التقط العديد من المراقبين تصريحات وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان بشأن الوضع في ليبيا، والمرتبط أساسا بالإرهاب، على أنها قد تكون إشارة إلى إمكانية حدوث تدخل دولي في هذا البلد. فهل ليبيا معرضة في وقت قريب لتدخل أجنبي؟ يبدو أن باريس تحاول رسم مسلك يفضي إلى حشد المجتمع الدولي لأجل التدخل في ليبيا. وتوضح ذلك بجلاء في تصريح لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان الذي دعا إلى "تحرك المجتمع الدولي" حتى لا يتحول هذا البلد إلى "ملاذ إرهابي" بحسب تعبيره. وأكد الوزير الفرنسي، أمام الجنود الفرنسيين المتمركزين في نجامينا خلال زيارة تفقدية لهم بمناسبة عيد رأس السنة الميلادية، أن "المجتمع الدولي سيرتكب خطأ جسيما إذا ما بقي مكتوف الأيدي أمام قيام مثل هكذا ملاذ للإرهاب في صميم البحر المتوسط"، معبرا عن استعداد باريس لأن تقوم بدورها كاملا في العملية. وقال لودريان إن "فرنسا ستؤدي حتما دورها كاملا" في هذا الإطار، بهدف "التصدي للمجموعات المسلحة" في ليبيا. ومن جانبه، كرر محمد يوسف رئيس النيجر طلبه لتدخل أجنبي في ليبيا. وقال يوسف "لا يمكن إيجاد حل من دون تدخل دولي في ليبيا"، وأضاف "لا أرى كيف يمكن للميليشيات الإرهابية المسلحة أن توفر الظروف (الملائمة) للمصالحة بين الليبيين". وتأتي هذه التطورات قبل أيام من الموعد الذي حددته بعثة الأممالمتحدة في ليبيا لجمع أطراف النزاع في هذا البلد حول طاولة مفاوضات في الخامس من يناير. فشل الوساطات هل يمكن اعتبار تصريح وزير الدفاع الفرنسي بشأن الوضع في ليبيا بداية تحضير من قبل القوى العظمى للتدخل في ليبيا؟ يرى الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة أنه "لا يمكن أن نتجاهل الظرفية الأساسية الإقليمية التي جاء فيها تصريح الوزير الفرنسي"، معتبرا أنه "عبر عن هذه الدعوة بعد أن كانت مجموعة دول الساحل المعنية مباشرة بانشطار القنبلة الأمنية الليبية وجهت نداء استغاثة إلى المجموعة الدولية". وأوضح الطوسة أنه "يمكن أن نعتبر تصريحات الوزير الفرنسي بمثابة تهيئة الأجواء لإمكانية هذا التدخل العسكري …و يمكن أن تفهم تصريحات الوزير الفرنسي على أنها اعتراف بفشل شبه مؤكد للوساطات التي تقوم بها الأممالمتحدة عبر تنظيم حوار وطني ليبي أو وساطات دول إقليمية مثل مصر أو الجزائر". فرنسا لا يمكن أن تتدخل لوحدها بشأن الأطراف الدولية التي بإمكانها أن تساير باريس في خطوتها، يقول الطوسة "لا يمكن لفرنسا أن تتدخل لوحدها في ليبيا لسببين أساسيين، الأول أن ذلك يتناقض مع عقيدتها الأمنية، التي ترى دائما أن استعمال القوة على المستوى الدولي يجب أن يكون تحت مظلة وشرعية الأممالمتحدة، و السبب الثاني أن لا أحد يعتقد جديا أن لفرنسا الوسائل والقدرة لخوض هذه الحرب الطويلة النفس ضد المجموعات الإرهابية". فشل الحوار السياسي يفضي إلى تدخل أجنبي إن كان الوضع في ليبيا يسمح بتدخل دولي في هذا البلد، يرى الطوسة أنه "إذا فشل الحوار السياسي فلا خيار أمام المجموعة الدولية غير التدخل العسكري، الوضع في ليبيا يتطلب معالجة أمنية لإرغام هذه الميلشيات التي تسيطر على البلاد على التخلي عن سلاحها"، معتبرا أن "تدخل دولي يمكن أن يعقد الوضع كما في قدرته إن يحسمه بطريقة واضحة لصالح من يضمن استقرار ووحدة ليبيا و يبعد شبح الإرهاب عنها". ليبيا ودول الجوار بخصوص الدور الذي يمكن أن تلعبه دول الجوار في أي تدخل دولي في ليبيا، يشير الطوسة إلى أن "الجزائر ترفض كليا أي تدخل عسكري دولي في ليبيا، لكن دول الساحل عبرت عن استعدادها للمشاركة في أي عملية تنظف ليبيا من المجموعات الإرهابية". وألمح الطوسة إلى الدور الذي تقوم به بعض بلدان الجوار في عملية الحوار بين الأطراف المتنازعة، وقال الطوسة إن "دول الجوار ،مصر، الجزائر و تونس منخرطة في مسلسل الحوار الوطني الليبي إلى أن تستنزف كل الجهود السياسية. فمباشرة العملية العسكرية ضد ليبيا يجب النظر إليها بعد أن تخفق كل الوساطات". ويتنازع السلطة في ليبيا حكومتان وبرلمانان، الأولى قريبة من الميليشيات الإسلامية، والثانية معترف بها من المجتمع الدولي.