في وقت تحتاج بلادنا فيه لجهود كل مواطنيها . في زمن تنتشر فيه الشائعات , و تتعدد فيه المصالح . بعد شهور من تجمع الشعب المصري حول اهداف الحرية و العدالة الاجتماعية , بدأت المصالح الشخصية في الظهور , و بدأت الجماعات صاحبة القوة في السعي وراء مصالحها , دون النظر الي الصالح العام , او مطالب الثورة التي ظلوا يرددونها لسنوات , كانوا فيها مكبوتين , و غير قادرين علي الجهر بنواياهم الخبيثة. في ثورة تأرخ بيوم الجمعة , في جمعة تلو الجمعة , يثبت للعقلاء منا مدي خداع التيارات المتأسلمة , و مدي تمسكها بالشعارات الدينية لأهداف ينهي عنها الدين . في أيام يعيد فيها التاريخ نفسه , و يتحالف فيها مدعي الليبرالية مع مدعي الدين, فكل يسعي وراء مصلحته الشخصية . و قبل ان اهاجم علي ما اقول , سأطرح بضعة اسئلة , قد تحميني من دعوات التكفير , و تحمي دمي من ان يهدر .. "لماذا يتاجر البعض في المخدرات؟" هل لأنهم يحبون المخاطرة ؟ ام لأنهم يتمنون عقوبة الاعدام او الحبس مدي الحياة ؟ .. "لماذا يتاجر البعض في السلاح؟" هل لأنهم يريدون بيع السلاح لمنظمات قد تستخدمه ضد بلادهم ؟ ام انهم يريدون ان يقتلوا او يعدموا في سبيل تجارتهم المشبوهة ؟ .. اخيراّ , "لماذا يتاجر الكثيرون في الدين ؟ " هل لأنهم اولياء الله الصالحين الذين يتمنون الهداية و الخير للعالم ؟ ام لأنهم يريدون ان يعم الخير بلادنا , كما يدعون ؟ .. في الحقيقة , فأنني اري ان لجميع هذه الأسئلة اجابة واحدة ... الكل يتاجر بحثاّ عن مصلحته و اهدافه الشخصية . فلا حباّ في المخدرات , و لا عشقاّ للسلاح , و لا تمسكاّ بالدين . في عالم يتشابه فيه تاجر المخدرات , مع تاجر السلاح , مع تاجر الدين . فكل يمضي في السوق , ليروج لسلعته . في سوق مصري تباع فيه سلعة الدين بسهولة , و تمنح تاجر الدين حصانة دائمة عند الناس . في سوق كهذا يباع الدين بأسم الديموقراطية , و تباع الديموقراطية بشعار الدين , فتصبح الدولة "دينوقراطية" . في جماعة سوداء التاريخ , تحالفت مع الاحتلال الانجليزي من قبل , سعياّ وراء مصالحها . في تيارات خرجت من حجورها, لتقود ثورة كانت تهاجمها في بداياتها , ظناّ منها انها لن تنجح . في مساجد توظف لأغراض غير دينية , من دعايا لمرشحين متأسلمين , الي تكفير و تجريح و دعاوي علي جميع من يختلف معهم , مع افكارهم , و مع مرشحيهم . في مجتمع تفوق نسبة الأمية فيه الثلث , و يحترم فيه ذو اللحية , حتي و ان كان متسولاّ لا يملك ثمن قص لحيته . في محيط سطحي , يٌحكم فيه بالمظاهر . فهذا رجل محترم , لأنه يمسك ب "سبحة" , و هذا علماني كافر , لأنه لا يتحدث في الدين , و يدع الخلق "للخالق" . في دولة تقتل فيها الأفكار , و يكٌفر فيها المفكرون . بينما تترك الحرية لأنصاف المتعلمين في سبهم و قذفهم لمن يفكر و يستخدم عقله , و يأمن بأن الدين لله و الوطن للجميع . في ظروف كهذه , و قبل ايام من انتخابات قد تفرض علينا واقع اليم, و هو سيطرة بعض اصحاب المصالح علي صنع القوانين و القرارات الهامة في بلادنا . في مرة قد تكون الأولي في تاريخ بلادنا, قد يختار الشعب من يمثله و يعبر عن رغباته. و لكن هل سيختار الشعب من يعبر فعلاّ عن رغباته الحقيقية ؟ ام انه سيختار اشخاصاّ تختبيء وراء ستار يدعي الدين, فلا هم مهتمين برغبات الشعب , و لا هم متبعين لتعاليم الدين ! في بلد لا يقرأ فيها الناس , و لا يهتمون بتاريخ من يتخذون كقدوة , فلا تاريخ بعيد و لا حتي التاريخ القريب. في جماعة امتلكت 88 مقعداّ في مجلس الشعب قبل الماضي , فلا ديموقراطية حققت , و لا رغبات الشعب لبت , و لا دين اقامت في دورة برلمانية كاملة لم يهتموا فيها الا بمنع عروسة "باربي" من البيع لأنها غير مطابقة للشريعة الاسلامية ! في مجتمع كهذا , هل من حقي ان اعبر عن بعضاّ من ارائي ؟ هل من حقي الا احترم من يدعي انني كافر و يظن نفسه افضل مني , و اقرب مني الي الله ؟ هل من حقي ان اخبره ان الله قد ختم رسالته بمحمد , و ان ما من رسول و لا واصل علينا من بعده (ص) ؟ هل من حقي ان اواجهه بحقيقة مرة , و هي انه مواطن مساوي لي , امام القانون و امام الله , و انه لا يمتلك حصانة امام القانون , ولا حصانة امام خالقه ؟ هل من حقي ان اخبره انه لا يمتلك وصفة سحرية للهدايه , و لا يمتلك صكوك او قرابين للغفران ؟ هل من حقي ان اتبع احد المذاهب الاسلامية الأربعة , دون ان يملي علينا "مولانا" ايهما اتبع ؟ هل من حقي ان اتبع الرسول الكريم في اخلاقه و امانته , قبل ان اتبعه في لحيته في قصر ثوبه ؟ هل من حقي ان اعلم اولادي اصول الدين و تعاليمه , قبل ان اعلمهم بعذاب القبر و افرض عليهم الحجاب ؟ هل من حقي ان اخبر اتباع الشيخ فلان و الامام علان ان اجبار الناس علي الشعائر الدينية في دول اخري ابعدهم عن دينهم بدلاّ من ان يقربهم منه ؟ هل من حقي ان احلم بألا يكون مصير بلدي كأيران او افغانستان او الصومال , و ان احلم بأن اري بلدي كتركيا او ماليزيا ؟ هل من حق اخي القبطي , اختي المسلمة , و جارتي القبطية ان تتشرح لمنصب رئيس الجمهورية , و تترك للناس الاختيار ؟ اخيراّ , هل من حقي ان احلم بدولة "ديموقراطية" تتيح لي الحرية في اتباع ما اريد , و تترك عقابي علي التزامي الديني لخالقي ؟ ام انني سأعيش ما بقي من عمري في دولة "دينوقراطية"