محمد طلعت ماس كهربائي بسبب ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة لعدم وجود وسائل أمان للسيطرة على الحريق أدت في النهاية لكارثة عاشتها منطقة العتبة خلال الأيام الماضية. ذلك لم يكن الحادث الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير الذي يحدث سواء في ذلك المكان بالعتبة أو في غيره من الأماكن خاصة التي ليس بها أي إجراءات أمن صناعي، وهى كثيرة بالمناسبة وموجودة في كل منطقة وداخل النطاق العمراني السكني ولا احد يفعل شيئًا لمواجهتها. تحدثنا عن تلك المصانع والورش التي تعمل داخل النطاق العمراني أكثر من مرة في اخبار الحوادث وحذرنا من خطورتها خاصة أن ابسط قواعد الدفاع والحماية المدنية غير متوفرة فيها وموجودة داخل العقارات السكنية وتسببت في حرائق نتج عنها خسائر بمئات الملايين من الجنيهات دون أي تحرك من المحليات لمواجهة تلك الكوارث والتي أساسها هى مصانع بير السلم. حريق العتبة الأخير والتي قدرت الخسائر المبدئية فيه بعشرات الملايين من الجنيهات في العقار الذي اشتعلت فيه النيران كان السبب فيه ورشة أحذية أقيمت في ذلك المبنى منذ سنوات طويلة دون أي مواجهة خاصة من قبل المحليات ولهذا استمر ذلك الشخص في توسيع أعماله دون أي اهتمام بإجراءات الصيانة ولهذا استمر الإهمال وعدم استكمال إجراءات الصيانة اللازمة لحماية العقار من الحرائق. لهذا عندما اشتعلت اول شرارة للحريق حدث ما حدث بسرعة كبيرة وسرعان ما اشتعلت النيران في كل مكان والخسائر الكبرى كانت بسبب تخزين كميات كبيرة من البضائع التي تصنع في تلك الورشة الخاصة بالجزم والتهمها الحريق في لحظة دون أن يكون هناك إمكانية لإنقاذ أي شيء من تلك البضائع لأن ذلك المخزن وتلك الورشة أقيمت في منطقة لا تصلح من الأساس لاقامة أي منشأة صناعية بها إجراءات حماية مدنية مناسبة. الشوارع في منطقة العتبة صغيرة جدا لا تصلح لأن يمر أحد بها والورشة كانت في منزل يتكون من ثلاثة طوابق به الورشة والمحل ومخزن، من المعاينة الأولية لا وجود لأي إجراء امن صناعي لانه طوال ساعات حاولت اكثر من 15 سيارة إطفاء إخماد الحريق لكن كل المحاولات باءت بالفشل فكلما يتم إطفاء النار تعود وتندلع شرارته مرة أخرى حتى تحول سقف المبنى وواجهته لكومة من الرماد وذلك رغم محاولات تبريده من قبل رجال المطافئ الذين بذلوا جهدًا كبيرا حتى استطاعوا اخيرا أن يخمدوا الحريق. منطقة العتبة من المناطق التي تتعرض كثيرا لحوادث الحرائق بصورة كبيرة عن أي مكان آخر ولهذا أسباب كثيرة يعرفها جميع المتخصصين أو حتى يعرفها أي شخص يسير في تلك المنطقة من قبل؛ ف حواريها كما قلنا تمنع وصول المطافئ والحماية المدنية للمكان وتكدس البضائع بتلك الصورة غير السليمة تجعلها عرضة لتكرار تلك الحوادث. لجان! وحتى لا تتكرر تلك الحوادث تحركت الحكومة ممثلة في وزارة العمل من خلال إطلاق مبادرة لمواجهة تلك الحرائق من خلال تشكيل لجنة من الجهات المختصة للنزول للاماكن التي تواجه خطر اندلاع الحرائق بسبب الماس الكهربائي وفحص تلك المحلات والورش وصيانتها بصورة كاملة من الكابلات والوصلات الكهربائية وغيرها وذلك حتى لا تتكرر تلك الحوادث مرة اخرى ولكي يتم الحفاظ على الأرواح. ذلك جهد حكومي لصيانة منطقة ضخمة مثل العتبة لكن ما الذي سيفعله التجار لتحديث إجراءات الأمن الصناعي في محلاتهم ومخازنهم في تلك المنطقة من الأساس؟! الإجابة هو أن أحدا لن يفعل شيئا لأن من يريد أن يفعل كان سيفعلها من قبل لأن الحريق الذي حدث شاهدنا عشرات الحوادث المشابهة في نفس المكان دون أن يتحرك احد، فهم يعتمدون على الوقت لكي ينسى الجميع ما كان، فوقت الحدث يتحدث الجميع ولكن بعد فترة يتراجع النقاش ثم بعد ذلك لايتكلم فيه احد وينسى بصورة كاملة وكأنه لم يحدث على الاطلاق. لهذا رأينا وقت حريق العتبة يتحدث الجميع عن مصانع بير السلم والورش المقامة بدون ترخيص وخطورتها ثم بعد ذلك لايتحدث أحد وهذا ما يعتمد عليه أصحاب تلك المصانع، فهم يرون أن وقت الحادث هو مثل الطوفان الذي يجب أن يمر بهدوء ثم بعد ذلك عندما ينسى الجميع ما حدث يعودون مرة أخرى لنشاطهم وتستمر المصانع والورش في نشاطهم المخالف للقانون من خلال منتجات بير السلم دون حسيب أو رقيب. الأسباب السؤال هنا كيف نواجه مثل هذه الكوارث التي تحدث كل فترة بحريق هنا وحريق هناك داخل تلك الورش والمصانع التي ليس بها أي إجراءات للحماية المدنية على الإطلاق ومقامة في أماكن من المفترض عدم وجود أي مصانع بها وهى اماكن اصعب كثيرا من منطقة العتبة وسبق أن تحدثنا عنها كثيرا في اخبار الحوادث وحذرنا من خطورتها لذلك سألنا عددًا من المتخصصين في إجراءات الصيانة والحماية المدنية. يقول المهندس حسام عبد الله خبير الحماية المدنية: إن أغلب الحرائق التي تتم وخاصة في الفترة الأخيرة العامل الأساسي والمشترك بينها هو الماس الكهربائي وهذا له عدد من الأسباب؛ اولها ارتفاع درجات الحرارة بصورة غير قياسية هذا العام أسهمت في انصهار الأسلاك الكهربائية بصورة سريعة وجعلتها عرضه للماس الكهربائي، والجزء الثاني الذي يسهم في الحرائق هو عدم قيام أصحاب تلك الأماكن بعمل الصيانة اللازمة للأجهزة والمعدات التي تحتاج كل فترة لعملية متابعة وصيانة شاملة لكن الإهمال وعدم الرغبة في دفع تكاليف إضافية تجعلهم يتجاهلون الصيانة وفي النهاية تقع الكوارث ويخسرون كل ما يملكونه والسبب إهمالهم فهم لايريدون أن يتحملوا تكاليف الصيانة لكنهم قد يخسرون كل ما يملكونه من أموال. ويضيف الدكتور محمد إسماعيل خبير الأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية: أن إقامة المصانع والورش في المناطق السكنية من أخطر ما يكون لأن هذه الورش تقام في أماكن من المستحيل فيها ايجاد أمن صناعي لأن أغلبها يكون في أماكن غير مخصصة لإقامة مصانع أو ورش وعلى سبيل المثال الحادث الأخير الذي وقع في العتبة قبل عدة أيام؛ الورش التي بدأ منها الحريق لم تستطع الحماية المدنية ورجال المطافئ من الوصول إليها بسهولة لأنها كانت في أماكن ضيقة جدا ذلك رغم وجود المقر الرئيسي للمطافي في نفس المنطقة. ويضيف خبير الأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية؛ أنه يجب على كل مصنع أو ورشة أن تطبق قواعد الأمن الصناعي بصورة كاملة إذا ما أردت أن تبتعد عن الحرائق التي تحدث من الإهمال فالأمن الصناعي هو تأمين للمنشأة من التلف والحرائق والمصنع الذي يهتم بأمنه الصناعي لا يتعرض في أي وقت من الأوقات للحوادث والحرائق التي تحدث فقط لاصحاب المصانع المهملين الذين لا يتبعون قواعد الأمن الصناعي. ويؤكد خبير الأمن الصناعي والسلامة والصحة المهنية؛ أن وجود اماكن سكنية بجانب المصانع أو كما نرى في أغلب الحرائق أن المصنع أو الورشة التي تتسبب في الكارثة تكون داخل عمارات سكنية في اماكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقام بها مصنع لأن وجودها من الأساس يخل بقواعد السلامة، وهذه الورش من الأساس ليس لها أي ترخيص ولهذا لايتم التفتيش عليها ومعرفة ما يقدموه من إجراءات سلامة وأمن صناعي. العقوبة وهنا لابد من وقفة قانونية لأن تلك الورش ومصانع بير السلم منتشرة بصورة كبيرة في أغلب المناطق السكنية خاصة الشعبية والعشوائية؛ ليكون السؤال كيف يتم التعامل مع تلك المصانع بصورة قانونية؟!، سألنا عددًا من خبراء القانون، يقول علي مصطفى المحامي بالاستئناف العالي: أن القانون يعاقب صاحب الورشة أو مصنع بير السلم لبيعه المنتج المغشوش بالحبس مدة لا تقل عن عام ولا تزيد على 3 سنوات ودفع غرامة لاتزيد عن 20 ألف جنيه وهى عقوبة تحتاج للتغليظ لأن أصحاب تلك الأماكن يتكسبون منها الكثير لذلك الغرامة أقل بكثير من التي يجب أن تفرض عليهم. ويضيف المحامي بالاستئناف العالي؛ إن إقامة منشأة سواء كانت مصنع أو ورشة بدون ترخيص؛ نص قانون تيسير إجراءات منح التراخيص للمنشآت الصناعية على معاقبتهم بالحبس مدة لا تتجاوز عاما وغرامة لا تقل عن 100 الف جنيه ولا تزيد عن 5 ملايين جنيه أو بإحدى العقوبتين وهذا أمر افضل لكن على أرض الواقع وجود تلك المنشآت داخل الاماكن السكنية يجعلهم في كثير من الأحيان يتهربون ويكونون بعيدين كل البعد عن رقابة موظفي الاحياء والذين يحتاجون لتكثيف جهودهم بصورة أكبر في الاماكن السكنية للكشف عن تلك المصانع. ويشير المحامي بالاستئناف العالي علي مصطفى؛ إلى أن منطقة العتبة على سبيل المثال كلها ورش وأماكن ليس لها أي ترخيص وليس بها أي حماية مدنية من الأساس لكنها رغم ذلك مازالت موجودة رغم الحوادث المتكررة في تلك المنطقة على مدار سنوات فكل فترة نسمع عن حريق يحدث في ذلك المكان وخسائر بالملايين ولكن فجأة بعد فترة من الحادث يعود كل شيء كما كان دون أي عقاب رادع وهنا تتكرر نفس المشكلة مرة أخرى. تلك المشكلة حذرنا منها كثيرا في اخبار الحوادث نشرناها في تحقيقات وملفات كاملة عن خطورة مصانع بير السلم وتحدثنا مع أهالي مناطق كثيرة من المتضررين الذي اشتكوا لنا كثيرا عن تلك الورش التي تتوغل داخل أماكن إقامتهم وتعرضهم للأخطار الكارثية كما حدث على سبيل المثال في حادث عقار فيصل الذي تسبب جشع البعض في إقامة ورشة داخل عقار به عدد كبير من الشقق السكنية في حريق مدمر كان حديث الجميع وقتها وتحدثنا عن خطورة تلك الورش التي أدت في النهاية لهدم العقار وضياع تحويشة عمر عشرات الأسر. تحدثنا كثيرا لكن لماذا لا يتحرك أحد لمواجهة تلك المصانع والورش والتي حتى وإن قامت ببعض إجراءات الصيانة لكي تحمي نفسها من الحرائق، المنتجات التي تُصنع من الأساس هى منتجات مغشوشة ليس لها أي مصدر ويمكن أن تتسبب في كوارث صحية ورغم ذلك يتم تداولها في الأسواق وتُباع وتُشترى دون رقيب أو حسيب وهى كارثة صحية موقوتة لذلك من هنا ندعو الجميع لضرورة الوقوف لمواجهة تلك المصانع والورش التي تنشط في المناطق السكنية بصورة مرعبة مهددة حياة الآلاف من القاطنين في تلك المناطق بخطر الحريق لهذا يجب أن يتم تغليظ العقوبات بصورة كبيرة. حتى لا نستيقظ على كارثة جديدة يسقط فيها ضحايا بسبب جشع التجار وضربهم بعرض الحائط لإجراءات الحماية المدنية.