اعتبرت عدة صحف أمريكية أن حركة حماس، ورغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تكبدتها، خرجت بإحساس المنتصر من العملية العسكرية الأخيرة التي نفذتها إسرائيل في قطاع غزة، ويدعم ذلك العديد من الحقائق على الأرض، منها فشل الهدف الإسرائيلي الرئيسي من العملية وهو إجبار حماس على وقف إطلاق الصواريخ على بلدة سديروت، بل إن صواريخ حماس وصلت إلى مدي أبعد وصل إلى بلدة عسقلان لأول مرة وطوال أيام العملية .ومن أبرز النتائج التي حصدتها حماس أيضا إعلان السلطة الفلسطينية تعليق عملية التفاوض مع إسرائيل، وهو المطلب الذي طالما نادت به حماس . ومن جانبها رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن نتيجة العملية الإسرائيلية الأخيرة، التي أطلقت عليها إسرائيل اسم الهولوكوست (المحرقة)، أعادت للأذهان ذكرى ومشهد ختام الحرب الإسرائيلية على حزب الله في لبنان عام 2006، مشيرة إلى التشابه بين مشهد احتفال قادة حماس بما يعتبرونه انتصارا عظيما على إسرائيل وهي تسحب جنودها من شمال القطاع الاثنين 3-3-2008، بعد خمسة أيام من القتال، وبين مشهد احتفال حزب الله بما اعتبروه "نصرا إلهيا" في احتفال ضخم فور انسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان بعد 33 يوما من القتال الشرس . واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن العملية الإسرائيلية ونتائجها أظهرت معالم قوة وتطور في أداء حركة حماس، منها ظهور صواريخ الكاتيوشا، لأول مرة، والتي استهدفت مستوطنة عسقلان، أيضا لأول مرة، جنبا إلى جنب مع استمرار إطلاق صواريخ القسام المحلية الصنع باتجاه مستوطنة سديروت . وكان أكثر من 200 صاروخ تم إطلاقها باتجاه إسرائيل منذ الأربعاء، من بينها 21 صاروخا من طراز كاتيوشا البعيدة المدى، والتي تم تصنيعها من خارج قطاع غزة . كما أشارت الصحيفة إلى مظهر آخر من مظاهر القوة المتصاعدة في إمكانيات الحركة، وهو القوة المادية، والتي كشفت عن نفسها في إعلان القيادي البارز في حركة حماس، محمود الزهار، أمام الآلاف من المحتفلين بالانتصار في غزة يوم الاثنين، أن منظمته سوف تعيد بناء المنازل التي دمرتها الضربات الإسرائيلية، في موقف يعيد للأذهان خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في مهرجان "الانتصار الإلهي" عقب خروج الجيش الإسرائيلي في 2006، والذي وعد فيه بأن منظمته سوف تعيد بناء كل المنازل التي حطمتها الحرب الإسرائيلية على لبنان. وعلى الصعيد السياسي، أشارت "نيويورك تايمز" إلى إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تعليق محادثت السلام مع إسرائيل بعد تصاعد حصيلة الشهداء الفلسطينيين، وإن كان هذا لا يأتي استجابة للدعوات التي تطلقها حماس بشكل دائم للسلطة من أجل وقف المفاوضات غير المجدية من وجهة نظر حماس، إلا أنه حقق هدف الحركة في النهاية. استراتيجية خاطئة ومن جانبها اعتبرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" أن الاستراتيجية الإسرائيلية في محاربة حركة حماس خاطئة، وخاصة فيما يتعلق بالإجراءات الإسرائيلية لتضييق الخناق على الأحوال المعيشية والاقتصادية لسكان قطاع غزة. واستدلت الصحيفة على ذلك بأن الشعب الفلسطينى بدلا من أن ينقلب على حكومة حماس ويتهمها بأنها السبب وراء هذا التضييق الإسرائيلي على القطاع، فإنه انفجر في اتجاه الحدود المصرية، يناير/ كانون الثاني الماضي، ليفجر الجدار الحدودي ويندفع الآلاف في اتجاه سيناء ليتزودوا بما حُرموا منه لأشهر طويلة، وهو ما أعطى الفرصة لحركة حماس للتزود عبر الحدود بشحنات من الصواريخ المتطورة التي أتاحت لها الاستمرار في قصف المستوطنات، بحسب الصحيفة. أما أكبر مظاهر فشل العملية الإسرائيلية فتمثل في فشل الهدف الأساسي المعلن منها وهو إجبار حركة حماس على إيقاف إطلاق الصواريخ باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، وهو ما ذكرته صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية التي قالت: "أن معدل إطلاق صواريخ الكاتيوشا من جانب حركة حماس على إسرائيل تضاعف خمس مرات على الأقل". واعتبرت الصحيفة أن هذا المعدل من إطلاق صواريخ الكاتيوشا إلى جانب صواريخ القسام التقليدية عزز من إدعاء حماس أنها انتصرت على إسرائيل. وأشارت الصحيفة بشكل خاص إلى نجاح حركة حماس في قصف مستوطنة "عسقلان" لخمسة أيام متتالية بصواريخ الكاتيوشا خلال فترة العملية الإسرائيلية، وهو ما جعل سكانها يشعرون بأنهم على شفا حرب. وتعد "عسقلان" أكبر بلدة إسرائيلية يتم استهدافها صاروخيا بشكل منتظم، منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، والتي استطاع حزب الله خلالها استهداف العديد من البلدات الإسرائيلية بصواريخ الكاتيوشا بشكل يومي. واتساقا مع اتجاه عام ساد تعليقات الصحف الأمريكية حول هذا الشأن، فإن "الواشنطن تايمز" أوردت تصريحا لمسئول أمني إسرائيلي زعم فيه أن "الكاتيوشا" وصلت إلى حماس من جهة إيران خلال فترة انهيار الجدار الحدودي بين مصر وقطاع غزة يناير/كانون الثاني الماضي. واستشهدت الصحيفة الأمريكية بتقييم المسئول الأمني الإسرائيلي، يوسي ألفير، لنتائج العملية الإسرائيلية قال فيه: "أنه بالنسبة للجانب الفلسطيني فإنهم أصيبوا بخسارة ثقيلة، إلا أنهم نجحوا في إدخال عسقلان في دائرة الحرب؛ ولذا فإنني لا أعطي باراك (وزير الحرب)، و أولمرت (رئيس الوزراء) درجات عالية". كما أوردت الصحيفة تعليق افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بشأن دلالة إيقاف المباحثات، جاء فيها: "هذا نصر بالنسبة لحماس، التي تعارض المباحثات مع إسرائيل، فتعليق المحادثات حتى وإن كان مؤقتا وغير مجديا، يجعل الأجندة السياسية للمحادثات رهنا في يد حماس".