بينما يكثر الحديث عن الإرهاب كخطر على الأمن القومى وعلى حياة المواطنين، يتراجع الاهتمام بضحايا حوادث الطرق من قتلى ومصابين وكيفية الحد منها، وربما تكون الأرقام والإحصائيات هى خير دليل على حدة ما وصلت إليه هذه الكارثة بطرق وشوارع مصر المحروسة، وربما تكون أيضاً حافزاً على البحث عن حلول حقيقية لهذه المشكلة المحورية بعد الكشف عن أسبابها الأساسية.. فقد أصدرت مؤخراً هيئة سلامة الطرق الدولية تقريراً حول هذا الموضوع بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، حيث كشف هذا التقرير عن حقيقة صادمة مفادها أن مصر تتصدر قائمة الدول التى ترتفع بها معدلات حوادث الطرق على المستوى العالمى، كما أنها الأعلى فى نسبة الإصابات والوفيات جراء هذه الحوادث من بين دول منطقة الشرق الأوسط بشكل عام! كما أصدرت أيضاً المنظمة العربية لسلامة الطرق تقريراً آخر يشير إلى أن مصر تعتبر الدولة الأولى أيضاً من بين دول الوطن العربى من حيث عدد القتلى والمصابين من ضحايا حوادث الطرق، وذلك بمعدل قد يصل إلى 15 ألفاً و983 قتيلاً سنوياً وفقاً لتقديراتهم، وإذا ما كانت هذه هى المؤشرات المبدئية لضحايا حوادث الطرق بمصر فإننا بلا شك أمام كارثة تودى بأرواح المصريين يومياً، بل ربما كل ساعة وأحياناً أخرى تودى بحياة السائحين الذين يفدون إلينا، مما يتطلب دراستها وبحثها من قبل المختصين للوقوف على أهم الأسباب وأسرع الحلول من خلال خطة شامل، لأنه مما لا شك فيه أن الاهتمام الأمنى بالإرهاب قد طغى على نواح أخرى أمنية منها الناحية المرورية التى لم تعد فى بؤرة الاهتمام، خاصة فيما يتعلق بإيجاد حلول جذرية لها كمشاكل الطرق وإحكام الرقابة عليها ومعاقبة المخالفين، سواء ممن يتجاوزون السرعات المقررة أو من لا يلتزمون بارتداء حزام الأمان وعدم الالتزام بقواعد السير والمرور، سواء بالطرق الجانبية أو السريعة بشكل عام مع إصرار الكثيرين أيضاً على استخدام الهواتف المحمولة «الموبايل» أثناء القيادة، إضافة إلى عدم الاهتمام بأمن ومتانة الإطارات والسيارات بشكل عام، خاصة أن معظم حوادث السيارات بمصر تتسبب فيها حوادث انفجار الإطارات أثناء القيادة، وأودّ هنا أيضاً أن أناشد السادة المسئولين بوزارة الداخلية أن يعيدوا وبأسرع ما يمكن حملات «تحليل الدم» لسائقى النقل الثقيل والخفيف التى توقفت منذ سنوات للكشف عن تعاطى المواد المخدرة، وهى حملات شبه يومية، يحال بمقتضاها من يتم ضبطه متلبساً بتعاطى المخدرات من سائقى السيارات الكبيرة للنيابة العامة التى تأمر بحبسه ومحاكمته وتسليم الشاحنات لأصاحبها، إذ إن غالبية سائقى النقل يتعاطون المخدرات اعتقاداً منهم أنها تساعد على القيادة رغم طول ووعورة الطرق ولساعات طويلة، مما يتسبب فى وقوع حوادث مميتة كتلك التى نسمع عنها يومياً، لذا تعد هذه الحملات رادعاً لهم، حيث تحول دون تعاطيهم هذه المواد المخدرة وتجبرهم على الالتزام بالحمولات القانونية المسموح بها، كما أن على الدولة أيضاً الاهتمام ببعض الإجراءات جنباً إلى جنب مع الشروع فى تضييق الخناق على المخالفين، وربما يكون أهمها الاهتمام بحالة الطرق وصيانتها والعلامات الإرشادية والإضاءة وتوفير الخدمات المرورية بمعظم المناطق مع وضع خطة عاجلة للوصول بهذه المنظومة إلى المستوى المنشود مبدئياً لحياة آمنة بالشارع المصرى، لذا ومن هذا المنبر، ومن جريدة «الوطن» أطلق نداء للسادة المسئولين اليوم ولكل من يهمه الأمر للعمل على إيجاد حل لإيقاف نزيف الدماء على أسفلت الشوارع المصرية، سواء من دماء أبناء الوطن أو من السائحين الأجانب الذين ينقلون تجاربهم السيئة إلى بلادهم مما يؤثر سلباً على السياحة بمصر، كما أنادى المعنيين بتنظيم حملة قومية للقضاء على حوادث الطرق، فهل من إجابة؟ وهل من مشارك؟