ربما كان يعتصر ألما وهو يجبر شفتاه على رسم ابتسامته المصطنعة أمام الكاميرات التي تلتقط صوره مع الضباط الذين أرادوا توثيق مشاركتهم في تلك اللحظة التاريخية التي يقع فيها "برنس" الإخوان بين أيديهم، تلك الابتسامة التي ظلت تحير الآلاف من أبناء الإسكندرية، وهو يصدرها لهم بلا مبرر، وهم يحتدون عليه بسبب أزمات المدينة، أو وهم يطردونه من أحد المؤتمرات، أو حتى أثناء استقلاله دراجة أعلى كوبري العامرية المتهالك، تتعدد المواقف والابتسامة واحدة. حسن البرنس، كلما ذهب إلى مكان كانت كاميرات الجماعة تسبقه إليه، وأصبح تصويره في جولاته المختلفة بالإسكندرية، واجب وطني، سواء وهو يحمل الأخشاب مع العاملين، أو ممسكا للقمح خلال جوله الرئيس، أو حتى مستقلا لدراجة في موكب إخواني محتفلا بأعياد سيناء. تخرج البرنس في كلية الطب جامعة الإسكندرية عام 1984، وشغل منصب المتحدث الرسمي باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، قبل أن يعين نائبا لمحافظ الإسكندرية. تشتم رائحه الدماء في تصريحاته، فهو الذي وقف يوما بمسجد عصر الإسلام بسيدي جابر، عقب ثورة 25 يناير، وقبل وصول الإخوان للسلطة، قائلا: "إننا على استعداد لتقديم آلاف الشهداء، من أجل الحفاظ على ما وصلنا إليه"، في تعليقه على بعض مواقف نائب رئيس الوزراء وقتها الدكتور يحيى الجمل تجاه الجماعة، وهو الذي شارك في شحن شباب رابعة العدوية للدفاع عن الشرعية المزعومة. ربما وجد البرنس، لزاما عليه أن يقف أمام نفسه اليوم، ويسألها لماذا أدفع نفس الثمن الذي تدفعه قيادات الجماعة، وهم من جنوا ثمار السلطة، وتركوني أدافع عن نظام يحتضر، ورئيس حرمني من منصب "محافظ الإسكندرية"، ولماذا لا فكل من طلبها من "إخوانه" نالها، وهو من ظل يجوب الإسكندرية شمالا وجنوبا في جولات ميدانية، ليقول لجماعته "أنا كفيل بها"، وهو الذي ظل يجوبها شرقا وغربا، ليقول لمواطنيها لا تنظروا إلى "إخوانيتي" بل انظروا لأعمالي. لم يكن يعلم محافظ الإسكندرية السابق محمد عطا، حين صرح في المؤتمر الصحفي الأول والأخير له أنه "أبلغ السلطات المختصة عن تجاوزات نائبه"، أن نائبه أكبر من كل السلطات، وأن إعلانه الحرب عليه قد يكون سببا في رحيله، ليقصى هو من منصبه ويبقى نائبه. ظن طبيب الأشعة، الذي سجن عدة مرات في عهد الرئيس الأسبق مبارك، أنه هو النائب المبشر بمنصب أعلى، فتقمص شخصية المحافظ، وظل يذهب هنا وهناك، يفتش ويسأل ويتفق، للحد الذي وصل إلى أن أنشأ لنفسه جهازا إعلاميا مستقلا عن المحافظة، فكلما زاد التقمص زاد إحساس الطبيب أنه "البرنس"، فأصبح لا يرد على هاتفه، ويتعامل مع الإسكندرية بصفته محافظها، حتى جاء المحافظ السابق "بيبرس" ليطيح بأحلام البرنس، لتمر الأشهر، ويرحل "بيبرس" عقب أداء مهمته، ويجد البرنس نفسه "محافظا لكن على ابتسامته فقط".