انتقدت الدكتورة نادية مصطفي- أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الحضارة للدراسات السياسية- مواقف شيخ الأزهر وبعض الدعاة والعلماء الذين رضوا بأن يكونوا من علماء السلطان، رافضين الوقوف بجانب الحق والشرعية. وأضافت مصطفى في دراسة لها تحت عنوان :"أفكار حول الظهير الديني الإسلامي للانقلاب العسكري"- نشرها مركز الحضارة عبر موقعه الإلكتروني- أن شيخ الأزهر اتخذ تجاه اندلاع ثورة 25 يناير مواقف غير مؤيدة وانتهت بالتزام الصمت بعد نجاح الثورة ثم محاولة تحسين الصورة بقدر الإمكان. وأشارت إلى أن الأزهر أضحى وعبر عامين ونصف ملاذاً للعلمانيين (بيت العائلة) يلجئون إليه كظهير ديني في المواجهة مع الحركات والأحزاب الإسلامية السياسية التي شهد دورها صعوداً أثار حنق وغضب العلمانيين الرافضين للممارسة السياسية من مرجعية إسلامية. وتحدثت أستاذ العلوم السياسية عن شيخ الأزهر ومناوراته السياسية طيلة تلك الفترة، مؤكدة أنه استطاع بعد مناوراته السياسية بالانسحاب من الجمعية التأسيسية الأولى والتهديد بالانسحاب من الثانية، أن يحصل للأزهر على وضع متميز في دستور 2012 ، وأن يحصن قانون الأزهر الجديد الذي صدق عليه المجلس العسكري قبل يومين من بداية برلمان الثورة عمله في يناير 2012، وأن يحصل على موافقة د.محمد مرسي رئيس الجمهورية على تشكيل هيئة كبار العلماء. وتساءلت:"هل أصدر الأزهر بيانات ضد العنف خلال عام رئاسة د.محمد مرسي؟" أي تجاه ما كانت تقوم به قوي المعارضة من أحداث متتالية، وقالت: إنه وخلال احتدام المعارضة لد.محمد مرسي في الشهرين الأخيرين قبل الانقلاب، ومع تصاعد الإعداد لمظاهرات 2013 لإسقاط د.مرسي، أصدر شيخ الأزهر بيانا مفاده إجازة الخروج للتعبير عن الرأي بسلمية؛ وهو الذي سبق له خلال ثورة 25 يناير الفتوى بعدم جواز الخروج على الحاكم. واستنتجت – مصطفي- من ذلك كله ما يفيد أن قراءة الاستدعاء الكبير للأزهر في المشهد السياسي منذ ثورة يناير، وخاصة في ظل رئاسة د.محمد مرسي، يبين أنه لم يكن دورا وطنيا خالصا، ولكنه دور ذو ميل سياسي، بمعني أنه لم يكن محايدا، بين كافة الأطراف المتصارعة سياسي وحول تفنديها كذلك للمواقف اللاحقة المكتشفة للدكتور علي جمعة قالت: إن موقف شيخ الأزهر- وكذلك د.علي جمعة المفتي السابق وغيره من بعض الرموز الدينية،ٌ قد قدم الظهير الديني للانقلاب على نحو مكشوف وواضح للعيان. فلقد قبل شيخ الأزهر والمفتي السابق وغيره أن يتم توظيفهم، أو أن يقوموا بدورهم، في مشاهد شديدة الدلالة بالنسبة لتأييد الانقلاب وتبريره وتوفير غطاء ديني له، في مواجهة المنقلب عليهم من الإخوان والإسلاميين بصفة عامة وغيرهم من أحرار مصر الوطنيين. واستدعت د. نادية مصطفى عدد من المشاهد، أولها: حضور شيخ الأزهر إلى جانب الأنبا تواضروس مع قيادات مدنية أخرى لحظة إعلان عبد الفتاح السيسي انقلابه، وهو ما وفر ديكورا تجميليًا للانقلاب، ولم يقلل من وقع هذا الحضور ودلالته ما بادر شيخ الأزهر بالإعلان عنه عقب مذبحة الحرس الجمهوري وخاصة ما طالب به من إجراءات تهدئة لم يلتفت إليها قادة الانقلاب
والمشهد الثاني: كان خطبة الجمعة بمناسبة ذكرى العاشر من رمضان التي ألقاها الشيخ علي جمعة في جامع القوات المسلحة، وبحضور السيسي وقادة القوات المسلحة، حيث لم تكن إلا خطبة احتفاء وتعظيم وتبجيل للجيش من ناحية، وإسقاط سلبي على الخصوم من ناحية أخرى، على نحو بدت به الخطبة، كما لو كانت استعداء على هؤلاء الخصوم و تحريضا ضدهم. والمشهد الثالث:كان مشاركة الشيخ خالد الجندي في افتتاح لقاء السيسي بقادة القوات المسلحة في 14 يوليو الماضي وهو اللقاء الذي تعرض لعملية مونتاج أثارت الكثير من التساؤلات، وكان للجندي عبارة شديدة الدلالة عمن يعتبر نفسه متحدثاً باسم الإسلام "الحق" فلقد قال: في مؤتمر نصرة سوريا قال أحد الدعاة إن يوم 30/6 سيكون يوم انتصار للإسلام، وبالفعل فلقد انتصر الإسلام يوم 30/6 وما بعده. واستدلت استاذ العلوم السياسية من هذا كله أن الانقلاب لم يكن علي رئاسة أو رئيس، وإنما كان علي فصيل أو تيار، نظرا لارتباطه بالمرجعية الإسلامية، ولربطه بين الشريعة والشرعية، ولذا أوجد الانقلابيون لأنفسهم غطاء يبدو مقنعا في مواجهات الحديث الديني، بحيث يبدو أن الدين الذي يعبر عنه السيسي ورموزه هو الإسلام الحق، وغيرهم هو "الإرهاب" الذي يجب مواجهته، حتي وإن كان ذلك عن طريق استخدام القوة الغاشمة المفرطة ضده والقتل تحت ذريعة حماية الأمن القومي المصري. واختتمت –مصطفي- دراستها بالإشارة إلي أن استدعاء الانقلاب على هذا النحو لظهير ديني له، لا يرسي بقمعه ودمويته فاشية عسكرية فقط؛ ولكن يدعمها بفاشية دينية أيضا يقودها رافد من روافد المشروع الإسلامي غير آبه بدم أبناء روافده الأخرى التي أهدرها الانقلاب، ولا يفيد في غسيل اليد من مسئولية هذا الدماء مجرد الدعوة إلى حقن الدماء والتذكرة بأحاديث الرسول وآيات القرآن