التعليم تعلن إجراءات صرف مستحقات معلمي الحصة    اليوم.. بدء فعاليات دورة تدريبية للأئمة والواعظات بوزارة الأوقاف في جامعة القاهرة    بث مباشر.. رئيس الوزراء يشهد افتتاح جامعة باديا بمدينة أكتوبر الجديدة    تنسيق الأزهر 2025.. بدء تسجيل رغبات القبول لطلاب الدور الثاني بالثانوية    بالأسماء، وزير الداخلية يأذن برد الجنسية المصرية ل12 شخصا    المفتي يُثمِّن القِيمة الدينية والوطنية لِمُبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    الاثنين 9 سبتمبر 2024.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    الاثنين 9 سبتمبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    وزير الري يهنئ الفلاحين بعيدهم ال 72: جهودهم حققت الأمن الغذائي    هيئة الاستثمار تعلن قبول طلبات شركات صينية لتخصيص أراض استثمارية باليوان    الكهرباء: إلغاء المحاسبة بنظام الشرائح لمستخدمى العدادات الكودية بالمبانى العشوائية    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    تمديد إغلاق جسر الملك حسين من الجانب الأردني والإسرائيلي    شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي بمناطق متفرقة من غزة والضفة    بوتين: العلاقات الروسية - الكورية الشمالية وصلت إلى مستوى عال من الصداقة    الجيش الروسي يتقدم شرق أوكرانيا    صباح الكورة.. تأكد غياب دينامو برشلونة 10 أشهر وشركة الأهلي تفاوض أحمد شوبير    ما هي القنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد ليسوتو اليوم الإثنين؟    "24 ساعة حاسمة".. مصدر يكشف ليلا كورة كواليس مفاوضات الزمالك لضم كونراد ميشالاك    عودة الموجة الحارة.. تحذير من حالة الطقس اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024 في مصر    إخلاء سبيل سائق سيارة اصطدم بعمود إنارة بمصر الجديدة    ضبط 9 أطنان دقيق خلال حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز    سلمت له ابنتها ونفسها.. ننشر اعترافات قوادة سفاح التجمع قبل بدء محاكمتها    بدء جلسات محاكمة مضيف طيران و6 آخرين تورطوا في تهريب دولارات الإخوان للخارج    ترقبوا إعلان نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني    اندلاع حريق داخل شقة بجوار مطعم في الوراق    عروض مهرجان المسرح التجريبي ترفع شعار "كامل العدد" في دورته ال31    5 مسلسلات وفيلم.. تعرف على الخريطة الفنية ل شهر سبتمبر    الدفاع المدني بغزة: ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي في مخيم البريج إلى 4 شهداء    زايد تنعي رئيس الأوبرا الأسبق: قدم الكثير لخدمة الفنون والثقافة    "التأثير واضح".. ظهور "أبو تريكة" بعد الوعكة الصحية ورسالة مهمة (فيديو)    الصحة تتعاون مع هواوي لتطوير منظومة الرقمنة    وزير الصحة: نستهدف خفض الوفيات بسبب مرض الدرن بنسبة 90% بحلول 2030    تفاصيل مناظرة كامالا هاريس ودونالد ترامب: موعدها والقواعد واستعدادات المرشحين    لوكا مودريتش يحسم موقفه من الاعتزال    وسط حضور النجوم.. طارق وأحمد الجنايني يلتقيان عزاء والدهما    "مخالفة لطاعة ولي الأمر".. بيان من الإفتاء ردًا على فتوى أستاذ أزهري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 9-9-2024    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024 في الأسواق    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    «هيئة الدواء»: استمرار ضخ الأدوية في الصيدليات.. وانتهاء أزمة «النواقص» قريبا    الكشف على 883 مواطنا في أول قافلة طبية ل"بداية حياة" بدمياط    بسبب الإصابات والغيابات.. تعديلات طفيفة على تشكيل منتخب مصر أمام بوتسوانا    الجزائر: سلطة الانتخابات ترد على احتجاج الأحزاب السياسية المشككة    حبس قائد سيارة شركة توصيل شهيرة لسرقته سيدة بمدينة 15 مايو    الزمالك يقترب من التعاقد مع جناح بولندي بالدوري السعودي (خاص)    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    برج الميزان حظك اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024: حفل زفاف ينتظرك    نجل فؤاد المهندس ل«بين السطور»: جدتي رفضت دخول والدي عالم التمثيل    بعثة منتخب مصر تصل بتسوانا    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على غارات الاحتلال.. ماذا قالت؟    بينها مركز البحوث العلمية.. ضربات إسرائيلية على مواقع في سوريا    طلاب جامعة القناة يؤدون امتحانات الفصل الصيفي    شارك صحافة من وإلى المواطن    إسبانيا تكتسح سويسرا برباعية في دوري الأمم الأوروبية    «الإفتاء»: النبي كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين    أكلات غنية بالمكملات الغذائية ضرورية لصحة العين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والأتراك‏..‏ نموذج لفشل الاندماج الحضارى
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 06 - 2010

المواقف التركية الأخيرة المساندة لقطاع غزة في مواجهة الحصار الاسرائيلي جعلت البعض يتصور أن الأتراك قادمون لقيادة المنطقة وخوض حروبها وتحقيق آمالها. وايمانا بالروابط المشتركة بين الأمتين العربية والتركية ولدين الاسلام الذي يجمعنا فإن التاريخ يقول غير ذلك‏,‏ بل إن صفحاته تؤكد وبحروف عريضة أن أربعة قرون من الحكم التركي للمنطقة فشلت في خلق اي دمج حضاري بين العرب والاتراك‏.‏
وفي الوقت الراهن يحاول البعض تزييف التاريخ ليبيع للعرب فكرة أن الأتراك قادرون علي إخراجنا من كبوتنا الحالية وذلك من خلال الادعاء بأنه لولا الحكم العثماني لكان العرب قد انقرضوا مثل الهنود الحمر أو أكلتهم الطيور الاستعمارية الاوروبية الجارحة وأن علينا أن نسعي بقوة لعودة الهيمنة التركية علينا علي أعتبار أنها يمكنها تحرير فلسطين وإعادة توحيد العراق ومنع انفصال جنوب السودان وحل مشاكل الصومال وهذه المحاولات ليس لها سوي هدف واحد هو إضعاف مكانة الدول المحورية في العالم العربي بدءا من مصر ووصولا إلي المملكة العربية السعودية‏.‏
وحتي لاننسي فإن الاندماج الحضاري بين العرب والاتراك فشل فشلا ذريعا علي الرغم من الاستعمار العثماني للمنطقة العربية والذي استمر أربعة قرون‏,‏ وكان السبب الرئيسي في ذلك هو نظرة الاستعلاء من جانب أبناء عثمان ارطغرل للعرب واعتبارهم مواطنين من الدرجتين الثانية والثالثة رغم أن هذا الحكم تم تحت ستار الخلافة الاسلامية وحماية الاسلام‏.‏
والطريف في قصة العلاقة بين العرب والاتراك والتي كان الاسلام الرابط الوحيد فيها هو ان الدولة العثمانية دولة الخلافة كانت كثيرا ما تستعين بدول غير مسلمة لمواجهة ولاياتها المسلمة مثلما حدث عندما تجرأت مصر بقيادة محمد علي باشا في عام‏1840‏ علي تحدي سلطتها فجلبت لتركيا جيوش بريطانيا وفرنسا لاعادته للحظيرة العثمانية وحتي بعد سقوط الخلافة العثمانية بما صاحبها من تخلف وجمود فإن الأتراك لم يتوجهوا نحو العرب والذين ينتمي اليهم الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ويجاورونهم جغرافيا‏,‏ مفضلين الاتجاه نحو الغرب المتقدم‏,‏ ساعين للاندماج في تكتلاته الأمنية والاقتصادية تجسيدا للرؤي الأتاتوركية‏,‏ و قام حاكم تركيا الجديد مصطفي كمال أتاتورك بإلغاء الأذان‏,‏ واستبدال الحرف اللاتيني بالعربي‏.‏
وعندما جري حل الخلافة التركية لم نرث منها سوي المشاكل الحدودية خاصة مع كل من سوريا والعراق حول لواء الإسكندرونة ولواء الموصل علي التوالي‏,‏ واتباع العرب والأتراك سياسات غير متوافقة مع المصالح المتبادلة‏,‏ خاصة حين اتجهت تركيا إلي التحالف مع المعسكر الغربي‏,‏ والدخول في أحلاف تستهدف حصار المد القومي العربي في الخمسينيات والستينيات‏,‏ واتجهت كثير من الدول العربية للتحالف مع المعسكر الشرقي‏,‏ واتجه بعضها لدعم‏'‏ حزب العمال الكردستاني‏'‏ المعارض في تركيا‏;‏ مما كاد يسفر عن مواجهة عسكرية بين كل من سوريا وأنقرة في خريف عام‏1998‏ ساهمت مصر في حلها وتجنيب المنطقة حربا ضارية‏.‏
وكما يقول الدكتور محمد نور الدين في كتابه‏'‏ حجاب وحراب‏'‏ فإن العرب والأتراك جمعت بينهما رابطتان‏,‏ هما الأرض والخلافة‏:‏ الأولي ذهبت مع نهاية الحرب العالمية وهزيمة الدولة العثمانية‏,‏ والثانية ولت أيضا بإلغائها وإقامة الجمهورية التركية في عام‏1923,‏ وهو ما أدي إلي فك ارتباط دام بين الطرفين طيلة‏4‏ قرون‏.‏
وقد قامت السياسة الخارجية التركية تجاه القضايا العربية‏,‏ وفقا لما تمليه عليها مصالحها الاستراتيجية مع الغرب وإسرائيل‏,‏ خاصة أن هذه الأخيرة أصبحت ذات فائدة لأنقرة‏;‏ باعتبارها دولة عسكرية واستخبارية من الدرجة الأولي‏,‏ ظهرت الحاجة إليها بشكل أكبر في ظل المساعي التركية لتحديث قواتها المسلحة‏,‏ وفي مواجهاتها العسكرية مع‏'‏ حزب العمال الكردستاني‏',‏ هذا ناهيك عن احتياجها إلي اللوبي اليهودي في مواجهة اللوبيين الأرمني واليوناني في الكونجرس الأمريكي‏,‏ ولتحسين صورتها إعلاميا في مجال حقوق الإنسان في ظل ما تقترفه من تجاوزات بحق الأكراد‏,‏ ومذابح الأرمن عام‏1915,‏ فضلا عن اعتبارها بوابة واسعة إلي صداقة الولايات المتحدة‏.‏
وحتي بالنسبة للأقلية العربية في تركيا والتي تشكل أكثر من‏3%‏ من تعداد سكانها البالغ اكثر من‏70‏ مليون نسمه ويتوزعون في مناطق اورفة وماردين وانطاكية ولواء اسكندرون فإنهم يعانون من قمع عرقي تركي‏.‏
ولقد تعرض عرب تركيا لسياسة التتريك التي اتبعتها الحكومات التركية المتعاقبة ضدهم كفرض الزي التركي عليهم وعلي الاقليات الباقية وبدلت أسماء القري والبلدات وأسماء العائلات إلي اسماء تركيةومنعتهم كغيرهم من الاقليات من التكلم بغير اللغة التركية‏,‏ ومع هذا فما زال معظمهم يتكلم اللغة العربية وان كان قد دخلها الكثير من الالفاظ التركية‏.‏ ومنذ قيام تركيا الحديثة والعرب المسلمون يجسدون في نظر الكماليين قيم التخلف والرجعية‏.‏
حيث كان أتاتورك من أشد المؤيدين لوجوب طلاق الجامع والسياسة علي غرار ما حدث في أوروبا من طلاق بين الكنيسة والحكم‏,‏ وكان يؤمن بأنه قادر علي أن يطوع الشعب التركي لتقبل هذه الأفكار‏,‏ لكنه كان يري انه ليس لدي العرب القدرة علي التكيف مع ما يريد أن يطرح فكان لابد من الانفصال‏,‏ الانفصال عن الجوار العربي الإسلامي‏,‏ والتاريخ العثماني وتقاليد تلك الحقبة‏,‏ وساعده في ذلك تغيير الحروف العربية إلي لاتينية‏,‏ ومنذ ذلك الحين أي منذ قيام الجمهورية التركية الحديثة كان العرب المسلمون يجسدون في نظر السلطة الحاكمة في تركيا قيم التخلف والرجعية التي لابد من التخلص منها‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.