تخيل أهالى الإسماعيلية الذين هرولوا إلى هذه المدينة «المستقبل» منذ أن تم إنشاؤها قبل أكثر من 20 سنة بهدف خلق امتداد عمرانى جديد، لحل الإسكان للمحافظة المكدسة، واستيعاب الكثافة السكانية، حيث تضم الآن ما يزيد على 75 ألف نسمة وتقع على بعد 15 كيلومتراً فقط من مدينة الإسماعيلية، أنها سيكون لها من اسمها نصيب، ولكن خابت ظنونهم وذهبت أحلامهم أدراج الرياح.. اعتقد الكثيرون أن هذه المدينة التى تستقر على طريق الإسماعيلية الصحراوى ستكون واعدة، وستكون مدارسها على مستوى الاسم الذى تحمله، مدارس مدينة المستقبل، ولكن بقى الاسم وتاهت الأمنيات وسط أكوام القمامة والفضلات والنفايات والحيوانات النافقة التى تتراكم داخل المدينة، بجانب انتشار مياه الصرف الصحى حولها. يتلقى تلاميذ مدارس مدينة المستقبل دراستهم، تحت خطر الإصابة بالأمراض والأوبئة، بسبب انتشار تلال القمامة وبرك مياه الصرف الصحى من كل جانب، لأن المدينة تعانى من الإهمال، والمدارس من البطء الشديد فى رد فعل المسئولين. ملامح الإهمال والفوضى ظهرت على أسوار عدد كبير من المدارس، على رأسها مدرسة 25 يناير الإعدادية، ومدرسة المستقبل الابتدائية والإعدادية، ورغم جمع الأموال من السكان وأولياء الأمور فى المدارس للتعامل مع شركة نظافة لإزالة تلال القمامة، إلا أنها ظهرت لعدة أيام ثم اختفت مع مرور الوقت، ليعود الأمر كما كان. بالقرب من أبواب مدرسة المستقبل وقف «عبدالناصر محمد» يتابع أحد جيرانه وهو يلقى بأكياس القمامة بجوار السور، حاول إثناءه عن ذلك بغضب ولكن دون جدوى، يقول الرجل إن هذا المكان مقلب رسمى منذ عشر سنوات، ولا أحد يستطيع منع السكان والأهالى من إلقاء القمامة فيه. الرجل الذى يقطن إحدى البنايات المتاخمة للمدرسة، يحاول بشكل يومى منع الأهالى من إلقاء القمامة، ولكن دون جدوى، ويكون الرد عليه دائماً: «ده المكان اللى مخصصه الحى عشان نرمى فيه الزبالة»، مضيفاً أن الرائحة صعبة، ومحملة بالكثير من الأمراض المضرة للسكان والطلاب وهذا الوضع لا يقتصر على هذه المدرسة فحسب، ولكن كل مدارس مدينة المستقبل أسوارها عبارة عن مقالب للقمامة. «محمد» الذى يقطن مدينة المستقبل منذ خمس سنوات، يجد صعوبة فى إرسال أولاده إلى مدرسة خارج المدينة، لأن أقرب مدرسة على بعد 15 كيلومتراً فى مدينة الإسماعيلية، ويضيف أنه كل خمسة أشهر يجد الحى يأتى لتنظيف المكان ولكن بعدما يكون تحول إلى جبال من القمامة، مشيراً إلى انتشار البلطجية الذين يتعاطون المخدرات فى المكان «المكان هنا غير آمن». ممسكة بيد طفلتها، متجهة نحو منزلها بعد انتهاء اليوم الدراسى، تحاول وضع منديل على أنف صغيرتها كى تقيها شر الأمراض والفيروسات التى تحملها الروائح الكريهة، التى تحاصرها أثناء العودة من المدرسة، تقول «مى محسن» إن الكثير من الأهالى اشتكوا من إهمال الحى، ولكن لا أحد يسمع: «مفيش فايدة»، وتستطرد: «الحى كان بيشيل الزبالة من كام يوم وقعت من العربية وهما ماشيين وفضلت فى نص الطريق، سابوها ومشيوا، يعنى حتى يوم ما جم ينضفوا ماهتموش ينضفوا بضمير». وتشير ميادة صابر، التى تسكن بالمدينة منذ 12 عاماً، إلى أن الحكومة نفسها وضعت صندوق القمامة بجوار سور المدرسة: «يعنى هما إلى حوّلوا سور المدرسة لمقلب زبالة»، وبعد سرقة الصندوق اعتاد الأهالى على إلقاء القمامة بجوار سور المدرسة حتى تحول لهذا المنظر؛ تلال من القمامة، مضيفة أن غالبية شوارع المدينة بدون إنارة وتتحول أسوار المدارس ليلاً لأوكار لتعاطى المخدرات وبيعها، ولا أحد يهتم ولا أحد يسمع.