أثبتت المرأة المصرية نجاحاً كبيراً فى كافة المجالات والقطاعات التى عملت بها، وهو ما ينطبق بالتبعية على عملها فى مجال العمل الشرطى، حيث حققت تجربة الشرطة النسائية نجاحاً كبيراً أقره المتخصصون منذ بداية التجربة قبل ثلاثين عاماً. ولكن مع تزايد حالات العنف خاصة الموجهة ضد المرأة، والمتمثلة فى ظاهرة التحرش، تعالت الأصوات المطالبة بتطوير وتعظيم مشاركة الشرطة النسائية لإعادة الأمن للشارع المصرى خاصة للسيدات.. وفى السطور القادمة نستعرض آراء خبراء ومراقبين حول ملاءمة تلك المطالب وكيفية تحقيقها. التجربة الشرطية النسائية نجحت فى عديد من الدول ومن بينها مصر.. هذا ما بدأ به اللواء د. نشأت الهلالى رئيس أكاديمية الشرطة الأسبق كلامه وأضاف: تخرجت أول دفعة شرطة نسائية عام 1984.. ووصلت الضابطات المصريات فى هذا القطاع الحيوى إلى رتبة العميد، مشيراً إلى أن التجربة جيدة فى إطار تخصصات بعينها مثل قطاع الخدمات الطبية، والسياحة، وقطاع السجون وأكاديمية الشرطة واتحاد الشرطة والمرور والسجل المدنى.. أما باقى القطاعات الأمنية مثل البحث الجنائى والأمن العام وغيرهما، فهناك دراسات لالتحاق المرأة بها كما هو معمول به فى الدول المتقدمة.. لكن تعميم تجربة اشتراك الفتاة فى كافة التخصصات الشرطية يتطلب قبول المجتمع تلك المشاركة، وذلك طبقا للعادات والتقاليد السائدة فى بلادنا. دورات تدريبية وقال اللواء الهلالى إن القطاعات الشرطية التى شاركت فيها المرأة نجحت بشكل كبير، مشيراً إلى قيام «الداخلية» بإقامة دورات تدريبية للبنات الحاصلات على الشهادة الإعدادية لكى يعملن ممرضات فى المستشفيات التابعة للوزارة. وأوضح اللواء الهلالى أنه يشترط لالتحاق الفتاة بالعمل الشرطى حصولها على مؤهل جامعى ثم تدرس الطالبة بعض مواد القانون مثل قانون العقوبات وغيره فى إطار عام للعمل الأمنى، ومدة الدراسة عام واحد تحصل بعدها الطالبة على رتبة الملازم أول (نجمتين). موضحاً أن أعداد الطالبات تحددها وزارة الداخلية طبقا للاحتياجات السنوية فى مختلف التخصصات المشار إليها، وذلك بناء على إعلان مسبق ينشر يحدد شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة. للتاريخ والمعروف أن القسم النسائى فى الشرطة المصرية نشأ عام 1984، وأسسه اللواء د.عبدالكريم درويش رئيس أكاديمية الشرطة فى هذا الوقت، بهدف استخدام الشرطة النسائية فى التعامل مع الإدارات التى لها علاقة بخدمات الجماهير، والتى أشار إليها الرأى السابق. إعادة هيكلة الداخلية من جانبه، أكد اللواء محمد ربيع الخبير الأمنى أن تطوير الشرطة النسائية هو جزء من هيكلة وزارة الداخلية، مشيراً إلى أهميتها فى مكافحة جرائم التحرش. وأضاف: لابد أن تتضمن خطة هيكلة الداخلية تدعيم الوزارة بخريجى كليات الحقوق المؤهلين فى علوم حقوق الإنسان والحريات العامة، وأن يكون لهم القدرة على التواصل الإنسانى والجماهيرى، والتأكيد على أن جهاز الشرطة هو لخدمة مصالح الشعب وليس لحماية النظام الحاكم. مؤكداً أن الشرطة النسائية عملت بمهارة فى مجال الجوازات ومباحث الآداب والأحداث، كما تصلح فى مجالات التهرب الضريبى، وحقل البحث الجنائى، وبصفة خاصة فى المراقبات القانونية للعناصر الإجرامية النسائية. على الجانب الآخر أكد اللواء عصام بدوى أمين عام اتحاد الموانئ العربية الأسبق عدم قدرة الشرطة النسائية على فض المظاهرات، متسائلاً: كيف يتسنى للمرأة التدخل فى مثل هذا الأمر فى ظل حالة الاحتجاجات والعنف المستمرة التى تشهدها المظاهرات؟ وقال فإذا كان الهدف من تواجد الشرطة النسائية هو حماية النساء فهو أمر محمود لكنه يتطلب وضع خطة تدريب مدروسة تؤهلهن لهذا العمل الشاق. مقاومة التحرش وترى د. عبلة إبراهيم مدير إدارة الأسرة والمرأة والطفل بجامعة الدول العربية أننا فى حاجة ضرورية للشرطة النسائية خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، مؤكداً أن تلك الشرطة سيكون لها دور فى مقاومة التحرش الجنسى إلى جانب أهمية أن يكون للنساء دور حيوى فى الحياة العامة بصفة عامة والشرطية بصفة خاصة. وأضافت: أن ذلك يتطلب أن يكون منهج التدريس فى كلية الشرطة للنساء مختلفاً عن منهج الرجال فى بعض المجالات خاصة التدريبات البدنية للنساء لأنهن ذات طبيعة خاصة. من خلال إنشاء معهد تدريب خاص بالفتيات يختلف عن معهد الرجال.. ولا يعنى ذلك الفصل بين النساء والرجال لأنه أمر مرفوض. التخصص الجنائى وقال المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة الأسبق إن الفتيات اللاتى التحقن بكلية الشرطة تخرجن كضابطات فى مواقع خدمية مثل إدارة الجوازات ومستشفيات الشرطة وغيرهما من المواقع الخدمية، لكن لم يعملن فى المجالات الجنائية وذلك بسبب طبيعة المرأة، والمجال الجنائى يتطلب خبرة الرجال لأن رجال الشرطة يتعاملون مع المجرمين، مؤكداً أنه إذا كان الهدف من الشرطة النسائية هو حماية المرأة فهو أمر محمود. نجاح البوليس النسائى فى الخارج أوضح السفير محيى الدين بسيونى عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أنه أثناء خدمته فى الخارج والتى استمرت قرابة 40 عاما لاحظ اهتمام دول كثيرة بالبوليس النسائى ومنها نيجيريا، فالمرأة هناك تؤدى واجبات الشرطة بكفاءة تامة فى مجالات المرور، ومساعدة الجمهور فى الحصول على الخدمات، ومساعدة كبار السن والاهتمام بترسيخ النظام فى الشارع. كما رأى فى بريطانيا أن الشرطيات على دراية تامة بالمواقع السياحية، ويتعاملن مع كل من يطلب خدماتهن بالاحترام الزائد، والرغبة فى المساعدة، والواقع أن التقدم العلمى الذى تمر به المجتمعات المعاصرة يؤدى إلى عدم منطقية التفرقة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بأعمال البوليس لعدة أسباب منها أن احترام البوليس قد صار أمراً مقرراً فى كافة المجتمعات المتقدمة.. أما الأمر الثانى فهو الاعتماد على الأسلحة والأدوات الميكانيكية العصرية والذى يعلى من قضية المساواة بين الرجل والمرأة فى مهنة الشرطة وغيرها، مما يدحض الفكر التقليدى القائم على التفرقة بين المرأة والرجل استناداً إلى قوة الرجل البدنية. وأضاف السفير محيى الدين أن البوليس الأمريكى كما تصوره مسلسلات التليفزيون هو خير مثال على ذلك حيث تقوم المرأة بأدوار تتناول التحقيقات والمتابعة، بل القبض على المتهمين حتى لو اقتضى ذلك استعمال السلاح، مؤكداً أن مصر لم تتأخر عن اللحاق بالاتجاه العالمى فى تطوير الأداء الشرطى، وسمحت بانضمام العناصر النسائية إلى الشرطة المصرية.. الأمر الذى يثبت المساواة بين الجنسين.. ويحقق المبدأ الذى تأخذ به كافة المجتمعات المتقدمة.