في بداية العام يتحدث الناس عن أمنياتهم للعام الجديد لأنفسهم ولمجتمعهم ولبلادهم وللعالم كله.. ومع مطلع 2010 لي أمنيات صحفية لن أكون شخصياً موضوعها لأن الكتابة ليست هي الصحافة والكاتب ليس بالضرورة صحفيا كما يعتقد البعض خطأ.. فقد يكون الصحفي مراسلا أو كاتبا أو كليهما، ولكن الكاتب قد لا يعمل بالصحافة كأمثالي بل يكون مجرد متابع للأخبار كأي مواطن عادي.. ولأن الكاتب مواطن عادي وليس صحفيا فهو يري الأمور من منظور مختلف.. ويري أن الصحافة في بلده تحتاج إلي أمنيات رأس السنة لربما تصيب إحداها الصحافة المصرية الحكومية والخاصة فتتغير قليلا إلي الأفضل.. ومن هذا المنطلق أشارك الإخوة المواطنين أمنياتهم لصحافة وطنية جديدة. وأولي تلك الأمنيات هي أن تتصف الصحافة المصرية بالوطنية الحقيقية.. وأول اتهام ستواجهه الأمنية هنا هو أن الوطنية موجودة ولكن كل صحيفة وكل صحفي يراها من منطلقه الخاص.. وهنا نعترض! فالاتجاهات السياسية والمعتقدات الحرة حق مكفول للصحفي ولغيره من المواطنين ولكن الإتجار بالخبر والسياق اللغوي المنحرف لصنع البلبلة والبحث عن الفرقعة الصحفية لمجرد بناء العناوين الجاذبة للقارئ وتحقيق مبيعات أعلي ليست من الوطنية في شيء كما لا يختلف اثنان من المواطنين العاديين علي ذلك. وثانية تلك الأمنيات هي تحقيق التوازن بين الحرية الصحفية الحقيقية ووجود التوجه السياسي والفكري العام الذي يحكم المؤسسة الصحفية ولا يتحكم فيها.. وأقصد هنا أن يكون خط الجريدة واضحاً ومستقيماً فيكون توجهها واضحاً لجميع القراء ولا يتأرجح ذلك التوجه حسب التغيرات المزاجية للقراء ولا حسب التغيرات الإدارية للقائمين علي الجريدة. وهذا يقود إلي الأمنية الثالثة وهي أن تتمتع الصحف المصرية بصحفيين يشعرون بالمسئولية الأخلاقية تجاه أقلامهم وقرائهم ويكون لديهم من الوعي ما يكفي لمنعهم من كتابة ما قد يشعل فتنة حتي لو كان سيجعل لهم اسما ويدركون خطورة التشهير دون أساس والمدح أو الذم دون سبب وستكتمل الأمنية إذا استطاع الصحفي أن يفهم جيداً الفرق بين الخبر المجرد من ناحية وطريقة نشر الخبر وسياق كتابته واللغة المستخدمة فيه وتأثير كل هذا علي القارئ من ناحية أخري. وأمنيتي الأخيرة هي أن تتعلم الصحافة المصرية متي تتكلم ومتي تصمت نعم تصمت لبعض الوقت لأن ما حدث في 2009 وما قبلها هو صمت الأقلام حين كان ينبغي أن تتكلم لتدفع الظلم وتبرئ الوطن كله أو بعضه.. وكانت تلك الأقلام نفسها تتكلم وتصيح قبل الأوان وقبل التصريحات الرسمية والأخبار الحقيقية وتضطر بعدئذ إما للتراجع عما كتبته أو لتجاهله وكأن لم يكن. حرية الصحافة مطلوبة ولكن محاسبتها عن الأخطاء محمودة، الديمقراطية الصحفية تسمح بكل شيء ولكنها تحترم كل أحد وكل فكر وكل عقيدة.. والصحافة النظيفة لها اتجاه ووجه محدد الملامح ولكنها تعرف متي وكيف تتكلم وإلي متي ولماذا تصمت؟!