حقا إن المصريين يعشقون الطعام كمعظم شعوب الارض وفي الآونة الاخيرة اصبح مقدمو برامج الطبخ نجوما واذا كانت الاحصائيات تشير الي ان المصري ينفق علي بند الطعام 67% من دخله فلا غرابة ان يكون لاسلوبه في الطبخ مفردات خاصة من معتقداته الدينية منذ الفراعنة الي جانب تأثره بالجانب الاجتماعي والمعتقدات المتوارثة عبر الاجيال ويبدو هذا واضحا في الانواع المختلفة للخبز في مصر بحيث اصبح لكل منطقة اسلوبها الخاص في صنعه وهذا ما طرحته أول موسوعة مصرية عن "الخبز" بعنوان "أطلس المأثورات الشعبية المصرية"حيث إن هناك أنواعا تصل الي الثلاثين تصنف الي خبز أساسي وغير أساسي وتختلف أنواعها وفقا للبيئة ودرجة الحرارة ووسائل الحفظ وطقوس الاكل ومناسبات تناوله وتفاوت المستوي الاجتماعي بين المدن والقري. والخبز ينقسم في مصر إلي قسمين أولهما هو الأساسي المنزلي الذي يعتمد عليه الناس في معيشتهم وهو يتكرر في جميع الوجبات ويصنع بشكل يضمن سلامته لأسبوعين وربما شهر.. ومادته هي الذرة أو القمح أو خليط منهما، أما النوع الثاني فهو الخبز غير الأساسي ويطلق علي أنواع الخبز المساعدة التي يلجأ إليها الناس في حالة نفاد الخبز الأساسي أو لاحتياجهم إلي نوع معين من الأطعمة ولا يتم تخزينه لمدة طويلة "ولوحظ عدم استخدام الخميرة في بعض أنواعه" التي تزيد علي 12 نوعا.وللخبز قدسيته في حياة المصريين تصل به الي حد القسم ،فيقال والعيش والملح ،النعمة الشريفة ،بل ان من المأثورات الشعبية انه لايتم إقراض (المنخل ) للجار بدون ان يوضع به قطعة خبز حتي لايخرج الخير والبركة من البيت .والغريب انه في الوقت الذي تأثر فيه المطبخ المصري بالمماليك والغزو التركي الا ان هذا لم يحدث بالنسبة للاحتلال الفرنسي والبريطاني ،وفي الوقت الذي تحاول فيه اسرائيل اثبات ان اليهود بناة الاهرامات نجد من يقول ان الطعمية او الفلافل أكلة اسرائيلية، وربما لاننتبه للبعد السياسي في هذا الادعاء ويمر علينا مرور الكرام رغم انه تأكيد علي رغبة اليهود في التأكيد علي جذورهم المصرية. ولا احد لا يستطيع انكار ان الطعمية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من تراث المصريين في الطعام، و عادة من عادات الإفطار في الصباح لدي البعض منهم، وطبقاً رئيسياً في طعام نسبة لا يستهان بها من المصريين علي مدار اليوم. و الطريف أن الطعمية كانت في الماضي أساس طعام الفقراء، وباتت الآن جزءاً من فواتح الشهية علي موائد الأثرياء الذين تفضل قوائم أطعمتهم الاطعمة الشعبية بوجه عام كفاتح للشهية مثل الكشري والبصارة وغيرها من الأكلات. وفي مصر وعلي الرغم من الاتفاق علي مكونات عجينة الطعمية، إلا أن اسمها يختلف ما بين وجه بحري الذي يطلق عليها لفظة فلافل، والقاهرة ووجه قبلي الذين يطلقون عليها لفظة طعمية. ولقد عرفت الطعمية مثلما يقول التاريخ منذ الفراعنة ولكن ليس من المعروف بالتحديد السنة التي بدأت تحتل فيها مكاناً علي موائد الطعام المصرية وتمتاز مدينة الإسكندرية بتقديم نوع مختلف قليلا من الطعمية عن مثيلتها في القاهرة وتعتمد طعمية الإسكندرية علي إضافة البهارات إليها خاصة الشطة.