الاتحاد الأوروبي يبرىء "الوقود الحيوي" من مسئولية أزمة الغذاء محيط: شيرين صبحي رغم تزايد الأصوات المحذرة من أن "حق الغذاء" لشعوب العالم قد أصبح مهدداً بصورة خطيرة بسبب توسع الدول الغنية في استغلال المحاصيل الزراعية الأساسية لانتاج الوقود الحيوي، كان للإتحاد الأوروبي رأي أخر حيث يري جوهانز ليتنبيرجر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إن انتاج الإتحاد الأوربي من الوقود الحيوي يعتبر ضئيلاً جداً إلى الحد الذي لا يؤثر في ارتفاع أسعار الغذاء. وأضاف: أن هناك عوامل مشتركة وراء الارتفاعات التي شهدتها اسعار الغذاء وتتضمن ارتفاع الطلب العالمي عليها في عدد من الدول مثل الصين والهند في الوقت الذي تشهد فيه أسعار موارد الطاقة ارتفاعا وبالتزامن مع انخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عن ليتنبيرجر قوله:" إن الاتحاد الأوروبي يهدف لتوفير عشرة في المئة من الوقود العضوي بحلول عام 2020، مؤكداً أن الأمر لا يؤثر في أسعار الوقود في الوقت الحاضر وأن الجيلين الثاني والثالث من الوقود العضوي لن ينافسا المحاصيل الغذائية". وكان الدكتور جيفري ساكس، المستشار الأكاديمي للسكرتير العام للأمم المتحدة قد أبلغ لجنة التنمية لدى البرلمان الأوروبي أنه يتعين إعادة النظر في برامج زراعة الوقود الحيوي ورأى أنها كانت معقولة حين كانت أسعار الأغذية منخفضة. وأشار إلى أن حوالي 33% من محصول الذرة بالولاياتالمتحدة ستستخدم خلال العام الحالي 2008 في إنتاج الوقود الحيوي لتعبئة خزانات البنزين. ويرى خبراء في مجال الغذاء ومكافحة الفقر أن انتشار استخدام المنتجات الزراعية في مجال إنتاج الوقود الحيوي سيؤدي إلى المزيد من الارتفاعات لأسعار المواد الغذائية الأساسية التي تضاعفت تقريباً خلال السنوات الخمس الأخيرة الأمر الذي سينعكس سلباً على مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر. ويحذر الخبراء من أن أزمة الغذاء الراهنة قد تضيف أكثر من 200 مليون شخص لقائمة فقراء العالم. وعلي صعيد متصل، شن جان زيجلر، مبعوث الأممالمتحدة المكلف بشئون الغذاء هجوماً حاداً على الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب استخدامهما الحبوب لإنتاج الوقود الحيوي، مما ساهم في ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، ووصفهما بأنهما قد سلكا "طريقا إجرامياً". وقال زيجلر:" إن سياسات الوقود التي تنتهجها كل من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي تعتبر أحد أهم الأسباب لأزمة الغذاء العالمية الراهنة، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة قد استخدمت ثلث محصولها من الذرة في إنتاج الوقود الحيوي، بينما ينوي الاتحاد الأوروبي استخدام الوقود الحيوي بنسبة 10%". وأوضح زيجلر أن المضاربة في الأسواق العالمية كانت وراء ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 30%، مشيراً إلى أن شركات مثل "كارجيل"، التي تحتكر ربع إنتاج الحبوب، لديها تأثير قوي على الأسواق، مضيفاً أن الصناديق الاحتياطية تجني أرباحا هائلة من أسواق المواد الخام ودعا إلى قوانين مالية جديدة تمنع مثل هذه المضاربات. وكان خبراء في وكالة الطاقة الدولية قد توقعوا أن يصل الإنتاج العالمي من الوقود الحيوي إلى 1.75 مليون برميل يوميا بحلول عام 2012 أي أكثر من مثلي مستويات عام 2006. وأشار الخبراء إلى أن هذا النوع من الوقود سيظل هامشياً لان الأحوال الاقتصادية ستعوق تحقيق مزيد من النمو في هذا القطاع كما ورد في صحيفة "الخليج" الإماراتية. وفي ظل طفرة الوقود الحيوي المتسارعة، تثار المخاوف من أن تزداد معاناة البشر من الجوع بسبب ارتفاع أسعار الطعام خاصة بعد أن ارتفعت فاتورة الغذاء العالمي بنحو 50% خلال الأعوام الخمسة الماضية. وأشار برنامج الغذاء العالمي إلى أن السعر الذي يتم دفعه لشراء الذرة قد ارتفع إلى نحو 120% في الشهور الستة الماضية في بعض الدول. وعلي الصعيد نفسه، حذرت منظمات دولية وخبراء في مجالي الغذاء والبيئة من أن الاعتماد المتزايد على الوقود الحيوي المستخرج من النباتات يساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية في السوق العالمية ويهدد التوازن البيئي. وقال تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إنه ستكون هناك حاجة إلى كميات كبيرة من محاصيل الذرة والقمح وبذرة اللفت وقصب السكر من أجل إنتاج الإيثانول والديزل الحيوي ،الأمر الذي يهدد الأراضي الزراعية ويقود إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومشتقاتها في الأسواق العالمية. وكان خوسيه مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية قد أقر مؤخراً أن اعتماد الإتحاد على الوقود الحيوي قد ازداد خلال العامين الماضيين، إذ بلغ نسبة 1,8% من نسبة الوقود المستخدمة في كافة الدول الأعضاء، إلا أن "هذه النسبة لا تزال ضئيلة نوعاً، ولكنها مشجعة لبلوغ أهدافنا في مجال محاربة التغير المناخي".