فى احدث حلقة في سلسلة من الإستقالات التي عصفت بادارة الرئيس بوش مؤخرا، قدم وزير العدل الأمريكى جونزاليس إستقالته اليوم الاثنين للرئيس بوش . إستقالة جونز جاءت بعد حملة من الانتقادات الشديدة تعرض لها الوزير الأمريكى من جانب الأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس،وتزامنت أيضا ً مع دعواتهم بإقالته وذلك على خلفية اتهامه بفصل ثمانية من المدعين الفيدراليين من الخدمة لدواع وصفها منتقدوه بأ نها سياسية. النيويورك تايمز أشارت الى إن جونزاليز قد أخبر الرئيس بوش بنيته الاستقالة في مكالمة هاتفية اجراها معه قبل يومين. وكان الوزير الأمريكي قد أعلن منتصف مارس الماضي رفضه للدعوات التي تطالبه بالاستقالة بالرغم من إقراره بوجود اخطاء في إجراءات الطرد لكنه نفى وجود دوافع وراء قرار الطرد. وقال ان عملية الطرد لم تسر وفق الاجراءات النظامية ووفق التسلسل المطلوب،نافياً أن يكون لقرار الطرد أى دوافع سياسية. وزير العدل الامريكي البرتو جونزاليس كان قد خضع لاستجواب قاس من قبل لجنة العدل في الكونجرس الامريكي خلال شهر ابريل الماضى حول قضية طرد الثمانية مدعين . وقد دعته اللجنة الى "الالتزام بالحقيقة" حول طرد هؤلاء المدعين. يذكر أن البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي يخوضان معركة حول دور جونزاليس في برنامج التنصت على المكالمات الذى وضعته إدارة الرئيس بوش ويصفه أعضاء فى الكونجرس بأنه غير شرعي. الهجوم على وزير العدل جاء من قبل مسؤولون حاليون وسابقون ،كانوا قد صرحوا مؤخراً أن وزارة العدل الامريكية لم تسيس منذ فضيحة ووترجيت قبل اكثر من 30 عاما مثلما هي تحت قيادة وزير العدل البرتو جونزاليس.ووصفوا نزاهة الوزارة بأنها قد لحق بها الضرر كما تضررت معنويات العاملين بها. ويذكر أن علاقات جونزاليس مع الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون تدهورت وسط عاصفة من الانتقادات من المشرعين بما في ذلك بعض الجمهوريين. وقال العديد من اعضاء مجلس الشيوخ الشهر الماضي انهم فقدوا الثقة في جونزاليس وفي قدرته على قيادة وزارة العدل واتهموه بالتضليل وربما الشهادة الزور بشأن إقالته لثمانية مدعين امريكيين العام الماضي وبشأن برنامج التجسس غير المبرر الخاص بإدارة بوش. جونزاليس الذى استقالة جونزاليس – المسؤول المثير للجدل والمقرب من الرئيس الأمريكي - جاءت رغم رفضه مرارا دعوات في الكونجرس للاستقالة وقوله انه يخطط للبقاء في منصبه حتى نهاية رئاسة بوش ،ورغم إعلان البيت الأبيض أن بوش "يضع كل ثقته فيه، ويدعم بقاءه بمنصبه." وكان بوش قد دافع عن الوزير، واشاد بصعوده باعتباره إنجازا للأمريكيين من اصل لاتيني حيث يعتبر اللاتينيون هم اكبر اقلية في الولاياتالمتحدة.وقال بوش في مؤتمر صحفي "لم أر الكونجرس يقول أن جونزاليس فعل اي شيء خطأ." ووصف الإنتقادات بأنها مناورة سياسية." جونزاليس عمل مع الرئيس بوش منذ كان حاكما لولاية تكساس في التسعينيات، وشغل منصب محامي البيت الأبيض إبان فترة ولاية بوش الأولى قبل أن يصبح أول وزير عدل لاتيني المولد في شهر فبراير 2005. وكان جونزاليس قد تعرض أيضاً لانتقادات لاذعة من جانب الجماعات المدافعة عن الحريات المدنية بعد أن قال في عام 2002 إن بعضا من بنود اتفاقية جنيف فيما يخص معاملة أسرى الحرب قد "عفا عليها الزمن." وكانت أنباء صحفية أمريكية قد ذكرت ان وزير الامن القومي مايكل تشيرتوف سيخلف وزير العدل المستقيل جونزاليس في منصبه. من هو جونزاليس وزير العدل المستقيل؟ ألبرتو جونزاليس هو وزير العدل الأميركي الحالي تولى الوزارة بعد استقالة جون أشكروفت في نوفمبر 2004 على خلفية من الانتهاكات التي شهدها معسكر جوانتانمو وسجن أبو غريب في حق المعتقلين. شغل جونزاليس المنحدر من أصول لاتينية من قبل وظيفة المستشار القانوني للرئيس بوش، ولكن بروز اسمه بصورة سلبية على الساحة الإعلامية جاء في أعقاب نشر صحيفة واشنطن بوست لمذكرة من إعداد جونزاليس يرجع تاريخها إلى شهر فبراير 2002 تقنن استخدام بعض أنواع التعذيب في التحقيق مع المعتقلين سواء في معسكر جوانتنامو أو في سجن أبو غريب العراقي. وقد أثار كشف النقاب عن المذكرة ردود فعل غاضبة من فعاليات مدنية وقانونية ولكن الرئيس بوش فاجأ الجميع بتعيين صاحب المذكرة لاحقا وزيرا للعدل. القضية التى أثارت الجدل اتهم وزير العدل ومساعديه ومستشار الرئيس بوش بتعمد فصل ثمانية من محامي الادعاء الحكوميين،قبل نهاية عام 2006 نظرا لمواقفهم السياسية غير المؤيدة لإدارة بوش. وهؤلاء المحامون والذين يطلق عليهم أيضا المدعيين الفيدراليين Federal Prosecutors يتم تعيينهم من قبل الرئيس الأمريكي عند بداية فترة رئاسته لمدة أربع سنوات، وهم جزء من وزارة العدل ويمثلون الحكومة الفيدرالية قانونيا، بحيث يدافعون عن الدولة في القضايا المرفوعة ضدها، كما يرفعون دعاوى باسم الحكومة ضد الأفراد والمؤسسات في حالة وجود خصومة قانونية بين الطرفين. ويبلغ عدد المدعيين الفيدراليين 93 محاميا. وكان في الماضي يشترط اعتماد الكونجرس لتعيينات الرئيس لهؤلاء المدعيين ، لكن بندا في قانون (قانون الإرهاب) قد عطل هذا الإجراء. القضية أو الفضيحة كما سمتها بعض وسائل الاعلام الامريكية كشفتها رسائل الكترونية متبادلة بين مسئولين في مكتب وزير العدل ومستشارين في البيت الأبيض، ترجع إلى بدايات عام 2005 ، عندما تشاور كل من كايل سمبسون رئيس المكتب السابق لوزير العدل وكارل روف كبير مستشاري الرئيس بوش وغيرهما عن الطريقة المثلى للتخلص من المدعين المناوئين لإدارة الرئيس بوش. وكان التنفيذ في صيف عام 2006 عندما فصلت الوزارة أحد المدعيين، ثم فصلت سبعة أخرين في ديسمبر من نفس العام. وقد كشف معظم هؤلاء لاحقا في جلسات استماع عقدت في الكونجرس خلال شهر مارس السابق، أن السبب الرئيسي وراء فصلهم هو رفض التجاوب مع أملاءات مرشحين جمهوريين لتحقيق مكاسب انتخابية ضد مرشحين ديمقراطيين فعلى سبيل المثال، رفض جون مكاي المدعي الفيدرالي في ولاية واشنطن التدخل لصالح المرشح الجمهوري لانتخابات حاكم الولاية، حيث كان يرغب الجمهوريون في إعلان المدعي الفيدرالي أن عملية التصويت قد شهدت خروقات. الاستقالات تتوالى كانت أول استقالة أو دفع إلى الاستقالة من نصيب مايكل باتل المدير التنفيذي لمكتب المدعيين الفيدراليين بوزارة العدل في الخامس من مارس الماضي، ويعتبر باتل الشخص الذي قام حرفيا بفصل المدعيين الثمانية. وفي 12 مارس أعلن كايل سمبسون المستشار السابق لوزير العدل استقالته من وظيفته في الوزارة. أما مونيكا جودلينج المستشارة الحالية لجونزاليس فبعد أن أعلنت رفضها المثول أمام لجنة الكونجرس للشهادة استنادا إلى التعديل الخامس من الدستور، الذي ينص على الحق في عدم توريط النفس في جريمة برفض المثول أمام الكونجرس، وذلك بإرسال مذكرة إلى لجنة العدالة في مجلس الشيوخ تخبر أعضاءها بأنها ترفض الإجابة على أي سؤال للجنة ردا على دعوة الكونجرس لها بالتعاون في التحقيقات. إلا أنها اضطرت في النهاية إلى تقديم استقالتها في السادس من أبريل في رسالة أرسلت بها إلى وزير العدل . تصعيد الكونجرس للقضية بالرغم من إعلان البيت الأبيض في 14 مارس أن قرارات الفصل ترجع للأداء المهني المتواضع لهؤلاء المحامين. ودفاع مستشارو البيت الأبيض ووزارة العدل عن القرارات على اعتبار أن التعيين أو الفصل هو أحد حقوق الرئيس ،إلا أن الكونجرس رفض تبرير البيت الأبيض، وفوضت لجنة العدالة في مجلس الشيوخ رئيس اللجنة باتريك ليهي في 15 مارس بإصدار طلب مثول قانوني لخمسة من مسئولي وزارة العدل يفترض تورطهم في الفضيحة منهم كايل سمبسون ومونيكا جودلينج مستشارة وزير العدل ألبرتو جونزاليس. وفي نفس اليوم جرى نقاش حول إصدار طلب مثول كارل روف مستشار الرئيس بوش وهاريت مايرز المستشارة القانونية السابقة للبيت الأبيض. وبعد معركة كلامية وجدل بين البيت الأبيض ولجنة العدالة بمجلس الشيوخ حول تسليم الوثائق ونصوص الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالقضية وتجاهل طلبات تسليم الوثائق من جهة ورفض مثول مستشاري البيت الأبيض للشهادة، عرض الرئيس بوش في 20 مارس أن يلتقي المسئولين من أمثال كارل روف وهارييت مايرز مع أعضاء لجنة العدالة بالكونجرس في جلسات خاصة غير موثقة وغير علنية والأهم من ذلك ألا تكون شهادة المسئولين تحت القسم. وفي اليوم التالي لهذا التصريح، أصدر لجنة تابعة لمجلس النواب طلبا بمثول مستشارين للبيت الأبيض من بينهم كارل روف للشهادة تحت القسم حول دوره وما لديه من معلومات حول قضية فصل المدعيين الثمانية. جونزاليس الذي أعلن عدم علمه بأي اتصالات أو مناقشات أدت على فصل المدعيين الثمانية، لم تشفع له اللهجة الاعتذارية التي انتهجها منذ الكشف عن تفاصيل الفضيحة، خاصة بعد أن أقر كايل سمبسون في شهادته أمام لجنة العدالة بمجلس الشيوخ أن جونزاليس أعُلم بصورة موجزة بقرارات الفصل. وتعرض جونزاليس منذ اليوم الأول للقضية لملاحقة شبه يومية من لجان الكونجرس ووسائل الإعلام، حتى أن لجنة العدالة بمجلس النواب أرسلت خلال شهر أبريل الماضى إلى جونزاليس طلبا شديد اللهجة يكرر مطالبة اللجنة بالحصول على وثائق القضية في أسرع وقت. ورغم موافقة وزير العدل على الإدلاء بشهادته في جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ إلا أن المجلس صعد الحملة السياسة والإعلامية ضد جونزاليس على أمل أن يضطر في النهاية إلى تقديم استقالته. وجدير بالذكر أن انوت جينجرتش أحد الرموز الجمهورية المحافظة والرئيس السابق لمجلس النواب، انضم إلى القائمة المتنامية من قيادات الحزب الجمهوري المطالبة باستقالة وزير العدل الأمريكي ألبرتو جونزاليس ، واقترح أن يعاد تشكيل هيكل قيادة وزارة العدل، بغض النظر عن تأثير ذلك على بقية أعضاء أدارة الرئيس بوش. السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر والذي قاد فريق التحقيق في الفضيحة، امتدح تصريحات جينجرتش واعتبرها بداية لبناء تحالف بين الحزبين للضغط على جونزاليس لتقديم استقالته واختيار وزير جديد للعدل وهو الامر الذى تحقق فى النهاية بتقديم جونز لاستقالته . ويعد جونزاليس ثاني مسؤول كبير يستقيل خلال أسبوعين إذ سبقه كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون السياسية كارل روف الذي أعلن عن استقالته يوم 13 أغسطس الجارى. وجدير بالذكر أنه منذ هزيمة الجمهوريين في الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2006، توالت عمليات إبعاد او إستقالات المستشارين والمساعدين للرئيس جورج بوش ، وتمت التضحية بوزير الدفاع دونالد رامسفيلد لتهدئة المعارضة المتنامية للحرب في العراق في الأوساط الشعبية. وكان مستشار آخر من واضعي استراتيجية الإدارة الأمريكية الحالية هو دان بارتليت قد غادر البيت الأبيض،ومستشارا الأمن القومي جي.دي. كراوتش وميجان اوساليفان،والمدير الملكف بشؤون الموازنة روب بورتمان،والمديرة السياسية سارة تايلور،ومستشارة الشؤون القانونية هارييت ميرز. فعلى منّ ياترى يكون الدور القادم ؟ 27/8/2007