"الباحث عن الحق"، لم تجد "هبة" شقيقه الشهيد أفضل من هذا الوصف لكي تعرف به شقيقها الشهيد عبد الرحمن محمد حسن، أحد شهداء مذبحة النصب التذكاري التي ارتكبتها قوات "الشرطجية" فجر السبت الماضي تجاه المتظاهرين السلميين الرافضين للانقلاب والمؤيدين للشرعية. عبد الرحمن كان طالبا بالسنة النهائية بكلية الهندسة، من قرية شرباص بفارسكور وكان مقيما مع عائلته فى القاهرة. وهو الشهيد الثانى فى قوافل شهداء الشرعية من أبناء محافظة دمياط، بعد الشهيد المهندس أسامة السيد العشرى. عبد الرحمن أخ لخمس بنات، تقول عنه إحدى إخواته "هبة": "شقيقي عبد الرحمن كان باحثا عن الحق أينما كان، وبرغم أن معظم أفراد الأسرة ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين إلا أن عبد الرحمن فضل عدم الانضمام لأي تيار بعينه، بل كان مبدؤه في الحياة أن يكون مستقلاً مستخدمًا عقله دون توجيه، كان يتحقق ويفكر ويسمع من كل الأطراف ثم بعد ذلك يقرر، وكان كل ما يشغله البحث عن مصلحة الاسلام والدين". وتتابع شقيقة الشهيد: "عبد الرحمن كان قبل ثورة يناير شابا عاديا، ولكنه يتسم بالرجولة وحبه للحق، لكن بعد ثورة يناير تغيير فأصبح محددا لهدفه حريصا على التفوق أكثر، وبعد وفاته طالعت بعض ما كان يكتبه على صفحته في "فيس بوك"، ووجدت له كتابات جميلة منها: "انا مش فاهم الناس اللي بتضربنا بتضربنا ليه! والناس اللي خايفة خايفة ليه! فكل ما نفعله نتائجه كسبانة! إما نصرًا أو شهادة". حمل الشهداء ثم لحق بهم عبد الرحمن ذهب ليحمل الشهداء والمصابين فأصبح واحدًا منهم، فلم يكن عبد الرحمن ضمن المعتصمين عند النصب التذكاري، بل كان في ميدان رابعة، ولكن عندما تم الاعتداء على المتظاهرين هناك وعلم المعتصمون داخل ميدان رابعة بذلك كان عبد الرحمن من الشباب الذين سارعوا إلى المساعدة رغم طلب المنصة عدم الذهاب حتى لا يزداد عدد الشهداء والمصابين، ولكن في ظل تزايد الاعتداء حتى الصباح وزيادة عدد المصابين والشهداء أعلنت المنصة عن الحاجة إلى سيارات لنقل المصابين والشهداء، فأخذ عبد الرحمن سيارة خاله لينقل بها المصابين والشهداء هو وأحد زملائه، وبالفعل تردد بين رابعة والنصب التذكاري أكثر من عشر مرات حاملاً الشهداء والمصابين، ولكن في المرة الاخيرة شاهد عبد الرحمن أحد المصابين قريبًا من مدرعة فأصر على الذهاب لإنقاذه رغم تحذير زميله له، وقبل أن يصل عبد الرحمن للمدرعة جاءته رصاصة من أحد القناصة الذين كانوا فوق مباني جامعة الازهر فاستقرت في رقبته وأنهت حياته في الحال. "إحنا مكلمين" لم يكن استشهاد عبد الرحمن والألم لفراق الابن الوحيد للأسرة على خمس بنات أن ينال من صمود وعزيمة أفراد الأسرة، فقبل أن يُدفن وبعد الخروج من المشرحة، قال والد الشهيد موجها خطابه للناس: "إحنا مكملين، فوقوا يا شعب مصر، مش هسيب حق ابني، فأنا وكل اخواته مشاريع شهادة". وقالت شقيقته: "الاسرة والأهل فخورون جدا باستشهاد عبد الرحمن شقيقي الوحيد، فقد نال ما تمنى منذ مشاركته في ثورة 25 يناير، فعندما عاد من جمعة الغضب روى لنا أنه كان بينه وبين الرصاصة التي أصابت زميله على كوبري قصر النيل 2سم فقط، وعندما علم بمذبحة الساجدين أمام الحرس الجمهوري حزن كثيرا، وقال أنا كنت معاهم لكن مشيت من ساعة وتمنى لو أنه بقي لينال الشهادة، لكنه حدث نفسه قائلا لعلي لا أستحقها الآن".