كشف تقرير التعذيب الخاص بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي اي ايه أن استجوابات الوكالة للمعتقلين كانت "أكثر وحشية" مما أقرت به. وأدان تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي برنامج الاستجواب والاستنطاق الخاص بسي اي ايه، وقال التقرير إن الوكالة عملت على تضليل البيت الأبيض والكونغرس بشأن المعلومات التي حصلت عليها من المشتبه فيهم بالإرهاب المعتقلين عبر برنامج الاستجواب والاستنطاق الخاص بها. وقال التقرير إن الطرق التي اتبعتها سي اي ايه كان "أكثر وحشية" مما أقرت سواء لمسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أو الجمهور. ونشرت اللجنة التي ترأستها السيناتور الديمقراطية دايان فاينشتاين 450 صفحة من التقرير. والتقرير يقع في ستة آلاف صفحة، ويحتوي على الوسائل التي اتبعتها سي اي ايه في استنطاق واستجواب ''الإرهابيين المشتبهين''، وتشمل تلك الوسائل الترحيل غير العادي والاستجواب باستخدام الايهام بالغرق وغيرها من الأساليب التي ترتقي إلى جرائم تعذيب، بحسب توصيف الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وقال التقرير الذي اطلع مصراوي على خلاصته المكونة من 450 صفحة إن المعتقلين حرموا من النوم لمدة تصل إلى أسبوع، وفي بعض الأحيان أخبروا بأنهم سوف يقتلون وهم قيد الحجز الأمريكي. ويقول التقرير إن بعض سجناء سي اي ايه أخضعوا ل"تغذية شرجية" و"وإضافة الماء عبر الفتحة الشرجية"، بموافقة أطباء الوكالة، وهي طريقة وصفها رئيس برامج الاستجوابات في سي اي ايه بأنه طريقة لممارسة "التحكم الكامل في المعتقل". ووصف أعضاء الطاقم الطبي في سي اي اي الإيهام بالغرق الذي تعرض له خالد شيخ محمد، الذي يوصف بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2011 بأنها "سلسلة أقرب للغرق"، بحسب ما جاء في التقرير. وقال التقرير إن برنامج الاستجواب والاستنطاق أسيئت إدارته ولم يخضع للرقابة الكافية. ويشير التقرير إلى أنه كان هناك عدم رضا بين ضباط الاستخبارات بشأن اختصاصات وتدريب المحققين، وأنهم رأوا أن ذلك يخالف سياسة سي اي ايه. وكشف التقرير أن المحققين الذين كانوا يعملون في الميدان وحاولوا وقف الأساليب الوحشية، تم رفضهم مرارا وتكرار من قبل كبار المسؤولين في الوكالة. حالة تأهب قصوى ومن المحتمل أن يؤدي نشر التقرير إلى حالة غضب شديدة ضد الولاياتالمتحدة من قبل الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان. وكثيرا ما انتقدت الجماعات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش السبل التي تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية، وبرامجها، مثل برنامج الترجيل غير العادي وبرامج الاستنطاق والإيهام بالغرق والحرمان من النوم. واستعدت الإدارة الأمريكية لنشر التقرير وأعلنت القوات المسلحة الأمريكية حول العالم حالة التأهب القصوى، خوفا من احتمالية شن هجمات ضد منشآت ومصالح أمريكية. وقال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل اليوم الثلاثاء في تصريحات صحفية إن القوات الأمريكية في كافة أنحاء العالم في حالة تأهب قصوى. وأشار إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن تهديد محدد إلى الآن. كما رفعت البعثات الدبلوماسية الأمريكية في العديد من البلدان خاصة في الشرق الأوسط من اجراءاتها الأمنية تحسبا لوقوع هجمات محتملة جراء ''الفظائع'' التي يحتويها التقرير الذي لن ينشر كله بل خلاصة تقل عن 500 صفحة بحسب مسؤول أمريكي. وكان الرئيس باراك اوباما قد أوقف برنامج التحقيقات في الوكالة عند توليه الحكم عام 2009، واعترف بأن بعض الأساليب التي استخدمتها المخابرات المركزية في التحقيق مع معتقلي تنظيم القاعدة كانت ترقى الى تعذيب. وكانت الحملة التي شنتها المخابرات المركزية ضد تنظيم القاعدة ابان ولاية الرئيس جورج بوش الابن قد شهدت احتجاز اكثر من 100 "ارهابي مشتبه به" في "مواقع سوداء" خارج الولاياتالمتحدة. وعبر الرئيس اوباما عن اعتقاده بأن مسؤولي الوكالة استخدموا هذه الأساليب الشديدة نتيجة "الضغوط الكبيرة" التي كانوا يتعرضون لها لمنع تكرار هجمات سبتمبر. وقال في خطاب ''لقد عذبنا بعض الناس''، مضيفا أن ذلك لا يتسق مع القيم الأمريكية بحسب قوله. وقال جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إن أوباما يعتقد أنه لم يكن هناك مبررا لاستخدام تلك الوسائل التي لم تجعل الأمريكيين أكثر أمنا. وأضاف في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض الاثنين إن ''هناك مؤشرات على أن إصدار التقرير يمكن أن يؤدي إلى خطر أكبر تواجهه المنشآت والأفراد الأمريكيين في جميع أنحاء العالم''. وأكد أن الإدارة الأمريكية اتخذت الخطوات اللازمة للتأكد من اتخاذ الاحتياطات الأمنية المناسبة الصحيحة في منشآت الولاياتالمتحدة في جميع أنحاء العالم. من جانبهم، انتقد الجمهوريون نشر التقرير وحذروا من ردات فعل عنيفة جراء نشره. ودافع نائب الرئيس السابق ديك تشيني من ادارة الرئيس جورج بوش بقوة عن تقنيات الاستجواب المشددة هذه معتبرا انها ''مبررة تماما''. وقال لصحيفة نيويورك تايمز انه ''تم السماح بالبرنامج.. والتدقيق فيه من وجهة نظر قانونية من قبل وزارة العدل'' معتبرا ان عناصر السي اي ايه الذين نفذوا هذا البرنامج ''ينبغي تقليدهم اوسمة عوضا عن انتقادهم''. ورأى السناتور الجمهوري ماركو روبيو الذي يرد اسمه كمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2016 ان نشر التقرير الذي وصفه ب''غير جدي وغير بناء'' هو امر ''متهور ولا مسؤول''. حول العالم ولم تقتصر برامج الوكالة الأمريكية على الولاياتالمتحدة فقط، بل ان تقريرا غير رسمي صدر في واشنطن العام الماضي كشف تعاون 54 دولة على مستوى العالم في استضافة أنشطة الاحتجاز والتعذيب غير القانونية والتي تنتهك حقوق الإنسان منها 25 دولة في أوروبا. وكانت مصر من ضمن الدول التي تعاونت معها الوكالة بشأن هذا البرنامج وهناك مصريان تعرضا لعملية ترحيل غير عادي هما أحمد عجيزة وتم ترحيله من السويد، ومحمد عمر بعد الرحمن الشهير بأبو عمر، وتم ترحيله من ميلانو في إيطاليا. كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت في يوليو الماضي أن الحكومة البولندية سمحت لسي آي ايه بإدارة سجنا سريا شمال البلاد حيث تم تعذيب اثنين من "الإرهابين المشتبهين". ووجدت المحكمة والتحقيقات والاستجوابات أن إيطالياوالسويد ومقدونيا متورطة في برنامج الترحيل غير العادي التابع لسي آي ايه، فيما تواجه ليتوانيا ورومانيا اجراءات أمام المحكمة الأوروبية.