أعدت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، تقريرا عن تأثير الأزمة الأوكرانية والتوتر الحادث مع روسيا على الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن المستثمرون والزعماء يدرسون سيناريوهات تداعيات عدم الاستقرار هناك على الاقتصاد العالمي. وقالت "سي إن إن" إنه "لا انفكاك في أوكرانيا بين الاضطراب السياسي وموقعها الاستراتيجي الاقتصادي، خاصة أنها قنطرة رئيسة بين روسيا والأسواق الأوروبية كما أنها أحد أكبر مصدري الحبوب". وأضافت: "وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ضعف اقتصاد أوكرانيا، وحاليا تعيش تحت وطأة خطة إنعاش مازالت تترنح تحت سؤال مهم من المنقذ الحقيقي؟ هل هو روسيا أم الغرب بما فيه الاتحاد الأوروبي؟". ورصدت "سي إن إن" خمسة أسباب للاهتمام الكبير من قبل الاقتصاديات الكبرى بما يحدث في أوكرانيا، وأول الأسباب أن أوكرانيا هي رابط مهم بين روسيا وبقية أوروبا، لا تتحكم باقتصادها مثلما كانت من قبل، ولكنها من دون شك تتحكم في جغرافيتها، فروسيا تزود أوروبا بربع حاجاتها من الغاز، ونصفها يتم ضخه بواسطة الأنابيب التي تعبر أوكرانيا، ولو قررت موسكو قطع الإمدادات مثلما فعلت سابقا فإن أسعار الطاقة سترتفع. والسبب الثاني العقوبات على روسيا، وفي ضوء احتمال توقيع عقوبات من قبل أكبر 10 اقتصادات في العالم على روسيا، تتزايد المخاوف. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أمس، أن بلاده "ترغب بكل تأكيد في درس عقوبات على موسكو"، كما أن الرئيس باراك أوباما يدرس حاليا كل الخيارات. وفقا للسفير الأمريكي السابق في موسكو جون بيرلي، فإنه على هذا الاحتمال لا يغادر أذهان المسؤولين الروس الذي يفحصون حاليا بكل جدية التداعيات الاقتصادية لتحركاتهم العسكرية والسياسية. وأضاف بيرلي أن "روسيا أصبحت مرتبطة بالاقتصاد العالمي أكثر مما كانت عليه قبل 10 سنوات، فنصف تجارتها الآن أصبحت مع دول الاتحاد الأوروبي، كما أنها تعيش على الواردات الأوروبية التي تملأ رفوف البضاعة التي اعتاد مواطنوها عليها". وذكرت "سي إن إن" أن ثالث الأسباب هو احتمال تأثر التجارة العالمية والأوروبية، فكما أنه من الممكن لمن هم أبعد من القارة الأوروبية أن يتضرروا، في حال تأثرت حركة تجارة الحبوب وإمداداتها حيث أن أوكرانيا واحدة من أكبر مصدري الذرة والقمح في العالم وبالتالي سيكون هناك احتمال كبير لارتفاع أسعارها. أما رايع الأسباب فهو أن الحكومة الأوكرانية غارقة في الديون، وكان يمكن للأزمة أن لا تكون بهذه الحدة لو كانت الحكومة الأوكرانية أكثر راحة فيما يتعلق باستقرارها الاقتصادي. وتعاني الحكومة من أزمة ديون تقدر بأكثر من 13 مليار دولار هذا العام، زيادة على 16 مليارا ينبغي دفعها قبل نهاية 2015. ويقول المحلل الاقتصادي لوبومير ميتوف إن "أوكرانيا تحتاج للأموال الآن حتى تتجنب انهيارا كاملا، ويزداد الأمر سوءا مع إعلان روسيا تجميد مبلغ 15 مليار دولار بعد إطاحة مسؤولين حلفاء لموسكو". وتتعلق آمال أوكرانيا الآن بإنقاذ من قبل صندوق النقد الدولي الذي أعلنت مديرته كريستين لاجارد أن الصندوق يناقش مع كبار مساهميه كيفية توفير 35 مليار دولار لكييف إذا عبرت عن حاجتها لذلك. ولكن حتى تتقدم المفاوضات لا بديل عن عودة الاستقرار للبلاد. أما خامس الأسباب وآخرها أن أوكرانيا ليست الوحيدة التي تعاني من ضمن الأسواق الناشئة، وتأتي الأزمة الأوكرانية في وقت صعب تمر به عدة أسواق ناشئة، مما دعا عدة دول من ضمنها الولاياتالمتحدة إلى أخذ الحيطة. ويمكن للأزمة الأوكرانية أن تدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في خططهم مع وجود مخاوف من بطء النمو في مثل هذه الأسواق.