أودعت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ حيثيات حكمها في قضية أحداث الاعتداءات التي وقعت مؤخرا على السفارة السعودية ومديرية أمن الجيزة والمتهم فيها 76 شخصا، والتي قضي فيها بمعاقبة ضابط الشرطة الهارب العقيد عمر عفيفي بالسجن المشدد لمدة 5 سنوات، ومعاقبة 74 متهما آخرين بالحبس لمدة عام مع إيقاف التنفيذ لمدة 3 سنوات.. وكانت النيابة العامة قد أسندت للمتهمين تهم التجمهر واستعمال العنف مع موظفين عموميين، والتعدي على ضباط وأفراد الشرطة بالقوة، والاعتداء على البعثات الدبلوماسية، ومحاولة احتلال مبنى مديرية أمن الجيزة وتخريب أملاك عامة، وإشعال النيران عمدا في منشآت معدة للنقل العام لغرض إرهابي، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام أثناء مظاهرة "جمعة تصحيح المسار"، على نحو أسفر عن مقتل 3 وإصابة 1049 آخرين..
قالت المحكمة في حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار نور الدين يوسف وبعضوية المستشارين أحمد عبد العزيز وعبد الناصر أبو الوفا، والتي تم إيداعها في 26 صفحة، انه بعد مطالعة الأوراق وما تم بها من تحقيقات وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والمداولة قانونا، فقد استقر في يقين المحكمة مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة، أن المتهم الأخير الضابط عمر عفيفي قام عبر شبكة المعلومات الدولية ومواقع الفيس بوك وعلى الصور الضوئية للحاسب الالكتروني له، بتسجيل مشاهد وعبارات صوتية تحرض المواطنين على التجمهر والقيام بأفعال عدائية داخل البلاد ضد ضباط الشرطة وجنودها والدعوى لمحاصرة أقسام الشرطة ومنشآتها واحتلالها بكافة المحافظات وإخلائها من القوات باستخدام العنف وذلك بقصد تعطيل رجال الشرطة عن أداء مهمتهم من حفظ الأمن داخل البلاد وبقصد الإضرار بأمن واستقرار مصر والإضرار باقتصادها القومي..
وأشارت المحكمة إلى انه تنفيذا لذلك التحريض، تجمهر المتهمون جميعا وآخرون مجهولون بتاريخ 0 سبتمبر من العام الماضي أمام مقر البعثة الدبلوماسية بالسفارة الإسرائيلية ثم توجهوا بعد ذلك إلى محيط مقر البعثة الدبلوماسية للسفارة السعودية، وقاموا بقذفها بالحجارة فأحدثوا بها التلفيات المبينة وصفا وقيمة بمبنى السفارة، على نحو ما ورد بالتحقيقات..
وأضافت المحكمة أن المتهمين أحدثوا التلفيات بالسيارات التابعة للسفارة، ثم توجهوا إلى مقر مديرية امن الجيزة وقاموا بقذفها بالحجارة والزجاجات الحارقة فأحدثوا التلفيات في بعض مبانيها, فضلا عن إضرام النيران لبعض سيارات الشرطة..
وأكدت المحكمة انه استقر في يقينها قيام المتهمين عدا الأخير عمر عفيفي، بالتعدي على أفراد الشرطة ومعداتها فأحدثوا الإصابات بالإفراد والتلفيات بالمباني فضلا عن إلقاء الزجاجات الحارقة على الممتلكات العامة والخاصة..
وأشارت المحكمة إلى انه استقر أيضا في وجدانها ضبط المتهم رقم (13) ويدعى محمد الديب وبحوزته الأموال والنقود التي قام بتوزيعها على المتهمين المتجمهرين لتحريضهم على القيام بأعمال التخريب والتعدي على أفراد الشرطة والسفارتين الإسرائيلية والسعودية ومديرية أمن الجيزة, وقيام المتهمين من الرابع عشر وحتى الثامن عشر بإضرام النيران في سيارات ومركبات الشرطة وبعض السيارات الخاصة والتعدي على أفراد الشرطة المعينين على حراسة السفارة السعودية ومديرية امن الجيزة..
وأضافت المحكمة انه بالنسبة للمتهم رقم (36) وهو طفل فقد ثبت إحرازه لسلاح ابيض (سنجة) واستخدمها في التعدي على أفراد الشرطة, كما تم ضبط المتهم رقم ( 25 ) محمود عاشور وبحوزته (خنجر) وهو يستخدمه في التعدي على أفراد الشرطة, وقيام المتهم رقم ( 43 ) على محمد على بإعداد الزجاجات الحارقة وإمداد المتجمهرين بها مستخدما دراجته البخارية، في حين كان المتهم رقم ( 48 ) أحمد محمود يقوم بامداد المتجمهرين بكمامات لتحد من تأثير الغازات المسيلة للدموع مستخدما سيارته الخاصة, فضلا عن قيام المتهم الأخير بحث المتجمهرين على الاستمرار في التعدي على أفراد الشرطة والممتلكات العامة والخاصة..
وأوضحت المحكمة بان الواقعة بهذه الصورة قد استقام الدليل على صحتها وإسنادها للمتهمين وذلك من خلال شهادة الشهود، ومعاينة النيابة العامة للتلفيات، ومن تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية وما جاء بفحص الاسطوانات المدمجة المسجل عليها الحساب الالكتروني للمتهم الأخير عمر عفيفي، وكتاب إدارة المراقبة والتسجيل لمصلحة الجوازات والهجرة والجنسية، وما ورد بالبلاغ المقدم من المستشار القانوني لسفير المملكة العربية السعودية بمصر..
وأشارت المحكمة إلى انه ثبت من التقارير الطبية في القضية إصابة عدد (21) ضابطا و76 جنديا من قوات الشرطة من جراء المصادمات والاعتداءات التي حدثت ضدهم من المتجمهرين.. وأضافت المحكمة في حيثياتها أن المتهمين من الأول وحتى رقم ( 46 ) أنكروا بالتحقيقات ما اسند إليهم من اتهامات واعتصموا أيضا بالإنكار أمام المحكمة فضلا عن مثول المتهم الهارب رقم 74 ويدعى سيد على عبد المقصود أمام المحكمة وأنكر التهم المسندة إليه..
وذكرت المحكمة بأنه أثناء فض الإحراز شوهد مقطع فيديو مصورا للمتهم عمر عفيفي وخلفه خريطة لمحافظة القاهرة وهو يحرض على التظاهر لكافة طوائف الشعب وبصفة خاصة الفقراء يوم 8 يوليو من العام الماضي مع وعدم الاكتفاء بميدان التحرير بقوله: "لابد من خروج المظاهرات من كافة المناطق الشعبية وبكثافة كثيرة لتعجيز قوات الشرطة والجيش عن السيطرة على تلك المظاهرات "..
وأكدت المحكمة أنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت المقدمة في الدعوى، ومن ثم فإنها تلتفت عن إنكار المتهمين بالتحقيقات وأمام المحكمة، وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع عن النفس، كما أنها تلتفت عما أثاره الدفاع من ضروب دفاع أخرى قوامها إثارة الشك في تلك الأقوال والتشكيك في أدلة الثبوت التي وثقت بها المحكمة, فضلا عن أن المتهمين الهاربين لم يمثلوا أمام المحكمة ولم يبدوا ثمة دفوع لدرء ما نسب إليهم من اتهامات، مشيرة إلى أنها طرحت هذه الأقوال جانبا ولا تعول عليها خاصة أنها قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت المطروحة أمامها..
وأوضحت المحكمة أنها انتهت إلى توافر الجرائم التي نسبتها النيابة إلى المتهمين بأمر الإحالة.. مشددة على أن ثورة 25 يناير كانت ثورة سلمية قام بها الأحرار والشرفاء من أبناء مصر، ومات وأصيب منهم الآلاف، دون ان تمتد أيديهم إلى الممتلكات العامة والخاصة بالتخريب والإتلاف بل أنهم قد وقفوا في وجه المخربين من أمثال المتهمين الماثلين عندما أرادوا أن يقتحموا المتحف المصري والممتلكات العامة، معرضين أنفسهم لخطر الاعتداء عليهم من أعداء الثورة الذين يريدون أن تتحول مصر إلى ساحة للاقتتال والتخريب بمساعدة عناصر خارجية وداخلية لا تريد للثورة النجاح ولا لمصر الاستقرار..
وأشارت المحكمة إلى أنها رأت من خلال ما حدث من مظاهرات منذ قيام الثورة وحتى الآن قيام عناصر من البلطجية والمرتزقة بمحاولة زعزعة الاستقرار والوقيعة بين الدولة والدول الأخرى، وكذا بين فئات الشعب المختلفة، وتساعدهم قوى خارجية وداخلية رصدت الملايين من الأموال لتحويل هؤلاء الخونة.
وقالت المحكمة إنه في هذا الصدد أيضا أن هؤلاء الذين انتسبوا زورا إلى مصر قالوا نحن مع الثورة لكنهم لا يحمون الأمن من الخارج, وتحت عباءة أعداء مصر يقبضون منهم الاموال لينفقونها على تخريب مصر وعدم استقرارها، مضيفة : "لو كانوا مصريين حقا لظلوا في بلدهم يواجهون الحكام المستبدين وينصرون شعبهم المقهور.. ولكنهم يريدون لمصر أن تكون كالدول التي قسموها أو احتلوها أو أوقعوا الخلافات بين أبناءها حتى لا تقوم لها قائمة"..
وناشدت المحكمة - في حيثيات حكمها - رئيس الجمهورية والحكومة سرعة استصدار قانون ينظم التظاهر والاعتصام، ويحدد قبله المكان والزمان والأشخاص القائمين به وتوفر القوة اللازمة لحماية من يقومون به على نحو يمنع البلطجية وأعداء الثورة من تحويل التظاهر والاعتصام إلى أعمال تخريب وإتلاف، وان يكلف فيه (القانون) المتظاهرون والمعتصمون السلميين بالابتعاد عن المخربين ومرتكبي الجرائم وان يقف الشعب كله ضد الذين يدبرون لتدمير مصر من الداخل وعلى أيدي أبناءها..
وأوضحت المحكمة أن الجرائم المسندة للمتهمين مرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة، ولذلك فانه يتعين معاقبتهم بالجريمة المقررة عملا بنص المادة 32 من قانون عقوبات، لافتة إلى أنها (المحكمة) راعت ظروف المتهمين، والظروف التي كانت تمر بها البلاد بعد ثورة 25 يناير، وإن كان هذا لا يمنع من ان يعاقب كل متهم عما ارتكبه من أفعال تخالف القانون, مشيرة إلى انه بالرغم من ذلك، فالمحكمة حكمت بقسط من الرأفة وفقا لأعمال نص المادة 17 عقوبات..
ونوهت المحكمة انه لو كان قد جرى تطبيق سيادة القانون منذ فترة بعيدة "ما كنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن".. مشددة على انه إذا تكرر منهم فعل شيء مما ارتكبوه سوف تكون العقوبة مضاعفة.. مواد متعلقة: 1. السجن 5 سنوات لعمر عفيفي و سنة مع الإيقاف ل 74 آخرين في احداث السفارة السعودية 2. السجن 5 سنوات للعقيد عمر عفيفي و سنة ل 74 متهماً في أحداث السفارة السعودية 3. السجن 5 سنوات للضابط عمر عفيفي و سنة مع الإيقاف ل 74 متهما في أحداث السفارة السعودية