حالة من التخبط الشديد يشعر بها الآن كثير من المصريين ... فقد أختلطت الأمور ولم نعد نعلم إلى أين وجهتنا القادمة وما هو الصواب وما هو الخطأ. فهل كنا على صواب عندما تركنا الميدان مباشرة بعد التنحى ، أم اننا أخطأنا منذ البداية عندما تركناه دون أن نلمس الضمان الكافى لتحقيق مطالبنا وقت أن وثقنا فى المجلس العسكرى بزعم أنه حامى الثورة وصاحب القرار الرشيد والواعى برفض أطلاق النار على الثوار عندما جاءت الأوامر صريحة بذلك. وكان هذا من وجهة نظرى هو أكبر أخطائنا التى ترتب عليها كل ما يحدث الآن من تباطؤ وضبابية لكل الأمور والأحداث حولنا. فكيف سولت لنا أنفسنا أن هذا المجلس الذى ظل ولاؤه طوال الفترة السابقة لمبارك الذى أغرقهم بنعيم طوال فترة حكمه لم يكن يحلموا به حتى يضمن ولاءهم التام له. أيعقل أنهم بسهولة هكذا يبيعون ولى أمرهم ونعمتهم ليشتروا شعب مصر ؟. فبالتأكيد مستحيل ذلك ولا بد من شئ مبهم وغير مرئى بالنسبة لنا ولم لا ومواقفهم معروفة منذ العهد السابق ومعظمهم تحوم حوله الشبهات فى قضايا فساد إنخرطوا فيها مع النظام السابق وأعوانه ومنهم المشير نفسه الذى إرتبط أولاده بالعمل مع أولاد مبارك. أين نحن وقتها من التفكير والعقل والحكمة وقت لم نستوعب خطاب التنحى والكلمات التى لم نستوقف عندها لنعى مغزاها فمن الذى كلف وكلف من وبأى سلطة وهو المخلوع من شعبه ؟. للأسف خدعنا لأكثر من عام ولم نجد من المجلس العسكرى إلا التباطؤ الذى هو فى الأصل تواطؤ مع النظام السابق وكل رموزه ويوم بعد يوم يتأكد لنا فعلا هذا التواطؤ الملطخ بدماء الشرفاء من الأبرياء الذين ضحوا بأغلى ما لديهم من أجل عزة وكرامة هذا الوطن. أمن أجل مجموعة من الفاسدين نترك دماء الشهداء وحقهم ؟ .. أهذا هو المجلس العسكرى الذى كثيرا ما أطربنا حديثا عن دوره الرائع وبطولاته فى حقن الدماء والأرواح بتحديه الأوامر والذى أيضا سرعان ما أنكر تلقيه أوامر من أحد والذى يعنى بالضرورة أن ليس لهم أى فضل على الثورة والثوار. وكما نفوا عدم تلقى الأوامر فلم يتعبوا أنفسهم بالتطرق إلى عدم وجود فضل لهم على أحد وهذا طبيعى ومبرر فهم لا يحتاجوا أكثر من الصورة التى وصلت إلى عموم الناس الذين لعبوا على أوتار عواطفهم ومشاعرهم مستغلين ما هو معروف عن المصريين بغلبة عواطفهم. ومع وجود الكثير من البسطاء من المصريين الذين أنهمكوا فى الحياة ومشاغلها لتوفير لقمة العيش لهم ولأسرهم مما جعلهم مغيبين عن كثير من الأمور التى تدور حولهم مما عطلهم أيضا عن التفكير والبحث فى معانى المفردات والأحاديث التى تروج لهم. ومع الازمات الكثيرة التى أفتعلت لإلهاءهم مما جعل المجلس العسكرى مطمئن فمن سيفكر وسيدرى وسيعى دورهم الحقيقى وأكاذيبهم الكثيرة هم النخبة من المثقفين والعقلاء والمثقفين من الناس وهم للأسف قلة بالمقارنة بباقى الشعب مما يعنى ان حديثهم وقتها سيكون زوبعة وقتية ستنتهى سريعا بأمور أخرى تستجد لتغطى عن القديم. وبذلك سئم الجميع حتى تسلسل اليأس إلى كثير من شباب مصر الواعى صاحب هذه الثورة لنجد ان كثيرا منهم نجح المجلس العسكرى بسياسته فى إستنفاز طاقتهم وإبعاد الكثير منهم عن السياسة التى شعروا كما هى لعبة قذرة ودنيئة لا يجنى ثمارها إلا الأنتهازيون وقانصى الفرص. وعن قناعتى الشديدة أستطيع القول أن المجلس العسكرى هو بالفعل قائد الثورة المضادة لصالح مبارك وأعوانه من الفاسدين مع توضيح بسيط ومتكرر لمن يفهم ويعى فالمجلس العسكرى لا يقصد به أبدا الجيش المصرى من أولادنا وأخواتنا وأقاربنا وأصدقائنا من المصريين ... وكل ثورة وأنتم طيبين !.