منظر مؤلم ومرعب. أمس بين المغرب والعشاء وأثناء مروري مصادفة أمام الباب الرئيسي لمحكمة جنايات كفر الشيخ رأيت منظراً متناقضاً لطرفين أحدهما سعيد والآخر يتألم.. تساءلت في وجس ما الذي يحدث فقالوا.. القضية واحدة والطرف الأول يهلل للبراءة والآخر يكتوي حزناً لحكم الإعدام. وهكذا في قاعات المحاكم وجلساتها كل ما يدور في أحشاء المجتمع صوره بلا رتوش وكلمات واضحة لا تحتاج إلي بيان لدهاليز الحياة العامة والخاصة. صورة مصغرة ليوم العرض. تنظر في وجوه الناس الكل مشغول الأول يبحث عن البراءة والطهارة والثاني ينتظر حجم الألم والجزاء. الكل يتعلق بأستار ستر الله. والحكم بداية ونهاية الله. الحق يجريه المولي علي لسان القاضي الذي يبحث عن العدالة في الأوراق. فهو لم يري الجاني عندما ارتكب جريمته. وهناك من يلوذ به للقصاص وعودة الحقوق لأصحابها. كم هو حمل ثقيل يتحمله رجل القضاء.. ساعات وأيام كثيرة ربما لا يجد للنوم راحة. وهو ينقب في الكلمات ويبحث ما بين السطور أملاً ورجاء للوصول إلي الحقيقة التي ترضي ضميره وتريحه وتثلج صدور المظلومين والمكلومين. إذا أردت تلقين الشيطان درساً فعليك بالذهاب إلي أروقة المحاكم وحضور الجلسات وسماع الأطياف وهم يتكلمون في الزمن الماضي كنت شغوفاً بحضور جلسات المحاكم في الجنايات وكنا من خلال الممارسة نتوقع الأحكام ونتوقع البراءة. ويظل القاضي هو رمانة الميزان الباحث عن تحقيق العدالة والترسيخ لها وأن كلفه ذلك عناء وألماً.