وزير التربية والتعليم: ربط البحث العلمى بالقطاع الخاص ضرورة ملحة لمواجهة نقص التمويل    وزير البترول: حفر 77 بئرًا استكشافيًا وتوقيع 7 اتفاقيات خلال 2024    الرئيس الروسى يعلن اعتماد «إعلان قازان» الختامى لقمة «بريكس»    كولر: الإدارة لم تناقش موقفي مع الأهلي.. وسنفوز بهذه الطريقة فقط    برج العرب يستضيف مباريات المصري مع الأهلي والزمالك والإسماعيلي    «الداخلية»: القبض على 6 متهمين بغسل 150 مليون جنيه من الاتجار بالدولار    طارق الشناوي عن إلغاء فيلم آخر المعجزات بمهرجان الجونة السينمائي: أنتظر أن تراجع الرقابة موقفها    ثقافة الجيزة ينظم لقاءات تثقيفية متنوعة احتفالا بتعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني    توقيع الكشف الطبي على 239 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الفيوم في قرية الغرق    الحكومة توافق على مشروع قانون بتنظيم المراكز الطبية المتخصصة    ما حكم عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول؟ .. المفتى نظير عياد يجيب    مجانا ودون اشتراك.. شاهد مباراة برشلونة وبايرن ميونخ اليوم دون تقطيع بث مباشر - دوري أبطال أوروبا 2024    مهرجان القاهرة السينمائي ينظم ورشة للتمثيل مع مروة جبريل    بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة    محافظ البحيرة تتفقد عددا من المدارس لمتابعة سير العملية التعليمية| صور    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    أحمق يقسم البلد.. ترامب يهاجم أوباما بعد عقد الأخير حملة انتخابية لدعم هاريس    كوريا الشمالية تؤكد على تعزيز قدرات الردع في مواجهة التهديدات النووية    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    التأمين الصحي على الطلاب وإنشاء 8 جامعات.. قرارات وزير التعليم في مجلس الجامعات الأهلية    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    وزير الصحة يُدير جلسة حوارية حول العمر الصحي لكبار السن    بعد إعلان المسموح لهم دخول الامتحان.. خريطة المواد الدراسية للثانوية العامة    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع مسن في حادث سير بطريق مطار الغردقة    مصرع شخص وإصابة 5 في انقلاب تروسيكل بمصرف مياه ببني سويف    وزير الإنتاج الحربي: خطوات جادة لتحديث خطوط الإنتاج والمعدات    «جولدمان ساكس» يتوقع استقرار أسعار النفط عند 76 دولاراً للبرميل في 2025    وزير الصحة: وصول عدد خدمات مبادرة «بداية» منذ انطلاقها ل62.7 مليون خدمة    برغم القانون.. الحلقة 29 تكشف سر والدة ياسر والسبب في اختفائها    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    العد التنازلي لإسدال الستار على الدورة ال 32 لمهرجان الموسيقي العربية.. حفلات طربية كاملة العدد وفرص هامة لمطربي الأوبرا.. مي فاروق تختتم الفعاليات غدًا ونفاد تذاكر الحفل.. ظهور مميز لأطفال مركز تنمية المواهب    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    الضرائب: استجابة سريعة لتذليل عقبات مؤسسات المجتمع المدني    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    رئيس جنوب أفريقيا يطالب بتنفيذ وقف فورى وعاجل لإطلاق النار فى قطاع غزة    في اليوم العالمي للروماتيزم، أهم أعراض المرض وطرق اكتشافه    للتخلص من التخمة قبل النوم.. مشروب الزنجبيل بالليمون الحل    إزالة 148 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بسوهاج    السجن 3 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    السعودية تجهز لقمة عربية إسلامية تستهدف وقف الحرب الإسرائيلية على غزة    إعادة تأهيل 60 منزلا في قريتي الروضة 45 والوفاء والأمل بالإسكندرية    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان وتدعو لوقف القتال    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «ماذا تفعل لو أخوك خد مكانك؟».. رد مفاجيء من الحضري على سؤال ميدو    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق تتساقط قبل الخريف !!!
نشر في محيط يوم 15 - 09 - 2007


أوراق تتساقط قبل الخريف !!!
حسام كمال الطويل
بات الحديث عن الاجتماع أو اللقاء الدولي الذي دعا اليه الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن يأخذ مساحة اوسع من الأهتمام يوماً بعد يوم باقتراب موعد انعقاده في شهر تشرين الثاني القادم ولعل هذا الاهتمام يأخذ اكثر من طابع فهناك الاهتمام الطبيعي بالاجتماع كونه حدثا سياسياً دعا اليه الرئيس جورج بوش من خلال مؤتمر صحفي وبشكل مفاجئ وكأنه تذكر فجاة أن هناك قضية فلسطينية بحاجة الى حل واعتقد انه قادر على حلها رغم ادراكه بأنه يعيش فصل خريف ادارته المثيرة للجدل وبرغم مواقفه المنحازة لاسرائيل وبرغم الصورة المشوهة للولايات المتحدة الأمريكية لدى شعوب المنطقة والتي ساهم هو نفسه من خلال سياساته على مدار سنوات رئاسته برسم معالمها.
وهناك من يهتم بهذا الاجتماع من زاوية ضرورة العمل على انجاحه لاعتقاده - دون أي مبرر لهذا الاعتقاد بأن اجتماعاً من هذا النوع يمكن أن يساهم بحل القضية الفلسطينية وتنامى اهتمام هؤلاء بالاجتماع لدرجة انهم باتوا يطلقون عليه اسم المؤتمر الدولي للسلام رغم أن صاحب الدعوة أكد انها دعوة لاجتماع وليس لمؤتمر وذلك تلبية لرغبة اسرائيل التي ترفض فكرة عقد مؤتمر للسلام ونحن نقول أن هذا الاهتمام والاعتقاد غير مبرر لاسباب غاية في الوضوح أولها أن الادارة الامريكية الحالية ومنذ تولي الرئيس بوش مهام ولايته الأولى ولأشهر طويلة قد قلبت ظهر المجن للمنطقة ولشعوبها والجميع يذكر كيف انصب اهتمام الرئيس الامريكي ولأشر طويلة على الشأن الداخلي متجاهلاً السياسة الخارجية تماماً وبدأ يضع الاستراتيجيات الاقتصادية الجديدة الداخلية خاصة في مجال دعم قطاعات الطاقة والبترول على عكس سلفه كلينتون الذي أولى اهتماما أكثر بالقطاعات التقنية والتكنولوجية.
وثانيها أن التفات بوش للعالم خارج الولايات المتحدة الأمريكية جاء على خلفية تفجيرات الحادي عشر من ايلول حينما أعلن حربه على الارهاب تلك الحرب التي جلبت الويلات والكوارث لشعوب المنطقة والتي ساهمت بتشويه الصورة الذهنية للولايات المتحدة الامريكية .وثالثها أن الادارة الاميركية الحالية لم يكن لديها يوما استراتيجة للسلام كتلك التي لديها للحرب.
ورابعها أن القضية الفلسطينية لم تكن يوما تحتل مكانة ما على جدول اعمال هذه الادارة الا فيما يتعلق باسداء المزيد من الدعم لاسرائيل سواء من خلال مسلسل استخدام الفيتو في مجلس الأمن أو من خلال تحشيد الرباعية والاتحاد الأوروبي سياسياً أو من خلال التأييد المستمر لسياسات اسرائيل حتى عندما ترتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وبذلك تكون هذه الادارة قد فقدت صفة الوسيط النزيه ولم تعد مؤهلة لايجاد حالة من السلام المتوازن في المنطقة.
وخامسها وليس آخرها أن الادارة الامريكية الحالية ليست في أحسن أحوالها فعلاوة على ما نجحت في كسبه من أعداء فقد تساقط الأصدقاء والحلفاء كأوراق الخريف وفي هذا السياق وجدت أنه من المفيد ومن الطريف أيضاً أن أجمل حصيلة المتابعة التي قمت بها عبر الكثير من الكتب والصحف والدراسات وشبكة المعلومات لهذه الاوراق التي تساقطت قبل اجتماع الخريف القادم الذي دعا له الرئيس بوش لأنه عندها ستتجمع الكثير من قطع الفسيفساء لتتضح أجزاء من الصورة الحقيقية لهذه الادارة ويصبح عندها التساؤل مشروعاً حول مدى قدرتها على تحريك مياه السلام الراكدة في الشرق الأوسط وحول الهدف من اجتماع الخريف هل هو حقا يقظة متأخرة ورغبة حقيقية في صنع السلام أم انه السهم الأخير في جعبة الرئيس بوش يحاول باطلاقه تجميل الصورة المشوهة لادارته في خريفها؟
ومن الطبيعي أن نبدأ برصد صقور هذه الادارة التي أصبحت شبه خاوية على عروشها بعد أن تساقطوا الواحد تلو الآخر بشكل لم يسبق له مثيل في أي ادارة امريكية سابقة لا من حيث تتابع السقوط ولا من حيث الاحداث الدراماتيكية المصاحبة له في معظم الحالات وأول هؤلاء الصقور وأحد كبار المحافظين الجدد هو دونالد رامسفيلد وزير الدفاع السابق ومهندس الحرب الامريكية على العراق وافغانستان والذي لم يستطع أن يحسم أي حرب أو أية معركة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وأصبح بشخصه يمثل تجسيدا للأخطاء والكوارث التي انزلقت اليها الادارة الامريكية فكان لا بد من رحيله والتخلص منه ومن الجدير بالذكر أن فوز الديموقراطيين الساحق في انتخابات الكونغرس سرّع بسقوط رامسفيلد على مذبح التسوية مع الديموقراطيين.
ومن قبله رحل مبكراً كولن باول وزير الخارجية الأمريكي السابق مع بدايات سيطرة المحافظين الجدد على الادارة الأمريكية وذلك بوصف باول من أكثر المعتدلين في حينه، ومن أكثر الصفعات قوة تلك التي تلقاها الرئيس بوش عندما رفض الكونغرس طلبه باعادة ترشيح جون بولتون كمندوب أمريكا لدى الأمم المتحدة ليسقط هو الآخر على قاعدة الأسباب التي ساقها الكونغرس ومنعته من الموافقة على التجديد له وهي أن الرجل شخصية عدوانية ومغرور ويسيئ لصورة الولايات المتحدة الأمريكية هذه الصفعة تلقاها الرئيس بوش بكثير من الألم ولم ينجح باظهار ابتسامة المكابرة.
ومن الأحداث الدراماتيكية التي أطاحت بصقر آخر من صقور البيت الأبيض الذي يوصف بأنه عقل بوش المدبر وأحد أهم المخططين الاستراتيجيين لادارته وأقوى مستشار للرئيس للشؤون السياسية في تاريخ الولايات المتحدة وهو كارل روف الذي سقط على أثر فضيحة تورطه بكشف اسم فاليري بليم العميلة السابقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والتي بينت التحقيقات انه قام بذلك انتقاما من زوجها السفير الامريكي السابق جوزيف ويلسون وذلك لأن الأخير شكك في رواية حصول العراق على اليورانيوم من النيجر، تلك الرواية التي كانت مهمة لروف من أجل تبرير الحرب على العراق فما كان منه الا أن انتقم على طريقته الخاصة وأدت هذه الفضيحة الى سقوطه المدوي وتقديم استقالته من منصبه.
ومن الصقور المقربين لبوش صديقه الحميم البرتو جونزاليس حاكم ولاية تكساس سابقا ً ووزير العدل في الحكومة الامريكية والمستشار القانوني للبيت الأبيض وهو الذي منح بوش صلاحيات تنفيذية واسعة في الحرب على الارهاب بعد احداث الحادي عشر من ايلول والذي استقال من منصبه بعد تصاعد الحملة المضادة لسياسات بوش.
ومن فضائح الصقور التي اطاحت بواحد من كبار الداعمين التنفيذيين للحرب على العراق تلك المتعلقة بنائب وزير الدفاع السابق بول وولفويتز والذي رشحه بوش لمنصب رئيس البنك الدولي على الرغم من استياء الأوساط الأوروبية على هذا التعيين ليسقط بعد ذلك وولفويتز من منصب رئيس البنك الدولي على أثر فضيحة فساد عندما ثبت تورطه وأدين بترقية صديقة مقربة له لتحصل على مرتب خيالي قدم بول استقالته بعدها.
وتتوالى الفضائح وتتوالى معها حلقات مسلسل سقوط الأوراق قبل الخريف فها هو بورتر جروس مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذي كان من أهم المشاركين ببلورة الحرب على العراق خاصة من حيث ايجاد مبررات هذه الحرب وسقط جروس واضطر لتقديم استقالته بعدما ثبت تورطه بتقديم التقرير الكاذب للادارة الأمريكية والذي يفيد بوجود اسلحة دمار شامل في العراق والذي اصبح بعد ذلك من أهم مرتكزات الخطاب الاعلامي للرئيس الأمريكي جورش بوش في اطارتبريره شن الحرب على العراق هذا التقرير الذي تبين لاحقاً أن لا أساس له من الصحة.
ومن الذين تأثر بوش برحيلهم سكوت ماكيلان المتحدث باسم الرئيس الامريكي والناطق باسم البيت الأبيض والذي امتدحه بوش في أكثر من مناسبة واصفاً اياه بالشخص الذي يعرف كيف يخاطب الشعب الامريكي. وتناول المحللون داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها قضية استقالة ماكيلان من زاوية أنه لم يعد يستطيع الكذب أكثر على الشعب الامريكي كما أن اخطاء بوش أصبحت من الصعوبة بمكان على أي ناطق رسمي مهمة تبريرها فآثر الرجل الرحيل.
وتتوالى الأوراق في السقوط ولكل ورقة قصة وقضية وشيئاً فشيئاً يصبح البيت الأبيض خالياً على الرئيس الأمريكي خاصة عندما نضيف الى من سبق ذكرهم رحيل واستقالة كل من دان بارليت مستشار البيت الأبيض و جيدي كراوتش نائب مستشار الأمن القومي و روب بورتمان مدير ميزانية البيت الأبيض وهارييت مايرز كبير محامي البيت الأبيض وسارة تيلور المدير السياسي بالبيت الأبيض وغير ذلك الكثير مما لايتسع ذكره في حدود الكتابة أو مما لم نتمكن من متابعته ليصبح الحديث الذي تناولته مجلة الايكونومست البريطانية حول الحاجة الى بيت أبيض يعمل وليس الى مجرد بيت تسكنه الأشباح حديثا مبرراً ويصبح التساؤل مشروعاً حول ما هو الحال الذي سيكون عليه هذا البيت مع مرور الأشهر السبعة عشر المتبقية من عمر الولاية الثانية للرئيس بوش؟!!
ولكن من المفيد أن نعرف أن حدود مسألة تساقط الاوراق قبل الخريف لا تقف عند الصقور داخل الادارة الأمريكية أو عند كبار المحافظين الجدد بل تمتد الى أكثر من ذلك لتطال كبار قادة الحزب الجمهوري داخل الكونغرس الأمريكي لتزيد من عزلة الرئيس بوش وتعمق من أزمته الداخلية ولتوضح بعض الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الهزائم الساحقة التي يمنى بها الجمهوريون في الانتخابات الامريكة فالمسألة لا تقف عند حدود الفضائح السياسية بل تتخطى ذلك الى الفضائح الأخلاقية والمالية من العيار الثقيل تفوق تلك التي أطاحت برجال بوش داخل الادارة الأمريكية والبيت الأبيض.
ومثال ذلك الفضيحة الأخلاقية المدوية التي سقط على أثرها السيناتور الجمهوري لاري كريج البالغ من العمر اثنان وستين عاماً والذي أمضى نحو عشرين عاماً في الكونغرس ممثلاً للجمهوريين عن ولاية ايداهو لعدة دورات انتخابية متتالية وكان ينوي الذهاب الى دورة انتخابية جديدة وذلك بعد أن تمت ادانته بالتحرش الجنسي بضابط شرطة متخفي بالزي المدني في مراحيض الرجال في أحد المطارات مما اضطره الى تقديم استقالته من الكونغرس.
ولا تقل عنها الفضيحة الأخلاقية المدوية التي أطاحت بعضو الكونغرس الأمريكي السيناتور الجمهوري مارك فولي الذي انتخب عن ولاية فلوريدا عام 1990 والذي كان شعار حملته الانتخابية هو الدفاع عن الأطفال ضد التحرش الجنسي والدعوة الى مناهضة الشذوذ الجنسي ليصدم الشعب الأمريكي بادانة مارك فولي نفسه بقضية تحرش جنسي بمراهق يبلغ من العمر ستة عشر عاماً من المتدربين بالكونغرس وتم نشر نصوص رسائل البريد الألكتروني التي أرسلها فولي من بريده الخاص الى المراهق والتي يحاول فيها اغوائه ويتحرش به جنسياً وتناولت الصحف الأمريكية قضية فولي بصفته الشاذ المتنكر بصورة المصلح الاجتماعي.
ومن قضايا الفساد الأخلاقي الى الفساد المالي ما زال رموز الجمهوريين والقادة السياسيين للحزب يتساقطون واحدأً تلو الآخر ومن أهمها الفضيحة التي اطاحت بالسيناتور الجمهوري توم ديلاي الذي تم تقديمه للعدالة لاتهامه بخرق قوانين ولاية تكساس فيما يتعلق بتجريم غسيل الأموال واستخدام أموال الشركات لتمويل الحملات الانتخابية وأجبر على تقديم استقالته وهزّت هذه الفضيحة الحزب الجمهوري كون ديلاي لم يكن مجرد سيناتور بل كان رئيس الاغلبية الجمهورية في الكونغرس الأمريكي.
وهناك ايضا الفضيحة المدوية التي أطاحت بالسيناتور الجمهوري راندي كانينجهام والذي قدم استقالته من الكونغرس بعد ادانته بتهم التزوير والتآمر والتهرب الضريبي وادانته بالاستيلاء على مليونين واربعمائة الف دولار من المال العام هذا المبلغ الذي قام باعادة دفعه للخزينة العامة.
وتناولت الصحافة الامريكية قضية السيناتور راندي كانينجهام بصفته أحد قادة الجمهوريين الذين ضلو طريقهم وتورطوا بنشر ثقافة الفساد ومثال آخر لسياسي ضحى بالمصلحة العامة من أجل المصلحة الشخصية وأيضاً قضية السناتور الجمهوري بيل فيرست عن ولاية تينيسي والذي يخضع حالياً للتحقيق في قضايا مالية بشأن وجود ملايين الدولارات في حساباته المصرفية ولم يكن قد أفصح عنها ضمن نظام اقرارت الذمة المالية، وهناك من آثروا الرحيل بهدوء وبناء على قرارهم الشخصي وبدون أن يتورطوا في أية فضائح من أي نوع وذلك لأسباب تتعلق بعدم تمكنهم من أداء المهام الموكلة اليهم ليس لعدم كفائتهم بل لاستحالة انجاز هذه المهام ومثال ذلك السيدة دينا حبيب باول الأمريكية من أصل مصري التي تولت مهام رفيعة داخل البيت الأبيض والادارة الأمريكية فهي مساعدة الرئيس بوش لشؤون موظفي البيت الأبيض ومساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس للشؤون التعليمية والثقافية ومهمتها مع زيرة الخارجية تنصب على اعادة تجميل صورة الولايات المتحدة الأمريكية لدى شعوب العالم العربي تلك الصورة التي تشوهت بسبب الحرب الأمريكية على العراق وافغانستان وبسبب مواقف امريكا المساندة لاسرائيل ويبدو أن السيدة دينا وبعد عدة جولات وزيارات في المنطقة وجدت أن هذه المهمة مستحيلة التحقيق فقدمت استقالتها ورحلت بهدوء.
وهنا لا بد من القول أن طريقة تعامل الادارة الأمريكية مع هدف استراتيجي مثل تجميل صورة امريكا لدى شعوب العالم العربي طريقة تدعو الى السخرية وتعكس استخفاف كبير من قبل الادارة الأمريكية بهذه الشعوب فالأمر أكبر بكثير من مجرد تعيين موظف من أصول عربية ليقوم بحملة اعلامية لن يكتب لها النجاح مهما أنفق عليها من ملايين الدولارات لأن هدفاً مثل هذا يحتاج الى اصلاحات ومعالجات هيكلية تتناول الاستراتيجيات والسياسات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط و تجاه قضاياها وتجاه شعوبها، معالجات تتناول النظرة والتوجه لبناء استراتيجيات جديدة لا تنظر للشعوب على أنها مجرد مواد أولية قابلة للتحول ولا تنظر للانسان على انه مجرد سلعة في سوق العمل ولا تنظر الى الحدود على انها مجرد خطوط وهمية تستند الى مبررات قومية واهية.
وعودة الى مسلسل تساقط الأوراق بقي أن نسال من بقي الى جانب الرئيس الأمريكي جورج بوش ومن الذي يؤنس وحدته داخل البيت الأبيض بعد هذا التساقط اللافت لمعظم الأصدقاء والمقربين الذين عول عليهم الكثير على مدار سنوات الولايتين الأولى والثانية وللاجابة على هذا التساؤل يمكن القول بانه لم يبق حول الرئيس بوش من رموز ادارته سوى نائبه ديك تشيني الصامت والغائب عن الاعلام منذ فتره ليست بالقصيرة و وزيرة خارجيته كونداليزا رايس صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة التي جلبت الانتقادات لادارة بوش بشكل لا يقل عن الفضائح التي سبق الاشارة اليها وبقيت الى جانبه ايضاً تمنحه الدعم الشخصي زوجته السيدة لورا بوش.
ومن الجدير بالذكر فيما يتعلق ببقاء نائب الرئيس ديك تشيني أن مدير مكتبه لويس ليبي اضطر الى تقديم استقالته بعد ادانته باعاقة العدالة والحنث باليمين في قضية تسريب اسم أحد عملاء وكالة الاستخبارات المركزية.
والآن يمكن الجزم بأن ادارة الرئيس بوش في ضوء ما تقدم من أزمات وانتكاسات متلاحقة وفي ضوء لجان التحقيق المختلفة داخل الكونغرس التي خطأت السياسة الأمريكية الخارجية تجاه العراق والمنطقة ومجموعة مشاريع القرارت والقوانين التي اتخدت في الكونغرس باتجاه تقليص الموازنات العسكرية المطلوبة لتمويل الحرب على العراق والمطالبة بسحب القوات الأمريكية من العراق وفي ضوء الصورة الذهنية المشوهة للولايات المتحدة الأمريكية التي ارتسمت في وجدان شعوب المنطقة والعالم العربي من جراء الحرب الأمريكية على افغانستان والعراق ومن جراء المواقف الأمريكية المنحازة لاسرائيل على حساب شعوب المنطقة خاصة في فلسطين ولبنان، يمكن الجزم بأن هذه الادارة تعاني من ظروف غاية في الصعوبة وبحاجة الى انجاز ولو وهمي يجعلها تظهر أمام خصوم الداخل و الخارج بمظهر الذي ما زال يحمل في جعبته سهاماً يمكن أن يطلقها، انجاز يعطي الانطباع بأن الاستراتيجيات لم تفشل وأن السياسات لم تستنفذ، انجازاً يهيئ ولو فرصة ضعيفة لامكانية تحسين صورة الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الأخيرة من خريف الادارة الحالية،
ولما كان الحال هكذا وأصبحت مصلحة الادارة الأمريكية في عقد اجتماع الخريف واضحة ً جليّة يصبح التساؤل مشروعاً حول مصلحة أي طرف آخر سيشارك في هذا الاجتماع، ويمكن القول أن مصلحة اسرائيل أيضاً في المشاركة واضحة ً جلية فهي تسعى للحصول على مغنم التطبيع مع الدول العربية الذي تضمنته المبادرة العربية دون أن تتحمل مغرم تقديم أي تنازل عن لاءاتها المعروفة باتجاه الحدود والقدس وعودة اللاجئين وذلك في ظل التأكد من الدعم الأمريكي الكامل لمواقفها وواهم من يعتقد بغير ذلك وتسعى ايضاً الى استثمار حالة الفرقة والانقسام عل الساحة الفلسطينية ومحاولة تعميق هذه الحالة الى الحد الأقصى الممكن.
أما بالنسبة للطرف الفلسطيني فيمكن القول أن المشاركة في اجتماع الخريف القادم لا تنطوي على مصالح بقدر ما تنطوي على مخاطر يتوجب عدم الانزلاق اليها بمعنى ضرورة عدم الالتزام بمرجعيات جديدة تضاف الى كل ما سبق من اجتماعات ومؤتمرات واتفاقيات انتقالية تنصلت اسرائيل منها بالكامل في ظل تغطية و دعم وتشجيع أمريكي منقطع النظير، كما أنه لا يوجد هناك من يعتقد بامكانية حدوث اختراق سياسي حقيقي في الغاء الخريف في ظل ضعف كل الأطراف المشاركة خاصة الطرف الفلسطيني الذي يكمن ضعفه في حالة الفرقة والانقسام الحادث والذي يتوجب على الفلسطينيين انهائه قبل الخريف ليس تحضيرا للاجتماع بل لاعادة واستعادة الوحدة الوطنية حقيقة راسخة على الأرض كونها المصدر الوحيد لقوة الشعب الفلسطيني في تمسكه بحقوقه وأرضه وثوابته،.
ونخلص الى القول بأن الادارة الأمريكية الحالية تعيش خريفها وعلاوة على انحيازها الكامل لاسرائيل فهي أضعف من أن تلزمها بشيئ ويصبح الواجب الوطني هو الحفاظ على ورقة القضية الفلسطينية وثوابتها من السقوط قبل وبعد الخريف.
عن صحيفة القدس الفلسطينية
15/9/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.