي الانتخابات البرلمانية.. لأن الهدف الموجو منه لن يتحقق .. فلا الحزب الوطني الحاكم سوف يخوض الانتخابات منفرداً، ولا النظام الحاكم يبدو منعزلاً، لأن المعارضة سوف تشارك في هذه الانتخابات سواء المعارضة القانونية أو حتي غير القانونية. إذن.. لماذا اتخذت جمعية التغيير قرارها بمقاطعة الانتخابات؟ الأغلب لأنه لم يكن أمامها غير اتخاذ مثل هذا القرار.. فهي لن تشارك في الانتخابات، وبالتالي حاولت تحويل عدم مشاركتها هذه إلي موقف سياسي.. أي أن قرار المقاطعة هو اضطراري. بالإضافة إلي أن الإعلان عن مقاطعة الانتخابات يعفي أقطاب هذه الجمعية من منح الدعم والمساندة لمرشحي المعارضة في الانتخابات.. فكيف يساندون مرشحاً معارضاً وهم يقاطعون الانتخابات.. أي أنه يعفيهم من حرج كبير كان يمكن أن يتعرضوا له خلال المعركة الانتخابية.