قطعاً.. الفرق كبير.. والبون شاسع.. كما بين السماء والأرض بين الثورة التي تنقل البلاد إلي الأمام.. تهدم فساداً وتبني أمجاداً.. تعيد بناء ثوابت المجتمع.. تحطم قيود القهر والإذلال إلي حرية وكرامة وعزة وإجلال.. وبين الفوضي التي يختلط فيها الحابل بالنابل.. ويحصل فيها من لا يستحق علي مالا يستحق ويتبوأ منها الرجل غير المناسب المكان المناسب.. ويصبح فيها البلطجي وصاحب الصوت العالي سيد القوم.. ولا تري فيها ملامح لمجتمع ولا سبيلاً واضحاً لمستقبل ولا حتي شعاع ضوء خافتاً في نهاية النفق المظلم.. تلك هي الفوضي التي يعيشها الشارع المصري رغم المحاولات والجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش المصري الوطني المخلص لإعادة ثوابت المجتمع التي قضت عليها الفوضي طوال ثلاث سنوات منذ 25 يناير ..2011 ورغم محاولات قادة مخلصين للوطن لوضع مصر علي الطريق الصحيح نحو المستقبل.. إلا أن الفوضي تحبط كل الجهود.. والفساد يتحدي الجميع.. وسقوط كوبري المرج أكبر دليل علي الفساد الأسود الذي يدمر مفاصل الدولة. * وعندما قام الشعب بثورتيه العظيمة في 25 يناير ثم 30 يونيو.. فإنه قام بهما ضد فساد.. واحتكار للسلطة.. وانفراد بمغانم ومناصب الوطن وتوزيع مفاصل الدولة علي الحاشية والمقربين من السلطان.. قام الشعب بثورته لإرساء مبادئ العدالة والمساواة والحرية والحياة الكريمة للمواطن البسيط.. لكن ما حدث غير ذلك علي الإطلاق.. فلم ير المواطن البسيط أي مساواة ولا تكافؤ فرص ولا عدالة اجتماعية.. وإذا كان قد خرج من عباءة الحزب الوطني ونظام فاسد استأثر وحاشيته بكل خيرات ومناصب البلاد فقد وقع في نظام إخواني كان أفسد من الوطني.. واستأثر بالسلطة وحاشيته بصورة أدهي وأمر من نظام الوطني الذي كان فاسداً لكن لم يفرط في ذرة من تراب الوطن ولم يفتح الحدود للخونة والإرهابيين والعملاء ليعيثوا في الأرض فساداً.. لذلك كان لزاماً علي الشعب الذي قام بثورته العظيمة 25 يناير أن يثور في 30 يونيو لتصحيح المسار وإعادة البلاد لحضن الوطن.. لكن رغم ذلك.. جاء تشكيل حكومة الببلاوي مخيباً للآمال.. ولم يتبوأ الرجل المناسب المكانب المناسب.. فرأينا بعض الذين احتلوا مناصب وزارية من أصحاب الصوت العالي الذين يتحدثون زوراً بلسان الثورة حتي وإن كانوا قد ناموا في التحرير فهناك ملايين المصريين ناموا في التحرير وأكثر منهم كفاءة وولاء وإخلاصاً للوطن. هل هذه هي ثمار ثورة العدالة والمساواة تماماً مثلما حدث مع مساعد وزير الشباب بلا أي معايير أو اعتبار لكفاءة.. * نعم كلنا طالبنا بالعدالة والمساواة وإفساح المجال لشباب مصر الواعي المخلص من النوابغ والكفاءات الذين يقدرون بالآلاف في كل المجالات ولو أخذوا الفرصة سوف يحققون المعجزات.. وشاركوا في الثورة من أجل المساواة وتكافؤ الفرص.. فهل الصوت العالي والظهور علي الفضائيات والهجوم علي الدولة في الندوات هو المعيار.. هل الخوف من صاحب الصوت العالي معيار ومسوغ لاحتلال المناصب.. انها كارثة بكل المقاييس وتنذر بعواقب وخيمة. * اعتقد ان الدستور الجديد.. ومصر الجديدة.. بعد ثورة 30 يونيو وأي حكومة يجب ان تضع نصب أعينها ان الشعب لن يرضي بديلاً عن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص للشباب في كل المجالات.. وعلي كل مسئول ان يدرك ان ثقافة الصوت العالي لم تكن يوماً معياراً للاختيار في أي منصب.. وان هناك فرقاً بين شاب وطني كفاءة.. يعمل ويدرس في صمت ويستحق ان يتبوأ المنصب اللائق به.. وبين آخر تدرب في الخارج وقبض ثمن تخريب الوطن وصار من رواد الفضائيات المأجورة التي تصب الزيت علي النار.. ثم يخشاه المسئولون ويشترون صمته بمنصب.. بينما الشباب الواعي الثائر بحق لا أحد يسأل فيه.. إنه منطق غريب وعجيب لكن للأسف تسلكه الحكومات الضعيفة.. ولا اعتقد ان مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس يمكن ان يحدث بها ذلك والا لكرسنا هذا الخطأ الكبير ودرنا في حلقة مفرغة وما تقدمنا قيد أنملة.