قدم الفنان عادل إمام ما يربوا علي 300 فيلم تباين معظمها بين الجيد والمتوسط وقليل منها كان دون المستوي ، وهذه طبيعة السينما لإن العملية الفنية محكومة بأشياء كثيرة يمثل أداء البطل عنصراً واحداً فيها ، ولكنه يتحمل تبعات الإخفاق والنجاح دون غيرة إذا كان يتمتع بجماهيرية كبيرة مثل التي يتمتع بها عادل إمام ، وكثيراً ما فشلت أفلام وجاء مردود فشلها علي البطل فهو المسئول الأول أمام جمهوره العريض فعلي قدر التأييد والحب الجارف يأتي عادة الهجوم والرفض ، حيث المسألة لا تخضع لمنطق الموضوعية ، وإنما هي عملية وجدانية بحتة . وعلي سبيل المثال عندما قدم نور الشريف فيلمه السياسي الشهير " ناجي العلي " شنت جريدة أخبار اليوم حملة صحفية ضده قادها رئيس التحرير آن ذاك وأتهم البطل في وطنيته ولم يشفع له تاريخه الطويل في التصدي للقضايا الكبري من فساد سياسي واقتصادي واجتماعي وأمضي نور الشريف سنوات ثقيلة مريرة خسر فيها الكثير حتي إستعاد نجوميته مرة أخري ! بنفس الآلية وبذات المقاييس وقع عادل إمام في فخ الإشتباه السياسي ودخل بقدميه دائرة الإتهام وخاض معارك عديدة مع النقاد والمثقفين كان الخلاف فيها علي نوعية ومستوي ما يقدمه فحين يكون مرضياً عنه يحمل علي الأعناق ويستقبل في المحافل والمهرجانات الدولية إستقبال الفاتحين وعندما يقدم فيلماً تجارياً لا يحظي بالقبول الجماهيري الكافي تنزل عليه أقلام الكُتاب والصحفيين كالسهام بغير هوادة أو رحمة وينسي الجميع ما قدمه من رصيد وفير به من الحسنات الفنية أكثر من السيئات ويتذكرون فقط مساوئ العمل الذي هم بصدد تقييمة . وقد إعتاد هو علي ذلك وفهم أصول المهنة ومتطلباتها ومفاجأتها ولم يعد ينزعج كثيراً مما يحدث ، بل علي العكس كان يشعر بالحيوية والنشاط لأن أعماله تثير الجدل وتحرك الماء الراكد في البحيرة الفنية والسينمائية علي وجه الخصوص وهناك حكمة تقول إذا زاد حسادك فأعلم أنك تسير في الإتجاه الصحيح ويبدو أن نجم النجوم يؤمن بها فيتغاضي بفضلها عما يصيبه ويعكر صفوه فهو ماض في مشوارة ولا يعبأ بشيء غير فنه وإن كان به ما يثير الإستفزاز ويستنفر البعض ، وهذا ليس من قبيل الدعم الشخصي لعادل إمام فأنا أكثر من إنتقد أفلامه ولكني في نفس الوقت لا أستطيع أن أبخسه حقه كفنان يمثل قيمة كبيرة في المحيط الثقافي وله تأثيره الشعبي الجارف ، ولابد أن أذكر الآن دورة الإيجابي طالما تعرضت من قبل لعيوب بعض أفلامه التي كنت أري أنه أكبر منها واستكثر عليه أن يُستثمر تجارياً ويبدد موهبته الجبارة في الهلس الذي تمثل في أفلام مثل حنفي الأبهه والهلفوت والمتسول وعنتر شايل سيفه وخلي بالك من جيرانك وغيرها فهذه نوعيات تكسب منها المنتجين وأصحاب دور العرض ملايين الجنيهات وخسر فيها إمام جزءاً كبيراً من حيثيته ووضعيته لدي جمهوره النوعي من المثقفين وأصحاب الرأي ، أما ما بني عليه الفنان الكبير إسمه ومركزه وسطوته فهو ما أيدناه فيه وندفعه للمزيد منه ، إذ لا يمكن أن نتجاهل أفلاماً مثل " حتي لا يطير الدخان ، الغول ، اثنين علي الطريق ، اللعب مع الكبار ، الحريف ، كراكون في الشارع ، المنسي ، إحنا بتوع الأتوبيس ، المشبوه ، حب في الزنزانة ، السفارة في العمارة ، وعريس من جهة أمنية ، عمارة يعقوبيان " فهذة المجموعة المختارة تمثل مرحلة النضج عند صاحب اللقب الأول في السينما " الزعيم " ، بفضلها تربع علي القلوب وصعد جالساً علي عرش النجومية فلم يزاحمة ولم ينازعة أحد ، وإلي الآن ما زال هو المهيمن علي دور العرض في المواسم والأعياد ، يُضحك الناس من القلب قبل أن ينطق بكلمة ، ومثلما هو كوميديان من طراز نادر وفريد هو أيضاً ممثل تراجيدي لا يباري ، يعرف مناطق التأثير الوجداني ويلامس أوجاع المهمومين والمحتاجين برفق فيبكيهم كما أضحكهم إن إقتضت الضرورة . ولم يقتصر نشاط عادل إمام علي السينما فقط وإنما شمل الدراما التليفزيونية فكان لها من أدائه نصيب قليل وعميق فقدم للشاشة الصغيرة مسلسل " أحلام الفتي الطائر " الذي جسد فيه شخصية اللص الطموح وخلص إلي الدرس المستفاد من جنون الشباب والجنوح إلي المغامرة فقد دفع البطل حياته ثمناً لإنحرافة ولم يهنأ بالأموال التي هرب بها وصور له خياله أنها ستعبر به نفق الفقر .. كذلك كان مسلسل " دموع في عيون وقحة " درساً آخر مختلفاً في الوطنية فبفضلة عرف العوام بطل المخابرات المصرية أحمد الهوان الذي إشتهر بعد المسلسل بجمعة الشوان وأطلعوا علي الكثير من تفاصيل العمليات التخابرية والجهود التي تُبذل لضبط شبكات التجسس ، فضلاً عن أن عادل إمام لعب الدور الأكبر والأهم في تعظيم الملحمة البطولية الوطنية فصار التطوع لدي جهاز المخابرات العامة المصرية حُلماً يراود كل شاب من فرط الإعجاب والإنبهار بنموذج الشوان . وربما النجاح الكاسح للمسلسل المذكور هو ما دفع بطلة لتكرار التجربة مرة أخري بعد أكثر من ربع قرن في مسلسلة القادم " فرقة ناجي عطا الله " ، حيث تدور الأحداث في جو مماثل بة من الإثارة والتشويق ما يدعو للفضول والمتابعة ، وهذا المسلسل ما يتم الرهان عليه جماهيرياً في رمضان القادم لكونه إكتسب شهرة وذيوعاً قبل عرضة لتأجيلة منذ شهر رمضان الماضي .. إن حلقات النجاح في المسيرة الفنية الطويلة لعادل إمام لا تنتهي بإنتهاء هذه السطور ولكنها قابلة للإمتداد فحياة الفنان ثرية وقصه صعودة مليئة بما يشد الإنتباه ويلفت النظر ونجم النجوم وإن إتفقنا وأختلفنا عليه وعلي إبداعة لا يمكن أن نفرط فيه كفنان أو نسمح بالنيل منه وتصفية الحسابات معه بأثر رجعي لإن الإساءه لفنان واحد ستفتح الباب لتكميم كل الأفواه وأستباحة الحريات وشنق الإبداع علي منصة الخلاف في الرأى !