تتجه الأحداث السياسة في إيطاليا هذه الأيام إلى تغيرات جوهرية في السياسة الداخلية والخارجية، تتناسب مع الدماء الشابة الجديدة التي ضختها القاعدة الواسعة للحزب الديمقراطي الحاكم، في ائتلاف سياسي مع قوى يمين الوسط، بانتخاب عمدة مدينة "فلورنسا" الشاب ماتيو رينزى أمينا عاما للحزب، وبدء حقبة تاريخية جديدة ليسار الوسط في إيطاليا، وهو أقوى الأحزاب السياسية حاليا في إيطاليا، والثاني أيدلوجيا في أوروبا. وأعلن "رينزي" بعد أقل من 24 ساعة على المشاورات التي قام بها رئيس الجمهورية الإيطالية، جورجو نابوليتانو، معه ومع وانريكو ليتا، رئيس الحكومة الحالية، عن ضرورة إحداث قفزة نوعية في الحياة السياسية الرتيبة. وأضاف أن لدية "الأرقام"، وهى إشارة إلى عدد النواب البرلمانيين المؤيدين لحكومة جديدة برئاسته، وبأرقام تضمن دعم حكومته المزمعة في غرفتي البرلمان النواب والشيوخ. وجاءت تصريحات الرئيس الإيطالي المعني الأول بتكليف رئيس الحكومة الجديدة دون اللجوء إلى انتخابات سياسية، مبكرة بأن الكلمة الأخيرة ستكون للحزب الديمقراطي، الذي منه سيكون رئيس الحكومة المقبلة في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في نهاية شهر فبراير الماضي. ويتطلع قصر "الكويرينالي"، مقر رئاسة الجمهورية، إلى استقرار البلاد، لاسيما بعد حصوله على ضمانات من ماتيو رينزي بعدم اللجوء إلى الانتخابات السابقة لأوانها، على الأقل في الوقت الحاضر. وتتابع رئاسة الجمهورية الإيطالية، كمشاهد، ما يحدث في فضاء الحزب الديمقراطي في انتظار انعقاد الاجتماع الإداري للحزب غدا، وما سيتخذه رئيس الوزراء أنريكو ليتا من قرارات، خاصة وأنه يسعى في الوقت الحاضر لإعطاء نفس جديد لحكومته من خلال ميثاق التحالف بين أحزاب الأغلبية، حيث يطالب حزب اليمين الجديد بزعامة انجيلينو الفانو، بإلحاح على التحاور بشأنه لمعرفة مصير الحكومة الحالية. وفي ذات الوقت، يقيس رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو، حسب ما يُقال في إيطاليا، كمية المياه في الساقية التي تفصل بين انريكو ليتا وماتيو رينزي، كما يهتم أيضا بانشغالات أحزاب الأغلبية الصغيرة مثل حركة "الاختيار المدني" التي لاتخفي تفضيلها للمتانة السياسية التي يتمتع بها ماتيو رينزي. غير أن رئيس الوزراء انريكو ليتا تعهد لرئيس الجمهورية بأنه يبذل قصارى جهوده من أجل منح حكومته دفعة حيوية إضافية عبر اتخاذ إجراءات جديدة.