انتقدت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية دعوة الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية في مصر، واعتبرتها "خطوة خاطئة وقد تكون غير مجدية"، على عكس ما يؤكد الداعون للمقاطعة بأنهم يستهدفون من ذلك عدم إضفاء الشرعية على الانتخابات. واستشهدت الصحيفة في سياق تأكيدها على عدم جدوى الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات في مصر، بمقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية في بوروندي الانتخابات الرئاسية، بعد مزاعم عن عمليات تزوير واسعة، مانحين بذلك خمس سنوات أخرى من الحكم للرئيس بيار نكوروتزيزا بدون معارضة. واعتبرت أن العملية الديموقراطية الحقيقية تعتمد على مشاركة المواطنين فيها، متسائلة عما إذا كانت قوى المعارضة في مصر تعتقد أن باستطاعتها بناء الديموقراطية من خلال منع الناخبين من المشاركة، وأشارت إلى أن حجة المؤيدين للمقاطعة أنهم حاولوا المشاركة في الانتخابات لعقود، وفشلوا في تحقيق هدفهم، لذا يرون المقاطعة الملاذ الأخير أو "أقل الخيارات المتاحة سوءًا". في حين ذكرت على سبيل المثال أن الناشطين في ميانمار اتخذوا موقفًا مضادًا للمقاطعة، فهم يرون أن مقاطعة الانتخابات على مر عقدين من الزمن لم تخفف من قبضة الجيش على السلطة وأن المشاركة قد تكون أكثر فعالية، بحسب الصحيفة. وترى أنه بالنظر إلى نتائج مقاطعات الانتخابات التي جرت في العقود الأخيرة يبدو أنها نادرًا ما تؤدي إلى الديموقراطية، وبدلاً من ذلك، فإن الأحزاب التي تختار عدم المشاركة غالبًا ما تضعف، في حين يعود الحكام إلى مناصبهم مع غالبية أكبر في السلطة التشريعية وسلطة أكثر رسوخًا. وقالت الصحيفة، إن مشاركة أحزاب المعارضة يمكن أن تؤدي أحيانًا إلى نتائج مذهلة، كما حدث في الفلبين، حيث تمكنت ثورة "قوة الشعب" التي قادتها الرئيسة الفلبينية السابقة كورازون اكينو من الإطاحة بالديكتاتور فرديدناند ماركوس وأعادت الديموقراطية إلى البلاد، وأشارت إلى أنه في هذه الحالات تم الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية من خلال مظاهرات ضخمة في الشوارع احتجاجًا على تزوير الانتخابات. ويؤكد خبراء الانتخابات، أنه على الرغم من أن مقاطعة الانتخابات غير مجدية بشكل عام، إلا أن التهديد الخطير بالمقاطعة يستطيع في بعض الأحيان إجبار الحكومة على تحقيق نوع من التوازن، وقد تكون هذه هي حسابات البرادعي، بحسب الصحيفة. وقالوا إنه من الجيد أن يستخدم البرادعي مكانته ووضعه لمحاولة دفع أو حتى إحراج الرئيس مبارك، إذا لزم الأمر، لإجراء انتخابات حرة نزيهة. غير أن الخبراء – بحسب الصحيفة- عبروا عن معارضتهم للمقاطعة، قائلين إنها ستكون خطأ، لأن المعارضة منقسمة، فجماعة "الإخوان المسلمين"، والتي يملك أعضاؤها "المستقلون" حوالي خمس مقاعد البرلمان حاليًا لم توافق حتى الآن على ذلك، وبالتأكيد فإن المقاطعة الجزئية غير مجدية. وبحسب الخبراء، فإن الانتخابات البرلمانية تمثل فرصة لحشد الدعم الشعبي، وأنه سيكون من الأفضل للبرادعي أن يقوم بإخراج المصريين من حالة اللامبالاة السياسية، ودفعهم لانتخاب مرشحي المعارضة إلى البرلمان، حيث سيكون لديهم مستوى أرفع وبعض الحصانة للضغط من أجل المزيد من الإصلاحات. ويشير الخبراء إلى أن البرادعي في حاجة إلى زيادة قاعدته السياسية الخاصة وتعزيز مصداقيته في الشارع، إذا كان يريد ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية في العام القادم، وأن أفضل طريقة لتحقيق ذلك من خلال التنظيم، فإذا تم سرقة الانتخابات فيجب عليه هو المعارضة استخدام صوتهم الجماعي للاحتجاج. وختمت الصحيفة، قائلة إن هذه اللحظة محورية في السياسة المصرية، فالرئيس حسني مبارك لن يكون في السلطة لفترة طوية، كما أن عملية "التوريث" غير مضمونة، لذلك فإن الانتخابات البرلمانية هي فرصة لتمهيد الطريق أمام المنافسات الحاسمة في العام القادم، ويجب على المعارضة المشاركة وليس المقاطعة.