لماذا لا ننفتح في سياستنا واقتصادنا علي النموذج التركي؟!.. فتركيا تربطنا بها روابط عديدة أبرزها روابط الدين والعقيدة إذ إن غالبية الشعب التركي يدين بالإسلام.. كما يربطنا بها صلات نسب ومصاهرة نتيجة تواجد الأتراك في مصر لفترة طويلة وتفخر كثير من العائلات المصرية بروابط المصاهرة.. وتعداد سكان تركيا "75 مليونا" يكاد أن يكون متطابقا مع تعداد سكان مصر.. والتحولات السياسية والاقتصادية والانفتاح علي الغرب مع التمسك بالروابط العربية والشرقية تكاد أن تكون متشابهة وإن كانت تركيا سبقتنا في هذه التحولات فيمكن الاستفادة مما سبقتنا فيه وأيضا تقويم الأخطاء.. فقد سبقتنا تركيا بنجاح في قيادة قاطرة الديمقراطية الحقيقية وإمكانية أن يتولي الحكم حزب معارض دون زعزعة الاستقرار بل ويفوز حزب ديني في الانتخابات وتكون "أجندته" الأولي هي مصلحة الوطن والمواطن في الاقتصاد والسياسة وفق برنامج واضح وطموح.. كما سبقتنا تركيا أيضا في نموذج الاقتصاد المستقل بنجاح.. يضاف إلي ذلك كثير من مظاهر الحياة والسلوكيات التي نحتاج إليها ومنها العمل الجاد وتطبيق قوانين تحافظ علي حقوق العمال.. وإن الشرطة في خدمة الشعب بحق وتشعر بخدمة الشرطي للمواطن ولا تشعر بالتجاوزات.. والنظام أصبح عادة لكل مواطن.. والنظافة عنوان كل مكان.. البحار والأنهار والمتنزهات الخضراء يستمتع برؤيتها كل مواطن دون حجبها لأندية الفئات أو بأصحاب العوامات وعلية القوم.. وبالطبع لدينا تحفظات إذ إننا لا نقر حكم "العسكر" ولعل في مساعي الحكومة للانضمام للاتحاد الأوروبي هدف بوضع "فرامل" لهذه القيادة لصالح الديمقراطية.. كما أننا لا نقر منع أي مظهر للحجاب داخل المدارس والمصالح الحكومية إذ إن الحجاب لدينا يرتبط بالمظهر الديني والموروث الاجتماعي وحتي إذا عارضه البعض فليعتبرونه من الحريات الخاصة والشخصية، ولكن مع هذه التحفظات يبقي النموذج التركي ضرورة للانفتاح عليه والاستفادة منه سواء في الديمقراطية أو التعاون الاقتصادي أو الجذب السياحي.. وحسنا أن زار د. نظيف رئيس الوزراء وم. رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة تركيا منذ أيام بمعاونة من رجال التمثيل التجاري بالقنصلية المصرية باسطمبول.. وجهد متميز من محمد سلامة رئيس التمثيل التجاري المصري بتركيا.. وحسنا أيضا أن يكون المستشار ورئيس المكتب السياحي المصري بتركيا فيصل الزيادي والذي أثبت وحقق نجاحا كبيرا وسريعا في اليونان ويوغسلافيا ويعمل علي تحقيق نفس النجاح وبنفس السرعة في تركيا خاصة في موهبته المتميزة بكسب كل من يلتقي به وخبرته العريضة في مجال السياحة.. ولعل في رحلتنا إلي أسطمبول منذ أيام استطلاع وتعرف عن قرب لما يجري هناك ولما نتمناه لوطننا من خلال التعاون البناء. وإذا كان عدد السياح الأتراك في مصر لا يتناسب إطلاقا مع الروابط التركية بمصر وهو ما دفع وزارة السياحة ووزيرها زهير جرانة وهيئة التنشيط السياحي برئاسة أحمد الخادم بوضع الأمل علي فيصل الزيادي المستشار ورئيس المكتب السياحي بأسطمبول وهو بحق يستحق هذه الثقة والمكانة ولذا كان لقاؤنا معه أسطمبول.. فهو مسئول عن تغطية منطقة جغرافية تضم اليونان وقبرص وبلغاريا وبلجراد.. ولديه خبرة في قطاع السياحة نحو 34 عاما وشغل رئيسا لقطاع التدريب بشركة إيجوث ودرس التسوق السياحي في منظمة السياحة العالمية، كما شارك في العديد من الدورا ت في المجال السياحي في أوروبا وأمريكا ولديه ثقافة سياحية وتاريخية واقتصادية واسعة ومنفتح علي رجال الإعلام فمعظم المحررين خاصة في مجال السياحة أصدقاء له ونفس الأمر في انفتاحه علي الإعلام الغربي حيث زار معنا العديد من الصحف والقنوات التليفزيونية التركية ونفس الانفتاح علي الإعلام اليوناني واليوغسلافي وغيره وهو ما يعود بمردود سياحي علي مصر. فدور القنصل السياحي المصري كما يري فيصل الزيادي سواء كان مستشارا أو ملحقا سياحيا (واسم القنصل اسم تجاوزي) دوره هو تنشيط السياحة المستجلبة إلي المقصد السياحي وهو مصر.. أما آليات العمل فهو يتم من خلال منظومة وخطة تشرف عليها هيئة تنشيط السياحة بإشراف زهير جرانة وزير السياحة وأحمد الخادم رئيس هيئة التنشيط السياحي وهي منظومة تعمل في التحرك علي جميع المستويات التي تؤدي إلي زيادة التدفق السياحي لمصر.. وهذا يتم من خلال التعاون مع منظمي الرحلات (تاجر الجملة) وإمدادهم بالمادة الدعائية ومن خلال شركات السياحة (تاجر التجزئة) بمعني أن تقوم بوضع مصر علي خريطة منظمي الرحلات كمقصد سياحي بمعني التشجيع علي وضع مصر في البرامج سواء لمن يتعاملوا مع السوق المصرية أو الذين لم يتعاملوا بعد.. وجانب آخر يجئ في توثيق الصلة مع الجانب الإعلامي خاصة الكتاب السياحيين والثالث في التعامل مع المجلات والجرائد السياحية المتخصصة والجانب الرابع في المشاركة في المؤتمرات والندوات والمعارض الدولية السياحية، وقد وضعت وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة مؤخرا خطة تسمي الحملة المشتركة مع منظمي الرحلات وهي حملة دعائية تساهم فيها الهيئة بنسبة 50% من تكلفة الإعلان.. أما الجانب الخامس فيأتي في تنمية وتوثيق الصلة بين الشركات التي تعمل في مجال السياحة التحويلية بمعني أن هناك شركات في تركيا تضع برامج تضم سائحين من الصين وكوريا واليابان وهذه شركة كبري يملكها كوري في تركيا (أوليفيا تورز). أما عن التعليق علي ضعف السوق التركية رغم العلاقات المصرية الوطيدة فقال فيصل الزيادي إن السوق التركية من الأسواق الواعدة وإن كان ليس كالسوق الألمانية أو الإيطالية أو الفرنسية أو العرض حيث يبلغ عدد السائحين "Out going" أي الذين يسافرون للخارج خلال العامين الماضيين حوالي 3 ملايين و400 ألف عام 2004 و3 ملايين و900 ألف خلال عام 2005.. فإذا حسبنا أن نصيب مصر من هذا حوالي 30 ألفا أي أقل من 1% وهذه نسبة لا تتفق مع حجم العلاقات التاريخية، ولكن حركة السفر في أي مكان في العالم يحددها مستوي دخل الفرد ودور المكتب السياحي هو تكثيف الحملات الدعائية ومنظمي الرحلات والمشاركة في الندوات والمناسبات السياحية ورجال الإعلام و"الميديا" بصفة عامة. وبالنسبة للسياحة المصرية المستجلبة فنحن في مصر نشجعها بتسهيل إجراءات التأشيرة والحصول عليها وبالتالي فإن السياحة الواردة من تلك الدول أكثر باستثناء سياحة المشتريات عن طريق "الشارتر" إلي أسطمبول وهذه سياحة رخيصة ولكن حينما يصدم المواطن بارتفاع الأسعار الرهيب إذا ما قورنت برخص الأسعار في مصر.