استعاد نظام الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي، عزف نغمة الحرمان مجددا، حول ضيق مصادر الرزق والموارد، والمطالبة بالكف عن الإنجاب، نظرا للخطورة المزعومة لكثرة النسل على الاقتصاد المصري، والترويج بأن كثرة الإنجاب هي سر الفشل الاقتصادي والديون الآجلة والقادمة التي يقترضها نظام السيسي. وبين فترة وأخرى تظهر مشروعات قوانين ومبادرات وأفكار لمتخصصين وحملات لوزارات وجهود لجمعيات تعمل في نظام السيسي، لترويج افكاره، حول خطورة الإنجاب، والمطالبة بالكف عن الأبناء، بدعوى انتشار الفقر والبطالة، وكبح جماح الزيادة السكانية التى يزعم نظام السيسي، أنها من أخطر القضايا التى تهدد جهود التنمية وتعوق النمو الاقتصادى والتى تحولت الى وحش كاسر بالرغم من الاهتمام بالحد منها وتحجيمها. ومن بين المبادرات مشروع قانون تقدمت به النائبة في برلمان العسكر، غادة عجمى، لتنظيم النسل وربطه بالدعم منذ ستة أشهر، وتمت مناقشته قبل شهرين ويجرى الآن تغيير بعض البنود به، ويلزم المشروع كل أسرة بإنجاب 3 أطفال كحد أقصى ويعاقب الأسر المخالفة برفع الدعم عنهم نهائيا فى التعليم والعلاج، بالرغم من أن السيسي نفسه يبرر موجة الغلاء الطاحنة برفع الدعم لما يسمى بخطة الإصلاح الاقتصادي. مبادرات "قطع الخلف" وأوضحت مقدمة مشروع القانون أنه مشروعها لا يحد من عدد المواليد ولكن يسعى لتقليل العدد الذى تقوم الدولة بدعمه، فإذا أراد البعض أن ينجب المزيد لا يستحق الدعم بعد الطفل الثالث..و حملة المؤهلات لا ينجبون سوى طفلين أو ثلاثة ويتحملون تعليمهم ولا يلجؤون إلى البطاقة التموينية، والوضع الحالى يتطلب مسئولية وطنية لدى كل فرد، فعندما ننجب طفلين سيصبح تعليمهما جيدا ولن تعانى الأسرة من مشاكل وسوف تسهم بطريق غير مباشر فى الإصلاح الاقتصادى، بحد قولها. إلا أن مقدمة المشروع تناست أن النظام أوقف إضافة المواليد على البطاقات التموينية منذ فترة كبيرة، تجاوزت العشر سنوات، بما يعني أن الاطفال الذين جاءوا في آخر عشر سنوات ليسهم لهم أي دعم على بطاقات التموين، وتكتفي أسرهم بإشراكهم في رغيف الخبز الذي يحصلون عليه منذ عشرات السنين، والمخطط له أن يحتفي مع زجاجة الزيت التي يذل بها السيسي الفقراء. وظهرت مبادرات عديدة تنفذها دولة الانقلاب للتحكم فى الزيادة السكانية بمختلف المحافظات، بالتعاون مع وزارات القوى العاملة والتنمية المحلية والأوقاف والتعليم والتضامن الاجتماعي والشباب والرياضة بدأت بالمحافظات الأكثر كثافة سكانية لتحديد أسباب زيادة المواليد ودراسة الوضع الاقتصادى داخل كل محافظة، وكانت البداية فى 9 يوليو 2017 وبدأت بالجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وسوهاج وقنا والأقصر وأسيوط وأسوان والبحيرة وكفر الشيخ والشرقية. وتلك المبادرات تتم بالتنسيق مع المحافظين لتحديد نسل الأسرة وتقليل عدد المواليد، ويعلن المحافظ المبادرة في مؤتمر صحفي تعقبه اقامة ندوات وزيارات للسيدات للمنازل وطبع كتيبات وبوسترات لتوزيعها، من أجل قطع نسل المصريين، تحت شعار «تنمية مصر طفلين وبس». ووصلت نسبة استخدام الوسائل لمنع الحمل إلى 62 % لقطع إنجاب 16 مليون نسمة من المتوقع أن يتم إنجابهم والوصول الى 112 مليون نسمة بحلول 2030 بدلا من 128 مليون نسمة، والوصول لمعدل خصوبة 2٫4% فى 2030 واستخدام وسائل طويلة المدى بنسبة 72 % وهناك مشروع ممول من صندوق الأممالمتحدة والوكالة الأمريكية للتنمية لتطوير نظام الميكنة على مستوى الجمهورية وتسجيل بيانات المنتفعات ونوع الوسيلة المستخدمة وعمل ربط الكترونى بين الوحدة الصحية والإدارة والمديرية. كفاية عيلين! وبالرغم من أن السيسي نفسه لديه أربعة أولاد، إلا أن مباراته التي يرعاها وينفذها وتشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعى بعنوان «2 كفاية». وقال عمرو عثمان مساعد وزيرة التضامن الاجتماعى بحكومة الانقلاب إن الفئة المستهدفة للمشروع هم المستفيدات من برنامج تكافل فى 10 محافظات باعتبارها الأعلى خصوبة والأكثر فقرا، وهى الجيزة وبنى سويف وقنا والمنيا وأسيوط وسوهاج والبحيرة وأسوان والفيوم والأقصر بالتعاون مع وزارة الصحة وصندوق الأممالمتحدة للسكان والجمعيات الأهلية والهيئة العربية للتصنيع التى تجهز العيادات الخاصة بتنظيم الأسرة وعدد المستهدفات مليون و148 ألف سيدة . وبرر العبث بأرحام المصريات لوقف إنجابهن بأنه فى عام 1955 كان عدد سكان مصر 23 مليون نسمة زاد فى 63 عاما 76 مليونا بمعدل زيادة 5 أضعاف مثيله فى دولة كانجلترا، وهذه الزيادة تلتهم الموارد الاقتصادية. ارتفاع نسبة الطلاق ووفقا للإحصاءات والبيانات الرسمية، والتي تم حصرها في العامين الماضيين، فإن حالة طلاق واحدة، تحدث كل 4 دقائق، وإن مجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد تتجاوز 250 حالة، لا تتجاوز فيها بعض حالات الزواج أكثر من عدة ساعات بعد عقد القران، وتستمر أخرى إلى نحو ثلاث سنوات لا أكثر. فيما وصلت حالات "الخلع" عبر المحاكم أو الطلاق خلال العام الماضي 2015 إلى أكثر من ربع مليون حالة انفصال؛ مسجلةً زيادة تقدر ب 89 ألف حالة عن العام الذي سبقه 2014 . ذلك التطور الذي يهدد أركان مئات الألوف من الأسر والزيجات في مصر، رصدته الأممالمتحدة في إحصاءات، أكدت فيها أن نسب الطلاق ارتفعت في مصر من 7 % إلى 40 % خلال نصف القرن الماضي، ليصل إجمالي المطلقات في مصر إلى 4 ملايين مطلقة. ذلك في الوقت الذي تؤكد فيه الإحصاءات الرسمية أن المحاكم المصرية، شهدت تداول نحو 14 مليون قضية طلاق في العام 2015، يمثل أطرافها 28 مليون شخص، أي نحو ربع تعداد سكان المجتمع المصري، حيث تشهد محاكم "الأسرة" طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات في اتخاذ القرار الصعب في حياتهن، بلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة في الأحوال الشخصية. لترد نسب الطلاق على المعلومات الزائفة التي ينشرها نظام السيسي بارتفاع عدد السكان وكثرة الإنجاب لتبرير الفشل والخراب الاقتصادي، في الوقت الذي تشهد دولة مثل الصين طفرة اقتصادية هائلة لتنمية مواردها من خلال عد سكان الذي يبلغ مليار و400 مليون نسمة أي ربع سكان العالم. ارتفاع نسبة العوانس فيما أكد تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن نسبة العنوسة في مصر تجاوزت 13.5 مليونا ممن تجاوزت أعمارهم 30 عاماً، منهم 2.5 مليون شاب و11 مليون فتاة. وحذر علماء دين وخبراء اجتماع من تلك الإحصاءات، خصوصا مع تأكيد التقارير أن تلك النسبة في تزايد مستمر، والتي يقابلها ارتفاع في حالات الطلاق في مصر. وتسبب ارتفاع من فاتهم قطار الزواج، في وجود ظواهر كثيرة غير مقبولة اجتماعياً أو دينياً في البلاد، مثل ظاهرة الزواج السري والعرفي بين الشباب في الجامعات، والشذوذ الجنسي بين الفتيات، والإصابة بأمراض نفسية أدت إلى الإقبال على الانتحار، كما دفعت بعض الشباب والفتيات إلى إدمان المخدرات من أجل النسيان، وهو ما يؤدي بحياة الكثير منهم إلى الموت. وحذر خبراء اجتماع من خطورة تنامي العنوسة على الأمن الاجتماعي، في ظل غياب خطة شاملة لتشجيع الشباب على الزواج.