سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم في البنوك ومكاتب الصرافة    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 14 يوليو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 14 يوليو    نشرة ال«توك شو»:.. تامر أمين يهاجم حكم مباراة الأهلى وبيراميدز.. وتفاصيل عن تطبيق الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص    بعد محاولة الاغتيال، بايدن يتصل بترامب ويتلقى إحاطة أمنية    غدًا.. محاكمة 14 متهماً في القضية المعروفة إعلامياً ب«خلية المرج الإرهابية»    وزير الصحة يزف بشرى سارة بشأن قرارات العلاج على نفقة الدولة    "لم يسلم من لوم المنافس" بايدن يتهم ترامب: "صانع المشاكل"    البيت الأبيض: بايدن تلقى «إحاطة أولية» بشأن الحادث الذي وقع لترامب    مسؤول: لا معلومات عن هوية مطلق النار بتجمع ترامب الانتخابي    القنوات الناقلة لمباراة إسبانيا ضد إنجلترا مباشر اليوم في نهائي يورو 2024    بركلات الترجيح، أوروجواي تخطف المركز الثالث من كندا بكوبا أمريكا 2024    كولر يطلب ضم لاعب جديد إلى الأهلي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    مصطفى بكري وجمال علام يعزون رئيس رابطة الفلاحين (صور)    الأرصاد تزف بشرى سارة للمواطنين بشأن طقس اليوم    عقر 7 أشخاص.. قتل كلب مسعور في إدفو بأسوان    مزاح تحول إلى جريمة.. مقتل شاب علي يد آخر بحدائق الأهرام    محمل ب24 عربة سولار.. السيطرة على حريق في قطار بضائع بقنا | فيديو    وفاة الدكتور محمود عزت العلايلي بعد صراع مع المرض    وفاة الناقد المسرحي عبد الغني داوود    بالساري الهندي.. كيم كارديشيان تخطف الأنظار في زفاف نجل أغنى رجل في آسيا (فيديو)    قصة يوم عاشوراء في حياة موسى عليه السلام    الإفتاء توضح كيفية التصرُّف في الدين الذي لا يُعرَف صاحبه    مسؤول فى البيت الأبيض بعد محاولة الاغتيال: بايدن تحدث إلى ترامب    خبير تحكيمي يكشف مفاجأة بشأن حكم مباراة الأهلي وبيراميدز    تحذير من تفشي مرض انفلونزا الطيور بعد ظهور إصابات بشرية    طارق مصطفى: الطموح انخفض بعد ضمان البقاء.. وهذا موقفي من هدف جريندو العكسي    جورج بوش: إطلاق النار على ترامب هجوم جبان.. وممتن لأنه آمن    محافظ شمال سيناء يتابع حادث الطريق الساحلى    إسماعيل يوسف يكشف حالة رباعي ناشئي سيراميكا المصاب في حادث المحور    الأهلي مختلف.. أحمد شكري يهاجم مسؤولي الكرة ويكشف 4 قصص نارية    أسامة كمال يعلن توقف برنامج "مساء دي إم سي" لنهاية أغسطس    «الأب هو المتهم».. كشف لغز العثور على جثة سيدة على الطريق العام بقنا    مظاهرات حاشدة في 80 موقعا إسرائيليا تطالب بإقالة نتنياهو    إنجلترا ورحلة النهائي الأول خارج ويمبلي    العام الدراسي الجديد.. ما الأوراق المطلوبة للإعفاء من مصروفات الدراسة؟    عضو ب"فتح": نتنياهو يصعّد تحت ذريعة ملاحقة قادة حماس ويستهدف الفلسطينيين    تكريم هبة حسن في الدورة الأولى من ملتقى جوانا    «التنمية المحلية»: 5700 مشروع لتوفير 500 ألف فرصة عمل    البنك المركزي يطرح 75 مليار جنيه أذون خزانة مع عودة البنوك    تحرك عاجل من «مياه قنا» بعد شكاوى أهالي المحروسة من انقطاع المياه    رغم عدم خروج مظاهرات الجمعة …حبس 33 بينهم سيدتان بتهمة الدعوة للتظاهر لإسقاط النظام    عشاء اليوم.. طريقة تحضير أرز الدجاج والبهارات    4 مصابين في حادث اصطدام سيارة ملاكي بسور حديدي بالدقهلية    محمود محيي الدين: مصر تنفق على خدمة الديون أكثر من الصحة والتعليم    تعرف على توقعات برج الاسد اليوم 14 يوليو 2024    قناة CBC تطلق برنامج «العالم في العلمين» لتغطية الدورة الثانية للمهرجان    بحضور عمرو عبد الجليل ومصطفى أبو سريع.. 20 صورة من حفل زفاف حسني شتا    رابط الاستعلام عن نتيجة تنسيق رياض الأطفال بالرقم القومي 2024    عادل حنفي يعلن عن متطلبات المصريين بالخارج من الحكومة الجديدة    بتكلفة تجاوزت 570 مليون جنيه.. افتتاح مستشفى طوخ الجديد قريبًا للارتقاء بالخدمات الطبية    «ساعة مشي تساوي نصف رغيف جبنة».. حسام موافي يكشف مفاجأة عن ممارسة الرياضة (فيديو)    محافظ بورسعيد يتفقد أحد المولات التجارية بحي شرق.. صور    لجنة دراسة بيان الحكومة بالبرلمان تضع حلولًا لملفات التعليم والصحة والتضامن    يُكفر سنة قبله | هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا.. الإفتاء تُوضح    تنسيق كلية التجارة من الدبلوم 2024.. تعرف على أبرز التوقعات    فضل سنة التوسعة على العيال في يوم عاشوراء.. يوَسَّعَ الله عليه طوال العام    أحمد كريمة يحسم جدل صوم يوم عاشوراء وحكم الاحتفال به    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرفات كما عرفته
نشر في محيط يوم 22 - 11 - 2007


عرفات كما عرفته


* مأمون اسعد التميمي


أبو عمار: لما هجم شارون على المقاطعة مسكت البندقية وكنت حنزلل أقاتل حتى النهاية ولكن الشباب حملوني وأعادوني

الحلقة الأولى

لقد تعرض ياسر عرفات الى حرب إشاعات شرسة طوال فترة حياته السياسية التي امتدت الى حوالي اربعين عاماً حتى وافته المنية ، وكانت تلك الإشاعات منوعة ومتنوعة وبلا حدود او ضوابط ، واشتركت في حرب الإشاعات ضد ياسر عرفات ، أجهزة استخبارية كبيرة وعديدة وهي بالطبع الأجهزة التابعة لكل الدول التي اصطدم بها عرفات سواء اصطدام سياسي او اصطدام عسكري وهذا طبيعي بالنسبة للحروب السياسية والعسكرية ، أن تبدأ الأجهزة الاستخبارية التابعة لتلك الدول ، تلقائياً بتنفيذ دورها بتلك المعركة من خلال حرب الإشاعات والتخريب الفكري ،وبما اننا نعرف ان عرفات اصطدم بكل المحيط الذي حوله من أشقاء وأعداء واصطدم بدول ابعد من ذلك بكثير ،فيجب أن نعرف ان حرب الإشاعات التي مورست ضد عرفات ، هي من اكبر وأضخم حروب الإشاعات التي مورست في التاريخ السياسي ،

اما لماذا اصطدم عرفات بكل تلك الدول المحيطة ،الشقيقة والعدوة ، فمن الطبيعي ان يصطدم عرفات بها اذا كان عرفات من نهجه المجبول في قراره نفسه ان يكون مستقلاً ومخلصاً وغير خاضع لان يكون تحت عباءة احد من الزعماء او الدول ،وإذا أضفنا الى ذلك ان عرفات يصر ان يمارس ماوجد من اجله وهو المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي عندها ندرك ان عرفات لو كان بأخلاق عمر بن الخطاب، لحورب ولقوتل ولشوهت سمعته، وذلك لأسباب عديدة ان المنطقة المقسمة منذ سايكس وبيكو هي منطقة خاضعة للنفوذ الأمريكي الغربي وان كان بتفاوت وهذا النفوذ لايسمح أساسا بقتال إسرائيل بل يسمح دائماً وابداً بقتال من يقاتل اسرائيل ، لقد كان عرفات محظوظاً اذ جاءت قيادته للثورة الفلسطينية بعد هزيمة الهزائم مع اسرائيل في عام 1967 ، الامر الذي جعل الدول الشقيقة المحيطة ان تغض الطرف عن نشأة الثورة ، وان لاتخشى في البداية من خطورة التفاعل الشعبي معها وعليه فلقد سمحت تلك الدول وبعضها ساهم في دعم الثورة الفلسطينية من منطلق ان الجيوش المؤللة والمترامية الاطراف لم تفعل اي شيء مع هذا العدو فكيف لثورة محسوبة العتاد ان تخيف احد ، ولكن هذه الثورة بدأت حرب استنزاف مع العدو وبعد عام 1967 من خلال عمليات عسكرية لاتتوقف ولاتنتهي ، وكللت بأول انتصار عربي في مواجهة الجيش الاسرائيلي 23 3 1968 في حرب الكرامة بأسناد مدفعي من الفرقة الرابعة بالجيش الاردني بقيادة مشهور حديثه ، هذه المعركة التي كسرت الاسطورة الزائفة التي ساهم في صناعتها الاعلام العربي الرسمي في محاولة تبرير الهزيمة الاخطر في التاريخ العسكري والسياسي العربي ، لقد هزم الجيش الاسرائيلي بعد 9 أشهر من انتصاره الساحق على كل الجبهات العربية ، هذا الانتصار الذي اصاب القيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية بهستيريا الغرور وجنون العظمة الى الحد الذي استدعى موشي ديان فيه الصحافيين ليعلمهم بتفاصيل المعركة ووعدهم بشرفه العسكري ان يفطر معهم بجبال السلط وان يتناول معهم الغذاء في الجامعة الاردنية في عمان ، الا ان هذا الجيش حينما واجه معركة حقيقية ، خارج الوصايا والخفايا الدولية هزم امام حفنه من المقاتلين وبقي هذا دائبة من ذلك التاريخ وحتى الساعة ، لانه لم يعد لتلك الدولة من انتصارات متفق عليها دولياً بعد 1967.

بعد حرب الكرامة ، بدأت اسطورة الثورة الفلسطينية تحل محل اسطورة الجيش الذي لايقهر فالتحق بالثورة الفلسطينية عشرات الالاف من الشباب الفلسطيني والالاف الاخرى من المتطوعين العرب في صفوف الثورة الفلسطينية .
حركة فتح: مؤسس حركة فتح وصاحب فكرة انشائها وهي العامود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية والوعاء الكبير لكل فصائل الثورة الفلسطينية ، وهنا اريد ان اؤكد ان كل الاقوال التي جاءت من هنا او هناك بان ياسر عرفات لم يكن المؤسس الاول لحركة فتح ماهي الا جزء من حرب الاشاعات التي شنت ولازالت حتى بعد وفاته ، فلقد سألت شخصياً كل من انسب اليهم التأسيس الاول فأجمعوا ان ياسر عرفات هو صاحب الفكرة وهو الذي انشأ اول خلية في حركة فتح ، ولكني اريد ان ازيد على ذلك ، ان التأسيس والفكرة والخلية ليسوا هم بالضرورة الاساس بأشعال ثورة واستمراريتها ولكن الاساس بأستمرارية الثورة ، القدرة على قيادتها وعلى تمويلها وحل الاشكالات والمشاكل التي تواجهها وستواجهها ، ناهيك عن القدرة الغير عادية على صنع شبكة من العلاقات الدولية والاقليمية ، من اجل تأمين الشرعية لهذه الثورة والقبول المرغم من الاشقاء والذي كان دائماً لايستمر طويلاً وذلك لان الثورة الفلسطينية بمقاتلتها للعدو ، تصبح عبئاً عسكرياً وسياسياً وامنياً على اي دولة من الدول الشقيقة التي وجدت على ارضها او بجوارها الثورة الفلسطينية ، سواءً كان هذا الوجود بالرضا او بالارغام ، لقد تمكن ياسر عرفات بشخصيته ، ان يبني أوسع العلاقات مع معظم دول العالم بما فيها كل الزعامات العربية واستطاع ان يفرض نفسه كزعيم عربي صنوه صنو اي رئيس دولة عربية ، ومن خلال هذه العلاقات استطاع ان يؤمن الدعم اللازم لاستمرار الثورة الفلسطينية ،

ولكن ايضاً ان هذا الدعم لايمكن ان يستمر ، بسبب الهيمنة الدولية على معظم الدول العربية ، فقرر عرفات ان يتحول ذلك الدعم الى تمويل ذاتي من خلال انشاء المؤسسات الاقتصادية السرية والعلنية من اجل رفد الثورة الفلسطينية مالياً ، ناهيك انه استطاع ان يأخذ من الدول العربية الغنية وخصوصاً دول الخليج ان تفرض على كل فلسطيني ، ان يدفع من راتبه 5% كضريبة للثورة الفلسطينية ، من اجل استمراريتها في مقارعة العدو على كل الجبهات السياسية والعسكرية والامنية ، فأن كان ذلك الفلسطيني يقدم جزء صغير من راتبه فأن له اشقاء يقدمون دمائهم وارواحهم في مقارعة العدو الغاصب .

عرفات في مواجهة الاشاعات :-

كما قلت في بداية كلامي فأنه لم يتعرض احد في التاريخ السياسي الحديث لحرب الاشاعات مثلما تعرض له عرفات ، حتى اصبحت تلك الاشاعات جزء من حياة ياسر عرفات الذي لم يكن يكترث لها او هكذا كان يبدي ، وكانت اخطر تلك الاشاعات على الاطلاق وصف ياسر عرفات بأنه يهودي والتشكيك بأصله وعائلته ، ناهيك عن الاشاعات بأنه يسير في مخطط من اجل قتل الشعب الفلسطيني وعمل المجازر فيه ،وان عرفات ماهو الا عميل صغير ، بل انه لم تبقى اي مصيبة او اغتيال حدث داخل الثورة الفلسطينية للقيادات الفلسطينية الا ونسب لعرفات حتى الاغتيالات التي كانت تنفذها اسرائيل وتعلن عنها كانت تلك الاشاعات تنسبها لعرفات ، وحتى نرد على تلك الاشاعات رداً علمياً فأننا نقول مايلي :-

ان اسرائيل حينما قامت واحتلت فلسطين عام 1948 ، واجهت استقرار امني داخل فلسطين وواجهت استقرار عسكري على حدودها وواجهت ضعف سياسي في مواجهتها في المحافل الدولية ، فكانت هذه العوامل هي الكفيلة ان تقنع اليهود بالعالم ان يذهبوا الى فلسطين ويستقروا فيها ويصبحوا جنود في دولتها ويؤمنوا على حياتهم ومستقبلهم فيها ، وهكذا فأن دولة اسرائيل كدولة قائمة على المستجلبين من اصقاع المعمورة ، والذين يجمعهم الدين اليهودي وتفرقهم العادات والتقاليد وطرق العيش والحياة ، فأن هذه الدولة او هذا الكيان يحتاج الى استقرار امني دائم في داخله ويحتاج الى استقرار عسكري دائم على حدوده ويحتاج الى استقرار اقتصادي دائم ، يجعل من تلك الدولة تغنى وتتطور وتشجع المستثمرين اليهود الاغنياء من اجل القدوم اليها .

ولما تأمن كل هذا الاستقرار بعد هزيمة عام 1948 استطاعت الحركة الصهيونية ان تقنع مئات الالاف من اليهود ان يأتوا الى فلسطين لترسيخ تلك الدولة وتمتينها ، ولكن لو سمع ذلك اليهودي القادم الى فلسطين او رأي او تأكد بأنه سيأتي الى دولة ، لن يستقر فيها امنياً بحيث انه اذا غادر بيته سيكون معرضاً للقتل او ان تكون الحافلة التي يركبها معرضة للتفجير ،وان تكون زوجته واولاده اذا دخلوا سوق او مطعم او ملهى عرضه لعملية عسكرية او تفجير اياً كان نوع هذا التفجير ، واذا ايقن ذلك اليهودي ايضاً ، انه سيأتي الى دولة هي اشبه بمعسكر الجيش في حالة استنفار دائم لاينتهي وانه بعد ان يخدم الخدمة الالزامية يبقى في حالة استنفار وطوارئ ،وايضاً اذا ادرك هذا اليهودي انه سيأتي الى دولة سيعاني فيها من ضيق اقتصادي وانه لايستطيع الا ان يكون موظف ، لان صناعته وتجارته وسياحته سوف تكون دائماً عرضة للانهيار بسبب الاحداث الساخنة من مقاومة بشتى الوسائل العسكرية وخاصةً تلك التي يسيل فيها الدم ويتفرق فيها اللحم ، بشكل يخلع القلوب من الصدور ، واذا اضفنا الى كل ذلك ان هذا اليهودي يصبح ويمسي في نشرات الاخبار وهو يسمع ان دولته اشبه بلص او نصاب ملاحق في كل المحافل من قبل الذين سرقهم او نصب عليهم ، فأن هذا اليهودي حتماً سيعيد حساباته ويولي الادبار هارباً من ذلك المكان لايلوي على شيء ، من هنا ندرك ان عدم وجود ثورة فلسطينية بعد عام 1948 صنع لتلك الدولة الاستقرار المنشود بالنسبة لها مما مكنها من جلب الشرائح الاجتماعية اللازمة لتثبت ذلك الكيان ، ولكن ذلك الكيان ، الذي اصابه الغرور وجنون العظمة بأنتصاراته الساحقة السريعة، والتي لها خفايا كبيرة لم يأتي الوقت لكشفها بعد ان اصابه الوهن والضعف والانحسار لما حاصرته الثورة الفلسطينية منذ احتلاله للضفة الغربية عام 1967 ،واستمرت بمنع الاستقرار الامني والعسكري والسياسي والاقتصادي عنه حتى وصلت تلك الثورة الى مرحلة الدخول الى ارض الوطن مرغمة هذا العدو على القبول بذلك لتنتقل المعركة الى داخل فلسطين ، ولتأخذ ابعاد كبير وخطيرة بالنسبة لهذا الكيان .

وكان من انجازات ،الثورة الفلسطينية على صعيد منع الاستقرار عن دولة اسرائيل ان هذه الدولة اصبحت تدق نواقيس الخطر على وجودها نتيجة ان الهجرة العكسية اصبحت اكبر من الهجرة الوافدة الى فلسطين بمئات المرات وما كانت هذه الهجرة العكسية لتكون لولا تراكمات الاعمال التي قامت بها الثورة الفلسطينية ، والتي افشلت بنجاح كبير المخطط الصهيوني الذي كان يعمل بالليل والنهار وضمن امكانيات مالية وفنية مهولة على جلب كل يهود العالم الى فلسطين اي يعني جلب اكثر من عشرين مليون يهودي في العالم يمتلكون اغنى واكبر الثروات الاقتصادية في الكرة الارضية ، ولو تم هذا الامر بأن جاء هؤلاء اليهود الذين يمتلكون الترليونات الى فلسطين لاستطاعوا ان يقيموا دولة اقتصادية تجارية وصناعية وعسكرية ، اكبر بعشرات المرات مما نرى في فلسطين ،ولما نعرف ان الاسباب التي حاصرت هذا الكيان وجعلته اسير المساعدات الامريكية السنوية بشكل كامل واسيرا للاسناد الامريكي السياسي والعسكري ،بحيث انه اصبح عبئاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وامنياً على امريكا ، ان هذه الاسباب الوحيدة هي الثورة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ،وقائدها ياسر عرفات ولو كان قائد هذه الثورة عميل او يهودي كما كانت الاشاعات تقول لعمل قائد هذه الثورة على انهائها وتجفيف مواردها وليس على توسيع تلك الثورة وتمتين علاقاتها المحلية والدولية ورفدها بالمال والسلاح والعتاد واللوازم من اجل الاستمرار .

ولقائل ان يقول وهل عرفات هو الذي اوجد كل ذلك ، وان ذلك الكلام هو عبارة عن شخصنة الثورة بأسم عرفات ، وللرد على ذلك التساؤل اقول ، ان القيادات التاريخية هي التي تصنع التاريخ وتوجهه، وما أدل على ذلك فأذا تجاوزنا الرسول (ص) بصفته لاينطبق عليه التمثيل بين القيادات التاريخية العادية وذلك لانه مرعيٌ من رب العالمين ، فأن نبوخذ نصر كان رجل وقائد وصانع تاريخ وان حنا بعل كان رجل وقائد وصانع تاريخ ، وان هولاكو كان رجل وقائد وصانع تاريخ وان صلاح الدين كان رجلاً وقائداً وصانع تاريخ وان قطز والظاهر بيبرس كانا رجلين وقائدين وصانعي تاريخ وان هتلر لو لم يكن ما كانت الحرب العالمية الثانية ، وان صدام حسين لو لم يكن ما كانت كل تلك الحروب والاحداث والاعاصير السياسية لتحدث ، وهنا اطرح على كل من يقرأ كلامي هذا ان يتصور ان قائد الثورة الفلسطينية هو ليس ياسر عرفات وليس بعقيلة ياسر عرفات ، ولو كان ذلك فأن هذا القائد سيجمد امام الاحداث العظام التي ستعيقه عن الحركة وستتجفف موارده وموارد ثورته وسرعان ماستنتهي ،

اما الذي يعتقد ان الاحداث هي التي فرضت الثورة وفرضت على العرب ان يدعموها ويسمحوا بتسليحها فأني اجيب كل من يعتقد ذلك هل هناك اعظم من الاحداث التي حصلت بأحتلال فلسطين عام 1948 ، والتي هجر فيها الشعب الفلسطيني بمئات الالوف من دياره الى مخيمات في الاردن ولبنان وسوريا دون ان تحدث اي ردة فعل او اي ثورة ، والسبب في ذلك ليس ان الشعب متقاعس بل ان الشعب كان يفتقر الى قائد يفجر طاقاته ويصنع منه ثورة ، وكذلك حينما عاد ياسر عرفات بأعظم مناورة سياسية في التاريخ الى داخل الوطن لم يكن قبل دخوله الى فلسطين اي سلاح معتبر وقد تكون البنادق الموجودة في فلسطين لاتتجاوز العشرات بأي حال من الاحوال في ذلك الوقت لكنها بعد دخوله الى فلسطين بدأت تظهر شيئاً فشيئاً حتى اصبحت بعشرات الالاف من البنادق ، وهنا سؤال لابد ان يطرح نفسه ، اذا كان ياسر عرفات قد ادخل هذه الالاف من البنادق من اين اتت الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد بهذه الاسلحة الكثيرة ايضاً وللاجابة على هذه الاسئلة لابد من ان نرجع قليلاً للوراء ، حينما قرر ياسر عرفات ضبط الشارع الفلسطيني من اجل اسقاط حجة اسرائيل وهي ضبط حماس والجهاد الاسلامي الذين يثيرون الفوضى وفوضى السلاح ، قام ياسر عرفات بأعطاء الاوامر لاعتقال كوادر واعضاء تلك الفصائل بالمئات دون اي ردة فعل منهم تذكر بل ان بعض قادة واعضاء الاجهزة الامنية تجاوزوا الحدود بتعذيب كوادر حماس والجهاد .

فلماذا لم تدافع هذه الفصائل عن نفسها في ذلك الوقت والجواب هنا واضح ، ان تلك الفصائل حتى ذلك الوقت لم تكن تمتلك الاسلحة لمواجهة السلطة وعليه فأنها لاتستطيع ان تواجه السلطة بأيدي عارية ، من هنا ندرك اهمية القائد في الاحداث التاريخية وصناعتها ، وحتى نثبت كل كلمة نقولها فلابد من البراهين على ذلك ، وانا اقصد اهمية عرفات كصانع للتاريخ الفلسطيني الحديث ، ولذلك لابد ان نعود الى الوراء قليلاً ،بعد حرب الكرامة عام 1968 وانتشار الثورة الفلسطينية وازدياد عملياتها وشعور الاردن بثقل اعبائها من جميع النواحي بدأت المؤامرات على هذه الثورة من كل الاتجاهات الداخلية والخارجية وبدأ الهجوم على شخص ياسر عرفات كشخص ، وبدأت الاشاعات تقول عنه انه عقبه في وجه التحرير وان الخلاص منه سيمهد لتحرير فلسطين ، وانتشرت الاشاعات من بعض الفصائل فلسطينية ، وجاءت احداث ايلول وخرج ياسر عرفات الى لبنان بعد اتفاقية القاهرة ، خرج هو 140 شخص فقط تبعهم سعد صايل الذي تمرد هو ولوائه ولكن الثورة الفلسطينية بكل فصائلها كانت موجودة على الساحة الاردنية والمفروض انها تستمر بالمعركة وتحقق الانتصار الذي كان يعيقه ياسر عرفات الا ان المفاجأة التي حصلت ولازالت حتى اليوم انه لم يستطيع اي شخص من مجموع الاف الفدائيين الذين بقيوا في الاردن بعد مغادرة عرفات الى لبنان وبعد ان اجبره مؤتمر القمة الذي انعقد في القاهرة على ذلك ، لم يستطيع ولاواحد فيهم ان ينفذ عملية واحدة من نهر الاردن ، ولم يستطع ولافصيل البقاء في الاردن كتنظيم عسكري بعد عرفات، وذلك لان عرفات بشخصه وشخصيته هو الذي كان يؤمن كل شيء لاكثر الفصائل من سلاح ومال وعتاد وشرعيه ، دخل عرفات الى لبنان حسب اتفاقية القاهرة وكان الوجود الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان وجوداً راكد عسكرياً وسياسياً بالرغم من نماء حركة فتح وبعض الفصائل الفلسطينية فيه كتنظيم سياسي غير مسلح الى ذلك الحين وكان معروف اضطهاد الدرك اللبناني للشباب الفلسطيني في المخيمات بحيث انه كان يتعامل مع هؤلاء الشباب اللاجئين بلا رحمة وبقساوة مبالغ فيها .

حتى حل ياسر عرفات برجاله وحسب الاتفاقية ان يتواجد في ثلاث مخيمات فلسطينية في بيروت وليس في الجنوب ،وهذه المخيمات هي مخيم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة على ان لايخرج 140 فدائي بسلاحهم خارج المخيمات ،ولكن سرعان ماتأتي الاحداث وتنفجر على مصراعيها فيقرر الجيش اللبناني انهاء الوضع العسكري الذي اوجده ياسر عرفات داخل تلك المخيمات الا ان المفاجئة ان هذا الجيش هزم امام المقاتلين الفلسطينيين هزيمة سهلة ، الامر الذي مكن ياسر عرفات على الانتشار السريع من بيروت الى الجنوب والشمال اللبناني ، واستطاع ياسر عرفات بدهائه وذكائه ان يجعل الاحزاب اللبنانية السيارية والقومية والناصرية تواليه ولاءً مطلقاً من خلال دعم تلك الاحزاب وتسليحها وتدريبها حتى تعطيه الغطاء الشرعي اللازم وحتى يستطيع ان يدافع عن الثورة الفلسطينية بجسم لبناني كبير ، وفي المقابل عملت اسرائيل على تحريك بقية الجسم اللبناني وخصوصاً الموارنه الذين عصوا على احتوائهم من قبل ياسر عرفات وقبلوا ان يكونوا في مواجهة ياسر عرفات ، ولهذا تطلع ياسر عرفات بعد المعارك الدامية التي واجهته في الدول المحيطة بفلسطين إلى حلم الدخول إلى الوطن حتى لا يأتي اهل الارض ويطلبون منه الخروج لذلك امضى ياسر عرفات بعد دخوله ورجاله إلى ارض الوطن في مرحلتين المرحلة الاولى بناء الدولة الموعودة والمرحلة الثانية هي مرحلة المقاومة والتي جاءت بعد ان ادرك ياسر عرفات ان اسرائيل لاتريد سلاماً حقيقياً ولاتريد ان تنفذ اي شيء من الاتفاقات الموقعة وان كل ماتفعله هو مناورات سياسية مع الفلسطينيين بعدها قرر ياسر عرفات ان يتحول إلى المقاومة وهنا سؤال يطرح نفسه من الذي كان ينفذ العمليات العسكرية ومن الذي سمح لفلان وفلان ان يكونوا قادة امنيين وسياسيين ولكني اؤكد للقارىء بأني لن اترك اي شيء يتسائل عنه أي شخص الا وسأجيبه عليه وسأغطيه له ، ولكن قبل ان اصل الى تلك الاجوبة لابد من جواب ملح يلخص اسئلة عديدة ، وهو ان ياسر عرفات حينما دخل الى فلسطين لم يدخل دخول الفاتحين ولكن دخل ضمن اتفاقيات كان يرى فيها ياسر عرفات انها انجح مناورة سياسية لتحقيق حلم بتحويل الثورة الى داخل الوطن بدلاً من ان تكون تحت رحمة الاشقاء الذين يشعرون بعبئها ويطالبون بأنهائها واخراجها من اراضيهم ، وعليه فأن ياسر عرفات اضطر ان يتنازل كثيراً حتى لايخرب حلم الدخول الى ارض الوطن .. وهكذا فلقد عمل بعض هؤلاء الاشخاص على نشر الفساد في صفوف السلطة الفلسطينية وكان ياسر عرفات يتعامل مع هؤلاء الاشخاص بحذر ويخفي عنهم كل شيء ويعطيهم المعلومات المضللة . . من اخر لقاء لي مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات لأعود بعدها الى الوراء دون ان يكون لسرد التاريخ لتسلسل الزمني .

اللقاء الاخير بيني وبين عرفات :-

المجلس المركزي الفلسطيني

في اواخر عهد الرئيس الامريكي بل كلينتون كان واضح ان الرئيس الامريكي كلينتون قد خطط لان يورط ياسر عرفات بالتوقيع على اتفاقية سلام مع باراك في كامب ديفد يوهم فيها كلينتون ياسر عرفات بان باراك سيتنازل له عن 90% من الضفة الغربية ، ولما قرأ ياسر عرفات الاتفاقية ادرك انه امام خديعة كبرى ، فالتسعين بالمئة سرعان ماتتحول الى 45% من ارض الضفة الغربية وذلك بعد ابقاء الثلاث كتل الاستيطانية التي تمتد الى كل مستوطنات الضفة الغربية ، اما القدس فتبقى تحت السيادة الإسرائيلية على ان يعطي المسلمون فيها ممر الى المسجد الاقصى ويكون للممر ساحة في البلدة القديمة تنتهي عند حارة النصرى ولايكون للمسلمين السيادة على المسجد الاقصى الى من فوق اما من الاسفل فالسيطرة والسيادة لليهود ، وكذلك لايوجد في هذه الاتفاقية اي عودة لللاجئين ولكن فيها مبدأ التعويض من قبل الدول العربية والتوطين ، كذلك لايوجد في هذه الدولة اي سيادة على الجو او الحدود ولما رفض الرئيس ياسر عرفات هذه الاتفاقية ،وسأعود في كتابي للتفصيل لكل ماجرى في كامب ديفد ولما رفض ذلك قررت امريكا انهائه ولقد قال له كلنتون : تأكد ياياسر عرفات انني اخر زعيم امريكي يقابلك وستعود ليأتيك شارون وزير دفاع في حكومة وحدة وطنية ليدمر لك سلطتك وليخرج لك نصف مليون فلسطيني ستنسى كل المشاكل الاخرى وستناضل انت ومن يأتي خلفك من اجل إعادتهم الى الضفة وغزة .

وبعد ان صمد ياسر عرفات في كامب ديفد ولم يخضع لكل الضغوط والابتزازات وفي اللقاء الاخير بينه وبين كلنتون ، قال له كلنتون لقد فوجئت بك فالتقارير التي عندي عكس مارأيته فيك فلقد قال لي من حولك ان اقسى طموحك الصلاة في المسجد الاقصى ، ولكني وجدت فيك قائد مخلصاً لشعبه وقضيته لا اني ارجو منك الا تتحدث بالفشل ، وبعد ان عاد عرفات من امريكا وبعد ان اشتعلت انتفاضة الاقصى وبعد ان حوصر ياسر عرفات ودمر عليه مقره ، وبعد ان تعرض لشتى انواع الضغوط الا ان الضغوط التي انهت كل خياراته هي ضغوط المؤسسات الفلسطينية التي اجبرته على قبول مبدأ انشاء رئاسة الوزراء فلقد اعطى المجلس التشريعي بالأجماع الموافقة على انشاء رئاسة للوزراء وتبعة المجلس الثوري لحركة فتح وكذلك تبعته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ولم يتبقى الا المجلس المركزي للمنظمة ، بعد ذلك اسقط بيد ياسر عرفات ووافق مكرها على ذلك .

وبعد ان ارغم ياسر عرفات على الموافقة على ذلك وجهت الدعوات من قبل المجلس الوطني لعقد المجلس المركزي الفسطيني في رام الله بمقر الرئيس ياسر عرفات ، ووصلتني دعوة وابلغت ان هناك ضمانات امريكية بعدم التعرض لاحد من قبل اسرائيل اثناء الدخول الى رام الله ونزلت مع زملائي اعضاء المجلس المركزي المقيميين في عمان وعددهم الرسمي 12 ولكنهم في الحقيقة ثمانية ومعهم بعض المراقبين من اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وصلنا الى الجسر ولم تتعرض اسرائيل لاي واحد فينا ووجدنا كل التسهيلات ووجدنا سيارات من الرئاسة تنتظرنا خارج الجسر لتنقلنا الى فندق جراند بارك في رام الله ، وصلت الفندق وبعد ان استرحنا وتناوولنا الغذاء وكانت الدنيا في فصل الشتاء من عام 2003 وفي المساء قررت ان اذهب لاسلم على الرئيس ، فأنا بشوق كبير له وذلك لاني لم اشاهده منذ فترة ليست قليلة ولكني لم انقطع عن التواصل معه بالرسائل وبالمكالمات الهاتفية ، ولما هممت بالخروج من الفندق شاهدني د .مصطفى ملحم والاخ يونس فريجات وهم اعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني ومراقبين في المجلس المركزي ولقد حضروا معي من الاردن فسألوني اين انا ذاهب فقلت لهم عند الرئيس فقالوا لي خذنا معك وهكذا اخذتهم معي لعند الرئيس ،

انزلتنا السيارة خارج مقر الرئيس وشاهدنا حجم الدمار الهائل الذي يحيط بمقر الرئيس بل ان هذا الدمار اتى على اكثر من نصف مكتب الرئيس عرفات ، صعدنا السلالم القليلة ومن وسط اكياس الرمل التي على مدخل مقر الرئيس ليقول لنا سكرتير الرئيس ان تنتظر قليلاً فعند الرئيس ضيوف ، انتظرنا بعض الوقت في غرفة صغيرة خصصت للانتظار ولكنها تستعمل ايضاً للسكرتاريا وذلك بسبب ان المكان اصبح ضيق وبعد ذلك دخلنا على الرئيس وبعد عناق وتقبيل جلس الاثنان د. مصطفى ملحم ويونس فريجات ولايريدون ان يخرجوا من عند الرئيس وانا اهمس في اذانهم ان يتركونا لوحدنا ولكن دون فائدة ، ثم طلبت من الرئيس ان يخرجهم الا ان الرئيس المعروف بخجله وتهذبه مع ضيوفه مهما كانوا لم يبدي تجاوباً نع ماطرحته عليه ، وفي النهاية قررت ان ابادر للخروج من مكتب الرئيس لاجبرهم ان يخرجوا معي ، فقالوا للرئيس سنتركك لانك مشغول ( الله يعطيك العافية ) وخرجت وانا اعتقد انهم خلفي الا انني بعد ان خرجت نظرت فلم اشاهد اي واحد منهم خلفي واضطررت ان اعود الى غرفة الانتظار حتى يغادروا وصبرت حتى غادروا ثم عدت للرئيس فعانقني من جديد وهنا لابد من ان اتوقف قليلاً في وصف حالة الرئيس ، فلقد وجدت الرئيس ولأول مرة في حياتي مهزوماً نفسياً الى ابعد الحدود بحيث انه لم يتجاوب معي في رفع معنوياته في البداية فلا كلامي ولا شعري غيروا من الامر شيء ، بل الادهى من ذلك حينما قلت له ياوالدي غداً يوم حاسم فنظر الي والمرارة تقطر من وجهه وصمت قليلاً ثم قال ( ياخويا ....ايه ) ثم اردف قائلاً لقد تم حسمه ، فقلت له ولكن لم اعهد فيك انك تستسلم ياوالدي .

فقال لي جزء من بيت شعر : وظلم ذوي قربى اشد غضاضة . ثم حاولت ان استفزه حتى يخرج من دائرة اليأس فقلت له انت الذي تشد فينا العزيمة ياوالدي اراك تريد ان تحبطني ، فاذا به يضع يديه تحت صدغيه ويبكي دون توقف عندها شعرت ان ابا عمار قد وصل إلى اقصى قدرات التحمل فهو محبط الى ابعد الحدود ، ولقد شاهدت اباعمار في حياتي مرات عديدة يبكي فهو بطبعه بكاء ولايفرج عن همومه الا بالبكاء ولكنه كان يحاول دائماً ان ينفرد بالبكاء حتى لايراه احد ولقد كنت اشاهده في لبنان حينما كان يأتي الى غرفة العمليات (3 ) في برج ابي حيدر كان يدخل غرفة داخلية ويبقى يبكي لساعة كاملة ولقد صدف ان فتحت مرة عليه الغرفة فوجدته يجهش بالبكاء فتمالك نفسه وطلب ان اغلق عليه الغرفة فوراً ،ولما شاهدت ابا عمار يبكي اخذت ابكي معه ثم صمتنا نحن الاثنين ثم رفعت رأسي لانظر اليه فوجدته ينظر الي ودموعه مبلله ، فقال لي غداً يامأمون سيكون يومك انت ، فأدركت انه يريدني ان أهاجم الجميع في كلمتي ، فقلت له وهل هناك خطوط حمر ، فرد عليّ ( ومن امتى ياخويا ) هو انت عمرك وقفت على إشارة حمرا .

ثم شعرت أن نفسيته بدأت تهدأ ،فعدت لأقول له ياوالدي ،هذه ليست أول شدة ولن تكون الأخيرة وأنت دائماً تثق ان الله معك وفي النهاية سيفشلون ويعودون اليك ، قال ابو عمار : انا عمري ماحسبت حساب لحد والله اني مليت وعايز أستريح (لكني لن اسلمها الا إلى ايدي امينة بأذن الله ) .

فقلت له : ياوالدي أنت دائماً كنت تقول (الى تعب يستريح ) وانك دائماً مشروع شهادة فهل تعبت .

فقال ابو عمار: والله اني ادعوا ان استشهد في الليل والنهار (وأنا لما هجم شارون على المقاطعة عندي هنا مسكت البندقية وكنت حنزل أقاتل حتى النهاية ولكن الشباب حملوني وأعادوني ،أنا مرت علي فترة كنت كل ساعة أضع المسدس في راسي ثم أتذكر الانتحار حرام فأرجع المسدس .

فقلت له ياوالدي :انت رجل مؤمن وزعيم تاريخي وقائد سيتحدث عنك التاريخ فأن انتحرت تكون قد انتحرت من التاريخ والذي يقتل نفسه يذهب إلى جهنم .

فقال لي : أنا والله لايهمني شارون ولا بوش ولا أمريكا ولا العالم كله.

احدهم أرسل لي يقول : مهو قلموا الأحمر بطل يشتغل . فقلت له : ياوالدي كان يجب أن لاتتركهم يصلوا إلى ماوصلوا إليه .

قاطعت ابو عمار وقلت له اريد ان اسمعك هذه القصيدة وقرأت عليه قصيدة شعرت فرأيت ان معنوياته ترتفع مع كل بيت ووجهه بدأ يصفى .

فعلق عليّ قائلاً : لافض فوك ، ثم اردف قائلاً : ايه دي الطوشة الي عملتها في مكتب ابو الاديب ،(يقصد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ) فقلت له ماوصلك عنها، وفجأة دخل علينا سكرتيره فايز حماد وشعرت كأنه هو الذي استدعاه بكبسة زر ليسمع ما سأقول .
فقال لي :لاياخوي انا عايز اسمع منك .

فقلت له :كنت اجلس انا والاخ ابو الاديب في مكتبه لوحدنا وكنا نتابع مجزرة حي الدرج على تلفزيون فلسطين ،حتى حضر فجأة الاخ فاروق القدومي بصحبته عدنان سمارة (وهو نائب امين سر المجلس الثوري ) و"ح" (وكان وزير مقال حديثا وقتها ) ومعهم ايضا سليم القدومي والعميد منذر ارشيد والعقيد ناهض الجيوسي والعقيد عبد المنعم ابو سردانه.
اما انا فصافحت فاروق القدومي وجلست في زاوية المكتب ويبدو ان "ح" وعدنان سمارة لم ينتبهوا لي .
فسأل ابو الاديب : "ح" ماهي الاخبار في الداخل (يقصد داخل فلسطين ) فرد عليه "ح" ، أي اخبار ، لقد اوصل ابو عمار الشعب الفلسطيني يدور على الاكل ببراميل الزباله .

وبقولوا انتفاضة اي انتفاضة ،هاي انتفاضة عاهرة يقودها شخص .... . ثم اردف قائلاً ابو عمار يعتقد انه يضحك على اليهود والامريكان وانو بضحك علينا فالساعة الخامسة يقول لنا ان كتائب الاقصى جواسيس ،وبعد الساعة العاشرة يعطيهم الاموال والمتفجرات . والان هو محاصر بفعل يديه ، (الله لايرده) والله انو شارون بدغدغنا دغدغة حتى الان والله اني زرته في المزرعة ( أي مزرعته) فوجدته بيبي فيس ، شارون بدافع عن نفسه ، لكن احنا قليلين حيا ، ثم اضاف الان ياسر عرفات محاصر ولا يستطيع ان يدخل عليه في اليوم الواحد اكثر من سبعة اشخاص من خلال تنسيق يعني يا أخ ابو الاديب اذا ابو عمار محاصر احنا انحاصر القضية الفلسطينية ، ياأخ ابو الاديب لازم تتحرك هو ابو عمار بدو يظلوا متجوزنا جيزة مايحل عنا . ثم قلت للاخ ابو عمار الذي بدأ وجهه يكفهر مرة اخرى . ثم سأل فاروق القدومي عدنان سمارة قائلاً لكن الاخ عدنان عندو وجهة نظر اخرى فأجاب عدنان سمارة / لا، انا عندي نفس وجهة النظر لكن بضيف عليها اني كنت انا في بيروت قبل فترة فدعوني لاحضر حفل بمناسبة ذكرى انطلاقة الانتفاضة فقلت لهم بحضر لكن بشرط فقالوا لي وماهو هذا الشرط ، فقلت بحضر بصفتي مهندس وليس بصفتي عضو في منظمة التحرير فوافقوا فذهبت وقلت لهم بذلك الحفل : والله لايوجد اخطر على الشعب الفلسطيني من الانتفاضة الاولى الا الانتفاضة الثانية ، فالانتفاضة الاولى انتهت ببلطجية الحارات والانتفاضة الثانية ابتدأت ببلطجية الحارات ،والانتفاضة الاولى ضدها الشعب الفلسطيني 100% والانتفاضة الثانية ضدها 100% واضرب بعشرة ،فقلت لابي عمار : عندها لم اتمالك نفسي لقد شعرت بغثيان رهيب فهذا استهزاء بالشهداء وبالنضال وبالجهاد وهذا تصغير وتحقير لكل تاريخ الشعب الفلسطيني النضالي وهذا تثبيت لكلام كل الاعداء ،وهذا تحدي بسابقة لم تمر عليّ من قبل ذلك ، ثم انفجرت غاضباً فقلت لهم : انا بقلكوا مين اخطر ، فقال لي عدنان :مين فقلت لهم : انتوا لانكوا ..........

فرد عليّ عدنان : انا كندرتي اشرف من راسك .فقلت له انت كندرتك ... يلعن ابو .......وهجمت عليه فأخذوا يفصلون بيننا فأذا بالاخ ابو الاديب يصرخ عليّ ويقول اطلع من مكتبي ...

فعلق ابو عمار وهو ينظر إلى فايز حماد سكرتيره ،مش ياخوي دول عملوا مع مأمون (ضربني وبكا وسبأني واشتكى ) ،ثم قال ابو عمار : انا "ح" قبل شهر طردتو من هنا اولتلوا اطلع ياكلب من هنا هذا انسان صفته كذا وكذا ........وملف فسادوا عندي اد كدة واشار بيديه .

فقلت له ولماذا تتستر على هذه الاشكال ياابو عمار ،فقال لي : لسه بدري .
فقلت له : ماعاد فيها بدري هؤلاء افسدوا فأساؤا لك ، وبعد ذلك ذهبوا يحملونك الفساد.

بعد ذلك جاء موعد العشاء فسأل الرئيس ان يحضر العشاء فوافق له الرئيس وبعدها بدأ الضيوف يدخلون مكتب الرئيس وأكثرهم من المسئولين ومنهم مروان كنفاني مستشار الرئيس السياسي السابق واحمد التميمي وكيل وزارة الداخلية وهو ابن عمي وزوج أختي وعبد الله الحوراني وآخرون ، وكان من عادة الرئيس حينما يحين موعد الطعام سواء الفطور او الغذاء أو العشاء ينظر إلى ضيوفه حول الطاولة ويستأذنهم في تناول الطعام بمعيتهم فيرحبون بذلك ، وان كان عنده ضيف خاص ، فينظر اليه لوحده ويستأذنه ويقول له اذا بتسمح نتناول الطعام بمعيتك ، فيرحب الضيف بذلك ألا أن الرئيس هذه المرة وبالرغم من اني لست ضيف نظر الي لوحدي وقال لي : اذا بتتكرم علينا نتناول العشاء بمعيتك ، فقلت له هذا شرف عظيم لي ثم بدأ الحديث يدور ونحن حول طاولة الطعام ،فقال مروان كنفاني أنا كنت بزيارة جبريل الرجوب قبل قليل وهو يسلم عليك ، ويقول لك أنشاء الله مضليتش زعلان منو .

فرد عليه الرئيس : ازعل منو لي يخويا ، دانا فش حاجة بيني وبينوا . ثم قال أبو عمار مخاطباً احمد التميمي : أخبار التمايمه إيه ياابو السعيد ، فرد عليه احمد : هذا مأمون اسألوا بعرف عن التمايمه أكثر مني .
فتدخل مروان كنفاني قائلاً : ان هناك وثائق عندنا في العائلة تبين اننا من عائلة التميمي .
فرد عليه احمد : يجب أن تتأكد أن عشيرة التميمي قسمان ،فالقسم الاول هم قبيلة بنوا تميم وهي القبيلة التي تمتد من الجزيرة العربية إلى العراق والقسم الثاني أبناء الصحابي تميم بن اوس الداري وكان قبل أن يدخل في الإسلام راهب يعمل بتجارة الخمور واصله من اليمن .. فضحك الجميع ، ولما انتهى العشاء وصممت بالمغادرة مع الجميع أشار أبو عمار أن أبقى مكاني ثم ناداني لأجلس بقربه وقال لي :أنا بكرة عايز أشوف (الشيخ اسعد ) ورى الميكرفون ، يقصد والدي ولقد كان معروف بجرأة لاحدود لها ولقد كان خطيباً مفوها ذا صوت جهوري وكان الناس يطلقون عليه خطيب المسجد الأقصى . فقلت للرئيس : ولكن أتمنى عليك في نهاية كلمتي ان ترفع أصبع أبهامك لتؤكد أن موقفك مثل موقفي وانك غير راضي عما يفعله هؤلاء فقال لي بأمرك يامأمون ، ( كان الرئيس ينادي الجميع أبو فلان وأبو فلان ألا أنا فكان لاينا ديني ألا باسمي ).

في اليوم الثاني كان موعد انعقاد المجلس المركزي الساعة العاشرة صباحاً في قاعة تابعة لمقر الرئيس لم تدمرها اسرائيل ، وصلت قبل موعد الاجتماع بنصف ساعة وبدأت اصافح الاخوة والزملاء في المجلس المركزي والمراقبين والضيوف ولايوجد سلام عادي مع احد بل مع الكل تقبيل وعناق ، وسواءً الذين احبهم والذين اكرههم والكل يجامل على نفس الطريقة ، بدأت القاعة تمتليء والصحافة في الخارج موجودة بشكل كثيف جداً ،وبدأ الضيوف يتوافدون سواء السفراء المعتمدين لدى السلطة او الشخصيات الرسمية او المراقبين او اعضاء المجلس التشريعي ، ثم حضر الرئيس ابو عمار وكان بصحبته منيب المصري الذي كان قد اقترحه رئيس الوزراء ولكن الجميع رفض وكان يمسك بيد منيب إلى ان دخل القاعة فبدأ يصافح معظم اعضاء المجلس المركزي والضيوف .

ثم التفت ابو عمار نحوي وحرك رمشه بطريقة افهم من خلالها انه يريد ان اقترب منه،وفعلاً اقتربت منه فمسك يدي واصبح يتحرك ويصافح الجميع وهو ممسك بيدي ،إلى ان ترك يدي وتوجه نحو المنصه، وجلس بجانبه ، الاخ ابو الاديب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ،والاخ محمد صبيح امين سر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ثم بدأ الاجتماع بعد قراءة آيات من القرآن الكريم ثم عزف السلام الوطني الفلسطيني وقراءة الفاتحة على ارواح الشهداء . ثم القى ابو الاديب كلمة الافتتاح وهي كلمة المجلس الوطني وقدم الرئيس ابو عمار ليلقي كلمته، تكلم ابو عمار حول الانتفاضة والحصار ومعاناة الشعب الفلسطيني ،ثم رفعت الجلسة لتصبح بعد ذلك جلسة سرية ، وبدأ الاخ ابو الاديب الذي يدير الاجتماع بتسجيل اسماء الذين سيتكلمون وسجلت اسمي وقلت له ان يجعلني اخر المتحدثين فرد على ابو الاديب يعرف بعرف ، فهو يعرف اني دائماً اطلب كلمتي اخر المتحدثين حتى اصبح لوحده يضعها في الاخر .تواصلت الكلمات إلى الساعة الثانية ثم رفعت الجلسة من اجل تناول الغذاء بدعوة من الرئيس بعد ذلك التئم الاجتماع الساعة الخامسة ، واستمرت الكلمات .

لقد كان ابو عمار يدرك ان العديدين لايريدون ان تصل الكلمة الي ، ولما شاهد الرئيس بعضهم اتى الي وعانقني فخاف ان يكونو قد امتصوني بذلك او اخرجوني عن ما اريد ان اقوله فنزل الرئيس عن المنصه وتوجه نحوي ولما وصلني مسك يدي واخذ يتنقل بين اعضاء المجلس المركزي وهو يصافحهم ، ثم همس الرئيس بالقرب من اذني ، انا عايز تعلي الوتيرة على الاخر .

ثم تركني الرئيس وعاد وجلس على المنصه ،كان المتحدثون كلهم وبشبه اجماع.
ثم جاءت كلمة الجبهة الشعبية وهي الوحيدة التي تحفظت على مبدأ رئاسة الوزراء الا ان ممثل الجبهة هاجم ياسر عرفات بشدة دون ان يدرك ان الرئيس منهك الاعصاب إلى درجة لاتوصف فأستشاط الرئيس غضباً وصاح بممثل الجبهة وقال نحن هنا نصنع التاريخ ومش عايزين حد يزاود علينا الا ان ممثل الجبهة الشعبية استمر بالهجوم على ياسر عرفات مما دفع الرئيس لان يمسك الميكرفون من قاعدته ويرميه في وسط القاعة وهو يصيح ، هذه الحالة كشفت ان الرئيس وصل إلى الحد الاقصى من الاحتمال فالرئيس معروف عنه انه يتقبل اقصى انواع الانتقاد في الاجتماعات دون ان يبدي أي ردة فعل ولكن هنا الحالة اختلفت بسبب تراكمات المعاناة والحصار الذي يتلوه حصار والمعارك التي تلتها معارك الا ان الحصار الشخصي والمعنوي من قبل الذين حوله قد اوصله إلى مرحلة دقيقة للغاية .

وانا دائماً اعجب عن مقدرة احتمال ابو عمار الغير عادية فو الله لو اصاب ما اصابه أي شخص او أي زعيم في العالم لفقد اما عقله واما حياته فهذا الرئيس ودع عشرات الالاف من الشهداء و ودع معظم رفاقه من القيادة بعد ان قتلوا او استشهدوا وهذا الرئيس رأى من الاهوال مايعجز اللسان عن وصفه . بعد ذلك اسرعت إلى ممثل الجبهة الشعبية وحلفت عليه بالله ان يتوقف عن مناكفة الرئيس فالرئيس ماعاد يحتمل وان مات فسوف تكونون انتم خاصة في مهب الريح . توالت الكلمات ومعظمها تقرأ عن اوراق.

رأيت الرئيس يهمس في اذن ابو الاديب فأدركت ان الرئيس طلب من ابو الاديب ان يعطيني الكلمة وذلك لان كلمتي في النهاية ولم يأتي دوري بعد . ثم استلمت الميكرفون لابد خطابي المرتجل بحيث انني لاأكتب خطاباتي او كلماتي ودائم ارتجل الا ان بعض الاشخاص دفعوني لاسجل نقاط من اجل الرد عليهم وانا يصفني العديد من اعضاء المجلس المركزي والتشريعي اخطب من سمعوا في حياتهم ومن هؤلاء عزام الاحمد ود.سمير غوشة وعبد الرزاق المجايده والحاج اسماعيل والحاج مطلق ورئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي . وابو علاء قريع وابو عمار الذي كان يسميني خطيب المجلسين وانا حينما اخطب يصبح لي صوت اخر يختلف بشكل كامل عن صوتي العادي ، فأذا اخطبت لااحتاج إلى ميكرفون ولكني اذا مسكت الميكرفون يصبح لي صوت مدوي يهز اركان المكان الذي اخطب فيه.

كان الجميع يسألني منذ بداية الاجتماع متى ستكون كلمتك ، فكنت اقول لهم كلعادة في الاخر .
ولما جاءت كلمتي بدأت بصور شعرية كيف جئت إلى عرين الاسد واقصد ابو عمار فوجدت هذا العرين وقد دمر، ووجدت الاسد يربض فوق دمار عرينه دون ان يستسلم او ان يرفع الراية البيضاء ، او ان يركع لغير الله . لقد قاتل ابو عمار هذا العدو المجرم وخاض كل معاركه التي لم يهزم فيها بالرغم من ان دول هزمت في ساعات ، وصبر ابو عمار وصمد في كل الحصارات ففي حصار بيروت والله لولا انه كان بيننا ماصمدنا ثلاثة اشهر فكان يقاتل بين صفوفنا ويدير غرفة العمليات ويدير المعركة سياسياً وعسكرياً وميدانياً ،لقد وعد شارون الصحفيين في ذلك الوقت بأنه سياتي لهم بياسر عرفات في قفص خلال 48 ساعة ولكن خاب فأله وطاش سهمه ومرغ ابو عمار انفه بالتراب وها هو اليوم ابو عمار يحاصر ولكنه الحصار الاشد وطئه والاكثر ايلاما .

كان ابو عمار طوال كلمتي يضع يديه تحت صدغيه ويضع عينيه في عيني وكأنه يريد ان يزيد في شحني وكأنه يقول لي صعد إلى اخر المطاف وماان انهيت كلمتي حتى شاهد الجميع ابو عمار يرفع اصبعي ابهامه اليسرى واليمنى ويرفع يديه بطولها إلى الاعلى ، فرددت عليه ان رفعت اشارة النصر ، الامر الذي بهت فيه الجميع.

يتبع في الحلقة القادمة .....

** عضو المجلس المركزي الفلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.