الحوار الوطني: عقد جلسة عاجلة السبت المقبل لدعم موقف الدولة تجاه ما يجري بالمنطقة    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    انخفاض مدفوعات فوائد الدين العام في مصر إلى 312.3 مليار جنيه    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    إيطاليا تعلن عن حزمة مساعدات جديدة للبنانيين النازحين بقيمة 17 مليون يورو    بوريل يدعو دول الاتحاد الأوروبي للسماح لأوكرانيا بضرب أهداف في روسيا    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    إيقاف صامويل إيتو 6 أشهر عن مباريات منتخب الكاميرون    تفاصيل القبض على عامل صور طالبة جامعية بدورة المياه في أكتوبر    أول رد من جورج قرداحي على أنباء اعتناقه الدين الإسلامي    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    كيفية التحقق من صحة القلب    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    الطقس غدًا .. الحرارة تنخفض إلى 30 درجة لأول مرة منذ شهور مع فرص أمطار    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    محافظ الإسماعيلية يتابع أنشطة التضامن الاجتماعي ضمن مبادرة بداية (صور)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    مرحباً بعودة «لير».. وتحية «للقومى»    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    خلافات في الأهلي بسبب منصب مدير الكرة    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا باشكاتب .. ولا عرضحالجي!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 24 - 05 - 2010


النقطة الفاصلة
يقول هيكل مكملا حديثه في حلقته التليفزيونية التي عنونها ب ( تغيرات الشرق الأوسط ) بتاريخ 2005/1/12:" في هذه الفترة حصل تغيير أساسي أنا هأرجع فيه خلاني أبقي في الداخل، بمعني إن أنا لغاية سنة 1949 تقريبا كان معظم وقتي خارج مصر، بأغطي الأحداث حيث كانت الحروب الأهلية في البلقان، إيران، أفريقيا، مجلس الأمن.. إلي آخره، فكنت بأتحرك في كل الدنيا، لكن كنت بآجي في القاهرة وأقعد مرات كثيرة وبأتابع، لكنه ابتداءً من 1949 حصلت حاجة غريبة.. من منتصف 1949 حصل تغيير في حياتي، علي الأقل في خريطة طريقي، هذا التغيير إيه؟ هذا التغيير بدأ ذات يوم أو بالنسبة لي حدث ذات يوم سنة 1949 تقريبا في يونيو 1949 في يونيو 1949 كانت وزارة إبراهيم عبد الهادي اللي أنا تكلمت عنها كفاية جدا.. إبراهيم عبد الهادي باشا كانت موجودة وكان هناك متغيرات كثير جدا في البلد وأوضاع قلقة وأنا شرحتها وكان الملك بيدور علي سند لسياساته والوفد بيدور علي حُكم وقلت إن فيه حلف كراهية انعقد في هذا الوقت أو قارب الانعقاد وفي هذا الوقت بدأت تبقي المسائل مرتبكة بشكل أو آخر في مصر .. " ( نص هيكل ).
كان هيكل مراسلا صحفيا نشيطا لأخبار اليوم يتحرك خارج مصر، ولا نعرف كم الأيام التي قضاها خارج مصر أن تأكيده عن العام 1949 وحصول حاجة غريبة يعني عند هيكل قد شهد نقطة بداية جديدة في حياته، وودع نقطة نهاية من بداياته الاولي أصلا ! ولكن لنسأل هيكل : كم كان عمرك يا هيكل في العام 1949 اذا كنت من مواليد نهايات العام 1923 فإن عمرك سيكون 25 سنة فقط . فما الذي كنت عليه، حتي تحصل الحاجة الغريبة في حياتك عام 1949 لا تبرر مقالاتك التي كنت تمدح فيها الملك فاروق إبان شبابك وخلال عقد الأربعينيات ؟ خصوصا أن الرجل، سوف لن يكون بريئا او امينا في نقل ما يريد قوله، او ما يريد اختلاقه .. او ما يريد إخفاءه !! وأعتقد تماما ان العام 1949 كان فعلا نقطة تحول في حياة هيكل .. ولكن ليس في داخل مصر، بل كان ذلك في خارج مصر، وهو يدرك ما الذي أقصده لما كان عليه لأكثر من ستين سنة !!!!!
مسألة ( الأنا )
في حديثه التليفزيوني هنا، وهو يواصل حديثه تحت عنوان ( متغيرات الشرق الأوسط )، أجده يريد من خلال تقديم أوراق اعتماده .. ولا ندري لمن يقدمها ؟ للنظام السياسي العربي؟ ام للناس أجمع.. يريد الرجل في حلقته أن يرد علي منتقديه، وانتم تدركون من هم، بل ومن هو، في مقدمة منتقديه من دون ان يجادل بالتي هي أحسن، ومن دون ان يقرع الحجة بالحجة .. أراد تقديم اوراق اعتماد تقول إنه ليس كما يصفه خصومه او نقاده، فهو بني تجربته منذ الأربعينيات في أخبار اليوم، وتولي رئاسة تحرير آخر ساعة، واعتمد عليه الصحفي الكبير علي أمين اعتمادا كبيرا، وهو لم يزل لم يتجاوز الرابعة والعشرين من العمر .. ويبقي هيكل يسهب ويطنب بشكل لا يمكن للمرء أن يتحمله أبدا، بحيث شعر وهو يتحدث بأنه أخذ يضايق الناس من مستمعيه ومشاهدي حلقات (مع هيكل).. ولو يحصي الانسان كم مرة وردت كلمة (أنا) علي لسانه في هذه الحلقة لطار صوابه! إن مسألة (الأنا) ظاهرة مرضية عند السيد هيكل، بحيث لا يكتفي بأن يجعل من نفسه محورا تدور الاحداث من حوله، بل يردد كلمة (الأنا) عشرات، بل مئات المرات، من دون ان يحس الرجل بالذي يفعله بنفسه.. وهو لا يريد الاعتراف بما قاله ناقده له منذ سنوات مضت، بل لا يريد التنازل أبدا عن جملة اخطاء ارتكبها منذ سنين، وهو يجتر نفسه اجترارا امام كل الناس.. بل ووجدته هنا يقدم تبريرات لكل ما اقترفه بحق التاريخ والوثائق والكتابة الرسمية.. سواء كان ذلك علي عهد جمال عبد الناصر، ام علي عهد انور السادات .. ومن أسوأ السلوكيات التي يتصف بها أي انسان، كثرة الحديث عن نفسه، ولم يكتف بذلك الحديث، بل يجعل من نفسه صاحب الفضل والفوقية علي الآخر حتي لو كان عبد الناصر او السادات نفسيهما كرئيسين مصريين كبيرين! ان استخفافه بنقاده لا يزيدهم إلا رفعة وإصرارا علي كشف حقيقة من يكون هذا الرجل، وان اجابته عليهم بطريقة غير مباشرة، بحيث يبرر ما ادانوه به، وينزه نفسه عن كل المثالب التي اقترفها بحق تاريخنا المعاصر .. سيبقيه علي حلبة الصراع مثلا شاخصا امام العالم كله كي يتعري اكثر وهو لا يقاوم أبدا اللكمات والضربات التي تأتيه من كل حدب وصوب ! لقد ثبت لي من خلال هذه " الحلقة " البليدة، أن الرجل اضعف من ان يدافع عن ابسط الامور، ويعتقد انه سيهرب من أي انتقادات صارخة له بجعل نفسه صديقا لرئيس، او جعل المسئولين الكبار في الدولة يلاحقونه من اجل كسب وده ورضاه .. او جعل نفسه في مصاف رؤساء صحف عالميين لأسماء يوردها، ويجعل من نفسه صديقا لهم جميعا .. وبتفصيلات مملة الي حد القرف !
فلتة لسان : هيكل يعلن أسفه
دعوني أتوقف قليلا عند موضوعات أساسية أراد من خلالها الرد علي ناقده قائلا : "يقول بعد ان يحكي حكايته مع اخبار اليوم ومصطفي امين وعلي امين بشكل ممل، وطبعا لا يخلو الامر من ان اخبار اليوم، ما كانت لتكون لولا هيكل، ويقول هيكل إن علي امين قال له : آن الوقت كي تبقي معنا لأنه فيه عبء كبير جدا علي مصطفي وإحنا كلنا بنلومه وحملنا أخطاء وأخبار اليوم معرضة مكشوفة ومشكلة فأنا عاوزك تقعد، شوف طريقة بقي إنك تقعد، مع إن ده قرار أنا بأتخذه.. قعدت وتوليت.. كلمة توليت ما بأحبهاش أبدا متأسف معلش لأنها كلمة بقت.. يعني ألقيت إلي أو حملت علي مسئولية آخر ساعة وبعدين اضيفت أخبار اليوم.. إدارة أخبار اليوم.. مدير تحرير أخبار اليوم وبدأت أحاول بشكل أو آخر إن إحنا نحاول نتدارك الموقف ونقف أمام ظروف صعبة لكن ساعد أيضا علي موقفي إن أنا كنت بأعرف المعسكر الآخر، مصطفي كان قريبا جدا من معسكر القصر وأنا كنت قريبا من معسكر إما الوفد أو المستقلين وعندي صداقات مع بعضهم أنا شرحت بعضها، لكن علي جاء حتي يعني.. أنا بأقول علي جاء وقال لي اقعد لو كان ممكن .. " ( نص هيكل ).
طيب، ما علاقة هذا الكلام بتغيرات الشرق الأوسط يا هيكل ؟ ما نفع هذه التفاصيل عن نفسك، وجعلها مسئولة بهكذا درجة من القوة والنفوذ وانت لم تتجاوز الاربعة والعشرين ربيعا ؟ وهل انت متأكد كونك لم تحب كلمة (توليت)؟ لقد تأسفت لاستخدامك إياها، وما الضير في انك توليت؟ صحيح، كنت صحفيا شابا نشيطا، ولكن لا اعتقد ان شابا بمثل سنك وقت ذاك له صداقات مع رجالات الوفد؟ وما قصدك بالصداقات؟ معني ذلك، انك كنت تسرب اخبار صحيفتك الي خصوم مصطفي امين، حتي يجيبوه في اليوم الثاني علي واجهات صحفهم ! وكيف لم تكن قريبا جدا من معسكر القصر يا هيكل، ومقالتك في مدح الملك فاروق شاهدة علي انك كنت ليس من معسكره، بل تريد التسلق بأي ثمن كان .. ويبدو انك قد نجحت !
هيكل : الصحفي المدلل لدي علي امين يورد هيكل قائلا وهو يتحدث علي لسان علي امين يصف هيكل قائلا : لأني كنت أصر علي أن يبقي هيكل في العمل الذي نبغ فيه وهو الباحث عن المتاعب، أنا بأكتب حاجة اسمها البحث عن المتاعب علي هامش.. لأن الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب.. علي هامش التحقيقات اللي بأعملها والجولات اللي بأعملها، فقد كانت.. كمل علي أمين بيقول.. فقد كانت أخبار اليوم ترسله بالطائرة وراء كل انقلاب فيقيم الدنيا ويقعدها بتحقيقاته الصحفية وكنت في نفس الوقت أخشي عليه من التجربة.. تجربة البقاء في مصر.. كما يخشي الأب علي ابنه وده كان صحيح الحقيقة يعني، إذا ركب طائرة أو دخل مغامرة فإنني أشعر أن هيكل ابني، اكتشفته.. وأنا بأوافق ما عنديش مانع يعني كتر خيره.. ودفعته إلي الأمام.. برضه أنا معترف له بالفضل.. فإذا به يصبح نجما من نجوم الصحافة وهو في سن الرابعة والعشرين.. ما بيحصلش ده دلوقتي ما حدش.. لازم الناس تقعد لغاية ما أعرفش يحصل لها إيه.. يعني مومياوات علشان يتقدموا.. يعني ولذلك كنت أخاف عليه.. " ( نص هيكل ).
إنني أعتقد أن الوقت قد تأخر كثيرا حتي ينصف هيكل أستاذه ومعلمه علي أمين .. كان عليه ان ينصفه منذ زمن بعيد . هنا أسأل : هل ردّ هيكل الجميل الذي أسداه علي أمين اليه ؟ اذا كان علي امين قد عدّ هيكل بمثابة الولد الي والده .. فهل تصّرف هيكل إزاء علي وأخيه مصطفي في الآتي من الأيام والسنين؟ ام غدر بهما غدرا مكشوفا؟ ويأتي اليوم ليعترف بفضل الرجل عليه . ويدرك الجميع ان كلا من علي ومصطفي امين، كانا وراء صنع هيكل، وقد تعّلم علي أيديهما، وهما اللذان قدماه وساهما في صناعة شهرته، ولكنه كان عصيا عليهما، وغدر بهما . ويبدو لي ان هيكل كان صحفيا نشطا وله حركته وبحثه عن المتاعب، وكان قد نجح في تقديم عدة ملفات عن بلدان وتجارب سياسية، ولكن لا اعتقد انه قد وصل الي ان يكون نجما من نجوم الصحافة بالسرعة التي يريد تمويه الناس بها !
من غصبك ؟ إنها إرادتك يا هيكل !
يقول هيكل : " .. بيحصل حاجة للصحفيين في العالم الثالث كله مش بس عندنا، إيه اللي بيحصل في العالم الثالث بالتحديد للصحفيين؟ نحن في الخبر بنختلف في المسائل التفصيلية لكن لمّا ييجي وطن يواجه قضايا رئيسية في حياته وتبقي مثلا قضية تحرير، قضية استقلال، هنا الصحفي بيلاقي نفسه قدام.. وهو قريب من العمل العام وهو قريب بشكل أو آخر مما يجري.. يلاقي نفسه بينجذب غصب عنه إلي أداء أدوار قد لا تكون بالضبط هي مهمة الصحفي، مش شغلته، يمكن مش شغلته بالضبط لكن بيلاقي نفسه (Involved ) بيلاقي نفسه.. بمعني بيلاقي نفسه داخل في الحوادث، قريبا منها، أصابعه.. بصمات أصابعه تكاد تكون موجودة علي بعض الأشياء، حصل شيء من هذا النوع بيني وبين جمال عبد الناصر أو في وقته يعني، هاتكلم علي ده بعدين كله لكن أنا لسه لا أزال في مجال تقديم أوراق اعتماد، أنا بأقول أنا كنت باعرف حاجة مما يجري، كنت قريباً منه جدا إلي درجة أنه بصمات أصابعي موجودة علي أوراقه، في هذه الفترة أنا مستعد أقول وأظن ناس كثير جدا يقبلوا مني هذه الشهادة.. " ( نص هيكل ) .
لا أبدا، هذا ليس بصحيح أبدا .. او ان هيكل لا يؤمن بأي حيادية صحفية، ولا بأي امانة مهنية، ولا بأي استقلالية رأي عام .. ولا بأي موقف حر كالذي يلتزمه الصحفيون في كل مكان ! انني لا اقبل من هيكل ان يبرر اصطفافات الصحفي سياسيا علي حساب الحقائق، وعلي حساب المهنة وحرفيتها ! قد يكون مراسلا أو كاتبا او محررا أو .. إلخ يؤمن بأي اتجاه سياسي، بل ويشتغل في صحف رسمية، ولكن مطالب ألا يكون مرتبطا بشكل أو بآخر بهذا الحدث أو ذاك . نعم، صحيح جدا ان يكون الصحفي في قلب أي حدث، ولكن ثمة خطوطاً حمر تمنعه من ان يبصم عليها !
ولا ادري ما الاشياء التي بصمت عليها يا هيكل مع الرئيس عبد الناصر ؟ لقد جئت تتكلم هذا الكلام بعد قرابة اربعين سنة علي رحيل الرجل .. ولم تكتف بكل هذا وذاك وانت في مجال تقديم اوراق اعتماد .. لمن ؟ لا أحد يدري ؟ هل يصح ان تقدم اوراق اعتمادك للآخرين بعد ان مضت عدة عقود من الزمن، لم نجد فيها لك أي بصمات سياسية، فلا انت بمشارك في صنع القرارات، ولا انت بمسئول كبير في الدولة ؟ إن اعتماد رئيس دولة أو رئيس حكومة علي صحفي بارز ليكون مستشارا له، كي يصحح خطاباته ونصوصه وتصريحاته وتقاريره ومراسلاته .. ليس معني ذلك ان المستشار يساهم في صنع الحدث، كما ليس من الطبيعي أن يكون شاهدا علي كل الحدث .. أو يعرف كل الظاهرة !
فلسفة الثورة .. مرة أخري !
يتابع هيكل حديثه ومرة اخري، بل ولمرات عدة يكرر موضوع فلسفة الثورة وكتابته لها، خصوصا ان كتيب (فلسفة الثورة) حرر ونشر باسم الرئيس جمال عبد الناصر، ليقول هيكل: " أنا الرجل الذي كتب من أول فلسفة الثورة.. الثورة اللي كتبها جمال عبد الناصر إلي التوجيه الاستراتيجي اللي قدمه أنور السادات في حرب أكتوبر للمشير أحمد إسماعيل علي بتحديد هدف القوات المسلحة في حرب أكتوبر وما بين الاثنين أنا وهذا معروف ولأسباب أنا هاتكلم عليها عمليا وتاريخيا ووطنيا دعت إلي تجنيدي تقريبا في هذا العمل دون أن أفقد حريتي الصحفية .. " (نص هيكل) .
يا عزيزي .. يا هيكل، كل نص ينشر باسم صاحبه، وصاحبه قد كتبه، أو كتب مسوداته، او حرر نصه .. او كلّف أحدا لإعادة قراءته، او طلب من شخص لتصويب اخطائه، فليس معني ذلك انه يجرد نفسه منه، ليقول والله هذا من كتابة المصحح ! اذا كان الرئيس عبد الناصر قد كلفك بإعادة تسجيل ما دار بينكما من حوار، وقد خرج العمل ونشر باسم عبد الناصر، فليس من الصواب ان تثير هكذا قضية مرات ومرات .. لو احصيت عدد المرات التي ادعيت فيها يا هيكل انك وراء كتابة كتيب ( فلسفة الثورة )، ليقول المرء إن ذلك يكفي، فهو تقليل من شأن عبد الناصر، وكأن فلسفة الثورة كلها من صناعة هيكل !؟ وسواء جنّدك عبدالناصر ام استحوذ عليك السادات، فإنك قد رضيت وبقناعة ان تخدمهما، فليس من الصواب أبدا ان تذكّرنا دوما بجميلك الذي صنعته لهما .. وسواء كنت انت ام كان غيرك، فإن مصر مليئة بالصحفيين والأدباء والمحررين الذين باستطاعتهم ان يحرروا نصوص الرؤساء، كجزء من وظائفهم، وسواء تقاضيت علي ذلك اجرا، ام لم تتقاض، فتلك هي مشكلتك يا هيكل، وليست مشكلتنا من طرف او مشكلة عبدالناصر والسادات من طرف آخر !
وما مشكلة الباشكاتب يا هيكل ؟
نتابع مع هيكل قائلا : " أنا جئت لقيت نفسي جنب جمال عبد الناصر، بعد شوية لقيت نفسي بطبائع الأشياء وبقوة الأشياء بأؤدي مهام أكثر مما هو لازم وقَبِلتَها وحاولت طول الوقت أن أضع خطاً فاصلاً.. ألا أترك ده يطغي علي عملي ولا أترك عملي يطغي عليه بشكل أو آخر وإن كنت لابد أن أعترف إنه طبيعة الأشياء وحقائق الأشياء أعطتني امتياز إن أنا موجود في قلب الحوادث وإن أنا قريب.. مشارك تقريبا في أشياء، لمّا أقول إن أنا كتبت فلسفة الثورة ما بقولش إن أنا ألفت فلسفة الثورة، بمعني إنه فلسفة الثورة هذا كان فِكر جمال عبد الناصر، لكن فِكر جمال عبد الناصر.. أنا كمان مش بشكاتب قاعد علي باب محكمة وحد بييجي يدي له قرشين وبأكتب عرض حال، أنا للعلم لجميع الناس أنا لم أنقاض مليماً واحداً من داخل الحكومة المصرية إطلاقا حتي وأنا وزير " ( نص هيكل ). متي وضعت أي حد فاصل بينك وبين الرئيس جمال عبد الناصر ؟ وأريد أسأل سؤالا واحدا : هل تعتبر نفسك يا هيكل بموازاة الرئيس عبد الناصر ؟ قل ما تشاء عن صداقتك له، او علاقتك به، ولكن حتي وإن كنت المصري المدلل الوحيد لدي عبدالناصر، فليس من العقل والحكمة ان تجعل نفسك في مصاف الرجل ! ومن الطبيعي انك قبلت بأداء المهام الموكولة لك، فأنت قريب من رئيس الدولة، وهو بحاجة الي من يساعده في شئونه .. واعتقد انك لست بنادم علي تلك العلاقة التي فرضت عليك ان تؤدي كل ما يطلب منك ! خصوصا انك من النوع الذي يحب ان يشرعن لنفسه أو لذاته مكانة متميزة وعليا .. كل هذا مقبول من صحفي يريد ان يكون له موقع استثنائي في الدولة، ولكن ان تجعل مهمتك تلك بمثابة الأداة التوجيهية لفكر عبد الناصر وتعلن حتي الآن علي انها كانت محتكرة لإرادة عبد الناصر نفسه .. فهذا غير مقبول أبدا . يا استاذ هيكل، لا ينفع تبريرك ابدا فيما قلت وصرّحت كونك كتبت (فلسفة الثورة)! كي تأتي اليوم لتقدم تبريرا ساذجا كون الكتاب كان من كتابتك ولم يكن من تأليفك ؟ وكأنك تريد القول بأنني كاتب النص ولست مؤلفا للنص ! فما الفرق بين ان تكون كاتبا لنص أو مؤلفا له ؟ هل تريد ان تضحك علينا مرة اخري ؟ المسألة مسألة مبدأ، وليس مسألة شكليات ! المبدأ ان من المعيب جدا القول اذا كان الرجل قد ائتمنك علي نص فكر به أو خطط له أو كتب مسوداته .. أو حتي ان حاورك في مضمونه .. ان تأتي لتقول بأنني قد كتبت نص ( فلسفة الثورة )؟ انك لو احترمت ذكري عبدالناصر، لما تقولّت عليه، لتبقي تصّر علي انك كاتب النص .. وما المعيب في الباشكاتب؟
إنها وظيفة رئيس كتّاب في المحاكم .. وليس كما قلت انه يجلس علي ابواب المحاكم .. ذاك هو العرضحالجي؟ إنك تنفر من هاتين الصفتين . ما العيب في العرضحالجية؟ إنه عمل، والعمل ليس عيبا ! وسواء كنت باشكاتب لعبد الناصر او عرضحالجي لدي السادات .. فما العيب في ذلك ؟
لا احد اتهمك بإنك تقاضيت اجورا علي ذلك . المسألة مبدئية لا اكثر ولا أقل !
انتظروا الحلقة المقبلة
الكاتب.. مفكر عربي عراقي مقيم في كندا وأستاذ في جامعات عربية وأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.