طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش، الجمعة، أوروبا بالرد عن دورها في أساليب التعذيب التي اتبعتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي اي ايه، والتي كشف عنها الثلاثاء الماضي تقرير أعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي. وحجبت أجزاء واسعة من التقرير، الأمر الذي يثير تكهنات مفادها أن التقرير لم يأت على دور حلفاء الولاياتالمتحدة في عملية تسليم المشتبه فيهم، والتي كانت تقتضي تسليمهم إلى دول أخرى للتحقيق معهم ومحاولة استخلاص المعلومات منهم وذلك باستخدام أساليب عنيفة معهم ومنها التعذيب. غير ان تقريرا غير رسمي صدر في واشنطن العام الماضي كشف تعاون 54 دولة على مستوى العالم في استضافة أنشطة الاحتجاز والتعذيب غير القانونية والتي تنتهك حقوق الإنسان منها 25 دولة في أوروبا. نشرت لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي خلاصة تقرير عملت عليه لسنوات حول برامج الاستجوابات (التعذيب) التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه)، والتي كشفت عن مدى الانتهاكات التي تعرض لها الإرهابيين المشتبهين الذي وقعوا في أيدي الوكالة. وقالت لجنة الاستخبارات إن سي اي ايه ضللت الأمريكيين بشأن مدى فعالية ما تطلق عليه ''الاستجواب المعدّل''. ويكشف التقرير علنا وبدقة تفاصيل نظام السجون السرية في كل مكان في العالم، ويشير إلى أن الوكالة عذبت وتعذب السجناء دون أي قيود قانونية باسم الحرب ضد الإرهاب. وأشارت هيومان رايتس ووتش في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني الجمعة إنها كانت من بين أوائل من كشفوا منذ نحو عشر سنوات أن حكومات أوروبية تعاونت في عمليات خطف وترحيل غير قانوني لمشتبهين بالإرهاب قام بها عملاء سي اي ايه إلى مراكز احتجاز سرية حيث تم تعذيب المشتبه فيهم. وقالت المنظمة إن ''فيما عناصر تجريم الدول الأوروبي تم تنقيحها من النسخة المتاحة للعامة من تقرير مجلس الشيوخ، فإننا نعرف بالطبع العديد من التفاصيل. نعرف أن دول بولندا ورومانيا وليتوانيا استضافت سجون سرية لسي اي ايه. نعرف أن السويد ومقدونيا وإيطاليا والمملكة المتحدة تواطأت في تسليم المشتبهين بالإرهاب للولايات المتحدة لتعذيبهم''. وذكرت رايتس ووتش إن تحقيقات الأممالمتحدة والبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي أكدت ذلك الأمر، مضيفة أن هذه التحقيقات أظهرت أن بلدان أوروبية أخرى، بينها الدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وإسبانيا، متورطة بدرجات متنوعة. وقالت المنظمة ومقرها نيويورك إنه كان هناك بعض التقدم في أوروبا تجاه تسليط الضوء على هذه الانتهاكات، التي أشارت إليها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي قضت ضد بولندا ومقدونيا بشأن دور حكومتيهما في الاعتقال السري والترحيل. وقالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في يوليو الماضي أن الحكومة البولندية سمحت لسي آي ايه بإدارة سجنا سريا شمال البلاد حيث تم تعذيب اثنين من ''الإرهابين المشتبهين''. كما دفعت السويد تعويضات لرجلين ساعدت على خطفهما وإرسالهما إلى مصر في 2011. فيما وضعت ليتوانيا التحقي البرلماني على الرف، بحسب المنظمة، التي أشارت أيضا إلى أن تحقيقا قضائيا في بريطانيا وضع أيضا على الرف، ونكثت الحكومة بوعودها بعمل تحيق آخر. وتتعرض الحكومة البريطانية لضغوط متزايدة لكشف طبيعة الدور المحتمل أنها اضطلعت به في التنسيق مع سي آي إيه فيما يخص سوء معاملة المشتبه فيهم بعد هجمات سبتمبر 2001. واقتصرت المسؤولية الجنائية على إيطاليا التي اتهمت ثلاثة من عملاء سي اي ايه من بينها رئيس سي اي ايه في إيطالي جيف كاستيلي، بسبب خطف وترحيل داعية مصري (أبو عمر) في 2003. وهناك تحقيقات جنائية في بريطانيا حول تورطها في ترحيل اثنين هما عبد الحكيم بلحاج وسامي السعيد. ومن ضمن أساليب التعذيب التي كشف عنها التقرير الإيهام بالغرق والصفع وتعريض المشتبه فيهم إلى مواقف التوتر والحرمان من النوم، والتهديد بالقتل. وقالت رئيسة لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي، ديان فينستيان، التي أعدت التقرير إن هذه الأساليب ترقى إلى مستوى التعذيب. وأثار التقرير إدانة عالمية سي آي ايه ودعوات لملاحقتها قضائيا. واعترف مدير سي اي ايه جون برينان يوم الخميس بأن وكالته ارتكبت سلسلة من الأخطاء في استجوابها لإرهابيين مشتبه بهم، في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. لكنه دافع خلال مؤتمر صحفي نادر من مقر الوكالة في فيرجينيا ضد الاقتراحات التي تشير إلى أن محققي الوكالة يجب أن يخضعوا للمحاكمة.