بدأ عدد من عمال المناجم التشيليين الثلاثة والثلاثين الذين انقذوا الاربعاء من منجم سان خوسيه، بالعودة الى منازلهم اعتبارا من مساء الخميس حيث يلقون استقبال الابطال، وبالتحدث عن وقائع محنتهم الفريدة التي استمرت شهرين على عمق اكثر من 600 متر تحت الارض. وبعدما اعتبر الاطباء في مستشفى كوبيابو انهم في وضع صحي جيد يتيح لهم العودة الى منازلهم، غادر البوليفي كارلوس ماماني والتشيليان خوان ايلانس واديسون بينا مستشفى كوبيابو (شمال) الخميس في الساعة 22,05 (01,05 ت غ الجمعة) على متن سيارة رسمية، ولاحقتهم الكاميرات التلفزيونية. واعلن مساعد مدير المستشفى خورخي مونتيس عن خروج "ما لا يقل على عشرة" من العمال الجمعة حيث سينضمون الى عائلاتهم. ووضع الناجون الثلاثة والثلاثون تحت المراقبة في المستشفى بعدما امضوا حوالى 70 يوما عالقين تحت الارض، جراء انهيار للتربة في 5 آب/اغسطس في المنجم الذي كانوا يعملون فيه. وقد تابع عملية انقاذهم المثيرة التي تابعها بتاثر العالم اجمع، الاربعاء والخميس، اكثر من مليار شخص، كما قال الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا. واستقبل كارلوس ماماني مساء الخميس استقبال الابطال في منزله، حيث رفعت رايات الترحيب ووزعت الحلوى وفتحت قناني الشمبانيا. ورغم البرد، انتظره خمسون من جيرانه في اول الطريق المؤدي الى منزله المتواضع في احد الاحياء الخطرة في كوبيابو. وقال خوان ايلانيس (52 عاما) لدى عودته الى منزله لوكالة فرانس برس، "احتاج ان اكون لوحدي، هادئا". ويتعين عليه الان بدء حياته من جديد. وقال "اذا لم يكن لدي حل آخر، سأتابع العمل في المنجم. لكن اذا كان في مقدوري ان اعيش بطريقة اخرى، سأغير عملي. انه قاس". وحتى الان، يريد هذا الناجي "تحقيق حلمه بالذهاب الى ميامي". من جانبه، اكد اديسون بينا على عتبة منزله "انا في صحة جيدة جدا". واضاف "ما كنت اعتقد اني ساعود. وشكرا لانكم صدقتم اننا كنا على قيد الحياة". وستجرى للناجين الاخرين فحوص طبية معمقة، غير ان الذين لن تبدو عليهم مشاكل تذكر سيسمح لهم سريعا بالمغادرة، بحسب الطبيب مونتيس. واجريت لثلاثة عمال عمليات جراحية بعد تخدير عام لمعالجة مشاكل حادة في الاسنان، وعولج آخر لاصابته بالتهاب الرئة. واصيب اثنان بداء الرئة الصواني وهو مرض رئوي مألوف لدى عمال المناجم. لكن الحالة الصحية لمعظم العمال مدهشة بالنظر الى الاوضاع التي مروا بها، كما يقول الدكتور مونتيس. وتوجه الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا الذي كان موجودا في محيط منجم سان خوسيه طوال فترة الانقاذ التي استمرت 22 ساعة، الى المستشفى الخميس لزيارة الناجين. وتحداهم بتشكيل فريق كرة قدم يتنافس مع فريق من عمال الانقاذ في 25 تشرين الاول/اكتوبر. وروى عمال المنجم تجربتهم الفريدة. وقال احدهم ريتشارد فيلارويل (27 عاما) الذي اجريت معه مقابلة في غرفته بالمستشفى، "كان كل واحد منا يشد من عزم الاخر. وعندما كانت معنويات احدنا تتراجع، كان رفيقه الذي بقربه يتولى مساعدته". وعلى رغم الظلمة والحرارة وحالة التشوش وبدء نفاد المواد الغذائية، كانت القرارات تتخذ بهدوء وبالاكثرية. وقال "اذا خسر واحد كانت الاكثرية تربح". وفي المستشفى حيث كانوا لا يزالون يستخدمون نظارات سوداء لحماية عيونهم التي اوهنتها العتمة طوال شهرين، استعاد العمال الذين ارتدوا ثيابا نظيفة وحلقوا ذقونهم، حيويتهم عندما عادوا الى سطح الارض. وباتت اسماؤهم شهيرة في تشيلي وتلقوا طلبات كثيرة لاجراء مقابلات معهم من الصحافة الدولية، وعرض بعض وسائل الاعلام دفع حتى 50 الف دولار للحصول على شهاداتهم. ولانهم صاروا ابطالا رغما عنهم، تلقوا هدايا من جميع انحاء العالم، هي عبارة عن شيك بقيمة عشرة آلاف دولار لكل منهم من احد اثرياء قطاع المناجم في تشيلي ورحلات الى تايوان واليونان ودعوات لحضور مباريات كرة قدم في بريطانيا واسبانيا. لكن التضامن الذي ساد في قاع المنجم مستمر على ما يبدو. وقال عمر ريغاداس نجل عامل منجم يحمل الاسم نفسه ان "العمال قالوا للسلطات انهم يريدون انشاء جمعية. فعندما يتلقون شيئا، يريدون ان يشملهم جميعا".