حث الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان الإدارة الأمريكية على إعادة التفكير في سبل إنهاء الأزمة السورية المتفاقمة، مشيرا إلى أن تدخل الولاياتالمتحدة كطرف خارجي هناك من شأنه أن يضع حدا لانتشار ألسنة اللهب السورية في أرجاء منطقة الشرق الأوسط وينهي هذا الصراع الدامي. وقال فريدمان، في مقاله الذي أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء، إن منطقة الشرق الأوسط لم تكن أبدا بالمنطقة المستقرة، بل إنها كانت أقرب دائما إلى إشتعال الصراعات واحتدامها. وأشار إلى بداية هذه الصراعات والتي تمثلت مرورا من الحرب الأهلية في لبنان واجتياح إسرائيل سيناء، وحرب 1967 أو كما اسمتها إسرائيل حرب الستة أيام، ثم حرب أكتوبر 1973، والثورة الإيرانية، حتى التدخل الأمريكي في العراق وأعقبه التدخل في أفغانستان ثم أزمة النووي الإيراني حاليا. وحذر فريدمان مما وصفه ب"الكابوس" الذي سيتمثل في اندلاع كافة الصراعات السابقة مرة أخرى ولكن في آن واحد،حيث ستثور منطقة الشرق الأوسط وستعتريها الحروب الأهلية والتي ستؤدي بدورها إلى انهيار الدول وتفاقم أزمة زيادة أعداد اللاجئين،مشيرا إلى أن هذا الكابوس قد يكون بدء بالفعل وقت إندلاع الحرب الأهلية في سوريا والتي باتت تمتد حدة صراعاتها إلى المنطقة حاليا. وأشار إلى أنه وعقب إندلاع ثورات الربيع العربي بداية من تونس مرورا بمصر وليبيا وحتى اليمن ،وقد توقع أن هذه الموجة ستمتد إلى سوريا إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي، وهذا ما قد حدث. ووصف الكاتب الأمريكي توماس فريدمان السبب في انفجار الأزمة السورية إلى أن حدودها تعد حدودا مصطنعة و"زائفة"، حيث أن كافة الطوائف - السنة والشيعة والعلويين والأكراد والدروز والمسيحيين- مرتبطين بأشقائهم في البلدان المجاورة، ويسعون لحثهم على تقديم وتوفير المساعدة بأى صورة كانت. وأكد أن أفضل السبل لفهم الخيارات الحقيقية المتاحة لحل هذه الأزمة التي تلقى بظلال قاتمة على المستقبل ستكون من خلال دراسة التدخل الأمريكي في العراق، وذلك بالنظر إلى أن العراق وسوريا يعدان وجهان لعملة واحدة،فكلتا الدولتين تتكونان في معظمهما من السنة والشيعة والمسيحيين والأكراد،وهنا يكمن السؤال الحقيقي لماذا لم تشتعل العراق عقب سقوط صدام حسين ولم تمتد مجريات الأحداث بداخلها إلى خارج حدودها كما يحدث في سوريا حاليا، معتبرا أن الإجابة هي التواجد الأمريكي هناك. وأوضح الكاتب أنه بالرغم من أن سقوط صدام حسين أدى بدوره إلى إندلاع حرب أهلية بين السنة والشيعة، التي أسفرت عن مقتل الآلاف من العراقيين إضافة إلى مقتل أكثر من 4700 جندي أمريكي، إلا أن تواجد هذه القوات الأمريكية في العراق وعلى طول الحدود منع انتشار العنف خارج حدود البلاد، معترفا بأن الغزو الأمريكي بالرغم مما تسببه في إندلاع هذه الحرب الأهلية، إلا أنه ساعد أيضا في طرح حلول لتقاسم السلطة بين الشيعة العراقيين والسنة والأكراد. ونوه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إلى أن الدرس المستفاد من العراق هو أن وجود قوة خارجية تقدم يد العون في إسقاط إحدى الأنظمة الديكتاتورية ذات المذاهب الطائفية المتعددة،سيكون بالأمر المفيد لأنها ستعمل على احتواء الموقف وتتوسط في تشكيل النظام الجديد. وهناك درس آخر قد نتعمله من العراق - حسبما أبرز فريدمان - وهو أن السنة والشيعة هناك لم يعمدوا قتل بعضهم البعض ،بالرغم من أن هناك حروب أهلية بينهم تعود إلى القرن السابع، ومع ذلك عندما دقت ساعة العمل لبناء البلاد واستعادة النظام أبدوا استعدادهم للعمل معا، وحتى الاندماج معا في أحزاب ذات تعددية طائفية تخوض انتخابات عام 2009. وأعرب الكاتب عن تخوفه من عدم وضع حد لإنهاء الصراع السوري، مشيرا إلى أن إسقاط الرئيس بشار الأسد،بدون وجود طرف ثالث محايد داخل سوريا ليشرف على العملية الانتقالية، من شأنه أن يؤدي ليس فقط إلى وجود حرب أهلية دائمة في سوريا، بل إنها ستمتد لتسود شتى أنحاء المنطقة. وخلص الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إلى أنه يتعين على المجتمع الدولي التكاتف سويا والتواصل مع روسيا، الداعم الأساسي للنظام السوري، لمعرفة أفضل السبل للتوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة داخل سوريا، تحت إشراف قوة متعددة الجنسيات تقودها الأممالمتحدة، وإلا فإن هذه النيران المستعرة ستستمر في الانتشار إلى شتى أرجاء المنطقة، كما سيؤثر الصراع الحاد بين الشيعة والسنة على الروابط الأخوية العرقية بين أبناء المنطقة و التي مازالت تحول بين هذه المنطقة وانتشار الفوضى.