البطالة فى مصر ظاهرة تستحق الدراسة؛ فأغلب الشباب العاطل عن العمل من الحاصلين على مؤهل عال، ولكن لا يملكون الخبرة، التى تؤهلهم للالتحاق بالعمل المناسب؛ وهناك قصور شديد فى عقول هؤلاء الشباب، لأن أغلبهم يرفض العمل المتواضع أو الذى لا يتفق مع مؤهلاتهم.. ويظن البعض أن انتظار الفرصة المناسبة أفضل من عمل بسيط قد يضيع الفرصة التى ينتظرها فيظل منتظرا لسنوات طويلة فلاتأتى الفرصة وتضيع السنون والنتيجة شباب عاطل ومحبط وناقم على وطنه. ذلك أنه يجد أن التعيين فى الوظائف المناسبة واللائقة حكرا على أفراد بعينهم يملكون المال والواسطة فيظفرون بالمناصب المتميزة وبمرور السنوات أصبحت الفئة، التى تستأثر بالمناصب المهمة فى مصر هى الفئة التى احتكرت الوظائف المهمة فى هذا البلد. وليس هذا تشكيك فى نوايا هؤلاء أو اتهام بأنهم ضد الثورة، ولكن على هؤلاء أن يكتفوا بما حققوه فى عهود الفساد، وأن يتركوا لباقى أبناء هذا الوطن الفرصة للحصول على الوظائف، التى ظلت حكرا عليهم لعقود من الزمان.. إن الصراع الآن بين الطبقة البسيطة، التى تضم خيرة الشباب النابه وبين الطبقة الوصولية التى ظنت أن الوظائف الرفيعة تورث إليهم، وليس لأحد أن يشاركهم فيها.. وتأتى صعوبة تحقيق العدالة الاجتماعية فى أن أصحاب الوظائف الكبرى يصرون على الاستمرار طبقا للنهج الفاسد باحتكار الوظائف المهمة لأبنائهم.. ولاسيما أنهم أصحاب القرار فى تعيين الخريجين الجدد، وبالتالى تظل الفرصة شبه معدومة لمن لايملك صلة قربى بهؤلاء الأباطرة أو لايجد المال الذى يدفعه لشراء حق التعيين.. ويزداد الأمر تعقيدا فى صعوبة إقصاء أصحاب المناصب الرفيعة أو التدخل لإلزامهم باتباع معايير العدالة والموضوعية فى التعيين.. ولا يزال الصراع مستمرا.. وقد يحدث التغيير المنشود على المدى الطويل فى ظل محاولات مستميتة من الشباب الذى ضاع حقه فى الوظيفة لصالح آخرين أقل منه فى المستوى والاستحقاق.. والنصيحة لشباب مصر ألا يستسلم لليأس، ويسعى للعمل الشريف البسيط ويبذل فيه الجهد والإتقان ليرتقى به ويشق لنفسه طريق النجاح والأمثلة كثيرة على الناجحين، الذين بدأوا حياتهم بأعمال متواضعة وإمكانات محدودة، ولكنهم بالعزيمة والإصرار والمثابرة استطاعوا أن يحققوا نجاحات كبيرة.. ويبقى دور القضاء المصرى فى تحقيق العدالة الاجتماعية، ومبدأ المساواة وفضح الفساد بمثابة طوق النجاة للمظلومين من العاطلين).